الدولتان: ليس شرطا مسلما به

حجم الخط
0

أحد الأقوال الاكثر غرابة بالنسبة للمسيرة السياسية هو ‘بلا شروط مسبقة’، أي: على الطرفين أن يصلا الى المفاوضات بلا شروط تقرر مسبقا نتائجها. هكذا ينبغي أن تدار المفاوضات الحرة والنزيهة. عمليا، يتناول الخطاب السياسي والاعلامي وليس فقط العالمي والعربي، بل والاسرائيلي ايضا ـ واقعا مختلفا تماما، لم يعد الحديث يدور عن ‘مسيرة سلمية’، بل عن ‘رؤية’ الدولتين، التي بموجبها ينبغي لنتيجة المفاوضات بالضرورة أن تكون اقامة دولة عربية اخرى. هذا أكثر بكثير من شرط مسبق، هذا إملاء.
على مدى العشرين سنة الاخيرة، منذ اندلاع اتفاقات اوسلو، غمر دماغ الجمهور الاسرائيلي بالصيغة السخيفة، وكأن السلام والدولة الفلسطينية هما وجهان لذات العملة. والاعلام غير المسؤول انضم بسرور الى تسويق الكذبة، ولم يسمح بنقاش في امكانيات اخرى، أقل تعقيدا وأكثر وعدا. وبدلا من اعلام بحثي ومنفتح حصلنا على اعلام مغرض.
هكذا يحصل عندما تعرض الاعلانات المتواترة لبيرس وليفني في موضوع ‘الرؤية’ آنفة الذكر كواقعية وبانية للثقة، فيما أن اقوال دنون، الكين، بينيت وكثيرين آخرين تعرض كشاذة وغريبة الاطوار، على أقل تقدير. لقد حان الوقت لحرية النقاش الحقيقي للامكانيات الاخرى، بدلا من مواصلة ضرب الرأس بالحائط للوصول الى ‘حل’ ليس حلا وليس سلاما. بين العيش مع الشظية في المؤخرة وبين الضرب المتواصل للرأس بالحائط، فان الشظية اقل ايلاما، وكل ذي عقل تعرض عليه المعطيات كان سيختارها.
الموقف الاسرائيلي المدافع، بعد أن سلم بالصيغة الكاذبة التي تربط بين الامر ونقيضه السلام والدولة الفلسطينية في بلاد اسرائيل الغربية ينجر الى نقاش في مسألة الحدود ويبحث عن صيغة تخلد خطوط 67. لو لم نكن نضرب رؤوسنا بالحائط بل نفتحها لافكار اخرى، لكان ممكنا تحديد نهر الاردن كحدود بين اسرائيل من الغرب والاردن/فلسطين شرقه.
هناك من يخوفون بالتهديد الديمغرافي ويدعون باننا اذا لم ننسحب من بلادنا فمن المتوقع قريبا أغلبية عربية غرب نهر الاردن. وهذا المبرر بالذات يجب أن يؤدي بشكل خاص بمن يؤيد الدولة الفلسطينية للتأكد من أن تلك الدولة، وليس فقط ‘اسرائيل الصغيرة’، لن تستوعب لاجئين عربا، يؤدون بدخولهم اليها الى أغلبية عربية غرب النهر.
هناك من يلوحون بالشعار القابل للاستيعاب ‘هم هناك ونحن هنا’، إذ يقصدون عرب بلاد اسرائيل الغربية. فالشعار بالطبع كاذب ومضلل: كل ‘سلام’ يقوم على أساس التطهير العرقي لليهود من يهودا والسامرة وعلى ابقاء عرب اسرائيل في اسرائيل معناه ‘هم هناك وهم هنا’. اما المتنور الحقيقي والمحب الحقيقي للسلام سيرفض التطهير العرقي بصفته هذه، سواء لليهود أم للعرب. من يتبنى منع اليهود من السكن في يهودا والسامرة ليس متنورا حقيقيا وليس محبا حقيقيا للسلام؛ نهاية مثل هذا ‘السلام’ ان يجعل اسرائيل بلا يهود وبلا ديمقراطية، وعلى أي حال ايضا عديمة السلام.

‘ رئيس دائرة البروفيسورين من أجل الحصانة السياسية والاقتصادية
اسرائيل اليوم 26/6/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية