نواكشوط -«القدس العربي»: دعا الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني الرئيس الدوري لمجموعة دول الساحل الخمس، المجموعة الدولية أمس الجمعة إلى “إلغاء كلي لمديونية مجموعة دول الساحل الخمس بغية تمكين دول المجموعة من مواجهة التحديات المعقدة والمتعددة التي تواجهها”.
جاءت هذه الدعوة الملحة في سياق مداخلة عبر الفيديو للرئيس الغزواني أمام اجتماع للجنة العليا حول التحديات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الأمنية في منطقة الساحل، يتواصل انعقاده حالياً على هامش الجلسات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين لسنة 2020 في واشنطن.
وأثار، بين أمور أخرى، ثلاث إشكاليات اعتبرها مهمة في هذا الصدد “تتعلق أولاها بالمشاكل البنيوية لاقتصاديات دول المجموعة المتسمة بالهشاشة، والثانية بالوضعية الأمنية في الساحل، والثالثة تتعلق بالمضاعفات السلبية لجائحة كوفيد 19”.
وبخصوص الإشكالية الأولى، تحدث الرئيس الغزواني عن “المشاكل البنيوية لاقتصاديات دول المجموعة المتسمة بهشاشة التنوع، وهيمنة القطاع غير المصنف، وتفشي الفقر المدقع في ظل مديونية حادة تجاوزت طاقات دول المجموعة”.
وعن الإشكالية الثانية الخاصة بالوضعية الأمنية في الساحل، أكد الرئيس الغزواني “أنها تشكل انشغالاً دائماً لدول المجموعة في ظل تنامي نشاط المجموعات الإرهابية مخلفاً العديد من الضحايا والنزوح الداخلي للسكان علاوة على ازدياد أعداد اللاجئين”.
وأوضح أنه “وفقاً لتقديرات البنك الدولي، فقد خلفت الصراعات الدائرة في منطقة الساحل خمسة عشر ألف قتيل وتسببت في نزوح أكثر من مليون شخص علاوة على 165 ألف لاجئ في فضاء الساحل”، مضيفاً “أن هذه الوضعية أدت إلى زيادة النفقات المخصصة للدفاع والأمن، مشكلة عبئاً ثقيلاً على كاهل الدول الأعضاء، مبرزاً “أن عدم توجيه هذه الموارد إلى قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والتشغيل جعل الاقتصاديات الوطنية لدول الساحل التي تعاني في الأصل من شح في الموارد في تردي وتقوقع يهددها بالانهيار”.
وقال: “إن هذا الواقع المزري يعرض شعوب المنطقة إلى مزيد من الهشاشة مشكلاً عائقاً جوهرياً أمام توفير الخدمات الأساسية في مناطق حساسة”.
وأضاف “أن الإشكالية الثالثة هي إشكالية كوفيد 19 التي أتت لتنضاف إلى هذه التحديات، مما فاقم الوضعية الأمنية الصعبة في الأصل علاوة على مخلفات إجراءات الحجر الصحي الصارمة التي اتخذتها دول المنطقة لمواجهة الجائحة وما تبع ذلك من انتشار الفيروس، مما أدى إلى مزيد من الاختلال على مستوى الإنتاج والتوزيع والتراجع الجوهري للطلب على الأموال والخدمات”.
وأكد الرئيس الغزواني “أن دول الساحل عانت من الانعكاسات السلبية للإجراءات المتخذة من طرف الدول التي تعد شريكاً للمجموعة وكذا من البطء المفاجئ للنمو العالمي”، مبيناً “أن هذه الصدمة الناجمة عن هذا الفيروس ستلقي بظلالها على مشاريع التنمية في الساحل في المدى المنظور خصوصاً مكافحة الفقر والتكيف وهي الجهود التي تحقق متوسط نمو بحدود 5%”.
وأوضح “أن هذه التحديات تفاقمت في موسم اتسم بفيضانات قوية اجتاحت دول الساحل مخلفة العديد من الخسائر في شبه المنطقة”.
وأشار الرئيس الغزواني إلى تحديات أخرى بينها “الانخفاض الجوهري للاستثمارات الخارجية المباشرة وكذلك الاستثمارات الوطنية، والزيادة الشديدة للنفقات العمومية بفعل النفقات الأمنية والاستجابة العاجلة، وتراجع الإنتاج الداخلي الخام الذي تجاوز مستوى متوسط 4ر5% العام الماضي في شبه المنطقة، وتراجع التحصيل العمومي المرتبط ببطء الأنشطة الاقتصادية وغيرها”.
وأكد أنه “لمواجهة هذه التحديات متعددة الأشكال، أعدت الدول الأعضاء في مجموعة الخمس في الساحل إستراتيجية مشتركة تأخذ بعين الاعتبار تلازم الأمن والتنمية، وقد مكنت بدعم من شركاء المجموعة في التنمية من تحقيق استئناف للعمليات العسكرية في المنطقة المعروفة بالحدود الثلاثة وتفعيل آلية القيادة المشتركة وإعادة نشر الإدارة في المناطق الهشة وإطلاق برنامج التنمية العاجلة لتحسين ظروف الحياة والعمل على استقلالية السكان الأكثر هشاشة”.
وشدد الرئيس الموريتاني التأكيد على “أن هذه الجهود تبقى ناقصة وغير كافية بالمقارنة مع حجم التحديات التي تتعين مواجهتها، وهو ما يتطلب، حسب قوله، التزاماً قوياً ومنسقاً وحاسماً على المدى البعيد، من المجموعة الدولية يتناسب مع تعقد التحديات التي تواجهها منطقة الساحل”، مبرزاً “أن هذا الالتزام الدولي يجب أن يتجسد بشكل عاجل في إلغاء كلي لمديونية دول الساحل الخمس التي تقوض ميزانياتها وتعيق تحقيق الأهداف التنموية المطلوبة”.