تونس – «القدس العربي»: قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن بلاده ليست شقة للبيع أو الإيجار، محذراً من “استيطان من نوع جديد” بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين. فيما أكد الحزب الدستوري الحر أنه سينظم مسيرة وطنية للتعبير عن رفضه لما سماه “الاستيطان الأجنبي”.
وخلال استقباله، مساء السبت، لرئيسة الحكومة نجلاء بودن، تطرق سعيد إلى “موضوع الهجرة غير النظامية وما يلقاه هؤلاء المهاجرون من معاملة إنسانية نابعة من قيمنا ومن شيمنا، عكس ما تروج له الدوائر الاستعمارية وعملاؤها من الذين لا همّ لهم سوى خدمة هذه الدوائر، وليس أدلّ على ذلك من أن مواقفهم هي نفس مواقف الأبواق المسعورة في الخارج التي تمهّد إلى استيطان من صنف جديد وتزيف الحقائق ونشر الأكاذيب”، وفق البيان الرئاسي.
وأكد رئيس الجمهورية أن قوات الأمن التونسية قامت بحماية هؤلاء الذين جاؤوا إلى تونس ويريدون الاستقرار بها عكس ما يشاع، مشيراً إلى أن “هذه المخططات مفضوحة ومعلومة منذ وقت غير بعيد وانخرط فيها من يتباكى اليوم وهو كان في السلطة ولفظه الشعب ولفظه التاريخ”.
وأوضح سعيد أن “تونس ليست شقة مفروشة للبيع أو للإيجار، وأن هؤلاء المهاجرين الذين هم في الواقع مهجّرون لم يتخذوا من تونس مقصداً لهم إلا لأنه تم تعبيد الطريق أمامهم من قبل الشبكات الإجرامية التي تستهدف الدول والبشر”.
كما بيّن أن “الدولة لا يمكن أن تدار بناء على ما يُنشر من أكاذيب عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي جعل منها كثيرون منصات وأدوات لزعزعة الاستقرار وبث بذور الفتنة. وأكد أن من يعتقد أنه قادر على إرباك مؤسسات الدولة بنشر الأخبار الزائفة فهو مخطئ في العنوان، فالدولة التونسية لن تربكها لا الصور الكاذبة التي تلتقط في بلدان أخرى ولا أيضاً الأخبار الزائفة التي ينشرها أصحاب بعض المواقع في الداخل وفي الخارج. فالتاريخ كفيل بالفرز، والشعب التونسي حسم أمره ولن يعود خطوة إلى الوراء”.
ودعت نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حميدة الشايب، إلى تشكيل خلية أزمة تضم السلطات المحلية والمجتمع المدني في مدينة صفاقس للنظر في وضعية 1500 مهاجر غير نظامي من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ما زالوا عالقين في المدينة.
وطالبت في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أصحاب القرار بتوفير مخيمات لجوء مبدئية، فضلاً عن الطعام واللباس والمعاينة الصحية لهؤلاء المهاجرين، إلى حين إيجاد حلول قانونية لهم. واعتبرت أن “حملة الشيطنة والتشويه” التي طالت أخيراً المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء العالقين في صفاقس “مبالغ فيها، ومفتعلة وممنهجة من قبل بعض الأطراف من الطيف السياسي”.
وكتب الوزير السابق خالد شوكات: “لا أستطيع إلا أن أكون متعاطفاً ومتضامناً بشكل مطلق مع أي لاجئ، بصرف النظر عن لونه أو دينه أو انتمائه السياسي أو الطائفي، أو دوافع لجوئه، فما من أحد يغادر أهله ووطنه لاجئاً إلّا مجبراً غالباً، والإنسان عندما يتحوّل إلى لاجئ لا تسقط إنسانيته ولا يجب أن تسلب حقوقه المرتبطة بذاته الإنسانية”.
وأضاف: “في عمر التاسعة عشر، وقفتُ وحيداً في منطقة حدودية، أنظر إلى نفسي، كيف تقطّعت بي السبل، بلا وطن أو عائلة، وبمبلغ زهيد من المال لا يكفيني لسدّ الرمق ربّما. وعندما وصلنا المغرب الشقيق الذي كان حينها تحت حكم الملك الحسن الثاني رحمه الله، وجدنا فيه الأمن والسكن والعمل، وفتحت لنا جامعاته لنستكمل دراستنا، ورفضت حكوماته أي ضغوط لحرماننا من حقوقنا كلاجئين”.
وكانت أحزاب ومنظمات محلية ودولية دعت السلطات التونسية إلى التوقف عن “الترحيل الجماعي” للمهاجرين الأفارقة الموجودين بشكل غير قانوني في البلاد، مدينة حملات “العنصرية” ضدهم.
وأعلن الحزب الدستوري الحر أنه سيبدأ في 12 الشهر الجاري جولة داخل الولايات التونسية تحت شعار” قافلة التنوير3″ بقيادة رئيسته عبير موسي، وستتوج بمسيرة وطنية للاحتجاج على “انهيار قيم وأركان الجمهورية المدنية وضرب مبادئ الحرية والعدالة والنظام والتعبير عن الرفض القاطع للاعتداء على مواطنة التونسيين واغتصاب السلطة وتقويض أسس استقلال القضاء وتغلغل الفساد في إدارة الدولة والتنديد بالعجز عن إنقاذ الاقتصاد والمالية العمومية وتوفير الحاجيات الأساسية للمواطنين وإدانة فتح الباب للاستعمار عبر الاستيطان الأجنبي والتستر على الاختراقات وشبكات الإجرام الدولية”.
وطالب، في بيان السبت، السلطات التونسية بتأمين تحركات رئيسته وقياداته والمشاركين في التظاهرات، محذراً من “أي عرقلة مباشرة أو غير مباشرة لهذه التحركات السياسية المكفولة قانوناً”.