ما ستسفر عنه انتخابات 12 كانون الأول/ديسمبر المقبل، هو بداية حقبة سياسية تتولاها بقايا العصابة الموجودة خارج السجن وفق «ترتيب مؤقت» قطعته مع عناصر دولة العصابة العميقة التي تأسست في سنوات حكم بوتفليقة. فما سيحدث، بعد رئاسيات كانون الأول/ديسمبر، هو تناوب الحكم بين العصابات، بعد مرحلة تناوبت الحكم بين عناصر الأسرة الثورية لأكثر من نصف قرن.
فكافة المؤشرات توحي، إلى حد الحقيقة الواضحة، أن العصابة التي توجد خارج السجن قد انتصرت على العصابة التي تقبع في السجن، ومن ثم سيؤول إليها الحكم لكي تبدأ عملية النهب «الشرعي» لمال الشعب واستغلال اعتبارات الدولة الجزائرية المفترضة أو الموهومة.
ما سيعقب انتصار العصابة القادمة، هو انتصار خطير بكل معاني الكلمة، لأنه جاء ليعبر ليس عن تأسيس دولة ما بعد العصابة، بل تكريس لها، عبر انتخابات رتَّبتها تنظيمات العصابة وأجهزتها على نمط خطف إرادة الشعب المسالم الملازم للسلمية كأفضل سبيل إلى تحقيق المرمى العظيم للحراك. فمصدر الخطر الذي سوف يحدق بالبلد هو أن إرساء نظام تداول الحكم بين العصابات سيؤدي إلى تقويض الدولة الجزائرية المرتقبة وتوهين الإرادة الشعبية وشَلِّها عن أي إمكانية التغيير، ولَعّلَّه أعظم الأخطار وأفدحها.
ما يجري اليوم في الجزائر هو ترتيب لانتخابات رئاسية شكلية خارج إرادة الشعب وضده. تسعى السلطة جاهدة ولاهثة إلى تنظيم «تزكية» لحكم العصابة القادمة مسخرة كافة الأجهزة وهياكل الدولة وأموالها. فقد تعمّد قائد الأركان إلى زج الجزائر، لما بعد سقوط العهدة الخامسة، في حقبة غير شرعية، بعد ما تعمّد المماطلة في التجاوب مع مقتضيات الدستور والطريقة التي يشترطها لإدارة المرحلة الانتقالية، أي مرحلة ما بعد استقالة الرئيس/ الجثة، وهي المرحلة التي أرادها لكي يواجه الحراك الشعبي بالثكنة العسكرية وآلياتها الحربية. واليوم وبعد ما رتب الطريق إلى حكم عصابته القادمة، يمكن أن نقف على جملة من الحقائق التي تؤكد أن المقدمات التي مهد بها «القايد» للانتخابات القادمة تنطوي على كل الأخطار:
أولا، السياق الذي جرت فيه معركة «القايد» السياسية كانت خارج الشرعية، لأن كل شيء بدأ بالنسبة إليه ما بعد 4 تموز/ يوليو السابق، بعدما رفض الشعب الذهاب إلى انتخابات تنظمها نفس العصابة التي ثار عليها. فقد استغل «القايد» الأسلوب السلمي الذي لاذ إليه الشعب لكي يلتمس هو الأسلوب الحربي ويصادر إمكانية الذهاب إلى بناء جمهورية جزائرية جديدة لا تزول بزوال الرجال والحكام، وعمد إلى المواجهة العسكرية في غير وقتها، أي بعد أكثر من نصف قرن على الثورة التحريرية الكبرى. فلا يزال «القايد» يؤمن بأن الجيش له دولة وليس العكس، وأن منطق العصابة وثقافتها لا يزال رابضا في عمق لاوعيه، وهذا ما يظهره كل يوم تقريبا في تحركاته وتصريحاته «العسكرية». فهو العسكري الوحيد في العالم الذي يواجه وضعا مدنيا بأسلوب حربي، يكشف عن مدى غلظته وسذاجته أمام العالم، لا تختلف صورته عن الرئيس الجثة التي نالت بشكل فضيع من مكانة ومصداقية الجزائر.
أطمأنت الكتلة الطفيلية أن أول الإجراءات التي ستلتمسها حكومة ما بعد انتخابات 12 كانون الأول/ ديسمبر ، هو فتح الاستدانة من الخارج وبداية استهلاك واستغلال قروض المؤسسات البنكية الخارجية، المصدر الجديد للثروات الفاسدة
ثانيا، اغتصاب «القايد» للمجال العام عبر مصادرته لكل شيء يتحرك ويقال. فلم يعد يتحمّل ثقافة الديمقراطية ولا ا لنقد البَنَّاء ولا يستسيغ الخطاب السّلمي ولا روح التعامل الإيجابي مع حقائق المجتمع وقضاياه. فقد لاذ بوجهه نحو تنظيم انتخابات رئاسية ترسخ عصابته في النظام السياسي لما بعد كانون الأول/ديسمبر. ففي طريقه إلى الرئاسيات، انتابته حالة مرضية لا يمكن أن يجمع فيها وعيه على منطق واحد، بل يجمع الأضداد والتناقضات في ذهنية واحدة لا تلجمه أو تصده عن فعل المنكر، أي تنظيم انتخابات برصيد الحراك السلمي. ونشرح على النحو التالي: ففي كافة بياناته العسكرية لا يكف عن الترديد أن الجيش يرافق الحراك السلمي، في ذات الوقت يحرص على أن يطعن في الأعلام التي ترفع في المسيرات ويحط من الشعارات التي تهتف فيها ويتهم أصحابها بالمتواطئين مع الخارج ومع العصابة المسجونة في الداخل، فضلا على قرارات التضييق على تحركات المواطنين وصدّهم عن تنظيم المسيرات والمظاهرات، ناهيك عن الاعتقالات والمصادمات للنشطاء السياسيين والمدنيين. ففي الوعي الشقي «للقايد» ممكن جدّا أن يمَجَّد الحراك الشعبي ويستغله لمآربه الخاصة (تنظيم الانتخابات)، ويطعن فيه أيضا لمآربه الخاصة( محاربة ومحاكمة الدائرة الأول للعصابة). وهكذا، وبسبب خروجه عن الشرعية، صارت تتواطأ عنده الأضداد ويتحمّل المفارقات ويسيَّر بها مرحلته غير الشرعية ليصل به إلى موعده المشؤوم، الانتخابات الرئاسية.
ثالثا، سياسة «القايد» العسكرية قطعت الطريق على بناء الدولة المدنية، وشلّت السياسة عن التجاوب والتفاعل مع المواطنين والأحزاب ضمن الفضاء الذي توفره لهم الدولة كجماع للسلطة والمعارضة، ومستخلص للسياسي والمدني.
لكن «القايد» أصَرَّ على «حبس» التاريخ و«سجن» الحراك، ليخلو له الجو ويمارس سياسة «الكل العسكري» و«الكل الأمني». وهي السياسة التي لا بد وأن تستدرج كافة الوصوليين والانتهازيين والمارقين الذين يتصيَّدون فُتات حكم العسكر على الطريقة المصرية الرّاهنة. فكل مقدمات الرئاسيات رتبهما ونظمها «القايد» في قيادة أركانه معتمدا المنطق العسكري، ومن ثم فالنتيجة النهائية هي حكم العسكر، ولو بتأسيس سلطة فوق سلطات الدولة التقليدية، تُعْصِمه من المحاسبة طيلة ما هو على قيد الحياة.
فالكتلة الطُّفيلية التي تجاري وتساير انتخابات «القايد» لا تفعل ذلك على خلفية إرساء دولة جزائرية يجب أن تأتي بإرادة من أسقطوا العهدة الخامسة رمز النظام/ العصابة، بل تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة، لسان حالها «نصيبنا من الغنائم»، على أثر «غزوة» الانتخابات التي مرّت بعملية عسكرية ولم تكن بإجراء مدني.
وقد نقرأ، من وجهة نَظر الحراك، أن الأزلام الذين هرعوا وراء انتخابات «القايد» هم آخر الفصيل الذي يجب أن يَسْقُط قبل بداية التفكير الجدي والعملي في تنظيم الدولة الجزائرية لما بعد حكم العسكر، ولعلّ الشاهد القوي على ما نذهب إليه، هو أن العُرّام البشري الذي بدأ يسحب استمارات الترشح، لا يمكن تصنيفهم إلا في سلّم حثالة السياسة ومجانين المحافل الصاخبة… فالكتلة الطفيلية التي تستغل الخروج العفوي للجماهير إلى الحراك، وتتنكر للإنجاز العظيم الذي حققه الشعب بإسقاط دولة العصابة، تُقَدِّم الشهادة القوية على أنها تفعل ذلك بلا رصيد اجتماعي يذكر، وبلا حاضنة شعبية تشفع لها، ولا خلفية نضالية تؤازرها، بل كل ما تفعله هو تعبير صارخ عن أنانية مفرطة، تنم عن اختراق سياسي فاحش، فقدت بموجبه كرامتها، ولم تجد إلا جمهورية العسكر مجالا للثروة الفاسدة. فقد أطمأنت الكتلة الطفيلية أن أول الإجراءات التي ستلتمسها حكومة ما بعد انتخابات 12 كانون الأول/ ديسمبر، هو فتح الاستدانة من الخارج وبداية استهلاك واستغلال قروض المؤسسات البنكية الخارجية، المصدر الجديد للثروات الفاسدة.
كاتب جزائري
مقال أكثر من رائع. هذا القلم (المقال) هو لسان حال الشعب الجزائري اليوم.
باراك الله فيك على قول الحقيقة و كشف المنافقين المستبدين اللصوص الفاسدين المتسترين وراء الوطنية و النوفمبرية و من يجري ورائهم من الطفيليين الحثالة الذين سموا انفسهم بالباديسيين.
سيناريو الأحداث خلال الأسابيع الأولى لاندلاع الحراك الشعبي كان ينبئ بمستقبل ساحة المواجهة، فجناح بوتفليقة استبق الأحداث فقرر في اجتماع سري إعفاء رئيس الأركان، غير أن هذا الأخير بلغته تفاصيل الخطة فعجل بمحاصرة الدائرة الضيقة المحيطة ببوتفليقة، المجابهة كانت مجرد صراع بين أجنحة في النظام السياسي الحاكم انتهى بفوز جناح رئيس الأركان أما الحراك الشعبي كان بالنسبة للفرقة الغالبة غطاء ووسيلة لتصفية حسابات وصراع على المواقع ليس إلا.
اليوم بات من المؤكد أن الجهات التي أشرفت على تدبير الإنتخابات السابقة هي التي ستشرف على انتخابات ديسمبر القادم لأنه من المستحيل أن تتمكن اللجنة المعينة بإمكانياتها البشرية واللوجستية مهما حسنت النوايا من ضبط انتخابات يشارك فيها ما يناهز 23 مليون ناخب، الإمساك بخيوط اللعبة تبقى بيد أجهزة الدولة ووزارة الداخلية ضمن حكومة أصر رئيس الأركان على رفض إقالتها مخافة فقدان التحكم في نتائج الإنتخابات القادمة رغم إلحاح الحراك الشعبي على هذا المطلب.
أضحك الله سنك.
يا أستاذ مع احتراماتنا لرأيك الحقائق والأدلة الدامغة التي تراها في رأيك مؤسسة لمرحلة غير شرعية غيرك يرى دونها ، الكثير من الجزائريين يرتاب من تكالب العلمانيين على مراحل مجهولة المصير ينادي بها هؤلاء ألا وهي تشكيل مجلس تأسيسي خاضع للأقلية طبعا “كالمجلس الأعلى للدولة سابقا” أو مرحلة انتقالية يتم من خلالها تحييد مؤسسات الدولة السيادية ومنح مفاتيح الحكم لجماعة متهورة ومتعطشة للحكم ؟ أين هو حكم الأغلبية في ذلك ؟ ومن يضمن انتخابات نزيهة للأغلبية بعد ذلك ؟ أما غلق طرقات العاصمة وتعطيل مصالح البلد والمواطنين فهو أمر مرفوض بالجملة.. فرنسا الديمقراطية قامت بتعويض أصحاب المحلات التجارية المتضررين وأمنت الطرق حفظا لمصالح العباد ولم يقل أحد شئ ؟ هل هو حلال عليهم حرام علينا ؟ أعتقد أن الشعب الشغوف إلى الديمقراطية إن اصطف وراء مرشح وأجمع عليه في هذه الانتخابات فلن يسقطه أحد وتحت أي سقف .. المسؤولية والتقصير يتقاسمها الجميع أستاذنا الفاضل ونحن نقول بدورنا البلد ليس لقمة سائغة في يد المتهورين
أحسنت يا نائل أوافقك الرأي واغلبية الشعب مع الانتخابات ولا يريدون تسليم الحكم لجماعة الدشرة كما حدث في السابق 1992
و هل سلم الشعب التونسي الحكم إلى جماعة الدشرة .. بعد مرحلة اتقالية لإيجاد أرضية صحية
لاجراء انتخابات نزيهة بمعنى الكلمة؟ ماذا ينقص الجزائريين أن يفعلوا المثل؟ و لماذا تربط
المرحلة الانتقالية بديكتاتورية .. و هل ما يوجد في الجزائر ليس ديكتاتورية عسكرية؟
.
و قد يسأل سائل أين ضمانة نجاح المرحلة الانتقالية؟ و الجواب يمكنه معرفته كل تلثاء و جمعة ..
.
الضامن بعد الله تعالى هو الشعب .. هو هذا الحراك المبارك .. هو من سيصحح المسار ..
عن أي انتخابات تتكلم، انتخابات ترشح لها من تورط ابنه في قضية البوشي و اطلق سراحه بفعل فاعل في الوقت الذي بسجن المجاهدين و المناضلين السياسيين لا لشيئ إلا لأنهم فضحوا مخططات و نوايا صاحب القرار الذي يسعى بكل الوسائل إلى ضمان الحماية له و لحاشيته من المتابعة في قضايا فساد و تستمر حليمة على عاداتها. العلمانيون جزائريون مثلكم لهم نفس الحقوق و نفس الواجبات و في نهاية الأمر الشعب هو من يقرر و يجب الكف عن التلاعب بالدين و العربية و الأمازيغية و بناء دولة ديمقراطية يسود فيها القانون و ليس هيمنة صاحب الكلاش او المال الفاسد.
لآ يفل الحديد إلآ الحديد .. نحن شعوب مسالمة ولكن الحكام عكس ذلك تمامآ هم يقتلون ويعذبون ويسجنون وووووو. فهل نصمت ونظل نذبح ووووو..أم نثور ونأخذ حقنا .
الى من يتشدقون بالحراك هل يمكن اعطائنا الاحصائيات والاعداد التي بدء بها ولماذا تضائلت وكم هي نسبة التراجع وهل الحراك الحالي يعبر على راي اغلب الشعب
باختصار يجب ان نذهب للانتخابات الرئاسية و على من يدعون انهم يمثلون الشعب في الحراك ان يقدموا مرشحهم غير ذلك اراها فوضى و سنون عجاف تصر الاعداء الذين يتربصون بنا
وفي نفس السياق لا نرد تبون لانه مرشح الدولة العميقة و يعتبر جزء من منظومة آل بوتفليقة
سليمان باخليلي وفارس مسدور يعتبران مرشحان يرضى بهم الشعب
لا احد يستطيع مهاجمة الجزائر الحرة القوية
لا مباشرة ولا غير مباشرة
لا المتطوعون ولا القابضون
الجزائر ترعب الجميع لقوتها
يا من تهاجم شعبنا وجيشنا لن تستطيع فعل اي شيء
بالمجرد: .. نحن و ما أدراك من نحن ..
.
ليس تنقيصا من الجزائر، لكنها ليس قوة نووية .. و قريبا ستقترض من البنك الدولي ..
.
لذلك نوع خطاب اليمين المتطرف .. “نحن .. و الآخر لا شيئ ” لا يبني مجتمعا صحيا ..
الله أكبر. ..احذروا أيها الأعداء فإن الجيش سيدمركم. …كما فعل باخوانكم في التسعينات. ..!!! وبالمناسبة فالعدو هنا ليس سوى الشعب الذي تعودوا على التنكيل به منذ الستينات. ..وهم لم يحاربوا أحد سواه منذ كانوا قابعين على الحدود. ..وإلى أن تسلطوا على الرقاب. ..!!!
مشكور على هذا التحليل.الجيش له دولة في الانضمة الشمولية
بارك الله فيك أول مرة أقرا مقال يحترم عقولنا فعلا. فالنظام مازال يستخدم لغة و يعاملنا و كأننا نمشي على أربعة و لنا أذان طويلة
يبقى مجرد رأي فيه تغليط للرأي العام