وضعت الانتخابات الرئاسية أوزارها؛ وأذنت بمرحلة جديدة؛ تحتاج معجزة بمستوى 25 كانون الثاني/ يناير تعيد الاعتبار للثورة، وهي معجزة ممكنة إذا ما أخذ الرئيس عبد الفتاح السيسي على عاتقه حل المعادلة الصعبة، التي تحكم العلاقة بين طموح الثورة وضوابط الدولة ومتغيرات السياسة، وهذه المعجزة كفيلة بوضع القدم على طريق الإنطلاق، ولهذا شروط يمكن تناولها بعد حلف الرئيس المنتخب لليمين والانتهاء من حفل التنصيب غدا (الأحد 8/ 6/ 2014).
ونستمر مع ملف «العنف المسلح» وهو يتحول إلى عمل بطولي على يد جندي مصري؛ رد به على إهانة علمه الوطني، وانتقم من خلاله لمذبحة المسجد الأقصى، وأسقط 21 ضابطاً وجنديا صهيونيا، وجرح 20 اخرين، وهاجم منفردا سيارة جيب وحافلتين لنقل الجنود والضباط!
وذلك العمل البطولي انتهى به «سباكا» جوالا لتركيب وإصلاح أدوات الحمامات والمطابخ ومواسير المياه والصرف الصحي! بعد أن حيل بينه وبين الالتحاق بعمل مناسب. وأكد أيمن حسن إمكانية قيام فرد بما تعجز عنه أمة، وينفذ مهاما من صميم أعمال الأمم الفتية، حتى تكبل نفسها بقيود من صناعة أعدائها في الداخل والخارج، وعلى يد هؤلاء الأبطال تبدأ الأمم في استرداد عافيتها، ويصبح لبطولتهم معان نادرة، يتبدد على صخرتها ظلام الليل الحالك، ويحكي البطل عن دوافعه لتنفيذ العملية الفدائية وتفاصيلها، فيقول قبل التنفيذ بعشرة أيام ارتكبت دورية صهيونية مذبحة داخل المسجد الأقصى، وقتلت عددا من المصلين أثناء صلاة العصر، وهذا أجج رغبته المشتعلة للثأر بعد إهانة العلم المصري أمام عينيه، وانتظر على مضض لرد فعل من العالم أو لموقف حاسم من الحكام العرب والمسلمين، وكان انتظار بلا جدوى، وبعده اتخذ قراره حتى لو كان الثمن هو الاستشهاد؛ انتزع فتيل الخوف من داخله، وجهز سلاحه وذخيرته وأخذ على عاتقه مسؤولية العمل بمفرده. وبسبب ذلك التطور أدخل تعديلاً على خطته، وبدلا من استهداف جندي واحد دنس العلم قرر استهداف حافلة عسكرية تحمل كل ستة أيام ضباطا عاملين في مطار رأس النقب، وتتبعها عادة حافلة ثانية لفنيين وجنود يعملون بنفس المطار. وبذلك يصطاد أكبر عدد منهم في مرورهم أمام موقعه العسكري، وكي يتفادى دوريات التأمين، التي يعتمد عليها الأمن الصهيوني للحماية؛ عَبَر الحدود ودخل الأراضي المغتصبة في صحراء النقب؛ بالقرب من الجانب الأيسر لموقعه العسكري؛ بدلا من إطلاق الرصاص. وتفقد بعد صلاة فجر يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر1990 سلاحه وذخيرته وتهيأ نفسيا وأعتمد على الله، واحتسب نفسه شهيداً فداء لشرفه العسكري ونصرة للمسجد الأقصى، وفي السادسة صباح ذلك اليوم اجتاز الحدود؛ بفتح ثغرة بقص الأسلاك الشائكة الفاصلة للحدود الدولية. وأعد كمينا للاختباء والتمويه، ولمحته وهو يتهيأ للتنفيذ سيارة «ربع نقل» تابعة للجيش الصهيوني؛ تحمل أغذية وإمدادات للمطار العسكري، فأطلق رصاصاته عليها وتعامل معها، وقتل سائقها وانقلبت السيارة في وادي النقب.
ثم فوجئ بسيارة عميد بالمخابرات الصهيونية في طريقها إلى نفس المطار، وصوب إليه رشاشه وأرداه جثة هامدة، وعلم عنه فيما بعد أنه أحد كبار العاملين في مفاعل ديمونة النووي، وأحد رجال المخابرات، الذين تلطخت أيديهم بدماء العرب والمسلمين، ونفذ العديد من الاغتيالات داخل البلدان العربية، وهو ما أشرنا إليه السبت الماضي. ويتطلب موقعه الخطير سرية تامة لتحركاته ومراقبته لمفاعل ديمونة القريب من الحدود المصرية، ولم يسبق للجندي البطل رصده، وكأنها مصادفة أتاحها القدر للثأر لاغتيال «بلدياته»؛ العالم الجليل الدكتور سعيد بدير؛ نجل الفنان الراحل سيد بدير، وكان أحد أكبر ثلاثة علماء في علم الموجات المتناهية الصغر والاتصالات بالأقمار الصناعية والتجسس الفضائي، واغتالته الـ»موساد» في مسكنه بالإسكندرية، قبيل عملية النقب بحوالي عامين؛ بسبب رفضه العمل في وكالة «ناسا» الأمريكية لأبحاث الفضاء، وتفضيله العمل في جامعة إسلامية أندونيسية، وكان من ضباط القوات المسلحة، ووصل إلى رتبة عميد، وعمل أستاذا للهندسة بالأكاديمية الفنية العسكرية، ومستشاراً لرئيس الجمهورية، وسبق وتعرض لمحاولة اغتيال في ألمانيا، وهرب منها هو وأسرته طلبا للسلامة في مصر، وكانت زوجته وأطفاله يقيمون في نفس الحي الذي يسكنه أيمن حسين بمدينة الزقازيق؛ لدى جدهم عقب اغتيال والدهم الشهيد.
وجاء في دراسة كتبها عنه الكاتب والمفكر علي نويجي (2012/ 10/ 28 – 1925 /7 /25)، وقد كان بجانب اهتماماته الأدبية والثقافية ناشطا سياسيا وطبيبا زاهدا في الأضواء، يرصد البطولات الوطنية ويؤرخ لها، وفضل أن يستقر بعد تخرجه من كلية طب الإسكندرية في مسقط رأسه؛ وسط الفلاحين، وهو الذي ولد وتوفي في دسوق بمحافظة كفر الشيخ.
وهذه الدراسة كُتبت أثناء محاكمة ذلك الجندي البطل، أوائل عام 1991، وكانت على هيئة مرافعة وطنية وتاريخية وقانونية؛ دفاعا عن جندي نفذ عملية فدائية نوعية، وبعدها سلم نفسه لقيادته العسكرية. كتب نويجي فيما يشبه المرافعة: «يقف الجندي المصري أيمن حسن، بكل سماته وخلفياته القومية والوطنية، ومواصفاته الشخصية، أمام دولة… لم يرد لها وصف في أي من النصوص الدولية، بدءا من قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 إلى معاهدة الصلح مع مصر في 26 آذار/مارس 1979».
وفي حيثيات دفاعه فند جوانب شذوذ تلك الدولة؛ كدولة امتصت دولة فلسطين ذات الشرعية الدولية بموجب نفس قرار التقسيم… واستولت على القدس وأعلنتها عاصمة لها دون أي حق شرعي… وعلى جنوب دولة لبنان… وعلى هضبة الجولان من دولة سوريا، واستولت على مياه فلسطين والأردن ونقلتها إلى صحراء النقب… دولة حرمت الشعب الفلسطيني من أي حقوق مدنية ناهيك عن الحقوق السياسية… دولة فجرت المفاعل النووي العراقي ضاربة عرض الحائط بالقوانين الدولية… دولة خرقت الجزء الخاص بالشق الفلسطيني في معاهدة الصلح مع مصر، والذي يحتم إجراء عملية الحكم الذاتي خلال عام واحد من توقيع المعاهدة، ونقضت المعاهدة مرة أخرى حينما ألغت الوثيقة الرابعة الخاصة بالتعهد بعدم فرض أي قيود على حرية التعبير والنشاطات السياسية للفلسطينيين… دولة رفضت الانصياع لقرار الأمم المتحدة بإرسال مراقب لحالة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم الإجماع عليه من قبل الأمم المتحدة حتى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.. بعد هذه المرافعة يقول: «هذه الدولة هي التي واجهها الجندي المصري أيمن حسن؛ المتهم بارتكاب عنف ضد شرعية دولة، لا تعترف بأي شرعية إلا شرعية القوة القاهرة، ولا تقف عند أي حد.. إلا ذلك الذي تنتهي عنده قدرتها على استخدام القوة».
هذه صفحات أهملتها وطمست معالمها حكومات مصرية متعاقبة منذ ما بعد حرب 1973 وحتى الآن، وعملت على مسحها من ذاكرة الشعب والوطن والتاريخ، ويحتاج الأمر في مواجهة ذلك القصور المتعمد؛ يحتاج عملا وطنيا وأهليا وشعبيا (غير حكومي).. تكون مهمته تدوين وإحياء سير أبطال تلك العمليات؛ الذين ما زالوا على قيد الحياة، وتكريم أسر وأبناء من رحلوا واستشهدوا دفاعا عن شرف الوطن وكرامته.
٭ كاتب من مصر يقيم في لندن
محمد عبد الحكم دياب
يجب أن لا ننسى أن الكيان الصهيونى مازال يحتل جزء عزيز من بلادنا مصر ، وهى منطقة أم الرشراش المصرية ولقد تم إحتلالها فى 10 مارس 1949 ، بعد أن قامت قوة إسرائيلية مجرمة بقيادة السفاح المغدور إسحاق رابين بقتل 350 ضابط وعسكرى من قوات الشرطة المصرية ، ولقد وجددت رفاتهم الطاهرة منذ عدة سنوات فى منطقة إيلات المصرية المحتلة ، والجدير بالذكر أن منطقة أم الرشراش المصرية تبلغ مساحتها 1500 كيلو متر مربع وأهم مدنها ميناء إيلات والتى حافظ الإسرائيليون على إسمها القديم تيمناً بإسم الجنرال إيلات مندوبهم لدى الأمم المنحدة فى ذلك الزمان