الجزائر… واستخدام مواردها؟
الجزائر… واستخدام مواردها؟تحسنت الموارد المالية للجزائر خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة ارتفاع اسعار النفط وبالتالي زيادة عائدات بيع البترول والغاز مما كان له نتائج ايجابية علي ميزانية الدولة. وقد تمكنت الجزائر علي اثر ذلك من سداد معظم ديونها الخارجية والتي كانت خدمة الدين تستهلك معظم مواردها المالية، كما تمكنت ايضا من تأمين رصيد هام من العملات الاجنبية. وشجع ذلك الدولة علي التوسع في الانفاق ويظهر ذلك جليا في توجهين اولهما عقد صفقات ضخمة في مجال التسليح ورصد مبالغ كبيرة لتنفيذ مشروعات في مجال الاسكان.قد لا يكون المرء متجنيا لو استنتج من ذلك ان انفاق الموارد المالية للدولة الجزائرية يخضع لاعتبارين:الاول: ارضاء المؤسسة العسكرية وسعيها لتعزيز قوتها المادية والعنفية داخل الدولة لكي تظل ضمن المعادلة السياسية المتحكمة في شؤون الحكم وضمان استمرار امتيازاتها وحماية قياداتها وعناصرها من اي تقلبات سياسية تسمح بمحاسبتهم بجرائم ضد الانسانية اقترفوها خلال ما يسمي بالعشرية الدامية ودعم المصالح الشخصية للجنرالات بتوفير فرص الحصول علي عمولات يكبر حجمها بقدر ما يكبر حجم صفقات التسليح. اي ان الامر لو صح ما سبق لا علاقة له بالامن القومي للدولة الجزائرية او تمكينها من صد عدوان خارجي.الثاني: ضمان استمرار نظام الحكم الحالي لمدة اطول بحقنة تخدير مؤقتة طالما لا يتم وضع مخطط قومي يؤمن فرص عمل لعشرات الالاف من الشباب الجزائري العاطل ويؤمن ايضا امنا غذائيا ليمكن فصله عن الامن القومي للدولة ويؤمن فرص زواج للشابات الجزائريات يغنيهن عن عرض انفسهن في الانترنت دون جدوي او السقوط في براثن شبكات الدعارة الدولية ويقلل ايضا من حجم الواردات الاجنبية او يحقق تأمين قدرات دفاعية ذاتية عن طريق التصنيع الحربي.ومن المؤكد انه كان يمكن تحقيق نفس المصالح الذاتية للعسكريين والمدنيين علي السواء بصرف النظر عن مدي مشروعيتها ضمن خطة وطنية تحقق ايضا مصالح الدولة والشعب، وتراعي ظروف المكان من تضاريس ومناخ وشبه انعدام للانهار والسهول الساحلية، وللزمان وما يكتنفه من تحديات للامن والاستقلال الوطني واكبر مثال لها ما تشنه الولايات المتحدة من حروب وما تزمع اقامته من قواعد عسكرية في افريقيا واحتياجات الانسان الجزائري الحالية والمستقبلية مع الاخذ في الاعتبار احتمال نضوب آبار النفط يوما ما.والذي لم يعد يحتاج الي شرح وتفصيل انه لا يمكن للجزائر تحقيق طموحات وطنية تمكنها من حل مشاكل الحاضر وتعزيز امكانيات المستقبل والافادة من عبقرية الموقع للتوصل الي تحقيق مكانة ومهابة اقليمية وقومية ودولية دون تنفيذ مشروعات قائمة علي التعاون الاقليمي والتنمية المشتركة. وهذا كله يمكن التوصل اليه دون حاجة الي وحدة سياسية مع دول الجوار علي النحو الذي كان يفكر به قادة الثورة الجزائرية زمن الاستقلال ومازال له تأثير سلبي علي العقل السياسي الجزائري كنتيجة للاحباط.فوزي منصور[email protected]