نيويورك- “القدس العربي”: انطلقت صباح اليوم الثلاثاء أعمال الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في ظل إجراءات استثنائية بسبب جائحة كورونا حيث قرر عدد من الرؤساء ورؤساء الحكومات عدم الحضور شخصيا جلسات هذه الدورة من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ. بينما حضر الرئيس الأمريكي جو بايدن بنفسه وكذلك أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأمام هذه الدورة مجموعة من التحديات الكبرى على رأسها قضية انتشار الأوبئة كما تمثل ذلك في جائحة كورونا التي أصابت نحو 227 مليون إنسان وفتكت بنحو خمسة ملايين. إضافة إلى ذلك فإن التغير المناخي وآثاره الكونية يحتل موقعا أساسيا في كلمات الوفود خاصة وأن هناك استعدادات لمؤتمر غلاسكو “كوب 26” في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وهذا يعني ضرورة جمع 100 مليار دولار لتمويل التكيّف والمرونة في البلدان المعرضة للتغير المناخي. ويعني كذلك الحصول على خطط طموحة من البلدان التي لم تحدد بعد كيف ستخفض الانبعاثات والتخلص التدريجي من الفحم، وتنشيط الطبيعة وحمايتها.
وألقى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كلمة الافتتاح والتي حذر فيها من أن العالم وصل إلى حافة الهاوية. وقال إن جائحة كورونا كشفت عن الفروقات الاقتصادية الصارخة بين الدول، “في نفس الوقت الذي تضرب فيه أزمة المناخ بكوكبنا الأرض عبرالعديد من الكوارث الطبيعية”. وحذر الأمين العام من كثرة خروقات حقوق الإنسان حول العالم، وكذلك الهجوم المتزايد على العلم والمعرفة. أما المساعدات الاقتصادية من الدول الغنية للدول الأكثر ضعفا فإنها قليلة وتصل متأخرة. وأكد غوتيريش أنه ما زال من الممكن انقاذ الكوكب والحفاظ على ما نصت عليه اتفاقية باريس للمناخ بحيث لا يزيد ارتفاع درجة الحرارة عن 1.5 درحة مئوية، وحذر في الوقت ذاته من أن الوقت ينفذ. وأكد في هذا السياق على ضرورة “خفض الانبعاثات بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030.
تناول الكلمة بعد غوتيريش، الرئيس الجديد للجمعية العامة، عبد الله شاهد، من جزر مالديف، الذي أشار إلى أن علم بلاده “يرفرف من على أعلى قمة في العالم”. وقال إن هذه اللحظة من التاريخ تدعو إلى الأمل قبل كل شيء، لكي نثبت لسكان العالم أننا “ندرك محنتهم … نستمع إليهم… ومستعدون للعمل معا للتغلب على المشاكل. وأنه يمكننا أن نجد الشجاعة للمضي قدما لتطعيم العالم وتحفيز التعافي من الجائحة بشكل أكثر اخضرارا وشمولية”.
بعد كلمتي الأمين العام ورئيس الجمعية العامة، ألقى الرئيس البرازيلي بولسونارو الكلمة الافتتاحية للدول الأعضاء حيث جرت العادة منذ عام 1946 أن تكون الكلمة الأولى للبرازيل تليها كلمة البلد المضيف.
المجتمع الدولي كان بانتظار كلمة الرئيس الأمريكي جو بايدن ليتعرف على النهج الجديد الذي سيتبعه الرئيس بعد سنوات دونالد ترامب والتي أكدت على شعار “أمريكا أولا”.
كلمة بادين كانت نوعا من المصالحة مع المجتتمع الدولي فقد أكد عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ وعودة بلاده السنة القادمة إلى مجلس حقوق الإنسان. كما أعلن أنه سيعمل مع الأمم المتحدة في مواجهة التحديات الكونية مثل التغير المناخي، ووعد بأن يقدم المزيد من اللقاحات للدول الفقيرة لتصل إلى نصف مليار لقاح. كما أعلن أنه على استعداد للحوار مع إيران للعودة للاتفاقية النووية وأكد أنه لن يدخل في “حرب باردة” مع أحد بل العمل على حل الخلافات مع الجميع بالحوار. وأكد على عودة أمريكية للدبلوماسية متعددة الأطراف والعمل الجماعي والتنسيق من خلال الأمم المتحدة. وقال إنه يلقي هذه الكلمة وقد أنهت الولايات المتحدة حربا في أفغانستان استمرت 20 سنة. وقال إن بلاده لن تلجأ إلى الحروب إلا في حالة الدفاع عن أمنها إذا تعرض للتهديد.
ومن المواضيع الأخرى المطروحة على جدول أعمال الجمعية وستشهد اجتماعات رفيعة حولها ليبيا وأفغانستان واليمن وسوريا والملف الإيراني. ولكن يبقى واحد من الانشغالات الكبرى لأعمال الجمعية العامة رفيعة المستوى لهذا العام مجابهة تحديات المناخ وجائحة كورونا والعودة إلى العمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولأول مرة سيعقد اجتماع رفيع المستوى، يوم الخميس، حول النظام الغذائي العالمي، ومجابهة ما يفرضه من هدر وتلوث، حيث إن النظام الغذائي العالمي الحالي مسؤول عن قرابة ثلث الغازات الدفيئة.