محكمة مصرية تقضي بحصول امرأة مسيحية على إرث متساو مع أشقائها الذكور

تامر هنداوي
حجم الخط
1

القاهرة ـ « القدس العربي»: أصدرت محكمة مصرية لشؤون الأسرة، أمس الإثنين، حكما في قضية إرث تتعلق بأسرة مسيحية طالبت بتوزيع إرث الوالد بينهم بالتساوي وفقا لشريعتهم المسيحية، وإبطال إعلام الوراثة الصادر بعد وفاة والدهم رشاد برسوم نصر الله، والذي كان يقضي بتوزيع الإرث بينهم وفقا للشريعة الإسلامية «للذكر مثل حظ الأنثيين».

الرجال يميلون إلى تبني القوانين الإسلامية للحصول على نصيب أكبر

وقضت المحكمة في الدعوى التي أقامتها المحامية الحقوقية هدى رشاد برسوم نصر الله، التي تطالب فيها بتوزيع الإرث بينها وبين أشقائها بالتساوي وفقا لشريعتهم، بإبطال إعلام الوراثة الصادر بعد وفاة الأب وتوزيع الإرث بين الأشقاء الثلاثة سامي ورضا وهدى بالتساوي بينهم.
وقالت المحامية على صفحتها على «فيسبوك»، «نظرت محكمة حلوان لشؤون الأسرة الدائرة السابعة بتشكيلها الجديد دعوى بطلان إعلام الوراثة، وحضر إخوتي الذكور وأقروا بالموافقة على تطبيق لائحة الأقباط الأرثوذكس والمساواة في الإرث بين الذكور والإناث» .
وكان الحكم الأول الذي أصدرته المحكمة في الدعوى يقضي بتوزيع التركة بين أبناء المتوفى رشاد برسوم نصر الله وفقا لأحكام المواريث في الشريعة الإسلامية، ثم أقامت الابنة دعواها أمام المحكمة مطالبة بتوزيع إرث أبيها بينها وبين أشقائها بالتساوي وفقا لأحكام شريعتهم.
وتشهد أروقة بعض المحاكم المصرية معاناة الآلاف من المسيحيات المحرومات من الحق في الاحتكام إلى مبادئ شريعتهن بخصوص توزيع أنصبة الإرث، وبات تطبيق الشريعة الإسلامية في توزيع الميراث «للذكر مثل حظ الأنثيين» أمرا مفروضا عليهن يطبقه القضاء بشكل تلقائي بالمخالفة لنص المادة الثالثة من دستور 2014 التي تقول إن مبادئ شرائع أتباع الديانات السماوية المصدر الرئيسي للتشريع في أمور أحوالهم الشخصية واختيار قياداتهم.
وتحولت قضية نصر الله التي تبلغ من العمر 40 عاما، إلى قضية رأي عام، بعدما أعلنت أنها لا تهدف برفع الدعوى للحصول على الأموال، وإنما إعادة الأمور إلى نصابها، ودللت على ذلك بأن والدها لم يترك ملايين الجنيهات، بل ترك مسكنا واحدا من 4 أدوار في منطقة وسط القاهرة.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة حقوقية مصرية، أطلقت حملة تحت عنوان «مسيحيات في البطاقة مسلمات في الإرث»، لتسليط الضوء على مشكلة الإرث من خلال استقبال وطرح تجارب للمعاناة التي تمر بها المسيحيات للضغط على الكنائس للإسراع بإصدار قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين، والذي لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن وتحديد مواد قاطعة تفيد المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
وقالت المبادرة في بيان انطلاق الحملة إن «الحملة تهدف إلى التنبيه إلى معاناة آلاف النساء المسيحيات المحرومات من الحق في الاحتكام إلى مبادئ شريعتهن بخصوص توزيع أنصبة الإرث، وإصرار المحاكم على تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية بالمخالفة للنص الصريح في المادة الثالثة من دستور 2014 على أن مبادئ شرائع أتباع الديانات السماوية هي المصدر الرئيسي للتشريع في أمور أحوالهم الشخصية واختيار قياداتهم الروحية».
وشددت على أن «مصدر هذا العوار هو غياب تشريع يفعِّل المادة الدستورية، دونما إخلال بباقي المواد الدستورية التي تحظر التمييز على أساس النوع وتكفل حرية الاعتقاد للكافة دون تمييز، وكذلك في ظل غموض التنظيم القانوني الحالي والذي يفتح الباب لهذا الانتهاك الخطر».
وتلقى الشريعة الإسلامية قبولا لدى قطاع كبير من الذكور المسيحيين، لأنها تمنحهم نصيبا هو ضعف الإناث، لذلك حاول بعضهم تبرير ذلك بأنه قانون تفرضه الدولة.
وتنتمي هدى نصر الله إلى عشرة ملايين مسيحي قبطي في مصر، وتعيش في مجتمع مسلم في أغلبه مما جعله يخضع لدستور تعدّ فيه الشريعة الإسلامية مصدر التشريعات الرئيسي.
ومع أن النظام القانوني في مصر يمنح الكنيسة القبطية السلطة الكاملة في مسائل الأحوال الشخصية التي تهمّ الأقباط، لكن الكنيسة لا تتمتع بنفس الصلاحيات لفرض حقوق الميراث التي وضعتها الديانة لأتباعها.
وعندما سُئل البابا الراحل شنودة الثالث عن موقف الكنيسة في تقسيم الميراث بين الرجل والمرأة قال «الكنيسة لم تضع للميراث نظاما محددا، والمسيحية لم تضع قوانين حالية، وإنما وضعت مبادئ روحية في ظلها يمكن حل المشاكل المالية وغيرها، وينطبق هذا على موضوع الميراث».
ويتغاضى البعض عمَّا يرد بإعلام الوراثة، ويتم التعامل بشكل ودي بعيدا عن المحكمة، والقيام بقسمة رضائية وفقا لمبادئ الشريعة المسيحية بالمساواة بين الذكر والأنثى في الإرث أو حسب حاجة الشخص، فالأكثر احتياجا يحصل على النسبة الأكبر، وهناك من يمنح النساء بعض الأموال مقابل التنازل عن ميراثهن .
وانتشرت الدعوات المطالبة بتحقيق المساواة في الميراث في أرجاء العالم العربي بعد أن اقترحت الحكومة التونسية مشروع قانون يلبّي هذه المطالب خلال السنة الماضية.
لكن مؤسسة الأزهر، أعلى مؤسسة دينية سنية في العالم الإسلامي، وقفت ضد الاقتراح، مشددة على أنه يتناقض مع الشريعة، ولوّحت بأنه يزعزع استقرار المجتمعات العربية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الأحكام الشرعية يجب أن تراعي كل دين على حدة! وكذلك كل مذهب!! ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية