حافظت العلاقات الجزائرية التونسية على توازن محمود طيلة العقود الأربعة الأخيرة، وحتى قبلها. لم تمر هذه العلاقات بمطبَّات كبرى أو أزمات علنية حتى في المرات النادرة التي شهدت وجود أسباب التأزم.
عاشت تونس منذ البداية دور الشقيقة الصغرى التي لا همَّ لها سوى تلبية طموحات شعبها والرقي به. واقتنعت الجزائر منذ البداية بأن التوتر مع جار واحد، المغرب، يكفي وأنَّ مصلحتها أن تُبقي تونس في صفها، وفي أسوأ الأحوال، على الحياد.
لم تشذ علاقات الجزائر مع نظام زين العابدين بن علي عن ذلك الواقع. كانت جيدة في أغلب مراحلها. وعندما ثار التونسيون على ديكتاتورية «الزين» في النصف الثاني من كانون الأول (ديسمبر) 2010، التزم نظام المخلوع عبد العزيز بوتفليقة صمتا غير مريح أملاه الغموض والإرباك وعنصر المفاجأة.
باغتت الثورة التونسية النظام الجزائري مثلما باغتت غيره في المنطقة وأوروبا. ومع غموض الصورة ومصير تلك الثورة، كان الصمت هو الحل الأمثل. لم يجد النظام الجزائري حرجا كبيرا في لجوئه للصمت، إذ كان الشعار جاهزا للاستعمال: «عدم التدخل في شؤون الغير» خصوصا إذا كان هذا «الغير» جارا مباشرا «لم نرَ منه شرًّا يُذكر».
غير أن الحياد في الجهر لا يعني بالضرورة ما كان يضمره النظام الجزائري للثورة التونسية بعد نجاحها في إسقاط بن علي ودخولها مرحلة جديدة ليست فاشلة وإن لم تنجح تماما.
من الصعب أن يتخيّل المرء أن النظام الجزائري في عهد المخلوع، وقبله وبعده، سيهلّل لثورة شعب جار أطاح بحاكم مستبد لا يختلف في جوهره عن نظيره في الجزائر.
يملك النظام الجزائري أكثر من سبب للخوف من ثورةٍ في تونس، بغض النظر عمّن يحركها. ويملك أكثر من طريقة لعرقلتها. لديه ذريعة انتقال الاضطرابات الأمنية إلى أراضيه في حال فشلت الثورة. ولديه الخوف من انتقال عدوى المطالبة بالتغيير في حال نجاحها، وهو الذي فعل بشعبه أكثر مما فعل بن علي بالتونسيين. ولديه خوف من البديل المجهول لأن القاعدة الذهبية هي أن «مَن تعرفه أفضل لك ممن تجهل».
لكن حتى مع وجاهة بعض هذه الأسباب، يكمن السبب الأهم في طبيعة النظام الجزائري الذي يخشى أيَّ تغيير ويقاومه، لأن من شأن ذلك أن يضع حدًّا لوجوده، خصوصا إذا كان التغيير يستهدف نظاما يشبهه. هذه الطبيعة الأمنية الغامضة والبيروقراطية جعلت النظام الجزائري يتحالف تقليديا مع عتاة ديكتاتوريي المنطقة، من تونس إلى سوريا مرورا بليبيا ومصر. وزاد هذا التقارب في 2011 مع اتساع نطاق الثورات، ثم وجد «شرعيته» في جنوح بعضها نحو العنف كما في ليبيا وسوريا. هذه الانحرافات كانت هدية من السماء للنظام الجزائري لأنها، بالنسبة له، دليل على حكمته ووجاهة موقفه.
لهذا كله تستحق المسارعة إلى تفنيد كلام الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي عن النظام الجزائري و«تآمره» على ثورة الشعب التونسي في 2011، وقوفا عندها.
حتى فرنسا ودول أوروبا التي على تماس مع تونس فوجئت بالثورة بعد أن أعمتها ثقتها المفرطة في حليفها بن علي. لم تؤمن يوما بحق التونسيين في التغيير، ولطالما رأت في ذلك الطاغية نموذجا للحاكم المتنوّر، رغم ديكتاتوريته التي لم يعد يستحي بها
لا يمكن، بطبيعة الحال، فصل كلام المرزوقي عن «تهوره» السياسي الذي اشتهر به حتى وهو رئيس. كما لا يمكن فصله عن علاقته غير الودية مع النظام الجزائري منذ أن تحرر من قيود الرئاسة. لكن، أيضا، لا خطأ في القول إن استعجال الخارجية التونسية وحزب حركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابات البلاد) لرفض ما صدر عن المرزوقي والتبرؤ منه، وراءه حسابات سياسية وحرصٌ على الحفاظ على حبل الود مع النظام الجزائري. يفهم حكام تونس، ومعهم راشد الغنوشي ونور الدين الطبوبي (أمين عام الاتحاد التونسي للشغل) أن لدى تونس ما يكفيها من الهموم والمشاكل، واستطرادا ليس من مصلحة أحد هناك في الظروف الحالية فتح جبهة مع الجزائر.
انزعاج بعض السياسيين والإعلاميين الجزائريين من كلام المرزوقي متعجل هو الآخر، وليس هناك ما يبرره، اللهم ردّ فعل «بافلوفي» متجذر يرفض كل ما يقال ويُكتب عن الجزائر ونظام حكمها، خصوصا إذا بدر عن غريب، بغض النظر عن دقته من عدمها.
هذا ما يفسر احتفاء الإعلام الجزائري، حتى الذي يوصف بأنه معارض أو مستقل، بالانتقادات التي تعرَّض لها المرزوقي في تونس، دون أن يفكر (هذا الإعلام) في التوقف ولو لحظة عند مضمون ما قال.
هل كان الإعلام الجزائري سيصدّق لو قال المرزوقي إن النظام الجزائري بقيادة بوتفليقة فرح بثورة الشعب التونسي على بن علي ووفر لها الدعم؟ هل كان رد فعل الإعلام الجزائري سيكون هو ذاته لو قال الرجل هذا الكلام؟ وهل كان هذا الإعلام سيحتفي بردود الفعل على كلام المرزوقي ويتجاهل مضمونه؟
طبعا لا. هناك أشياء من المسلمات المطلقة فلا جدال فيها. منها أن النظام الجزائري لا يمكن أبدا أن يقف مع ثورة شعب ضد نظام حليف وشبيه. أكثر من ذلك، ليس النظام الجزائري وحده: من الخليج إلى المحيط، لا يوجد حاكم عربي واحد هلّل لثورة البوعزيزي. كلهم دسّوا رؤوسهم في الرمال في انتظار أخبار تريحهم وترفع عنهم الحرج. لم تنفكك الألسنة إلا بعد سقوط نظام بن علي. وقد تجلّى ذلك في التغطية الإعلامية العربية، وهي مرآة عاكسة لمواقف الأنظمة التي تملك وسائل الإعلام المؤثرة وتديرها.
حتى فرنسا ودول أوروبا التي على تماس مع تونس فوجئت بالثورة بعد أن أعمتها ثقتها المفرطة في حليفها بن علي. لم تؤمن يوما بحق التونسيين في التغيير، ولطالما رأت في ذلك الطاغية نموذجا للحاكم المتنوّر، رغم ديكتاتوريته التي لم يعد يستحي بها بعد أن وضع الغرب «في جيبه» وفساده الذي طاول عنان السماء.
كاتب صحافي جزائري
فرنسا كانت على استعداد لتمويل بن علي لماذا لم يتكلم احد
نحن راضين بنظامنا في الجزائر لانه لم يطلب منا يوما أن نركع لغير الله وان نقبل الايادي إلا ايادي والدينا نتمتع بكل حريه اما المشاكل الأخرى فهي في كل دول العالم سواء العربيه او الغربيه
أقول ان المرزوقي لم يتهور ،فهي حرية التعبير التي يكفلها الدستور الجديد في تونس لكل التونسيين ،وهذه الحرية معدومة ومنعدمة في الجزاءر ،فجزاء من يجهر برأيه هو التعذيب والاغتصاب كما حدث لوليد قنيش،الحراك الجزاءري هو السبيل الوحيد لتنفس الحرية في بلد العسكر والفساد،اثنين من راس الحكومات السابقة بوزراءهم في السجن والأبقى اعضم بكثير اتركوا الشعب الجزاءري يقرر أمره بيده
الجزائر عندما فقدت نظام القدافي أكبر حليف لها ضد وحدة المغرب في صحرائه أصبحت ترهب وتتوعد تونس لكي تقف معها عوض ليبيا لتعاكس المملكة المغربية ،ومن السخرية أن تعرض الجزائر تقاسم جرعات اللقاح ضد كورونا مع تونس دون مراعات كبرياء أشقائنا التونسيين اللهم إجعل كيدهم في نحرهم
السيد abdel من بدأ بالبلبله هو نظامك حين هاجم الجزائر ورجع بخفي حنين وحين لم يعترف بموريتانيا كدولة إلا في سنة 1979 وحين ادعى أن الصحراء الغربية جزء منه لكنه قسمها مع موريتانيا وحين عادت موريتانيا لرشدها احتل نظامك الجزء الآخر.انه نظام لا يمكنه العيش دون مشاكل نظام توسعي استعماري غاصب
إيه يا زمان!
صار حتى الذي يغير المنكر بلسانه في بلداننا مهما علا شأنه بين الأمم مدان ، ساع إلى الفتنة.
سيأتي العلم يوما لا محالة بمجسات، يطلع بها الحاكم على قلوب الناس إن كان بها نزع إلى التغيير
الكل تفاجئ بالثورة التونسية الا الامريكان والمستر اوباما والمدام كلينتون
المرزوقي رجل حر وشريف واقواله نابعةةمن تجربة وواقع معاش وما صرح به سابقا والان هو شيئ معروف الفرق الوحيد انه امتلك الشجاعة للجهر بما يعلمه ويسره المسؤولون في تونس وللمزيد من الاستفاضة هناك تصريحات قيمة للسيد احمد ونيس وهي الاخرى ناتجة عن سنين من العمل في الديبلوماسية التونسية وتحية للسادة المنصف و ونيس.
ضمن مقال الأستاذ توفيق رباحي لا نجد ما يشير إلى تهور السيد المرزوقي. لكن عنوان المقال يوحي بالعكس؛ فهل هو من اختيار هيأة التحرير ؟ إذا ما تقبلنا أن هنالك من يعتبر تصريحات السيد المرزوقي تهورا فإننا سنجد من يعتبرها حقيقة مطلقة، ذلك أن مسألة تصريحات الرئيس التونسي الأسبق بين الحقيقة والضلال تعكس تام قول الفيلسوف الفرنسي باسكال في القرن السابع عشر: إن الحقيقة في ما دون البرينيه ( جبال البرانس التي تفصل بين فرنسا و إسبانيا ) ضلال في ما وراءها.
غريب امر من ينتقدون الرئيس المرزوقي و تصريحاته الاخيرة ……الرجل قال الحقيقة المعروفة للجميع وهو خارج السلطة وهذا من حقه ……رغم ذلك أ لم يقترح وهو في السلطة تمكين المغاربيين من الحقوق الخمسة المشهورة اللتي كانت بمثابة اللبنة الاولى في طريق الاندماج ……؟و رفضها الجميع ……؟عيب عيب اتهام الرجل بما ليس فيه ……
تعليقك جميل هذه المرة شكرا
يشهد الله وحده كم أختلف مع دولتي الجزائر لكن لعلمك سيدي دولتنا رحمة إن قارنتها بالطبيعة العفنة لكل الأنظمة البشرية و أولها بريطانيا التي أهدت فلسطين دولتي الجزائر منذ ولدت إلي اللحظة الحالية تعرف مدي معارضتي للكثير من سياستها خاصة أنني أطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية لكن الإخوة في دولتي يحترمون مواقفي و لم يزعجوني أبدا و كنت أفضل أن تعود إلي بلدك عوض التحامل الغير الموضوعي أما السيد المرزوقي نصيحة لوجه الله ليفكر في مواجهة الأخطبوط الصهيوني الذي تمكن من جسم الأمة
تجدر الإشارة الى حدث مهم و هو موقف المغرب من الثورة التونسية .. حتى و إن كان المخزن
تعامل بذكاء فائق مع الحراك في المغرب .. فلم تكون هناك معارضة لما يقع في تونس .. و أول رئيس
دول يزور تونس بعد أن ابتعد عنها الجميع كان هو جلالة ملك المغرب .. و ليس هذا فحسب .. فكلنا
نتذكر الحرب الإعلامية التي شنتها عسكرونا لافشال الزيارة بمقالات حول خصام بين الملك و السيد
المرزوقي .. كانت فعلا هيستريا عسكرونية .. لكن ملك المغرب رد بذكاء .. و مكث في تونس ..
و خرج الى اسواقها و مقاهيها .. و أزقتها .. و بدون بروتوكول .. و ربما بحد ادنى من الحراسة ..
قائلا للعالم .. تونس آمنة .. تونس آمنة .. الشيئ الدي ثمنه الاشقاء في تونس و اعتبروه حملة ماركتينغ
قوية و مجانية و أخوية من الملك لتونس كي يرجع السياح ..
.
هذا لمن فقد الداكرة ..
.
سؤال: إذا كان الاخوة في الجزائر ممثنين ل “ساقية سيدي يوسف” .. فلماذا هم غير ممثنين لمعارك
ضارية بين المغرب و فرنسا فداكم يا جزائرين .. معركة “إيسلي” مثلا لا حصرا .. و التي تمخضت
عنها معاهدة لالة مغنية .. اليس هذا انتقائية في الاعتراف بالجميل .. أم هذا يؤكذ فقط ان اعترافكم لتونس
هو فقط من اجل شيئ في نفس يعقوب ..
الحمد لله نعرف أن الشعب المغربي ساند الثورة الجزايرية، لكن الاختلاف بين بلدك وتونس أن نظام بلدك هاجم الجزائر بحرب الرمال غداة إستقلالها وهي لم تلملم جراحها من ثورة أبهرت العالم، فبقي الجرح عميق من طرف شقيق، وطعنة أنست كل جميل. المرجو النشر لتعم الفائده.