أطلق الجيش السوري في السنتين الاخيرتين مئات الصواريخ البعيدة المدى وصواريخ ارض ارض على مناطق سكنية في سورية، ولم يُعوضه عن هذه الكميات لا الروس ولا الايرانيون، وهكذا تضاءل مخزونه تضاؤلا كبيرا، وهو ما سيؤثر تأثيرا مباشرا في قدرة سورية على عقاب جاراتها ردا على هجوم امريكي. من الصحيح الى الآن أنه لم يتم في اسرائيل حتى نشر جديد للدفاع الجوي، ولا حاجة الى ذلك ايضا ـ فالتهديد العسكري الذي تتعرض له اسرائيل من سورية الآن لا يقتضي استعداد طوارئ وطنيا. ويحاولون في اسرائيل أن يحللوا كيف سيبدو اذا وُجد أصلا الرد السوري على الهجوم. والجواب كامن في صورة العمل الامريكية، فاذا تقرر اطلاق بضع عشرات قليلة من صواريخ توما هوك على أهداف عسكرية، فمن المحتمل أن ينجح السوريون في احتواء الاهانة وعرض الهجوم على أنه فشل، والثناء على قدرة الجيش والشعب السوريين على الثبات؛ واذا تقرر في مقابل ذلك اطلاق مئات الصواريخ وضرب المنظومات الاستراتيجية بقوة، فستزداد الحاجة السورية الى عمل انتقامي. والصيغة بسيطة وهي أنه كلما شعر النظام السوري بتهديد أكبر زاد احتمال أن يطلق صواريخ على جاراته. تدل التجربة على أن الادارة الامريكية أنذرت اسرائيل بهجمات في المنطقة بصورة مكّنتها من الاستعداد. وكان ذلك على نحو عام إنذارا عاما بصورة العملية من دون تفصيل. وستتلقى اسرائيل الانذار الدقيق ـ اليوم والساعة والأهداف ـ في موعد قريب جدا من الهجوم. لكن الجداول الزمنية الامريكية شفافة جدا، فقد أعلن وزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل أمس، أن مرحلة الاعداد قد استُكملت وأنهم ينتظرون هناك الآن أن يُتم البيت الابيض الاستعدادات في الجبهة الامريكية الداخلية. في يوم الثلاثاء القادم سيصل اوباما الى سانت بطرسبورغ في روسيا، الى مؤتمر رؤساء الدول الصناعية، وفي هذه المرحلة سيكون الهجوم، كما يبدو، قد أصبح من ورائه. وهكذا يكون قد بقي وقت محدود لاطلاق رشقات صواريخ أو اعلان ‘منطقة حظر طيران’ فوق سورية: من نهاية الاسبوع الى يوم الاثنين. واذا تلخصت العملية باطلاق محدود لبضع عشرات من الصواريخ فمن المنطق أن نفرض ألا يدع الايرانيون والروس الاسد ينتحر بهجوم ما على اسرائيل. فهم لا يعلمون كيف سترد اسرائيل، لكنهم يعلمون أنه أُصيبت في الاشهر الاخيرة على الارض السورية أهداف شتى من الجو، من دون ترك بصمات. ومن استمع أمس للتهديد الذي صدر عن نتنياهو استطاع أن يُخمن أنه يخطر بباله سيناريو يختفي فيه قصر الرئاسة السوري فقبل بضع سنوات طارت طائرات سلاح الجو فوق منزل الاسد الصيفي ولم تترك واجهة زجاجية واحدة سالمة. ولن يُطلق حزب الله ايضا ولو صاروخا واحدا على اسرائيل، من دون موافقة من الايرانيين، وقد أصبح للايرانيين ما يكفي من المشاكل في سورية، وفي المحادثات الذرية مع الغرب. وآخر شيء يريدونه نفقات ضخمة اخرى في اعادة بناء الأنقاض في لبنان. اذا أصر السوريون على الرد فمن الممكن أن نرى اطلاق قذائف صاروخية قصيرة المدى على هضبة الجولان يُعرض على أنه اطلاق منظمات فلسطينية غاضبة. وقد يأتي ايضا رد أقوى على صورة قذائف صاروخية بعيدة المدى قليلة على الجليل وجنوبه. وفي هذه الحال ستزن اسرائيل ردها بحذر كي تجبي من السوريين ثمنا من دون أن تقلب الطاولة هناك.