الجزائر ـ «القدس العربي»: خيّمت على الساحة الجزائرية أجواء حزينة بعد حادث اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» إسماعيل هنية، فيما شكلت قضية الاغتيال جانباً أساسياً في تدخل ممثل الجزائر بمجلس الأمن ولقاء الرئيس الإيراني مع رئيس المجلس الشعبي الوطني في الجزائر.
نظراً للارتباط القوي بين سياسيين في الجزائر والراحل إسماعيل هنية، أقامت أحزاب أبرزها حركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني، تأبينات أشادت فيها بالمسيرة النضالية الحافلة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، وبالعلاقة الخاصة التي كانت تجمعه بالجزائر التي كان دائم الزيارة لها، وأكدت الاستمرار في دعم نهج المقاومة كسبيل وحيد لانتزاع الحق الفلسطيني في تحرير الأرض.
وفي غضون ذلك، كشف المجلس الشعبي الوطني وهو الغرفة الأولى للبرلمان، عن فحوى اللقاء الذي جمع رئيسه إبراهيم بوغالي بالرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، بالعاصمة طهران، حيث كان المسؤول الجزائري قد حضر مراسيم التنصيب الرئاسية بالعاصمة طهران إلى جانب الراحل إسماعيل هنية ووفود من مختلف دول العالم.
ووفق المصدر نفسه، فقد أكد الرئيس الإيراني الجديد أن «الحادث الأليم واغتيال القيادي إسماعيل هنية لن يثني عزمنا للعمل من أجل حقوق الشعب الفلسطيني وأن الظلم لا يمكن أن يستمر» مشدداً على أن «هذه الأعمال منافية لجميع الأعراف الدولية ولا يمكن أن تتحملها الضمائر الحية». وأعرب من جانبه، إبراهيم بوغالي عن «استيائه واستنكاره للجريمة النكراء التي استهدفت القيادي إسماعيل هنية رحمه الله».
أما رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) صالح قوجيل، يوم الأربعاء، فاختار أن يبعث برسالة تعزية إلى القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية («حماس») واصفاً إسماعيل هنية بأنه من «الرجال الوطنيين الذين شكلوا النواة الصلبة للنضال والكفاح الفلسطينيين».
وذكر قوجيل الذي يعتبر بروتوكولياً الرجل الثاني في الدولة: «إننا إذ نودع في هذا اليوم الأليم الحزين الشهيد إسماعيل هنية إلى مثواه مسجى بالشرف العظيم، شرف نخبة من النساء والرجال الفلسطينيين الأشاوس الوطنيين الكبار من مختلف الفصائل والأطياف الذين شكلوا ماضياً وحاضراً النواة الذهبية الصلبة للنضال والكفاح الفلسطينيين».
وأضاف: «وإن كانت الكلمات تظل قاصرة عن إيفاء مثل هؤلاء الرجال ما يستحقون من إجلال وتقدير نظير بلائهم وتضحياتهم الجسام، فإن التاريخ سيحتفظ بأسمائهم منارات ومعالم تسترشد الأجيال على هديها الخطوات نحو المستقبل، وستذكره أجيالها المتعاقبة وتفاخر به».
وأردف يقول إن «المغفور له، الأخ الشهيد إسماعيل هنية، من معدن جيل القادة الرواد. أولئك الذين واصلوا نضالات وجهاد جيل الطليعة من بنات وأبناء الشعب الفلسطيني، ومن طينة رجال الصف الأول» بحيث «نشأ متشبعاً بذلك الرصيد الوطني المنبثق من معين الوطنية وموئل التضحيات ونكران الذات في الأرض المباركة، فلسطين، وواصل سيره على نهجها في مختلف المهام والمسؤوليات التي أوكلت إليه وأبان عن شمائل التضحية والبسالة التي نحفظها بافتخار واعتزاز في سجل الذاكرة الجماعية للأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء».
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ندد مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن، بأشد العبارات اغتيال الكيان الصهيوني لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية («حماس») إسماعيل هنية، واعتبره عملاً إرهابياً جباناً ينتهك القانون الدولي وسيادة الدول.
وذكر ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة، أن هذه الجلسة تنعقد في لحظة خطر جسيم وعلى شفا كارثة، إثر ارتكاب الكيان الصهيوني الأربعاء، عملاً إرهابياً باغتيال إسماعيل هنية في طهران، منتهكاً القانون الدولي وسيادة الدولة» محذراً أعضاء مجلس الأمن من اعتبار هذه العملية «مجرد هجوم على رجل واحد» كونها تشكل، بحسبه، اعتداء شرساً على أسس العلاقات الدبلوماسية، وقدسية سيادة الدولة، والمبادئ التي يقوم عليها نظامنا العالمي».
وأشار بن جامع إلى أن «الكيان الصهيوني تبنى سياسة سفك الدماء والأرض المحروقة، مخلفاً الدمار في أعقابها وموجة من العنف تغمر غزة والضفة الغربية واليمن ولبنان وسوريا والآن إيران» متسائلاً «أين سينتهي هذا التهور؟». وشدد على أن «القصف الوحشي على غزة، والاستهداف المتعمد للمدنيين في بيروت، والاحتلال الخانق للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية ليست مجرد أعمال غير قانونية، إنها رجس أخلاقي يلطخ ضمير الإنسانية».
وتابع السفير في السياق نفسه، مخاطباً أعضاء مجلس الأمن: «لنكن واضحين: هذه ليست أعمال دفاع عن النفس، بل عدوان وحشي، وتحد صارخ للعدالة!، هذه أعمال تخريب للجهود التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة لتنفيذ القرار 2735 وأخيراً وقف إطلاق النار». داعياً «ألا يظل المجتمع الدولي صامتاً، يصم آذانه باللامبالاة، بينما تسفك الدماء البريئة ويتمزق القانون الدولي إرباً».
وعليه، جدد ممثل الجزائر دعوته وبأقصى قدر من الاستعجال إلى «وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة ورفع الحصار اللاإنساني على غزة» لافتاً إلى أن وقف إطلاق النار في غزة «مازال هو مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط». كما ناشد بضرورة «الانتهاء الكامل للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية، وعرض الاحتلال الى المساءلة الكاملة عن جرائم الحرب البشعة والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها». وطالب بضرورة الامتثال الثابت لجميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحد، مشدداً على ضرورة أن نتصرف بحزم لإنهاء هذا العنف وبناء سلام دائم في المنطقة.