ارتبط شكل وتوظيف الخيمة العربية في مصر، بالأفراح والأتراح كونها غطاءً يُستخدم في كل المناسبات لزوم الضرورة. فهي واحدة من فنون التراث القديم التي كان البدو الرُحل يستعملونها كمساكن للإيواء والمعيشة ويتنقلون بها أينما ذهبوا، حيث هي البديل الطبيعي للبيت. وعلى مر السنين والأزمنة وبتغير الثقافات والحضارات، ارتبطت الخيمة بالغجر الذين ورثوها عن البدو ووجدوا فيها وسيلة سهلة لصناعة مأوى وإعداده في أقل وقت ممكن طالما وجدت المساحة التي تتسع لنصب الخيمة وتكفي لامتدادها حسب الحاجة والمهام المُعدة لها والفترة الزمنية التي تستغرقها الإقامة في الصحاري أو على أطراف القرى والمدن.
وقد ظهرت الخيمة كملمح رئيسي من ملامح الموالد المنتشرة عبر المواسم في قرى ونجوع مصر، لذا فقد ظلت باقية في الذاكرة الجمعية لعموم الناس وما زالت إلى الآن برغم اختلاف وظيفتها، وساعد على ذلك ورودها كشكل وتراث في العديد من الأفلام والمسلسلات الدرامية التي طرحت مشكلات وقضايا المجتمعات البدوية أو تناولت في سياقات مختلفة الموالد كخلفية للأحداث الفنية، وهي جُملة من الأعمال ليست بالقليلة ما أسهم بالفعل في بقاء الخيمة كصورة تراثية حية تتجدد بتجدد الموضوعات والمصنفات الإبداعية.
وربما يحتم السياق هنا ذكر بعض الأعمال المهمة التي حضرت الخيمة فيها بقوة مثل فيلم “عنتر ابن شداد” و”عنتر يغزو الصحراء” و”السيرك” و”تمر حنة” و”مولد يا دنيا” و”الغجر” وأيضاً مسلسل “غوايش” وغيره من الأعمال الدرامية الكثيرة.
ولكن يبقى الفيلم التسجيلي “الخيامية” للمخرج هاشم النحاس توثيقاً مهماً لهذا الفن الرفيع وتلك الصناعة اليدوية الدقيقة بمختلف مراحلها وتطوراتها وأوجه استخدامها. بيد أن النحاس أضاء مواطن مهمة لفن الخيامية أو الخيام، ارتبط بأصول الصنعة وصُناعها المهرة النادرين في تناول آخر مستقل بعيداً عن التضمين السينمائي والدرامي، حيث ركز على دقة التشكيل والتطريز المميزة للخيمة العربية والبدوية وأوضح الاختلافات البينية بين أشكالها وألوانها وارتباطها بنوع الاستخدام والتوظيف، فما يصلح للأفراح والمناسبات السارة لا يصلح بالقطع لغيرها من المُلمات والأحزان فلكل مقام ما يُعبر عنه برغم دقة الفروق في النوع والشكل، وبناء الخيمة على الأرض الذي يتطلب خبرة وتدريبا وخفة في حركة الأسطوات الذين يقومون بإعداد المخيم وتهيئتها للغرض المطلوب.
وتشتهر مناطق بعينها في القاهرة بصناعة الخيام وبيعها، كالنحاسين والغورية وباب المتولي وباب زويلة والدرب الأحمر، فضلاً عن وجود أسواق سياحية للمنتجات اليدوية الصغيرة المزركشة، والتي تُستخدم كمفارش لبعض قطع الأثاث ومُعلقات للزينة، وكلها مصنوعة من أقمشة الخيام وتحاكيها في التكوين الفني والألوان ولها سوق رائجة، حيث يُقبل عليها السياح العرب باعتبارها تراثاً عربياً أصيلاً وكرمز مهم لثقافتهم البدوية. كما يهتم السياح الأجانب باقتناء القطع الموشاة بالرسوم الفلكلورية والشعبية على سبيل التذكار، ولهذا فهي قائمة كصناعة يدوية في إطار محدود بوصفها أحد مصادر الدخل بالنسبة للمتخصصين فيها، بالإضافة إلى أنها علامة تاريخية دالة على زمانها وبيئتها الأصلية ولا تزال مطلوبة في الاحتياجات الخاصة كسرادقات العزاء وساحات الأفراح، ويُطلق عليها عند بعض الفئات من المستخدمين والتجار مُسمى الفراشة، نسبة إلى عملية الفرش التي تدخل ضمن استخداماتها الجوهرية في الوقت الحالي.
وتصل القيمة المالية للمخيمة المستأجرة إلى أثمان مرتفعة في بعض الحالات التي تستدعي اتساعاً وفيراً في المساحات المفروشة وأنواعا فاخرة وجيدة من القماش، ويضاف إلى سعر التكلفة المقاعد والمناضد والسجاد واللوازم والإكسسوارات الأخرى ويتم حصرها بالقطعة مع مراعاة العدد والنوع والمدة المحددة لحق الاستغلال.
ويختلف الفنانون المختصون برسم الثيمات والموتيفات وكتابة الخطوط على الأقمشة عن المنفذين لها والقائمين بعملية الحياكة وشغل الإبرة، فلكل منهم مهنته ووظيفته وأسلوبه الإبداعي الخاص.