الجزائر: لماذا أثارت قضية بوراوي كل هذا الغضب؟

حجم الخط
36

يمثّل تصعيد الجزائر الأخير ضد فرنسا بسبب سفر الناشطة الجزائرية ـ الفرنسية أميرة بوراوي من تونس إلى فرنسا فصلا جديدا من فصول العلاقة الغريبة بين البلدين، حيث تختلط السياسات والمصالح والمشاعر والقضايا اختلاطا يطغى، أحيانا كثيرة، على الأحداث فيعقّدها مما يحوّل حقا بسيطا، مثل السفر إلى بلد آخر، إلى قضية «سيادية» وأزمة دبلوماسية، وتوتّر يطال بآثاره ثلاثة بلدان!
ابنة الجنرال الجزائري الراحل محمد الصالح بوراوي، هي طبيبة وحقوقية معروفة كانت تقدم برنامجا سياسيا منذ أيلول/سبتمبر الماضي، وشاركت في حركة «بركات» سنة 2014، وهي الجهة التي قادت حملة ضد الولاية الرابعة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، واشتركت، في خضم بدء حركات الربيع العربي، مطلع عام 2011 بنشاط «التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية» وتعرف عن نفسها بكونها «مواطنة ثارت من شدة الظلم واختراق القانون والدستور» وأنها «جزائرية عادية سبقتها في تاريخ بلادها إلى الثورة نساء بطلات كثيرات بينهن حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد» وقد سجنت بوراوي في العام 2020 وتواجه دعوى أخرى يمكن أن تحبس بسببها سنتين بسبب آراء نشرتها على صفحتها في فيسبوك اعتبرتها السلطات «إساءة للإسلام» فيما رأت الناشطة ما تقوم به السلطات ضدها «اعتداء على أبسط» حقوقها، إضافة إلى منعها من العمل و«مقاضاتها حتى بسبب النكات على فيسبوك».
سفر بوراوي تمّ عبر تونس التي أوقفتها سلطاتها في المطار ثم احتجزتها ثلاثة أيام، وبعد إطلاق المدعي العام التونسي سراحها اعتقلها أشخاص «بزي مدني» واقتادوها إلى مركز شرطة حدودي لترحيلها إلى الجزائر، وهو ما اعتبره محامياها، «محاولة خطف واحتجاز من جانب بعض سلطات إنفاذ القانون في تونس بناء على طلب السلطات الجزائرية».
حسب محامي الناشطة فرانسوا زيميراي، فقد «استنفرت الخارجية الفرنسية بشدة» لأن القانون الفرنسي يعتبر «الاعتقال التعسفي جريمة» وتم وضع الناشطة «تحت الحماية الفرنسية» لتتابع رحلتها إلى ليون، حيث يقيم ابنها.
رد الفعل الجزائري كان مرتفعا جدا بالمقاييس الدبلوماسية، كونه جاء من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون شخصيا، الذي استدعى سفير بلاده في فرنسا «للتشاور» وأرسل مذكرة رسمية إلى فرنسا «تحتج بشدة على عملية الإجلاء السرية وغير القانونية» لمطلوبة من القضاء الجزائري.
لقضية بوراوي خلفيات أخرى، فرئيس تحرير «راديو إم» الذي عملت الناشطة فيه، هو إحسان القاضي، الموقوف على خلفية تهم أبرزها جمع تمويلات بشكل غير قانوني، ويدخل فيه، على ما يظهر، حدث اعتقال الصحافي مصطفى بن جامع، رئيس تحرير جريدة «لوبروفنسيال» وبن جامع وبوراوي، وكلاهما ممنوعان من السفر، وقد حاول عدة مرات، مثل بوراوي، مغادرة الجزائر عبر تونس.
يظهر الاعتقال الثاني لبوراوي في تونس، أولا، العلاقة «الوثيقة» بين السلطات الجزائرية وبعض أجهزة الأمن التونسية، التي تجاهلت قرار المدّعي العام إطلاق سراحها، وحاولت ترحيلها.
أما ربط بعض المحللين، الإقالة المفاجئة لعثمان الجرندي، وزير الخارجية التونسي، بقضية بوراوي، فيظهر أن الرئيس التونسي قيس سعيّد وجد في وزير خارجيته كبش فداء لصراع الإرادات الفرنسي ـ الجزائري، كما أن الحدث يكشف مقدار استخفاف سعيّد بمسؤوليه المقرّبين (سواء كان أحدهم وزير خارجية أم كان مدّعيا عاما) بحيث لا يبدو مضطرا لإعلان سبب الإقالة، أو سبب تجاوز قرار ممثل الادعاء العام.
ما تشير إليه القضية، في العمق، هو أن نظامي الجزائر وتونس ينفّذان عملية تفكيك متدرّجة لإنجازات الشعبين، وقواهما السياسية الحية، في مجال الحراكات السياسية والحقوقية والصحافية، وأن الانتقام من الصحافيين والناشطين والخصوم السياسيين هو عنوان المرحلة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد:

    هي حرة تسافر كيف ماتشاء لكن في إطار القانون جواز سفرها الجزائري محتجز عند القضاء و السؤال كيف خرجت من الحدود !؟ و استعمال الجواز السفر الفرنسي من مطار تونس الدولي الى مدينة ليون فرنسا !

  2. يقول برن:

    حينما يريدون مهاجمه معارض يقولون اساء للاسلام وكأنهم يستميتون في الدفاع على السلام وحين تنشر صحيفه شارل أبدو رسومها المسيئة لرمز الإسلام يعم الصمت بل وأكثر في جنازه الرسامين الكل تهافت على أن يكون في الصف الأول ……..

    1. يقول علي الجزائري:

      ذهبتْ و ذهب شرُها معها .. لا ردها الله إلى بلد الشهداء..

  3. يقول شهدان:

    لو لم تمتلك الجنسية الثانية (الفرنسية )لكان مصيرها كمصير كل المعتقلين في الجزائر لأنه خلال الفترة الماضية وبداية هذه السنة هناك عدة اعتقالات أريد منها تكميم الأفواه والإغلاق دور النشر وقنوات تلفزية وإداعية عادت بنا الي الأبعد بداية السبعينات من القرن الماضي .لكن السيدة بوراوي تبقي بالدرجة الأولى مواطنة جزائرية اب عن جد أما عن السفير أو حتي الرئيس الفرنسي فليس بيده ما سيفعله لأن في فرنسا ولد ما يسمي بحقوق الإنسان وفرنسا دولة ديمقراطية اللائيكية .

  4. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل .
    هل تعرفون أقبح من فرنسا !!!؟؟؟
    “يمثّل تصعيد الجزائر الأخير ضد فرنسا بسبب “سفر” الناشطة الجزائرية ـ الفرنسية أميرة بوراوي… ” انتهى الاقتباس.
    ما قامت به فرنسا ليس “تسفير” بل عملية “تهريب” استعملت فيها فرنسا كل ثقلها، وسخرت لها أجهزة مخابراتها ودبلوماسييها وعملائها (الخبارجية) في الجزائر وتونس.
    عندما تلجأ سفارة وأجهزة فرنسا إلى تهريب رعية جزائرية (أميرة بوراوي) ممنوعة من السفر بحكم قضائي عن طريق “الحرڨة” وبالطرق التي تستعملها العصابات فذلك يدل على طبيعة النظام الفرنسي.
    عملية تهريب الرعية الجزائرية ليست معزولة، أذكر القراء الكرام بأن فرنسا قد سبق له أن قامت بأول عملية قرصنة جوية في التاريخ باختطاف الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة الجزائرية يوم:22/10/1956 وسجنتهم بدون محاكمة إلى غاية الاستقلال.
    كما قد سبق لتونس أن أوقفت دبلوماسيين فرنسيين دخلوا من ليبيا بحوزتهم أسلحة.
    فرنسا هي التي كانت تمون الإرهاب في الساحل بدفع الفدى رغم منعه ذلك بقرار أممي.
    شركة “لافارج” الفرنسية تعترف بدعم المنظمات الإرهابية في سوريا.

  5. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل.
    ماكرون: منافق أم طرطور !!!؟؟؟
    جاء في المقال ما نصه:
    “إنه لمن المؤسف رؤية كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون لفتح صفحة جديدة بين البلدين، ينهار وحدوث القطيعة لم يعد بعيدا على ما يبدو”انتهى الاقتباس
    إذا كان ما حدث بعلم ماكرون فهو منافق وإن كن ما حدث دون علمه فهو طرطور، فيتعين التعامل معه على هذا الأساس، لأنه للأسف الشديد شر لابد منه، يصعب تجاوزه.
    أما التبرير الفرنسي، كون أميرة بوراوي تحمل الجنسية الفرنسية فلا يستقيم، ولا يتقبله منطق ولا عقل. لأنه سابقة ستسمح للجزائر بتهريب أي مجرم أو متهم جزائري من فرنسا بحجة أنه يحمل الجنسية الجزائرية، وضرب عرض الحائط بأحكام قضاء فرنسا وسيادتها. مما يؤسس لقاعدة الإفلات من القانون لمجرمي العالم في بلدان غير بلدانهم.
    وما قام به ماكرون، هو البحث عن “انتصار” على الجزائر ولو بالطريقة المافيوية، نصر عجزت عن تحقيقه بالطرق الدبلوماسية بعدما ولى عهد الضغوط والملاءات.

  6. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل.
    كيف نكفر !!!؟؟؟
    جاء في المقال ما نصه:
    “(أميرة بوراوي)، جزائرية عادية سبقتها في تاريخ بلادها إلى الثورة نساء بطلات كثيرات بينهن حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد” انتهى الاقتباس.
    إذا كانت أميرة بوراوي “جزائرية عادية” فحسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد وغيرهن لسن عاديات، لقد ناضلن تحت راية “تحيا الجزائر” و ” الله أكبر”، وبفضل تضحياتهن طردن فرنسا من الجزائر وتحاول أميرة بوراوي وغيرها كثيرات وكثيرون من ما وصفهم تبون بـ “الخبارجية” يناضلون تحت حماية فرنسا لعودتها ملتحفين عدة صفات من قبيل صحفي وحقوقي وناشط.
    وتشبيه بوراوي بحسيبة وجميلة يدخل في خانة الكفر السياسي والإعلامي. فشتان بين الثرى والثريا.
    وما ينفي عن أميرة براوي صفة “الجزائرية” كون فرنسا تدخلت لتهريبها بصفتها مواطنة فرنسية.
    أخيرا، المقال ذكر والدها وأبنها ونسي أن يقول أنها متزوجة من فرنسي وبسببه حصلت على الجنسية الفرنسية.

  7. يقول عبد الوهاب عليوات:

    بوراوي ما هي الا سطر في كتاب من عمليات تجنيد للحركى الجدد وتوظيفهم باسم المجتمع المدني لمقاومة أي تغيير داخل الحزائر يكس لمصالح فرنسا ما بعد سقوط بوتفليقة. الغضب الجزائري ناتج عن تعهدات قدمها ماكرون بالحد من التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر عبر كتائب العملاء الذين تم توظيفهم ايام الحرتك ليتيبين ان الدولة العميقة في فرنسا ترفض التخلي عن احلامها الاستعمارية وترفض قبول الندية مع الجزائر الجديدة.

  8. يقول تاوناتي-فرنسا:

    و كالة الأنباء الجزائرية اتهمت ” المخزن المغربي” بالوقوف وراء تدخل من سمتهم المخابرات الفرنسية لإخراج الصحافية الجزائرية. لكن قيس سعيد سيتهم من؟؟ هل القاضي الذي أطلق سراحها او المسؤول الذي سمح لها بالذهاب الى فرنسا. و قبل كل هذا،كيف تمكنت هذه الصحافية من الخروج من الجزاءر. لا تقولوا لنا ” المخزن”.
    هذه القضية أظهرت لكل من لازال يطبل لقيس سعيد، بأن هذا الأخير يلبس ثوبا أكبر منه بكثير، و بأنه مجرد ساعي بريد لعسكر تونس. و لهذا وقع هذا التخبط بين الولاء للنظام الجزائري و الولاء لفرنسا. و انتصر الولاء لفرنسا، لأنه فوق الجميع.

  9. يقول DINA:

    أين البرلمان الأروبي المنافق لماذا لا نسمع له حسا.

  10. يقول أبو عبد الله:

    قضية أميرة بوراوي أخذت أكثر من حجمها.
    النظام الجزائري يستغل القضية لضرب المعارضة في الداخل و الخارج و في نفس الوقت هي رسالة لروسيا.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية