الخيار الثالث لعرب يهودا والسامرة

حجم الخط
1

حرب العام 1948 توقفت في الخط المعروف ‘حدود 1967’، التي لم تكن سوى خط مؤقت لوقف اطلاق النار. حرب الايام الستة، التي لم تكن إلا سجل إنهاء لحرب الاستقلال وجلبتنا الى الخطوط المناسبة للحدود الدائمة، كانت حتمية، فانعدام الشجاعة من جانب حكومات اسرائيل في استخلاص الاستنتاجات وتثبيت خط الحدود الشرقية على طول نهر الاردن، لمنع عودة الحرب، هو تقصير صهيوني قابل للاصلاح.
هذا مثال واحد على ان كل مسيرة تتجاهل القوى الجغرافية السياسية والثقافية لسكان منطقة ما نهايتها الفشل، وكل منظومة جغرافية سياسية ستتدحرج في نهاية المطاف الى الوضع الأكثر استقرارا، الذي يتقرر حسب ظروف الثقافة والميدان. أمام ناظرنا تجري مسيرة مشابهة في الشرق الاوسط كله، حين تنهار كل الحدود التي وضعها المستعمرون، والشرق الاوسط يهتز عائدا الى وضعه الطبيعي المستقر: نظام من القبائل القاسم المشترك بينها هو الاسلام. وعليه فان من يبحث في تسويات مستقبلية لدولة اليهود يجب أن يأخذ في الحسبان الطبيعة الجغرافية السياسية والثقافية التي ستنهي في نهاية المطاف الوضع المستدام، سواء بطريقة مباشرة من الحكمة السياسية، أم إثر حلول عابثة عديمة المراعاة لمعطيات الميدان وحرب اخرى.
ومثلما عمل الاستعماريون في المنطقة بفظاظة (فيل في محل للزجاج)، هكذا عمل رجال اوسلو ومؤيدوهم داخل بلاد اسرائيل الغربية، فقد تطلعوا الى دفع وعينا نحو اختيار متعذر بين خيارين سيئين، ‘دولة ثنائية القومية’ تلغي دولة اليهود، أو حل ‘دولتين لشعبين’، معناه عودة الوضع غير المستقر والحرب الحتمية. هذان خياران معناهما تصفية المشروع الصهيوني في غضون جيل أو جيلين.
ولكن كل من له عينان في رأسه سيلاحظ أن معطيات الميدان والثقافة تشير الى حل ثالث، في العام 1922 نفذ ونستون تشرتشل تقسيم بلاد اسرائيل الانتدابية الى دولتين على الطريق، أقام المملكة الاردنية العربية وترك بلاد اسرائيل الغربية لبناء البيت القومي اليهودي. 80 في المئة من سكان الاردن هم قبائل قريبة من قبائل بلاد اسرائيل الغربية، لديهم ثقافة مشتركة، دين مشترك وعلاقات اقتصادية وعائلية. الكثيرون منهم هم من المهاجرين من بلاد اسرائيل الغربية. والامر الوحيد الذي ليس فلسطينيا في الاردن هو الملك الهاشمي، الذي يحكم بمعونة البدو وزوجته فلسطينية وابنه نصف فلسطيني. فما هو الأكثر طبيعية من التقدم نحو ديمقراطية الاغلبية الفلسطينية فيها تحكم الاردن، والملك الذي زُرع في عمان آجلا أم عاجلا يقيم ديمقراطية على نمط المغرب، أو يُنهي منصبه كجيرانه، ضحايا الربيع العربي؟
وعليه، فان الحل الطبيعي والأكثر استقرارا للمستقبل الجغرافي السياسي للمشروع الصهيوني يتضمن عنصرين: الاول الفصل بين الاقامة والمواطنة، حيث عرب يهودا والسامرة يعيشون في ارض اقليمية بسيادة اسرائيلية كاملة، يحظون بحقوق اقامة كاملة، بما في ذلك حق الانخراط في الاقتصاد المزدهر الاسرائيلي الذي يمنحهم ميزة ليست لأي عربي في محيطهم، ولكن سيكونون مواطني الدولة الفلسطينية الاردنية ويصوتون للبرلمان في عمان، الذي يحافظ على ثقافتهم وهويتهم القومية.
العنصر الثاني هو وجود الحدود الطبيعية لدولة اليهود التي تستند الى خط غور الاردن. لفحص الفكرة تُجري دائرة البروفيسوريين اليوم مؤتمرا في مركز تراث بيغن. وقد بحث المؤتمر في كل الجوانب السياسية، الامنية، الاقتصادية، القومية، الثقافية والتاريخية للحل الوحيد الذي له فرصة للحفاظ على دولة اسرائيل يهودية ديمقراطية ومستقرة لأجيال عديدة. في الغرف المغلقة يعترف الفلسطينيون ايضا بأن هذا هو الحل الذي يرغبون فيه. والمملكة الاردنية، هل ستوافق؟ لديها فقط خياران: أن تهتز في ثورة عربية على نمط كل جيرانها، أو أن تتمتع بالاستقرار الذي تمنحه إياها الشراكة معنا. اليوم هو الزمن لفتح الرأس وفحص المبادرة في مركز تراث بيغن.

بروفيسور في جامعة بار ايلان ورئيس سابق لدائرة البروفيسوريين للحصانة السياسية
معاريف 26/8/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نمر ياسين حريري:

    للتذكير .
    تكلمنا عن هذا المشروع وبادق التفاصيل في اكثر من مرة على عنواننا الاكتروني واعدنا ذكره في صحيفتكم الغراء توضيحا لخلفية تسريع الاستيطان في الضفة الغربية .

إشترك في قائمتنا البريدية