من الخرطوم نفسها التي أعلنت منها القمة العربية أواخر أغسطس/ آب عام 1967 «اللاءاث الثلاث» (لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف)، يصدر نفي من قيادي بالمؤتمر الوطني السوداني، الحزب الحاكم في السودان لصحّة الأنباء التي نقلتها الإذاعة الإسرائيلية عن اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة الخرطوم. مفارقة معبرة للغاية تعكس نوعية المسافة التي قطعها العرب منذ تلك القمة قبل خمسين عاما، ليس فقط لأن الصلح تم والتفاوض تم والاعتراف تم بل لأن الأمور تطورت أكثر من ذلك بكثير فصارت لقاءات وزيارات وأخيرا استثمارات.
ما قاله القيادي السوداني عبد السخي عباس من أن نتيناهو لا يمكنه زيارة السودان، وإن موقف بلاده واضح من العلاقات مع إسرائيل، ويرتبط ارتباطًا جذريًا بالقضية الفلسطينية، كلام يكاد يكون قد انقرض الآن في ساحة التداول الرسمي بغض النظر عن مدى صدقه.
يقال هذا أيضا في وقت تلقّى فيه وزير الاقتصاد الإسرائيلي /إيلي كوهين/ دعوة رسمية لزيارة البحرين في منتصف شهر أبريل/ نيسان المقبل، للمشاركة في مؤتمر عالمي على مستوى وزاري، وفق مصادر إسرائيلية، فيما نقلت صحيفة «إسرائيل ها يوم» عن مسؤول لم يُكشف عن اسمه، قوله إنّ إسرائيل تعمل على إقامة علاقات دبلوماسية مع البحرين، دون صدور نفي من المنامة.
وإذا كانت آخر محطات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية هي زيارة الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى هناك قبل أيام، فإن إقدام دول إفريقية وغيرها على هذا التطبيع بعد عقود من مسايرتها الدول العربية في مقاطعتها إسرائيل على كل الأصعدة تقريبا ما كان ليتم، بهذه الجرأة على الأقل، لولا الخطوات المختلفة التي قامت بها الدول العربية في هذا الاتجاه ولا سيما دول الخليج العربية.
دعنا من مصر والأردن فلكلاهما لديه معاهدات سلام وعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ سنوات لأن المشكلة الحالية هي بالدرجة الأولى في منطقة الخليج الذي شكلت دوله العربية، وبالذات السعودية، السند المالي الأقوى لمنظمة التحرير الفلسطينية و كذلك السياسي في المحافل الدولية إلى جانب الدول العربية الأساسية، غير أن هذه «الخاصرة المالية و السياسية» تراجعت في السنوات القليلة الماضية بنحو متسارع حتى أصبحت تشكل الآن نقطة الضعف الكبرى في الموقف العربي و نقطة الضعف القاتلة بالنسبة إلى الفلسطينيين، إلى جانب انقسامهم السخيف.
بروز أسماء «متصهينة» بالكامل داخل المجتمعين السعودي والإماراتي تعلن على الملأ في مواقع التواصل الاجتماعي ترحيبها بهذا التطبيع
بعد اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، شرع عدد من الدول الخليجية والعربية من بينها قطر وعمان وتونس والمغرب في ما قالت إنه مد للجسور مع إسرائيل لتشجيعها على مزيد من الخطوات في مسار التسوية فعقدت من هذا المنطلق لقاءات متعددة مع مسؤولين إسرائيليين، كما زار مسؤولون إسرائيليون عواصم عربية على غرار زيارة شمعون بيريس إلى الدوحة، كما فتحت «مكاتب تجارية» إسرائيلية في مسقط والدوحة و تونس. كل هذا المسار سرعان ما انتكس بعد اندلاع «انتفاضة الأقصى» عام 2000 وحصار الرئيس ياسر عرفات ورحيله الدرامي عام 2004 لكنه هاهو «ينتعش» من جديد مع زيارة نتنياهو الأخيرة المفاجئة إلى مسقط وقرب زيارته إلى المنامة على ما تقوله الدوائر الإسرائيلية.
ومع ذلك، لم تنقطع الصلات بالكامل، كانت بعض المناسبات الرياضية الدولية في قطر والإمارات والبحرين فرصة لحضور وفود إسرائيلية وعزف نشيدها الوطني ورفع علمها وهي أمور ما كان يتصور حدوثها في السابق رغم تحجج هذه الدول بأن قوانين مثل هذه المناسبات لا تسمح لك بإقصاء بلد بعينه منها. وإذا كان من الوارد التماس «بعض العذر» في هذا المنطق، ولو جدلا، فإن انخراط دول خليجية في ما هو أبعد بكثير من ذلك أدخل التطبيع الخليجي مع إسرائيل مرحلة نوعية مختلفة أخطر من ذلك بكثير.
لقد دخلت السعودية والإمارات ومن ورائهما البحرين في الفترة الماضية في مسار من الصعب التهوين من شأنه حتى وإن التزمت القيادة الفلسطينية الصمت بشأنه لوضعها الصعب على كل المستويات. تجاوزت الأمور مجرد زيارة وزيرة إسرائيلية لمسجد الشيخ زايد أو ذاك الكلام الخطير الذي قاله الأمير محمد بن سلمان عن القضية لوفود مختلفة التقت به وإنما تحولت إلى انخراط شبه كامل مع المعسكر الآخر لتصفية القضية بالتنسيق الكامل مع الرئيس الأمريكي و «صفقة القرن» التي يبشر بها مستعينين بالقيادة المصرية المسايرة لهما في هذا التوجه.
يحدث هذا في وقت تتدهور فيه باستمرار أوضاع حقوق الانسان في كل من الرياض وأبو ظبي بعد موجة الاعتقالات لكل صاحب رأي مختلف وبعد جريمة التقطيع البشعة للكاتب الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول. أما الجديد فعلا في مسار التطبيع فأمران على قدر كبير من الوجع: الأول بروز أسماء «متصهينة» بالكامل داخل المجتمعين السعودي والاماراتي تعلن على الملأ في مواقع التواصل الاجتماعي ترحيبها بهذا التطبيع وتلعن كل ما له صلة بـــ «الكضية»، في إشارة استهزاء بالقضية الفلسطينية، أما الثاني فدخول الامارات مجال الاستثمار مع إسرائيل بعد تمويلها مؤخرا خط الغاز الذي يربط إسرائيل بأوروبا. يحدث هذا في وقت تتنامى فيه حركات الدفاع عن الحريات في كل أنحاء العالم وكذلك حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا.. يا عيب الشوم!!
كاتب وإعلامي تونسي
التطبيع مع الصهاينة اليهود قام به عرفات بأول الأمر سنة 1993 بإتفاق أوسلو! أما الآن فيُسمى تضييع فلسطين مع الصهاينة العرب!! ولا حول ولا قوة الا بالله
فلسطين في الخريطة سموها إسرائيل ليبرروا جرائمهم ضد الفلسطينيين ومع ذلك فهي فلسطين ولن تتحلحز من مكانها وتزول ما تُسمى بـ إسرائيل.
كذلك بالنسبة لجزيرة العرب سموها سعودية ليبرر آل سعود جرائمهم.
يا سيد كريشان للاسف ان ما يسمي السلطة الفلسطينية وقياداتها هم من فتحوا الباب واسعا للتطبيع من خلال التنسيق الامني المقدس كما قال عباس. نحن لا نلوم العرب قبل ان نلوم انفسنا علي قبول هذا الهوان.
دول هندية و ليس العربية
يا سيدي
ان الامر ان يكون بالمكشوف افضل من ان يبقى بالسر ,فالامر ليس بجديد ولا ننسى ان الاعلام كان له دور كبير في جعل المواطن العربي ان يتقبل اسرائيلي يتحدث في قناة عربية ويتم لقاءه في برامج حوارية مما كسر حاجز او حائط كان قد بني منذ بداية القضية الفلسطينية وهو التقبل او الاعتراف النسبي باسرائيل
حياك الله أستاذ كريشان .. يمكن تقسيم التطبيع والخيانة لمرحلتين مرحلة ما قبل استشهاد صدام حسين رحمه الله ومرحلة ما بعد استشهاده فقديما كانت الخيانة تتم بالخفاء أما الآن تتم بشكل علني والذين يقومون بالتطبيع والخيانة يجهلون قوتين يجهلون قدرة الله عز وجل ويجهلون قوة ثانية هي غزة بإذن الله عن قريب ستصبح قوة عظمه هذا ليس ضرب من الخيال إنما واقع فغزة انتصرت وكل مالها بصعود متى ما تمكنت من اجتياح إسرائيل واغتنام السلاح النووي من يدها أصبحت لها الكلمة الأولى في العالم ..اغتنام السلاح سنة عسكرية عن الرسول صل الله عليه وسلم.