جهاز الامن سيغير وجه الجيش الاسرائيلي. فالحاجة الى التغيير صحيحة وكذا الاتجاه المعلن صحيح هو الاخر. ومع ذلك، علينا أن نتذكر بانه حتى السير في الاتجاه الصحيح يمكن أن يؤدي الى الفشل. وهنا، في موضوع بناء قوة الجيش الاسرائيلي محظور ارتكاب اخطاء جسيمة لان من شأنها أن تكلف غاليا. وحتى عندما يكون الاتجاه صحيحا، فان هذا لا يعني أن شدة الفشل لا يمكنها أن تكون كبيرة ومحملة بالمصيبة. ولهذا فاني أوصي باجراء التغيير بحذر زائد. في عالم الاعمال التجارية التكنولوجية معروف أن ‘مشروعا مستحدثا’ واحدا فقط ينجح من بين عشرة. دولة اسرائيل ليست ‘مشروعا مستحدثا’ (ستارت أب). عندما نعنى بالاستراتيجية نجدنا ملزمين بان نميز بين تقويم الوضع وبناء القوة. تقويم الوضع مؤقت، مستمر ومتغير. اما بناء القوة فهو اكثر ثباتا ويتقرر لعشرات السنين. يمكن أن نصلح مسار بناء القوة، اما تغييره جوهريا فغير ممكن من دون الحاق ضرر. مهمة القوة هي خدمة تقويمات الوضع المتغيرة، ولهذا فعلى القوة أن تبنى بشكل متوازن ومرن. لقد قيلت أمور كثيرة عن التفوق التكنولوجي للجيش الاسرائيلي، ولكن لم تقل امور عن القيود الكثيرة التي تفرض على استخدامه. فمنظومات متطورة تتأثر بحالة الطقس، قدرة البث من أنواع مختلفة وكذا الوسائل المضادة التي يشتريها او يطورها العدو. كما توجد قيود على الطائرات والمنصات التي تحمل سلاحا دقيقا، كالطائرات بدون طيار محدودة الاستخدام عندما تكون حالة الطقس عاصفة وتهب رياح شديدة. وعليه فمرغوب فيه بناء القوة بحيث يكون ممكنا استخدامها من دون قيود. موضوع آخر يطرح على البحث هذه الايام هو هل توجد حاجة الى فرق مناورة مثلما في الماضي. الجواب على هذا السؤال ينبع من مفهوم الامن الاسرائيلي. على افضل تقدير لن يكون ممكنا انهاء حرب ووقف هجمات الصواريخ على اسرائيل من دون احتلال الارض ومن دون الوصول الى عواصم عربية. تهديد قيادات الدول والمنظمات التي ستدير المعركة ضدنا سيبقى هدفا استراتيجيا للجيش الاسرائيلي. وعليه، فينبغي ان نحافظ وربما ان نزيد عدد الاجسام المناورة في ظل تكييفها مع طبيعة القتال الجديدة التي يطرحها بعض من اعدائنا أمامنا. هنا يجب ان يأتي أساس التغيير في بناء القوة. الحاجة الى مناورة مئات الدبابات الغيت منذ حرب يوم الغفران. واليوم باتت الحاجة اقل بكثير، الا في الساحة المصرية، حيث توجد أرض موزعة يتعين على الجيش الاسرائيلي أن ‘يدور’ فيها اذا ما تراكمت مؤشرات تدل على حرب مع المصريين. برأيي يجب تخصيص عدد قليل من الفرق لقتال من هذا النوع مطلوب لساحات كالساحة المصرية، حيث ينبغي ان ترابط معظم الفرق في مبنى يكون فيه أساس القوة هو المشاة والكوماندوز. يمكن في هذه المناسبة ان نخرج من المنظومة دبابات قديمة وابقاء الاكثر تطورا قيد الخدمة. أعتقد أنه سيكون بكاء للاجيال تبني استراتيجية ‘الاحتواء’ التي بالعموم يمكن وصفها بانها تلك التي تنتظر هجوم العدو وتصفيه بالقوة الجوية. هذا لم ينجح ولن ينجح. الخطط لضرب العدو بواسطة التكنولوجيا المتطورة هي بالاولوية الاولى. ومع ذلك نحن نعرف بانه في اللحظة التي تطلق فيها القذيفة الاولى في الحرب فان كل شيء يتغير، وبالتالي فاننا نحتاج الى خطة احتياطية. أفترض أن نستخدم هذه الخطة كثيرا، التي اساسها استخدام الفرق المناورة في داخل اراضي العدو. وختاما أقول انه الى جانب استخدام التكنولوجيات المتطورة ينبغي الاحتفاظ بالقدرة على ‘الاستيلاء على التلة بالاظافر’. معنى الامر هو بناء قوة متوازنة، مرنة وعديدة الغايات تحت ‘خدمتها’ تكنولوجيا متطورة.