نواكشوط – «القدس العربي»: فيما يستعد الموريتانيون للتوجه يوم السبت المقبل إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم، يتواصل الجدل بين وكلاء المترشحين المنافسين للرئيس المنصرف محمد ولد الشيخ الغزواني، واللجنة المستقلة للانتخابات، حول ضمانات شفافية وحرية السباق الرئاسي المنتظر، وهو ما قد يؤدي، إذا استمر الخلاف، لتنظيم انتخابات بهذا الحجم خارج توافق كامل على آلياتها.
فقد عبر وكلاء المترشحين المذكورون، في رسالة مشتركة جديدة وجهوها لرئيس لجنة الانتخابات الداه ولد عبد الجليل “عن شكواهم وقلقهم البالغ إزاء ما سموه “استمرار رفض اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، للتعاطي الإيجابي مع مطالبهم المتعلقة بتوفير ضمانات تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة”. “إن وكلاء مرشحي المعارضة للانتخابات الرئاسية 2024، تضيف الرسالة، يعبرون لكم عن شكواهم وقلقهم البالغ إزاء استمرار رفض اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات للتعاطي الإيجابي مع مطالبهم المتعلقة بتوفير ضمانات تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في رئاسيات 2024، وبشكل خاص المطلب المتعلق بتدقيق السجل الانتخابي الذي تم التعبير عنه في الاجتماع المنعقد في 12 مايو 2024، وأبديتم، السيد الرئيس، وقتها موافقتكم عليه، إلا أننا فوجئنا برفضكم التعاون مع الخبير الدولي الذي وصل البلد في الأسبوع الماضي في موضوع تدقيق السجل الانتخابي ومسار إعداده، رغم موافقتكم السابقة على هذا المطلب، في الاجتماع المذكور، وهو ما شكل خيبة أمل لنا ولكل الساعين لحماية هذا الاستحقاق الانتخابي الخاص من كلما من شأنه الطعن في مصداقيته ونزاهته”. وجدد وكلاء مرشحي المعارضة في رسالتهم “التأكيد على قناعتهم الراسخة بأن تنظيم انتخابات حرة وشفافة ونزيهة هو الضامن الوحيد للاستقرار الدائم في موريتانيا، وهم يحثونكم، تضيف الرسالة، على وضع حد للتصريحات الإعلامية الغامضة والمشوشة ومحاولات تسييس العملية الانتخابية، ويحملونكم المسؤولية الكاملة عن تبعات التسيير الأحادي للانتخابات، وكل ما سيترتب على تنظيمها في غياب ضمانات الحرية والشفافية والنزاهة”.
وانضافت لرسالة وكلاء المترشحين الداخلة ضمن هذا الجدل، تصريحات أكد فيها حمادي سيدي المختار مرشح حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (المحسوب على الإسلاميين)، وأبرز منافسي الرئيس المنصرف، “أن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات خيبت آمالهم من جديد من خلال إصرارها على العمل الأحادي”.
وأضاف خلال سهرة انتخابية نظمها حزبه أمس، بمدينة أطار شمالي موريتانيا، “أنهم طالبوا اللجنة بمراجعة وتدقيق اللائحة الانتخابية بطريقة نزيهة وشفافة ولكنها لم تفعل ذلك”، مندداً “بقرار اللجنة القاضي بتعيين رؤساء المكاتب المشرفة على الانتخابات، والذين اعتبرهم المترشح نشطاء سياسيين في حزب “الإنصاف” الحاكم، وبعيدين كل البعد عن الاستقلالية”، وفق تعبيره.
وأكد ولد سيدي المختار “أنه لا يحق لأحد كبت إرادة الناخبين، وأنهم رصدوا تجاوزات كثيرة للتشويش على هذه الإرادة”، معتبراً “أن كل مرشحي المعارضة لهم الكفاءة والقدرة على تسيير شؤون البلد، ويمتلكون الرؤية الصحيحة لتغيير واقعه”. وجاء رد اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات سريعاً في رسالة موجهة لوكلاء المترشحين العيد محمد أمبارك، وأوتوما سلیمان سوماري، وبيرام الداه اعبيد، مامادو بوكار، وحمادي سيد المختار.
وأكد رئيس اللجنة في رده قائلاً: “بخصوص الشعور بالقلق، فلعله إحساس مشترك، لكنه من جانبنا، صادر عن استغرابنا لعدم رضاكم حيال تجاوبنا الدائم واستعدادنا اللامشروط لتلبية جميع مطالبكم ما لم تخالف نصاً قانونياً صريحاً لا نملك صلاحية تغييره أو تأويله”.
وفيما يتعلق بمطلب التدقيق في السجل الانتخابي، أكد رئيس اللجنة الانتخابية “أن طلبات التدقيق، لم تلق قط رفضاً أو مماطلة من قبل اللجنة، بل عبرت مراراً عن الاستعداد لتولي الكلفة المالية لأي جهة محلية أو أجنبية ترغب في إجراء تدقيق من شأنه تحسين الأداء وتصويب الأخطاء والنواقص، إن وجدت في هذا المنحى، وقد فتحنا إداراتنا التقنية أمام خبرائكم، ووضعنا تحت التصرف، فرق مداومة للرد على استفساراتكم وتلبية طلباتكم”.
“وخلال عطلة الأضحى، يقول رئيس اللجنة، اقترح أحد وكلاء المترشحين على هامش اجتماع مخصص لاستلام أقراص تحمل القائمة الانتخابية، استدعاء خبير دولي مرَّ بالعاصمة نواكشوط، قادماً من دولة مجاورة في طريق عودته إلى بلده الأم في القارة الأوروبية، وجاء الرد شفوياً، كما الطلب، بأن التدقيق مناف للارتجال وبعيد كل البعد عن ملاحظات عابرة لخبير مسافر”.
وعلى هذا الإيقاع الساخن، تتواصل الحملات الإعلامية والسياسية في عموم موريتانيا استعداداً للاقتراع الرئاسي المقرر يوم السبت 29 حزيران/ يونيوالجاري، حيث يركز المترشح ولد الغزواني على الداخل منتهزاً فرصة عجز منافسيه عن توسيع نطاق حملاتهم للقرى الداخلية، بينما يركز منافسوه على المدن الكبرى ذات الكثافة الانتخابية، والتي يتمتع ناخبوها بوعي أعمق ولكونها ظلت نقطة قوة للمعارضة في كافة الاستحقاقات الرئاسية الماضية.
وتؤكد آخر التقييمات الخاصة بأداء المترشحين السبعة “أن الغزواني يسعى لانتزاع الفوز في الشوط الأول بنسبة مقبولة، فيما يحاول معارضوه جره لشوط ثان بشكل جماعي إلى جانب تنافسهم فيما بينهم على الترتيب في النتائج النهائية للاقتراع”.