الأمم المتحدة- “القدس العربي”:
قال ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، الاثنين، إن الهجمات على الأفراد العاملين في المجال الإغاثي بقطاع غزة تعد “خنجرا في صميم مبادئ القانون الإنساني الدولي”.
جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك لبحث الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية، وفق وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وخلال الجلسة، جدد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة التأكيد على “حتمية وقف إطلاق النار دون شروط في قطاع غزة الذي يشهد عدوانا صهيونيا وحشيا، ولا سيما في ظل انخفاض تدفق المساعدات الانسانية إلى القطاع”.
وقال ابن جامع: “لا بد من تناول مسألة جد خطيرة إثر فقدان 6 عمال من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) مؤخرا”.
واعتبر ذلك “مسألة لا تستدعي فقط الإدانة، بل تذكرنا بشكل صارخ بالتآكل الخطير للمعايير الدولية التي طالما سعينا لإرسائها”.
وقال إن الهجمات على العاملين في المجال الانساني، بما في ذلك القافلة التابعة لبرنامج الأغذية العالمي “ما هي إلا خنجر في صميم مبادئ القانون الانساني الدولي”.
والجمعة، أعلنت الأونروا مقتل أحد موظفيها برصاص قناص إسرائيلي شمالي الضفة الغربية المحتلة، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ 10 سنوات.
والأربعاء، شن الجيش الإسرائيلي غارة جوية على مدرسة “الجاعوني” بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد 18 فلسطينيا، بينهم 6 من موظفي الأونروا، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وأكد مندوب الجزائر على أهمية “عدم الاستغناء مطلقا عن دور منظمة الأونروا، خاصة مع ما رأيناه في إطار حملة التحصين ضد مرض شلل الأطفال” التي ساهمت الوكالة في تنفيذها بعموم محافظات القطاع.
وتأسست “الأونروا” بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين بمناطق عملياتها الخمس الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، لحين التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.
وقال ابن جامع إن الآلية الأممية لتوزيع المساعدات الإنسانية التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2720 “سليمة من الناحية العملية، إلا أنها لم تحقق النتيجة المرجوة”.
وأوضح أن “الأرقام تذكر بهذه الحقيقة الدامغة وهي أن توصيل المساعدات بمعدل يومي انخفض منذ اعتماد القرار 2720 ديسمبر/ كانون الأول 2023، حيث أكدت بيانات الامم المتحدة دخول 62 شاحنة فقط إلى القطاع بشكل يومي خلال الأيام العشرة الأولى من سبتمبر/ أيلول الجاري، مقارنة بـ97 شاحنة في ديسمبر”.
وفي 22 ديسمبر 2023، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2720 الذي يدعو إلى “اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسَّع وآمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية”.
ولفت ابن جامع أنه “قبل اعتماد القرار، تم تسجيل دخول أكثر من 500 شاحنة يوميا خلال العام الماضي”.
وأضاف: “يجب علينا أن نعترف بأن جهودنا لمواجهة الأزمة السياسية باستخدام أدوات وسبل إنسانية ولوجستية ثبت أنها غير كافية”.
وشدد ابن جامع على “حتمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة دون أي شروط”.
وتابع: “الدرب أمامنا واضح ولكنه معبد بالعديد من التحديات، وبالتالي فإن الوفاء بنص القرار 2720 لا يتطلب فقط التوصل إلى وقف إطلاق النار، بل يتطلب أيضا عودة الاستقرار في غزة وتنفيذ خطة إعادة إعمار شاملة منسقة بشكل جيد”.
وقال الدبلوماسي الجزائري إن “المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ثقيلة، حيث يجب العمل بلا كلل نحو التوصل إلى وقف لإطلاق النار و إرساء أسس لمستقبل أكثر استقرارا و ازدهارا للمنطقة”.
🔴📽️كلمة ممثل الجزائر 🇩🇿 الدائم لدى الأمم المتحدة 🇺🇳 #عمار_بن_جامع في جلسة لـ #مجلس_الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلـ،ـسطينية 🇵🇸 pic.twitter.com/Wn0MMlU0jM
— Radio Algeria international إذاعة الجزائر الدولية (@radioalginter) September 16, 2024
وكان مجلس الأمن الدولي قد استمع في بداية الجلسة إلى الإحاطة الأخيرة حول الأوضاع في غزة من السيدة سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة وإعادة الإعمار في غزة، حيث تنتهي ولايتها الأولى بعد اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي القرار 2720 (2023) في كانون الأول/ ديسمبر والذي فوض الأمين العام للأمم المتحدة بإنشاء آلية شاملة لتوسيع المساعدات الإنسانية وتسريع وصولها باستخدام مراكز تزويد في الأردن وقبرص والضفة الغربية وإسرائيل بالإضافة إلى الحدود البرية المعروفة مع مصر.
وقالت كاغ في إحاطتها “إن جوهر إنسانيتنا المشتركة على المحك، حيث قتل في غزة أكثر من 41 ألف فلسطيني، وأصيب أكثر من 93 ألفا آخرين. وتشير البيانات الأخيرة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 22 ألف فلسطيني تعرضوا لإصابات غيرت حياتهم، بما فيها ما بين 13 و17 ألف حالة من الإصابات الخطيرة في الأطراف، والتي غالباً ما تؤدي إلى البتر… والعديد من هؤلاء المصابين يعانون من أكثر من إصابة. كما تعرضت البنية الأساسية الصحية، التي أصبحت مشلولة، لمزيد من التدمير”.
وتحدثت كاغ عن المسؤولية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي وطريقة تعامله مع الحرب وأكدت مراراً في كلمتها على ضرورة وقف إطلاق النار وتقديم الحماية للمدنيين والالتزام بالقانون الإنساني الدولي وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين. وطالبت بالسماح للجنة الصليب الأحمر بزيارة المحتجزين الإسرائيليين، بينما تجاهلت السيدة كاغ ذكر أكثر من عشرة آلاف فلسطيني في السجون والمعتقلات الإسرائيلية حيث لا تسمح إسرائيل بزيارتهم على الرغم من وجود تقارير من منظمات حقوق إنسان مختلفة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حول تعرض بعضهم للاغتصاب والاعتداءات الجنسية والتعذيب وغيرها من الانتهاكات.
وتعرضت في كلمتها لحملة التطعيم وانتهاء المرحلة الأولى منها واستكمال المرحلة الثانية بعد أربعة أسابيع للحصول على الجرعة الثانية. كما توقفت عند انهيار النظام التعليمي في قطاع غزة وحرمان نحو 625 ألف طفل من متابعة الدراسة. كما تحدثت مطولا عن مسارات وصول الإمدادات والمساعدات وتفعيل الآلية مؤكدة في الوقت ذاته أنه لم يتم تحقيق الهدف الذي يتمثل بوصول المساعدات للجميع وبشكل كاف.
كما تحدثت عن الحاجة للنقد والوقود ودخول المزيد من معدات الاتصال الآمنة والتعقب للتمكن من العمل في قطاع غزة. وشددت على أن التعافي وإعادة الاعمار في غزة لا يمكن أن تنتظر. وأضافت: “من الأهمية بمكان أن ترسى ترتيبات الحكم والأمن دون مزيد من التأخير، وموقف الأمم المتحدة واضح. ويتعين على السلطة الفلسطينية أن تستأنف مسؤولياتها الكاملة في غزة. وقد وضعت حكومة رئيس الوزراء محمد مصطفى خططاً شاملة لاستعادة الحكم المحلي والأمن وسيادة القانون”.
ومن المتوقع أن يعيد مجلس الأمن تجديد ولايتها لأن السيدة كاغ تحظى بدعم الولايات المتحدة وإسرائيل في نفس الوقت، حيث التقت خلال زياراتها المتكررة لإسرائيل بكافة المسؤولين بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
المندوب الروسي: بدون وقف إطلاق نار لا يمكن تأمين وصول المساعدات
تحدث السفير الروسي، فاسيلي نيبينزيا، مؤكدا أنه في غياب وقف إطلاق النار في غزة فإن قرار مجلس الأمن 2720 ظل حبرا على ورق ومداخلة السيدة كاغ تؤكد ذلك، ونتفهم اختيارها لكلماتها بحذر. “فلو قيّم أي من ممثلي الأمم المتحدة ما تقوم به إسرائيل بشكل صريح، فإن إسرائيل ستدرجه على قائمتها السوداء ويمنع من دخول غزة”.
واتهم السفير الروسي الولايات المتحدة بالتستر والتغطية على النهج الإسرائيلي. وقال “إن مثل هذه الغطرسة تنبع من الدعم غير المشروط لأي من أفعالها من قبل الولايات المتحدة، والتي تعمل منذ ما يقرب من عام الآن على منع أي تلميح إلى رد فعل جوهري من قبل مجلس الأمن”.
وأضاف السفير الروسي: في الأسبوع الماضي، أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل ما يقرب من 100 مدني. لا يمكن أن يكون هناك مبرر لهذا. “الأطراف الغربية” تلعب دور الصمت عندما تكون هناك حاجة لتقديم تقييم صريح لما يحدث مع الفلسطينيين. وقال: “لأننا إذا كنا نتحدث عن أي دولة أخرى، فإنها ستدين بشدة مثل هذه الهجمات”. إذا استمر هذا الوضع، فقد تؤدي هذه التطورات إلى وقف عمليات الأمم المتحدة في غزة، وفي هذه الحالة، سيواجه أكثر من مليوني فلسطيني الموت. وحذر قائلاً: “هذا احتمال حقيقي، ولا يمكننا السماح بحدوثه”. بالإضافة إلى شلل الأطفال، يمكن أن يكون هناك في أي وقت تفش لأمراض معدية أخرى في غزة حيث “تم استنفاد اللقاحات العادية تقريبًا”. وأضاف أن العاملين في المجال الإنساني عاجزون وغير قادرين على الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الضربات الإسرائيلية.
وأضاف نيبنزيا قائلا: “إن إيصال المساعدات الإنسانية في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية المدعومة من قبل الولايات المتحدة شبه مستحيل ولا يمكن أن يطلب من العاملين في المجال الإنساني أن يستمروا بإدخال تلك المساعدات، القليلة التي يسمح بها تحت القصف والاستمرار بالمخاطرة بحياتهم وخاصة في ظل استهدافهم في أكثر من مرة”. وشدد على أن المشكلة ليست بوجود آلية أو عدمه بل استمرار الحرب والتغطية الأمريكية والغربية الداعمة. وأكد السفير الروسي أن مجلس الأمن يمكنه أن يتخذ الخطوات اللازمة لتنفيذ قرارته لكنه لا يقوم بذلك بسبب الولايات المتحدة.