الديمقراطية كما يراها لبيد

حجم الخط
0

في ‘يوجد مستقبل’ لا يؤمنون بالصحافة الحرة، فهم يبحثون مرة بعد اخرى في الحزب عن سبل إبداعية للالتفاف على الصحف الانتقادية والوصول مباشرة الى جمهور الناخبين المحتمل. وهكذا يُجري يئير لبيد حوارا مع مئات آلاف المصوتين له بواسطة الشبكة الاجتماعية، وتُذاع في موقع الحزب في الانترنت ببث حي ‘لقاءات صحافية’ معه من دون واسطة ومن دون رقابة. ويتبين الآن أن وزراء ‘يوجد مستقبل’ بدأوا يستعملون طريقة اخرى: فهم يشترون مساحات نشر و’تُستدعى’ تقارير اخبارية في الصحف لاحراز صدى عام لمبادرات الوزارة. وأنفق وزيران من الحزب بواسطة مكتبيهما على حملات دعاية مئات آلاف الشواكل للدفع قدما بمبادرات عمل لهما في ‘يديعوت احرونوت’.
كشف موقع ‘والله’ أول أمس عن اتفاق تعاون بين وزارة الرفاه برئاسة الوزير مئير كوهين ‘يوجد مستقبل’ وبين الصحيفة. ويشمل الاتفاق ويبلغ 250 ألف شيكل، اعلانات دعاية ومضمونا تسويقيا لمشروع ‘نستضيف ناجين من المحرقة’ (ينبغي أن نقول إنه مبارك)، والذي يدعو الجمهور الى استضافة ناجين في العيد. وقد أنفقت وزارة التربية برئاسة شاي بيرون مليون شيكل على الدعاية لمشروع ‘نُربي على مدار الساعة’. وتشتمل الحملتان الدعائيتان، كما نُشر ايضا، على تقارير اخبارية ستصاحب المشروع، أي ان الأمر ليس دعاية فقط.
كان لبيد يكتب مدة سنوات عمودا صحافيا في ‘يديعوت احرونوت’ واستمر على نشره في الصحيفة بعد اعلانه دخول السياسة ايضا. ويُعد لبيد مقربا ايضا من الناشر نوني موزيس. وتقول الأنباء المنشورة إن وزارة المالية التي يرأسها ستنفق على نصف حملة الاستضافة (وأنكروا في وزارة المالية ذلك).
إن للبيد أكثر من 220 ألف متابع في صفحته في الشبكة الاجتماعية. وهو بموازاة عمله وزيرا يرعى جمهور قُراء مخلصاً بأعداد يمكن ان تثير حسد أكثر وسائل الاعلام في البلاد. ويتحدث رئيس ثاني أكبر حزب الى ناخبيه من فوق رؤوس الصحافيين.. والرسائل محددة بصورة جيدة والشعارات قابلة للاستيعاب وواضحة. وتُمكّن العلاقة المباشرة وزير المالية من إظهار ثقة كبيرة بالنفس، رغم الانتقاد الذي توجهه وسائل الاعلام اليه.
‘يهاجمنا الساسة القدماء من فوق الحزام ومن تحته، وتقوم وسائل الاعلام بمعاركها الانسحابية في حرب الوعي، لكن تلك واولئك يعلمون في أعماق قلوبهم أننا ‘ناس يوجد مستقبل أولاد هذا العصر’، كتب وزير المالية رسالة أرسلها الى ناشطيه بعد خروج السبت. وقال: ‘إنني أدفع في الحقيقة ثمنا (سياسيا) عن أننا نحيا في فترة أصبح فيها الوعي العام عاليا جدا، لكن الشفافية والنقاش المعلن المفتوح وتيار المعلومات الذي لا ينقطع، بل قوة المشاعر، كلها جزء من السياسة الجديدة’.
إن الرسالة التي ينقلها لبيد مقلقة، فهو و’يوجد مستقبل’ ينظران الى الصحافة الحرة على أنها بعوضة غير مُضرة، واذا أراد لبيد ان يدفع قدما ببرنامج عمل اتجه الى أنصاره مباشرة؛ وحينما يريد ‘يوجد مستقبل’ ان يدفع قدما بمبادرة فانه يشتري الانتباه بالمال مال الجمهور ويُجند الصحافة ومساحات النشر لحاجاته. وهكذا أصبح الناجون من المحرقة سمة تجارية، وحظي المعلمون المُكرمون بشعار قابل للاستيعاب، وينفق الوزراء الجدد الذين وعدوا بسياسة جديدة ميزانيات الوزارة على تقوية صورتهم لدى الجمهور.
إن هذا المال يشتري غير قليل، فهو يشتري دعاية للحزب ودعاية للوزير ولا يجوز أن ننسى ايضا أنه يشتري طاولة عيد للناجين، وهذه ايضا سياسة جديدة: ولولا الكشف الصحافي في ‘والله’ أمس عن ذلك لكان من المشكوك فيه ان يُجهد لبيد أو اي شخص آخر في ‘يوجد مستقبل’ نفسه في إبلاغ الجمهور مقدار المال الذي أنفقه كل واحد من وزراء الحزب من ميزانية وزارته للانفاق على الدعايات التي تُمجد مشروعاتهم فوق صفحات ‘صحيفة الدولة’.

هآرتس 21/8/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية