أتمنى أن في النظام الجزائري عقلاء سيعملون على منع تقنين إسقاط الجنسية عن جزائريين في الخارج، لأن بعض الحكام في الداخل، قدّروا وقرروا أنهم «أساؤوا للوطن» ويستحقون تلك العقوبة.
لا أتوقع ان الذين وراء قانون الجنسية الجديد يجهلون أن الجزائر لم تُسقط قط جنسيتها عن أبنائها حتى في أحلك الظروف وأكثرها صعوبة.
لم تجرِّد الجزائر من جنسيتها الحَرْكى وعملاء فرنسا غداة الاستقلال. عندما ناشدت حكومات أوروبية، وبينها فرنسا وبلجيكا، السلطات الجزائرية إسقاط الجنسية عن هؤلاء كي تتمكن هذه الحكومات من منحهم جنسيتها، ردَّ الرئيس بومدين بكبرياء: لن أحرم جزائريا من جنسيته مهما كان الظرف. ويعرف الجزائريون الذين عاشوا أيام الاستعمار أن بعض الحَرْكى فعلوا بأبناء وطنهم ما يستحق أكثر من خلع الجنسية.
ولم تنزع الجزائر جنسيتها عن عتاة الإرهابيين والقتلة الذين سفكوا الدماء وأهلكوا الحرث والنسل في تسعينيات القرن الماضي. بل عزَّزتهم وأهدتهم تجارة ومالا. وليس معلوما أنها نزعت جنسيتها عن الناشط والمغني الأمازيغي فرحات مهني الذي يطوف فرنسا وأوروبا داعيا إلى استقلال منطقة القبائل عن بقية الجزائر. ولم تنزعها عن كبار اللصوص والمخرّبين من وزراء ومدراء ورجال مال وأعمال عاثوا فسادا ولصوصية في خيرات شعبها وممتلكاته أمس واليوم. بعضهم داخل البلاد وآخرون فارون في الخارج.
الذي أوحى للرئيس تبون ورئيس وزرائه جرّاد بهذا القانون غير الإنساني، حتما يريد لهما الفضائح والخذلان ويبحث عن دفعهما الى مآزق سياسية وقضائية وأخلاقية غير ضرورية. حدثت حالات نادرة وسُحبت الجنسية من أجانب كانت مُنحت لهم كَمِنَّة في ظروف معيّنة وفق حسابات معيّنة، وكانت بمثابة منح جواز سفر أكثر منه جنسية وتجنيس. لو جلس الوزراء والمسؤولون المعنيون ساعة واحدة لتدارس عواقب هذا القانون، وتذكير بعضهم بعضا بخطورته، لَمَا أخرجوه للعلن. هناك حقل ألغام شديد الخطورة تتجه إليه السلطات الجزائرية بهذا القانون. المسؤولية أمام أي قانون فردية وشخصية. وعلى افتراض، بمنطقهم، أن شخصا ارتكب ما يستحق العقاب وحُكم عليه بسحب الجنسية، ماذا ستقول الجزائر لأبنائه الذيم سيولدون لاحقا؟ لأن إسقاط الجنسية عنه يتبعه تلقائيا حرمان ذريته منها. ثم منذ متى فرَّق أيَّ قانون وطني بين جزائري في الداخل وآخر في الخارج؟ كيف سيُعاقَب جزائري في الداخل إذا أُدين بالتهمة ذاتها التي تتطلب إسقاط الجنسية عن جزائري في الخارج؟ لست خبيرا لكن أعرف بالعقل أن القوانين الدولية ترفض إسقاط الحكومات الجنسية عن مواطنيها بهذه السهولة، خصوصا إذا كانوا مغترببن ويحملون جنسية وطنهم الأم فقط. لو عملت كل الدول بمنطق السلطات الجزائرية الأعور، سيكون نصف سكان العالم «بدون» جنسية.
لقد عمل النظام، ولا يزال، على تدجين المعارضة السياسية، وعلى تدمير الحياة العامة لكي لا يبقى فيها إلا هو والانتهازيون اللاهثون وراء المصالح والامتيازات
اضطرت السلطة الجزائرية إلى هذا الطريق الملغوم فقط لأن حفنة من المعارضين أعلنوا حربا شعواء على النظام عبر موقع «يوتيوب» ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، واحتارت في أمرهم. أبرز هؤلاء، الدبلوماسي المنشق قبل 26 سنة محمد العربي زيتوت، وشاب عديم الخبرة السياسية، لكنه شديد الجرأة، اسمه أمير بوخرص ويشتهر بـ«أمير دي زد» نسبة إلى الرمز الدولي للجزائر. إضافة إلى آخرين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.
إذا كانت الجنسية الجزائرية مجرد وثيقة إدارية تُمنح وتُسحب، فهؤلاء فقدوها منذ سنوات طويلة. فهم لا صلة إدارية وقنصلية لهم بالجزائر، لأنهم بين مُجنَّس في بلد المهجر ولاجئ سياسي وطالب لجوء، ومحرومون سلفًا من جواز السفر والوثائق الجزائرية، ولا يفكرون في الاقتراب من بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية. على الأغلب، القصد بالقانون تعميم الرعب في الشتات لإخراس الجميع. وعلى الأغلب، القانون علامة ضعف وارتباك.
فوز زيتوت ورفاقه بثقة الكثير من الجزائريين حتى أصبحت شعاراته تُرفع في مظاهرات الحراك، هو نتيجة طبيعية لسياسات النظام سابقا وحاضرا. لقد عمل النظام، ولا يزال، على تدجين المعارضة السياسية، وعلى تدمير الحياة العامة لكي لا يبقى فيها إلا هو والانتهازيون اللاهثون وراء المصالح والامتيازات. لا يُعقل، بعد كل ذلك التجريف، أن يستغرب أحد بروز بوخرص وزيتوت وغيرهما. هناك حقل ألغام آخر، سياسي هذه المرة.
الجزائر بلغت زمنا الجزائريُ الصالح فيه هو الذي يرفض الصمت ويعارض نظام حكم بلاده بلا عنف. لم يقم ملايين الجزائريين في الداخل والخارج بثورة سلمية رائعة لكي تكون النتيجة قانونا يُسقط الجنسية عن جزائريين آخرين.
من حيث الشكل، هناك أسئلة تفرض نفسها عن توقيت القانون وظروفه. هناك أولاغياب البرلمان الذي حلّه الرئيس تبون بمرسوم رئاسي. والحكومة في حكم تصريف الأعمال لأن تبون قال إنه فضّل الاحتفاظ بها إلى حين إجراء انتخابات عامة قريبا لكي يترتب عنها برلمان وحكومة جديدان.
صحيح أن حال البرلمان محزن، وهو غائب حتى قبل حلّه ويستحيل أن يرفض قانونا يأتي من السلطة التنفيدية. رغم هذا كان يجب التفكير في الحفاظ على الشكل. الفراغ، إذًا، يفتح الباب لتمرير القانون بأمر رئاسي إذا كانت السلطات مصرَّة عليه. لكن التشريع بأوامر رئاسية (المادة 142 من الدستور) يكون بين دورتي البرلمان وفي الحالات الطارئة. فهل تجريد جزائري من جنسيته بسبب أرائه السياسية، مهما كانت معارضة ومتشددة، أمر طارئ يستحق قانونا بأمر رئاسي؟ نأتي الآن إلى الأسئلة/الاتهامات التي بموجبها تُسحب الجنسية من صاحبها. وفق المتاح حاليا، تتعلق الاتهامات بوحدة الوطن ومصالحه العليا. لكن هذه المفاهيم هي الأكثر غموضا ومطاطية لغةً ومضمونًا. واستطرادًا هي الأسهل لتأويلها والتلاعب بها. ما تعريف «الأفعال المُضرَّة بمصالح الدولة» والتي «تقوِّض الوحدة الوطنية»؟ هل الحديث في «يوتيوب» وبقية المنصات أفعال أم أقوال؟ مَن سيضمن للجزائريين أن أركان النظام، اليوم ولاحقا، لا يخلطون عمدًا بين أنفسهم والوطن؟ مَن سيجزم مخلصًا بأن فلانا تطاول على مصلحة الوطن وفلانا غيره تطاول على نظام الحكم؟ وشتَّان بين الاثنين.
من الوارد أن يُسعِد القانون بعض قطعان الغوغائيين والحمقى، لكن الأكيد أن الجزائر لن تجني منه شيئا. الدول قوية بسموها وقدرتها على احتواء أبنائها لا بقمعهم. لم يفت الآوان بعدُ لاستدراك الموقف. والتراجع اليوم أسهل وأقل كلفة من التراجع غدا.
كاتب صحافي جزائري
تصوروا لو أن هذا القانون صدر في عهد بوتفليقة و تم تجريد معارضي عهداته من الجنسية..
كل هؤلاء الذين يساندون هذه الفعلة، كانوا سيزكون هذا القانون لو حدث في عهد بوتفليقة ، و يصفون معارضيه بالمخربين و الخونة و العملاء..
نعم تلجنسية الجزائرية ليست وثيقة ولا هبة من احد. كما أن خيانة الجزائر ليست وسام نضال ولا امتيازا يجعل من بعضهم معارضين..
سخب الجنسية معمول به في اكثر الدول ديمقرلطية في العالم.. ولكن الكيل بمكيالين اصبح سمة اكثر النخب التي تدعي الوطنية وتقنن في طعن الوطن..
قريبا ستبكون الجزاىر كنا يبكي الليبيون وطنهم اليوم.. ويومها سيلبس ادعياء الوطنية اليوم اثواب البطولة من علي دبابات الناتو.. ويقسمون الحزائر ويبيعونها تحت تصيقاتكم..
يجب أن تعلم يأستاذ ان الدول التي تحترم نفسها تسحب الجنسيات المكتسبة وبعد مسار طويل عريض.. يكفي من التخويف بليبييا وسوريا.
هل أنت تأيد سحب الجنسية من معارضو النضام الجزائري اللذين في الخارج؟؟
المشكلة يا سيد عليوات هو أنك وصفت سابقا الذين خرجوا ضد بوتفليقة بنفس الأوصاف التي و صفت بها من عارض قايد صالح.. و اليوم تريد أن تسحب الجنسية من الذين يعارضون شنقريحة..كم من جنسية على الجزائريين حملها..ام أن الجنسية تتغير مع كل قاءد جديد.
لا أحد فوق الارض له الحق في نزع جنسية جزائري واحد ، كفانا شعارات ، دمتم الوطن منذ الاستقلال ، ما يسمى بوزير المجاهدين الأسبق يقبع في ليون فرنسا…هذه هي وطنيتكم…احملوا اسماءكم وانصرفوا
كان من الواجب سحب الجنسية من عصابة المرادية وأعضاء الحكومة العسكرية الذين سرقوا البلاد وتركوا شباب الجزائر يمتطي قوارب الموت هربا من جزائر الثروات .يسقط نظام العسكر المستبد
التحية لاسد الاوراس امير ديزاد و المناضل العربي زيتوت.اسفي على القوة الإقليمية التي تهتز أركانها بلايفات على اليوتيوب ،علي العواجيز بقايا نظام بومدين تسليم المشعل لأجيال اليوم لبناء دولة جزائرية مدنية حرة ،هذا باختصار هو مطلب الحراك الاول والاخير.
نزع الجنسية وتهمة الإرهاب وجهان لعملة واحدة . خطة احيكت خيوطها خصيصا لكل المقاييس . عليهم التعريف بالخيانة العظمى اولا ثم يصدرون الاحكام وتنزع الحرية او الجنسية .
اتفق معك ان الجنسية الجزائرية ليست مجرد وثيقة لكن لا يستحقها من لا تجري في عروق دماء جرائرية حرة انا مع تجريد الخونة من الجنسية الجراءرية ” ميخاف من النار غير لي في كرشو التبن”
لا فضّ فوك أستاذنا المحترم .حلّلت فأوضحت،و استنتجت فأبدعت.
الذي يخون بلاده او يساعد علي ذالك لا يستحق ان يحمل جنسية الجزائرية .لم يبقي وقت مسامحة ووضع رأس في طين.يوم اختيار ان تكون مع وطن او مع خونة.
ممكن تتفضل تعرف لنا معنى خيانة الوطن؟ بشرط ان تفرق بوظوح بين الوطن وهذا النظام الدكتاتوري الفاش الفاسد.
لماذا الخوف من هذا المطلب الجماهيري الذي طال انتظاره من اجل معاقبة الخونة و العملاء الذي دنسوا جنسية جزائرية
مقدسة يحلم بها شرفاء العالم ويتمنون حملها لما تحمله من سيمات الشرف والشهامة والحرية و الشهادة ولا يعرف قيمتها الا الرجال الاشاوس
حكامنا السيطرة علي كل حقوق مواطنيهم فالذي يسعي لحرمان انسان من وطنه والأرض التي ازداد عليها هو وأجداده فانا لم اسمع بهذا الا عند العرب لهم الحق سحب الجنسية لانسان منحت له او اكتسبها لشروط ما وبعدها فعل ما يخالف هذا القانون هذا ممكن لكن تحرم إنسانا من جنسيته ووطنه فخير ان تاخذه وترمي به في البحر اي عالم نعيشه هناك عقوبات بالكم من اغبياء
تحية حارة ومتجددة للكاتب توفيق رباحي.
لقد كنت موفقا جدا في القول ” لو عملت باقي الدول بمنطق السلطة الجزائرية الاعور، لاصبح نصف سكان العالم بدون جنسية “.
وانا ايضا أتساءل مع المتسايلين: كيف تفعل هذه السلطة بشعبها هذا الذي تفعله، وهي تدافع عن حق الشعوب ( الأخرى) في الحرية والاستقلال والكرامة وتقرير المصير؟.
ثم، ألم يكن اوليك الذين انقلبوا على إرادة الشعب الجزائري واوقفوا انتخابات 1991 ، وحلوا حزبا شرعيا فاز بثقة الناخبين، وقتلوا الآلاف الآلاف من المواطنين في حرب لا معنى لها، ألم يكن هؤلاء أحق بالتجريد من الجنسية؟