نواكشوط ـ”القدس العربي”: ينتظر أن تكون تهيئة أنسب الظروف لاستغلال مشترك آمن لحقل الغاز “السلحفاة/احميم الكبير” المكتشف على الحدود البحرية السنغالية الموريتانية، الموضوع الأساس الذي ستتركز عليه زيارة الرئيس السنغالي مكي صال لنواكشوط التي ستبدأ مساء الإثنين وتختتم مساء الثلاثاء.
وإضافة لهذه القضية الأساسية يتوقع أن تشمل محادثات الرجلين ترتيب أمور الجوار، وحل قضايا أمن الحدود، وتنقل الأشخاص والممتلكات، وإيجاد حل دائم لمعضلة انتظام نشاط الصيادين التقليديين السنغاليين في المياه الموريتانية.
ويظل الاستغلال المشترك لحقل الغاز الضخم المكتشف على حدود البلدين أهم عامل تقارب بينهما؛ وهو ما أكد مصدر في السفارة السنغالية بنواكشوط أن الرئيسين سيخصصان وقتا لتحيين الاتفاق الموقع بين البلدين حول إجراءات ضبط ظروفه وتهيئة الوسائل لحسن استغلاله.
وتأتي هذه الزيارة تالية لزيارة قام بها وزير الطاقة الموريتاني عبد السلام محمد صالح للسنغال وكرس وقتها للتفاهم حول ظروف استغلال حقل الغاز ولتبادل الخبرات في مجال استغلال وتثمين الغاز.
كما تأتي زيارة الرئيس صال لموريتانيا يومين، بعد تنظيم مناورات بحرية مشتركة بين البحريتين الموريتانية والسنغالية، في المياه الإقليمية المشتركة بين البلدين.
وتدخل هذه التدريبات في إطار تعزيز التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين، حيث شاركت فيها مجموعة تتكون من أربع بارجات، بمعدل بارجتين من كل دولة.
وقد تدربت هذه الوحدات المشاركة في التمرين على عمليات مكافحة الصيد البحري غير المشروع وتهريب المخدرات والقرصنة البحرية.
وتشكل هذه الأنشطة المشتركة التي ستستمر بشكل منتظم جزءًا من تنفيذ اتفاقيات التعاون العسكري بين البلدين، وفقًا لتوجيهات رئيسي الدولتين، كما تأتي تطبيقا للترتيبات الفنية المشتركة بين البحريتين والتي تم وضعها في شهر فبراير 2020، وفقًا للمبادئ التوجيهية التي وضعها قائدا جيشي البلدين، خلال لقائهما في داكار شهر يونيو الماضي.
وتسعى هذه المناورات الى تطوير قابلية التعاون العملياتي، بهدف المراقبة المشتركة لأنشطة استغلال حقل الغاز البحري في منطقة احميم.
ويعتبر حقل غاز آحميم/السلحفاة من أكبر حقول الغاز في إفريقيا حيث تبلغ احتياطاته المؤكدة 1400 مليار متر مكعب من الغاز ما يجعله من أضخم المشاريع المنفذة حاليا في إفريقيا.
واتفقت موريتانيا والسنغال على تناصف عائداته المقدرة بما بين 80 و90 مليار دولار على مدى عشرين سنة. وأكدت شركة “بترييش بتروليوم” التي تتولى استغلال الحقل، أن أعمال مرحلته الأولى قد أنجزت بمعدل 58%.
وبسبب وباء كورونا، تأخرت أعمال تنصيب منصة الاستغلال وملحقاتها، حيث لم تبدأ إلا في السنة الجارية وهو ما سيؤخر بدء عمليات الاستغلال إلى عام 2023 بدلا من 2022.
وتشمل عمليات تحضير استغلال الحقل تهيئة 12 بئرا تحت ماء المحيط الأطلسي كما تشمل إقامة حاجز للأمواج بطول 1200 متر يقي ناقلة الغاز من حركة البحر ليتسنى تسييل الغاز ونقله وتسويقه. ويمكن لوحدة الطافية إنتاج 2.5 طن من الغاز السائل للعام.
ووقعت موريتانيا مع جارتها السنغال في فبراير/شباط الماضي، اتفاقية تسويق المرحلة الأولى من حقل غاز “احميم الكبير” المشترك بين البلدين، حيث تُقدر احتياطاته من الغاز بـ 25 تريليون قدم مكعب.
فيما أعلنت نواكشوط، في 28 أكتوبر/ تشرين أول 2019، عن اكتشافات كبيرة من الغاز، تصل 50 تريليون قدم مكعب بمياهها الإقليمية.
ووفق معطيات الحكومة الموريتانية، ستتيح المرحلة الأولى من تطوير الحقل المشترك مع السنغال، إنتاج 2.5 مليون طن من الغاز المسال سنويا.
فيما لا توجد معلومات عن التاريخ المتوقع لبدء الإنتاج في حقول الغاز المكتشفة بالمياه الإقليمية الموريتانية.
وتُنتج موريتانيا، نحو 5 آلاف برميل يوميا من النفط وكميات قليلة من الغاز، لكن من المتوقع دخولها نادي الدول المصدرة للغاز في السنوات القليلة المقبلة، مع هذه الاكتشافات.
ويتطلع الموريتانيون إلى أن تساهم عائدات ثورة البلاد من الغاز، في تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل.
وترتبط موريتانيا والسنغال بعديد الاتفاقيات والمعاهدات، أبرزها البروتوكول التطبيقي الجديد لاتفاقية الصيد التي تربط بين البلدين منذ سنة 2001.
وينص هذا البروتوكول على تقديم موريتانيا 400 رخصة صيد للسنغال، ويسمح بموجبه ل 400 من الصيادين السنغاليين باصطياد 50 ألف طن من الأسماك السطحية الموجهة للاستهلاك المحلي على أن تفرغ من مجموعات الصيد السنغالية العاملة في المياه الموريتانية حمولتها في الموانئ الموريتانية لدعم توفر مادة السمك في الأسواق الموريتانية.
وإضافة لذلك ترتبط موريتانيا والسنغال باتفاقيات في مجال التعليم والبحث العلمي، وبعدة بروتوكولات في مجالات التبادل الثقافي، وباتفاقية تعاون في مجال الطاقة، وباتفاق تعاون في مجال المحروقات الخام، وكذا باتفاقات تعاون في مجالات المحروقات المكررة والزراعة والمعادن والصناعة التقليدية والصحة والتقييم وترقية الجودة.