بغداد ـ «القدس العربي»: عرقل إصرار حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» على منصب محافظ كركوك، الاتفاق على تسمية رئيس دائم لبرلمان إقليم كردستان العراق، الأمر الذي دفع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، على اختيار رئيس مؤقت للبرلمان، الذي عقد أولى جلساته أمس الإثنين.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر مُطلعة، إن برلمان الإقليم صوّت على ڤالا فريد، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، كرئيسة للبرلمان بشكل مؤقت، بعد حصولها على 62 صوتاً من مجموع 111 نائباً في برلمان الإقليم.
ويعدّ اختيار فريد، المرة الأولى التي يتم فيها اختيار امرأة لرئاسة برلمان كردستان منذ أولى دوراته في 1992.
وتعهد الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن فالا فريد ستكون رئيسة بـ«شكل مؤقت» لرئاسة البرلمان، وفي حال التوصل مع الاتحاد على الاتفاق سيتم سحب المرشحة، وانتخاب مرشح للاتحاد الذي، حسب الاتفاق، المنصب من حصته.
وطبقاً للمصادر، فإن الجلسة شهدت أيضاً، التصويت على هيمن هورامي، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أيضاً، نائباً أول لرئيس برلمان الإقليم، إذ حصل على 68 صوتا مقابل 8 أصوات لمرشح حركة «الجيل الجديد» كاوه عبدالقادر.
كذلك، صوت نواب الإقليم على اختيار منى نبيل قهوجي، عن الكتل التركمانية، كسكرتيرة الرئاسة، بعد حصولها على 60 صوتا مقابل 8 أصوات لمرشحة حركة «الجيل الجديد» موردة محمود.
وعقب تسلم المهام رسمياً، دعت فالا فريد في كلمة لها الكتل الكردستاني إلى تقديم مرشحيها للجان البرلمان، وأكدت على استكمال اللجنة القانونية، وحددت يوم الأربعاء المقبل لتسلم أسماء المرشحين، قبل أن تعلن رفع الجلسة المثيرة للجدل.
وكان من المقرر أن يعقد برلمان الإقليم جلسته صباح أمس الاثنين، غير أن خلافاً بين الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، و«الاتحاد الوطني»، حال دون ذلك، الأمر الذي دفع إلى تأجيل عقد الجلسة إلى مساء اليوم ذاته.
تأجيل
وفي وقت سابق من أمس الاثنين، طلب «الاتحاد الوطني الكردستاني» تأجيل عقد جلسة البرلمان (24 ساعة) لحين التوصل إلى اتفاق نهائي مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» على ثلاثة ملفات، تتعلق باختيار مناصب حكومة وبرلمان الإقليم، ومنصب محافظ كركوك، إضافة إلى حصة الحزب من الكابينة الحكومية الاتحادية في بغداد.
لكن كتلة الحزب «الديمقراطي الكردستاني» في برلمان الإقليم رفضت تحديد «موعد آخر» للجلسة، وأصرّت على عقدها بغياب نواب الاتحاد الوطني.
نائب رئيس الكتلة، أوميد خوشناو، قال للصحافيين من أمام برلمان كردستان، قبل انعقاد الجلسة : «لا يوجد أي سبب مقنع يستدعي تأجيل الجلسة»، مضيفاً أن «التحضيرات لعقدها قد تم استكمالها على أتم وجه».
ولفت إلى أن «الحوارات مستمرة بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، لإبرام اتفاق سياسي شامل بينهما، قائلا «نأمل أن يتوصلا إلى اتفاق وتشترك كتلة الاتحاد الوطني في جلسة اليوم (أمس) وتقدم مرشحها لمنصب رئيس البرلمان».
أما رئيس كتلة الجماعة الاسلامية الكردستانية عبد الستار مجيد، فقال للصحافيين: «لدينا موقفنا السياسي الخاص بنا ولن نكون ضمن مشروع سياسي لأي جهة».
وتابع : «تحت قبة البرلمان نعبر عن موقفنا تجاه مرشحي هيئة الرئاسة الجدد».
وبالفعل، قاطع نواب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الجلسة، بسبب اشتراطهم معالجة قضايا تقاسم السلطات والمناصب في الإقليم والحكومة الاتحادية، وتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك، وتعيين محافظ جديد لها «كرُزمة واحدة» قبل التوقيع على مشروع الاتفاق الثنائي المشترك مع الحزب الديمقراطي الذي تمت بلورته من قبل لجنة مشتركة من قيادتي الحزبين، في 5 شباط/ فبراير الجاري.
وتزامناً مع انسحاب نواب حزب طالباني، عقد المجلس القيادي للاتحاد الوطني اجتماعاً، قرر فيه عدم المشاركة في جلسة برلمان كردستان وتشكيل الحكومة الجديدة، حتى يتم توقيع الاتفاقية السياسية بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، وأن تكون مسائل إقليم كردستان وكركوك وبغداد بـ«حزمة واحدة»، على حدّ قول لطيف شيخ عمر، المتحدث باسم الاتحاد الوطني.
ووفقاً لمصادر كردية، فإن نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، كوسرت رسول علي، أجرى إتصالاً هاتفياً مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، الذي «طمأنه» بمنح منصب محافظ كركوك للاتحاد الوطني، على أن يرشح شخصية تحظى بموافقة الحزب «الديمقراطي».
اتفاقية فبراير
لطيف شيخ عمر، المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، قال إن «قرار المجلس القيادي للحزب هو تنفيذ اتفاقية 5 شباط/ فبراير 2019 بين الاتحاد الوطني والديمقراطي»، مضيفاً أن «في أي وقت يتم تنفيذ البنود الخاصة بوضع محافظ لكركوك، وأن يكون من حصة الاتحاد الوطني، حينها سنشارك في جلسة البرلمان وعملية تشكيل الحكومة».
وزاد، في مؤتمر صحافي، أن «الاتحاد الوطني من الآن وصاعدا يريد وفق دوره التاريخي في الحكومة وسلطات إقليم كردستان وفي جميع الأقطاب تنفيذ قراراته».
وحول مسألة كركوك، قال إن «أهمية كركوك للاتحاد الوطني هي أهمية كركوك لكردستان، وهي أهمية الاتحاد الوطني لشعب إقليم كردستان، فضلا عن الكركوكيين، كما أن هناك علاقة خاصة بين الاتحاد الوطني وكركوك على مدى نضال عشرات السنين، وحصل الاتحاد الوطني على غالبية أصوات كركوك وهي ستة مقاعد، لذلك من حقنا أن يكون لنا منصب المحافظ».
في غضون ذلك، قال لقمان حمد حاجي مصطفى، عضو برلمان كردستان عن كتلة الاتحاد الوطني، في تصريح أورده إعلام الحزب، إن «الاتحاد الوطني وكركوك توأمان لا يمكن الفصل بينهما، والديمقراطي الكردستاني إذا تراجع عن اتفاقية الخامس من الشهر الجاري، مع الاتحاد الوطني، والتي تنص على التعامل مع مسائل بغداد، كركوك، والإقليم، كحزمة واحدة، فإن كتلة الاتحاد الوطني في برلمان كردستان لن تشارك في جلسة البرلمان، وعلى الديمقراطي الكردستاني الأخذ بنظر الاعتبار، أن بدون مشاركة الاتحاد الوطني، من غير الممكن تشكيل هيئة رئاسة البرلمان، أو تشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم».
مطالبات «السلّة الواحدة» تعيق وصول حزب طالباني لرئاسة مجلس نواب الإقليم
وتابع: «الاتحاد الوطني يمثل قوة مؤثرة في الإقليم وبدونه لا يمكن إدارة الحكومة».
وحسب المصدر «المحادثات ما تزال مستمرة بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، لكن اللأخير مُصر على شروطه السابقة»، مؤكداً ضرورة «التعاون بين الجانبين في بغداد، وكذلك إيجاد حل مناسب للأوضاع في كركوك»، مشدداً على أن «منصب محافظ كركوك هو من حصة الاتحاد الوطني».
وأشار إلى أن الاتحاد الوطني «يأمل أن يكون البرلمان والحكومة الجديدة يمثلان انعكاس جميع الأحزاب والأطراف السياسية في الإقليم، وعلى جميع الأطراف العمل على تشكيل برلمان وحكومة متعددة، يعملان على ما يخدم مصلحة شعب كردستان».
منصب محافظ كركوك
إلى ذلك، تأجلت أمس الإثنين، جلسة مجلس محافظة كركوك، والتي كان من المنتظر أن يتم خلالها تعيين المحافظ ورئيس مجلس المحافظة.
وحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئاسة مجلس المحافظة، فإن «مجلس محافظة كركوك، قرر تأجيل جلسته المقرر عقدها اليوم ( أمس)، إلى إشعار آخر». وأرجع سبب التأجيل «لعدم اتفاق الكتل السياسية على عقد الجلسة».
وفي السياق، طالب حزب الحركة القومية التركمانية في العراق تخصيص منصب محافظ كركوك للمكون التركماني.
جاء ذلك في بيان نشره الحزب مساء الأحد عقب اجتماعه بممثلي أحزاب وحركات تركمانية في مقر الحزب في كركوك.
وتضمن البيان عدة مطالب حول كركوك، في ضوء المستجدات السياسية والأمنية التي تشهدها المحافظة. وقال الحزب: «نظرا للتطورات السياسية الأخيرة في محافظة كركوك، اجتمعت الأحزاب السياسية التركمانية والحركات الوطنية مع أعضاء مجلس النواب العراقي ومجلس المحافظة عن المكون التركماني في مقر الحركة القومية».
وأضاف أن «المجتمعين طالبوا أن يكون منصب المحافظ للمكون التركماني من أجل خلق الاستقرار السياسي والأمني في كركوك».
وأشار الحزب الذي يمتلك 3 مقاعد في البرلمان (329) إلى «ضرورة بقاء الملف الأمني تحت إدارة الحكومة الاتحادية، ومشاركة المكون التركماني في إدارته».
وحسب البيان، «تم التأكيد على عدم عقد أية جلسات لمجلس المحافظة خارج مبنى محافظة كركوك دون إرادة المكون التركماني».
وكركوك محافظة متنازع عليها بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان، ويقطنها خليط قومي من التركمان والأكراد والعرب.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2017، فرضّت القوات الاتحادية سيطرتها على كركوك بعد أن كانت خاضعة لقوات البشمركه عقب استفتاء «الاستقلال»، ومنذ ذلك الحين تتولى بغداد إدارة الملف الأمني في كركوك. وقبل ذلك كانت قوات الجيش العراقي والبيشمركه تدير أمن المحافظة بصورة مشتركة.