واشنطن ـ «القدس العربي»: ينشغل الامريكيون في نقاشات مستعرة حول خيارات الولايات المتحدة لتخفيف حدة التهديد الذي يشكله تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق وسوريا» ولكنهم ينسون وسط هذا الهياج بان للتنظيم، ايضا، خيارات لمواجهة القصف الجوي وخطط التحالف الامريكي الدولي.
ويناقش المحللون الامريكيون حتى الآن نوايا تنظيم «القاعدة» من هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر فهي احيانا من اجل طرد الامريكيين من الشرق الاوسط واحيانا اخرى جلبهم الى المنطقة عبر تدخل عسكري من شأنه حشد الاسلام ضد الولايات المتحدة. اذا كانت النية هي طردهم، فالمهمة فشلت بالتأكيد ولكن في الوقت نفسه تمكن التنظيم من النجاة لاكثر من 13 عاما من القصف الامريكي في حين انتشرت أيديولوجيتها الى مختلف أنحاء العالم، اما تنظيم «الدولة الاسلامية» فهو يشعر بثقة من امكانية النجاة من حملة القصف والحصول على تعاطف ودعم اكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة.
يعتقد عدد من المحللين الامريكيين أن التحالف ضد «داعش» ما يزال هشا رغم اللغة الاحتفالية للادارة الامريكية وربما لن يصمد هذا التحالف لفترة طويلة كما هو مخطط للحملة، وقد تجد الولايات المتحدة نفسها معزولة، واذا حدث ذلك ستتعرض واشنطن لاهانة بالغة. كما ان القصف من جانب واحد من شأنه الدفع بحالة خطرة من «الاغتراب الامريكي» في الشرق الاوسط.
يقول المحلل مايكل جينكنز مؤلف كتاب «ديناميات الحرب الاهلية في سوريا» بان المركبات وقطع المدفعية تعد اهدافا سهلة للقصف الجوي ولكن قوات «داعش» يمكن ان تتراجع الى المناطق الحضرية وتنمدج مع السكان المدنيين من اجل اغراء قنابل التحالف على السقوط وسط اهداف مكتظة بالمدنيين، والولايات المتحدة، في الواقع، لا تملك مصادر استخبارية على الارض تمكنها من تجنب هذه المكيدة وهكذا يتحول الرأى العام العالمي ضد استمرار القصف حيث سيقع اللوم على القنابل التى تسقطها الطائرات الامريكية، ومن الصعب بطبيعة الحال التأكد من المزاعم التى ستروجها الجماعة على الانترنت مع مشاهد مؤلمة للضحايا وسيضطر الجيش الامريكي بلا جدوى الى سرد روايات وتفسيرات غير مقنعة مما يضع الولايات المتحدة في وضع غير مؤات.
ويواصل مقاتلو «داعش» شن الهجمات منذ بدء القصف، وهم يستمرون في السيطرة على مزيد من المدن بعد اجبار القوات العراقية او الكردية او السورية على الانسحاب وما زالت الجماعة تواصل الضغط المستمر على المواقع العسكرية العراقية في منطقة الانبار وهي تجمع بين الاعتداءات العسكرية وتفخيخ السيارات في المدن. ووفقا لما يقوله جينكيز فان اقتصاد «داعش» يعتمد على النهب بالدرجة الاولى لذا تحاول الولايات المتحدة حرمان الجماعة من الحصول على الموارد النفطية بالدرجة الاولى مما سيجعلها اكثر وحشية وافتراسا وبالتالي نفور اهل السنة في النهاية منها وهكذا يتحقق الهدف الامريكي بحشد القبائل السنية ضد «داعش» كما جندتهم ضد «القاعدة» خلال حرب العراق.
ومن المحتمل ان تنجح هذه الاستراتيجية ولكن الولايات المتحدة يجب ان تدرك الدوافع الحقيقية وراء تحول الولاءات السابقة للعشائر السنية ضد «القاعدة» عام 2006 حيث يمكن القول بانه من السذاجة الاعتقاد بان وحشية «القاعدة» فقط كانت وراء تحول الولاء لان تنظيم «القاعدة» ارتكب خطأ كبيرا بالتدخل في انشطة التهريب المربحة لبعض القبائل بينما تعاون «داعش» معهم بهذه الانشطة في غرب العراق ومنحهم بعض الغنائم، والاهم من ذلك كله هو استمرار الشيعة بالهيمنة على الحكومة في بغداد وتهميشهم بشكل متعمد للقبائل السنية ولذا تبدو الامور غير واضحة بشأن قدرة القصف على كسر تحالف «داعش» مع أهل السنة.
ويرى المحللون الامريكيون أن حملة القصف قد تمنع «داعش» من السيطرة على بغداد حيث تواجه ايضا هناك جدارا طائفيا ولكن ذلك لن يمنع الجماعة المسلحة من التسلل الى المدينة لمواصلة حملة ارهابية، وربما لن يمنعها القصف كذلك من شن هجوم كبير من الداخل، ويستذكر المحللون ما جرى في فيتنام حينما تراجع ثوار «الفيتكونغ» امام الحلقات القتالية الامريكية المحيطة بسايغون ومدن اخرى في جنوب البلاد ولكنهم نفذوا هجمات رفيعة المستوى من داخل المدن وحققوا اضرارا نفسية ومادية بالغة بالجيش الامريكي، ورغم عدم اقتراب مستوى قدرات مئات الالاف من «الفيتكونغ» من قدرات «داعش» الا انه يمكن القول بانه يمكن شل حركة مدينة كبيرة لعدة ايام او اسابيع من مجموعة قليلة من الانتحاريين كما حدث في مومباي في عام 2008.
وقد ترسل جماعة «داعش» عددا من المتطوعين الاجانب لتنفيذ هجمات أرهابية ضد الدول المشاركة في التحالف بما في ذلك الولايات المتحدة الامريكية، ورغم الامال الغربية بان التحسينات الاستخباراتية والتدابيرالامنية المشددة بعد احداث الحادي عشر من أيلول قد تجعل الامر أكثر صعوبة لتكرار هجمات مركز التجارة في الغرب الا ان الدول المحيطة للعراق وسوريا ضعيفة، كما ان الاهداف الغربية في الشرق الاوسط هشة.
وقد دعا قادة «داعش» بالفعل الى شن هجمات ارهابية ضد أعضاء التحالف وطلبوا من مؤيديهم التعبير عن التضامن، وقد تعلمت الولايات المتحدة من تجربة حرب العراق بأن الحملات العدوانية التى تقودها في الشرق الاوسط سوف تحفز حتما المعارضة وستزيد من امكانية التعرض لعمل ارهابي، ومن التكتيكات المتوقعة على الارجح اطلاق النار العشوائي في الاماكن العامة والاعتداء على جنود خارج الخدمة وربما مهاجمة عائلات الجنود الامريكيين. الولايات المتحدة بدورها تمكنت من احباط اكثر من مؤامرة ارهابية محلية كما تعلم السلطات الامنية اكثر من غيرها بان العدد القليل من الامريكيين في صفوف «داعش» يمكن مراقبتهم بعيدا عن الضجة الصاخبة حولهم ولكن لا يمكن الاستهانة بالمخاطر المستقبلية للمقاتلين الاجانب. ويقول جنكيز بانه ليس هنالك فارق كبير بين المتمردين المناهضين للاسد والجهاديين كما يجب عدم المبالغة بالخلافات بين «القاعدة» و«داعش»، رغم انها أدت الى قتال بينهما حيث ندد تنظيم «القاعدة» كما هو متوقع بحملة القصف االامريكية، ودعا وحداته المقاتلة في سورية لمواجهة العدوان الامريكي وفي الوقت نفسه تذمرت عدة جماعات غير اسلامية في سوريا من اسقاط القنابل على مواقع «داعش»، وفي النهاية تتفوق الكراهية الطائفية على مخاوف التعرض لاضطهاد من الجماعات الاسلامية المتشددة.
رائد صالحة
النجاح على داعش بعيد المنال عن أمريكا الآن
فالميليشيات الشيعية أصبحت البديل السيئ عن داعش للسنة
وحكومات بغداد ودمشق وبيروت أصبحوا دمى بيد طهران
فكرة الصحوات أصبحت من الماضي لأنه لا ثقة للسنة بكل الأطراف
ولا حول ولا قوة الا بالله
….أمريكا من نظم وسلح وأرسل داعش لتدميرنا وقتلنا ….هذه المرة تقاتلنا بأبنائتا ….فخار يكسر بعضه