الجزائر ـ “القدس العربي”:
قالت مصادر إعلامية إن قاض عسكري قرر منع خمسة جنرالات جزائريين من السفر، وقام بسحب جوازات سفرهم، والذين تمت إقالتهم مؤخرا من مناصبهم، وإحالتهم على التقاعد، وهي إقالات بقيت مبهمة ومشفرة، حتى وإن كان الكثير من المراقبين قد ربط بين هذه الإقالات وبين التحقيقات في قضية الكوكايين، المتهم فيها كمال شيخي المعروف باسم “البوشي”، والذي تبين أنه كانت تربطه علاقات وطيدة بمسؤولين كبار في الجيش وأبنائهم، بالإضافة إلى مسؤولين مدنيين وأبنائهم.
وذكر الموقع الاخباري ALG24 أن قاض عسكري على مستوى المحكمة العسكرية بالبليدة ( 45 كيلومتر غرب العاصمة) قرر السبت سحب جوازات سفر لخمسة ألوية سابقين بالجيش، بعد صدور قرار بمنعهم من السفر، مشيرا إلى أنهم متابعون بتهمة الربح غير المشروع.
وأشار الموقع المقرب من دوائر صنع القرار أن الأمر يتعلق بكل من اللواء مناد نوبة القائد السابق للدرك الوطني، وسعيد باي القائد السابق للناحية العسكرية الثانية، وعبد الرزاق شريف القائد السابق للناحية العسكرية الرابعة، واللواء حبيب شنتوف القائد السابق للناحية العسكرية الأولى، بالإضافة إلى بوجمعة بودواو الذي كان يشغل منصب مدير الشؤون المالية في وزارة الدفاع الوطني.
وأشار إلى أن قرار القاضي العسكري سحب جوازات السفر من الضباط السامين الخمسة جاء بعد مغادرة اللواء سعيد باي التراب الجزائري، رغم قرار منعه من مغادرة التراب الوطني رفقة عائلته، وقد جاءت مغادرته الجزائر بعد فترة قصيرة من صدور قرار المنع من مغادرة البلاد، موضحا أن اللواء باي تمكن من السفر بعد تواطؤ من داخل المصالح الأمنية لمطار الجزائر الدولي بالعاصمة.
وأوضح الموقع أن المحكمة العسكرية تتحرى منذ أشهر بخصوص الألوية الخمسة في قضايا استغلال النفوذ والثراء غير المشروع، واستعمال وظيفتهم السامية كعسكريين للحصول على امتيازات غير مستحقة.
واعتبر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان قد أنهى مهام الضباط السامين الخمسة مؤخرا، بعدما وصلته تقارير عن ممتلكاتهم الغير مشروعة والثروات وتجاوزاتهم للقوانين وضوابط المهام الموكلة إليهم.
أوضح المصدر أن هؤلاء الجنرالات تمكنوا من كسب ثروة طائلة، بطرق غير مشروعة، وأن هناك من يمتلك 30 شركة خاصة في مجالات مختلفة، أغلبها بأسماء أبنائهم.
وأوضح المصدر ذاته أن كل واحد من هؤلاء الجنرالات تمكن من كسب ثروة طائلة، بطرق غير مشروعة، وأن هناك بينهم من يمتلك حوالي 30 شركة خاصة في مجالات مختلفة، أغلبها بأسماء أبنائهم.
وأشار الموقع الاخباري إلى أن “الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمر القضاء بالضرب بقوة كل من تسول له نفسه استغلال وظيفته للتربح غير المشروع، وعدم التساهل مع أي مسؤول في قضايا الفساد مهما كانت صفته أو مكانته، وأمر بالمساواة بين المواطن العادي وكل مسؤول في الدولة خلال المحاكمات، إذا ثبتت المخالفات التي أظهرتها التحريات الأمنية”.
جدير بالذكر أن هذه الإقالات وتداعياتها بدأت منذ الاعلان عن افشال محاولة تهريب 701 كيلوغرام من مادة الكوكايين عبر ميناء وهران، وهي قضية بدت غريبة ومعقدة منذ البداية، خاصة وأن الجيش هو الذي تدخل للإمساك بشحنة الكوكايين على متن الباخرة التي كانت تقلها، في الوقت الذي كانت فيه الباخرة متوقفة في عرض البحر، وحتى دون انتظار رسوها بميناء وهران، ومنذ الأيام الأولى برز اسم كمال ” البوشي” صاحب شحنة اللحوم التي كانت الكوكايين موجودة بينها، والذي ظهر بسرعة أنه ليس مستورد لحوم عادي، بل هو أكبر مستورد للحوم، وصاحب مشاريع عقارية ضخمة وفخمة في العاصمة والمدن الكبرى، وفوق كل هذا يتمتع بنفوذ كبير، الى درجة أنه كان يلعب مباريات كرة القدم مع كبار ضباط الجيش والوزراء!
ومنذ الأيام الأولى التي شرع فيها المحققون في الدخول إلى مغارة “كمال البوشي” اكتشفوا أن الرجل كان يسجل كل داخل إلى مكاتبه صوتا وصورة، وكل الصفقات والرشاوي كانت مسجلة، بما في ذلك لقاءاته مع أبناء كبار المسؤولين والقضاة، فالرجل الذي يقال إن ليس على قدر كبير من التعليم، وأنه يجد صعوبة في كتابة رسالة نصية قصيرة، احتاط للأمر ووضع في الحسبان الأيام العجاف التي قد تحل به، أو أنه كان يصور “ضحاياه” من أجل إرضاء نزواته في التفرج عليهم، وهم يلتقفون كل ورقة نقدية يلقي بها أمامهم، وبحسب وزير العدل فإن هناك أرشيف ضخم من التسجيلات وأن المحققين يعكفون على فحص “الكنز” الذي عثروا عليه في مكاتب “البوشي”.
كانت الاقالات في الجيش قد بدأت بعد أيام قليلة من “انفجار” قضية الكوكايين
وكانت الاقالات في الجيش قد بدأت بعد أيام قليلة من “انفجار” قضية الكوكايين، فمنذ البداية تداولت وسائل إعلام أسماء بعض الجنرالات المتورطين، سواء كان ذلك مباشرة أو عن طريق أولادهم، وكانت أول إقالة مدوية هي تلك الخاصة باللواء عبد الغني هامل المدير العام للشرطة، الذي خرج بتصريح غريب قال فيه صراحة إن التحقيقات المبدئية في القضية شهدت خروقات وأن لديه أدلة وملفات سيسلمها إلى القضاء، قبل أن يطلق جملة كانت بمثابة زلزال مدوي لما قال :” الذي يريد أن يحارب الفساد عليه أن يكون نظيفا أولا”! هذه الجملة هي أول “اعتراف ” رسمي ( وإن كان غير مباشر) بأن قضية البوشي ليست مجرد عملية اجرامية، وإنما الأمر يتعلق بقضية دولة وأن هناك صراع عصب حول هذه القضية أو من خلالها!
وتلت إقالة اللواء هامل إقالات أخرى شملت قائد الدرك اللواء مناد نوبة، ثم مسؤول المالية بوزارة الدفاع بوجمعة بودواور، ومدير المستخدمين اللواء مقداد بن زيان، وتلتلها اقالات لقادة النواحي العسكرية، مثل اللواء لحبيب شنتوف قائد الناحية العسكرية الاولى، واللواء سعيد باي قائد الناحية العسكرية الثانية وعبد الرزاق شريف قائد الناحية الرابعة وغيرهم، وهي إقالات كانت تفصل بينها أيام وأسابيع، وظهر أنها عملية تطهير بالتقسيط لتفادي الزلزال الذي كان يمكن أن يحدثه خبر إقالة كل هؤلاء الجنرالات والألوية مرة واحدة.
ورغم الجدل الذي صاحب الاعلان عن كل تلك التغييرات إلا أن القيادة العسكرية والسياسية لم تربط بينها وبين التحقيقات في قضية “البوشي”، بل إن الفريق أحمد قايد صالح أكد مرتين أن تلك التغييرات تأتي في إطار تكريس ثقافة التداول على المناصب والمسؤوليات داخل الجيش.