تساهم التعريفات في تكوين القاعدة المعرفية للانسان وثبات الأشياء من حوله لذا فإن سؤال عرف ما يلي من الأسئلة المتكررة في امتحانات المدارس اذ تقيس قدرة الطالب على التعرف على شيء ما وتحديد معناه وخواصه، ومع أن العمر والعلم والخبرة قد يغير كثيرا من التعريفات التي تعلمها الانسان في مرحلة معينة من عمره الا أن وجودها يعطي شيئا من الرسوخ العلمي والاجتماعي ومن خلالها يعرف المرء كيف يتعامل مع ذاته وغيره في الحياة الخاصة والاجتماعية العامة ولكن يبدو ان هذه الحالة مثالية وأقرب الى التنظير وأن القوة والسيطرة في شريعة الغاب تملك حق تغيير المفاهيم والتلاعب بها وإعادة صياغتها وقولبتها حسب الأهواء، فالعلم حتى العلم لم يعد حقلا بعيدا عن لعبة المصالح والسيطرة والحكم!
نرى هذه الحالة ماثلة بوضوح في الانقلاب العسكري على الديمقراطية والشرعية في مصر ففي الوقت الذي ظلت أمريكا تحاول أن تعلمنا الديمقراطية لسنوات باعتبارها حبل النجاة وطريق التمدن لشعوبنا واستحدثت لذلك برنامج تعزيز الديمقراطية في العالم ونشرته في بلادنا وعرفت لنا الديمقراطية على أنها ‘حكم الشعب للشعب عن طريق الأغلبية التي تمارس الحكم مع الفصل بين السلطات’ واذ بنا نتكتشف عمليا أنها لا شيء من ذلك بتاتا وأن الديمقراطية ببساطة هي ما تريده ومن تريده أمريكا في الحكم وغير ذلك سفسطة وهرطقة وإرهاب ونكوص عن الأعراف الديمقراطية يجب تغييره والانقلاب عليه لانقاذ البلاد والشعوب!
يبدو السيناريو مألوفا أليس كذلك؟! هناك سيناريو آخر أن لا يرضخ جزء من الأغلبية لحكم الأقلية والانقلاب على الديمقراطية والتدخلات السافرة من الداخل والخارج فتقوم بعض الأطراف التي لا تعتمد الوسطية وأسلوب الحوار منهجا باللجوء الى العنف كوسيلة للدفاع عن حقوقها المغتصبة مما يدفع أمريكا مرة أخرى للتدخل على أي الأحوال لايقاف العنف أو الأسوأ ما تسميه بالإرهاب، وهي تهمة ليس لها تعريف أيضا وتطلقها أمريكا على كل ما ومن لا يعجبها، وبالتالي لا خلاص من أمريكا لا بالديمقراطية ولا بغيرها وينقلب الحال الى فوضى عامة ما لم يكن هناك خطة وحزم لمواجهة مخطط الانجرار الى العنف المصداقية الأمريكية كما يقول المفكر نعوم تشومسكي في كتابه الحرب الخطرة Perilous Warتساوي صفرا فهي مفصلة حسب الحاجة والمصلحة المتغيرة للسياسة الأمريكية وكذلك ما تسميه أمريكا الحرب على الإرهاب وليست مصر أول دولة تحاول أمريكا إلباسها ثوب الديمقراطية بالمقاس الأمريكاني إذ يقول تشومسكي أنه في عام 1980 صرح توماس كارثرز مسؤول برنامج تعزيز الديمقراطية أننا نريد أن ننشر الديمقراطية في الشرق الأوسط ولكننا نخاف من فوز ‘الأشخاص الخطأ’ فتصبح الديمقراطية أداة وسلاحا بيد من لا يستحقها ولا يقدرها! وفي عام 2003 خطب بوش أمام الصندوق الوطني للديمقراطية قائلا ‘أن الولايات المتحدة تفضل الاستقرار على الديمقراطية في بعض البلدان وبهذا يمكن أن تسمح للأنظمة الديكتاتورية بالاستمرار! ففي إدارة بوش دعمت واشنطن الانقلاب العسكري على الحكومة المنتخبة في فنزويلا واضطرت لسحب الدعم والاعتراف بالحكومة الشرعية بعد حالة الغضب والرفض التي اجتاحت أمريكا اللاتينية بأسرها (و هذا درس لمصر أن الثبات على المواقف مع زيادة الضغط قد يغير المسار ويخرجه عن السكة الأمريكية) ويضيف تشومسكي أنه في نيكاراغوا عام 1984 لما علمت أمريكا بأن مرشحها للانتخابات الرئاسية وربيب السي اي ايه لن ينجح نصحته بالانسحاب وادعت أن الانتخابات غير نزيهة وأعلنت حكومة ريغان أن نيكاراغوا بلد استبدادي وبذا قضت على الانتخابات وأوقفت تطبيق نتائجها، أما في السلفادور فلعبت اللعبة الديمقراطية على أصولها وضمنت لمرشحها الفوز ولكن بعد خراب السلفادور وقتل سبعين ألفا من مواطنيها واغتيال قادة الرأي والمفكرين فيها ولضمان نجاح الديمقراطية بالمقاس الأمريكاني تقام الانتخابات على مراحل لمعرفة النتائج والسيطرة عليها أول بأول والانقلاب عليها سريعا اذا لم توافق المصلحة وهذا بالضبط ما حصل في الجرائر عام 1992 عندما انقلبت الحكومة والجيش بعد نتائج صعود واكتساح الاسلاميين بالتأكيد هذه ليست التجربة الأولى للتدخل الأمريكي في مصر كما يقول المحلل السياسي غلبرت آرتشر في كتاب الحرب الخطرة ففي مصر في الانتخابات البرلمانية عام 2005 ضغطت أمريكا على مبارك أن يلون المشهد الديمقراطي قليلا ويكسر حدة السيطرة لحزبه على الحياة السياسية وكانت النتائج والاستطلاعات الأولية تشير الى تقدم الاسلاميين وأنهم المستفيد الأكبر من هذه الفسحة فجاءت الرسالة من الحكومة المصرية لأمريكا باستخدام الفزاعة الاسلامية تقول’أنتم لا تريدون هؤلاء الأشخاص في الحكم فدعونا نقوم بالانتخابات على طريقتنا’ وفعلا استجابت واشنطن وسحبت مطالباتها يقول المفكر سامويل هنتنجتون أن تطبيق الديمقراطية التي تدعو لها أمريكا تعاني من ظاهرة التناق، ففي الوقت الذي تسمح، وهي التي تملك أن تسمح أو تمنع، تحت رعايتها بنشر الديمقراطية في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وآسيا الشرقية تظل تمنعها عن الشرق الأوسط حفاظا على مصالحها في مصادر الثروة والطاقة وأمن اسرائيل لأن الديمقراطية قد تمكن ‘الأشخاص الخطأ’ من الوصول الى الحكم!
الديمقراطية هي ما تراه أمريكا ومن تراه مناسبا لتطبيقها والاستبداد والديكتاتورية والسلطوية هم ما تقول عنهم أمريكا أنهم كذلك، وعلى رأي اخواننا المصريين اللي يتجوز أمي أقوله يا عمي واللي عاوزاه أمريكا نحطه الريس! خاب فألهم بإذن الله فالثورة قد تخبو وتضعف وتُجهض ولكنها ولادة إذا كان انجابها الجديد مبني على تجاوز أخطاء الماضي وتوحيد جهود كل المخلصين والسيطرة على منابع الفتنة مرحلة الضحك والاستعباد الجماعي للشعب العربي ولت ولن تعود والملايين في الساحات الذين يدفعون أرواحهم هم شهادة لهذا الميلاد الجديد.
د. ديمة طارق طهبوب
سؤال : هل أمريكا دولة ديمقراطية ؟ والله أشك في الأمر …وخاصة ادا تعلق الأمر بموقفها من العرب …وخاصة الدين يقدمون لها الخدمات مجانا وبالترليونات …في هده السنين العجاف …لا قوة تفاوض ، ولا كرامة حتي لا نقول العزة لصلتها بالله ورسوله والمؤمنين …
في المفهوم المصلحي الأناني للأمور، المادية والمعنوية لا تلتقيان أبداً.. بعكس المفهوم الحقوقي الإنساني لها حيث يُفترض بها ليس فقط أن تلتقي، وإنما أيضاً تتكاتف وتجاهد وتضحي في خدمة الحق الذي يُنصفنا والحقيقة التي تُحررنا، فأين مكان خاصة الأمبراطورية الرأسمالية الحاكمة والمُتحكمة بأمور الدنيا ومصائر العباد من المفهومين؟! بالتأكيد الإجابة الصحيحة هي أنها بعيدة كل البعد عن المفهوم الثاني الحقاني، وغارقة لشوشتها لصالح المفهوم الأول الغابوي الذي إن عاجلاً أم آجلاً بإنتظاره مزبلة التاريخ، كما كان وسيبقى مصير كل الإمبراطوريات الطاغية الباغية.
النموذج المثالي للديموقراطية الأمريكية هو في ليبيا بعد فبراير 2011
اخي الكاتب ان تعريف الديموقراطية هو”حكم الشعب للشعب عن طريق الأغلبية التي تمارس الحكم مع الفصل بين السلطات’”
ولكن مش على حساب مصالح أمريكا فعندها تكون الديموقراطية “الدكتاتوريه” هي “حكم الحكام من أجل مصلحة امريكا” وهنا لا يوجد قانون ولا حقوق انسان ويتهمون الطرف الآخر بالارهاب .
والله ان الحياة هزلت حيث نجد الكثيرين من عروبتنا يتعاملون مع هدا اللون من السياسات الظالمة. لمادا نتهم امريكا ؟ ان المرض فينا لانه هناك الكثير من العملاء يرحبون بسياسة القمع والفساد . لو وقفنا جميعاً ضد مصالح الغرب لتغلبنا عليهم وعلى من يتآمر علينا حتى من داخلنا؟ مثايل السيسي وزمرته!