لا شك في أنّ كل كاتب يتطلع إلى كتابة ما يمكن أن نطلق عليه الرواية العظيمة، غير أن المعضلة تتحدد بماهية هذه الرواية، فضلاً عن علاقتها الجدلية بين الكاتب ونتاجه، حيث نجد روائيين على قدر كبير من الأهمية، ولكن هل استطاع أحد منهم أن يكتب رواية عظيمة؟ في حين أن السؤال الأكثر أهمية ماذا نعني بالرواية العظمية؟
في السّياق السابق، ينبغي أن نشدد على أن مصطلح الرواية العظيمة يأتي بمعزل عن أي توصيفات تختص بمقولة الروائي العظيم. فهناك عدة نماذج تبدو لي على قدر كبير من التدليل على مقولة، إن الرواية العظمية يمكن أن توجد بمعزل عن تجربة روائية ممتدة، أو يمكن أن يجتمع التوصيفان، بحيث نرى روائيا عظيما قد أنتج قدراً من الروايات العظمية، أو على الأقل رواية عظيمة واحدة.
إن الرواية العظمية توجد معلنة عن ذاتها، حتى أنها تكاد تنفصل عن كاتبها لتضحى أيقونة عابرة للزمن. فمفهوم الرواية العظيمة يتعلق بجملة من المواصفات التي ربما لا يتوافق عليها الجميع، نظراً لوجود عوائق وصعوبات جمة في سبيل المواضعة على معيارية معينة من قبل الباحثين أو النقاد، فهناك سيل من وجهات النظر، التي تتصل بثنائية المضمون والأسلوب، كما السياق الزمني والمكان، علاوة على قدرة الرواية على أن تتملك وعي القارئ التاريخي، ونعني القارئ في كل العصور، وهنا ينبغي أن نتوافق على أن بعض أعمال تشارلز ديكــــنز، وتولستوي، وسرفانتس، وملفيل، وديستوفسكي، وفيتزجيرالد، وهمنغواي، وغيرهم تعدّ أعمالاً عظمية، وهنا ينبغي التأكيد على أن أسماء بعض هؤلاء الكتاب لا تقل شهرة عن أسماء أعمالهم الأدبية، غير أن بعض تلك الأعمال امتلكت قدراً من الطغيان، لتضحى حالة تتجاوز الأديب عينه، ومن ذلك رواية «دون كيشوت» لسرفانتس، و«غاتسبي العظيم» لسكوت فيتزجرالد، بينما يمكن القول إن ديستوفسكي روائي عظيم لأنه كتب عددا من الروائع، ولكن المشترك الوحيد بين هذه الروايات، بغض النظر عن مؤلفيها أنها تمكنت من المكوث في الوعي الإنساني، بوصفها إرثاً إنسانياً خالداً.
إن النموذج المعياري للحكم بأن هذا عمل عظيم، أو رواية عظيمة، ربما يخضع لاختبارات زمنية، فقيمة العمل تحتاج إلى وقت أحياناً، غير أن العمل العظيم يشهر عن ماهيته في أغلب الأوقات، من لحظة انطلاقه، حيث يتمكن من ملامسة الوعي الكوني للوجود، وأن يحتمي بنسق غير مسبوق، كما هي رواية غابرييل غارسيا ماركيز «مئة عام من العزلة»، التي عبرت اللحظة الراهنة، وسياقاتها المكانية الزمنية، وتجاوزتهما لتمكث في الإرث الكوني، بوصفها عملاً متفرداً من كافة الجوانب والحيثيات، ومن هنا، فإن قيمة هذه الرواية، وغيرها من الروايات الخالدة تتحدد بقدرتها على أن تسرد قيمة غير مجتزأة أو مبتسرة بحدود ما، إذ تمكنت هذه الروايات من تجاوز محدودية الوعي الإنساني الفردي، لتخاطب وعياً جمعيا – ربما – يتوافق عليه كل من قرأ الرواية، وهذا ينسحب على سبيل المثال على رواية «مدام بوفاري» لفلوبير، ورواية «الأحمر والأسود» لستندال، وغيرها من الروايات التي تبدو للوهلة الأولى مرتهنة إلى سياق ضيق، غير أن الرؤية التي حملتها تمكنت من توليد جملة من الدلالات اللامتناهية لتكوّن رؤية ثاقبة للعالم، والكون، وهنا ينطلق الرهان حول بعض الأعمال، من حيث قدرتها على توليد هذه الرؤية تجاه العالم الذي نعيش فيه، ولا سيما أننا كائنات فانية، وبناء عليه، فإن وعينا، أو وعي الإنسان قاصر عن توليد أحكام ناضجة عن ماهية معضلات هذا الوجود، بحيث لا ندرك حقائق الكون، وأسراره، وهنا تكمن عبقرية الرواية أو الروائي، الذي ينبغي أن يمتلك القدرة على توليد صورة عن هذا الوعي، حتى يتمكن القارئ في أي عصر من إدراك جزء من وجوده في رواية ما، ومن هنا تبدو قيمة النصوص الدينية (المقدسة) كونها تقدم إجابات شمولية عن أسئلتنا، ووعينا المنقوص، ولهذا فهي تبقى خالدة، وعلى الأديب أن يسعى إلى أن يحتمي بمقولته العميقة حول كنه الإنسان في تموضعه الوجودي على هذه الأرض.
الرواية ليست فعلاً حكائياً وحسب، إنما هي بيان تخيلي عن الإنسان (الفأر) الذي وقع في مصيدة وجوده المأزوم، وما ينتج عنه لهاث مستمر لتفسير تناقضه الكلي في هذا العالم.
لقد كان الأدب دائما محاولة الإنسان – من بدء التكوين- لتفسير أسرار وجوده حتى هذه اللحظة، ولا سيما مع ما يطرأ من حوادث ومستجدات، تتصل بمعنى الوجود، وتحولاته الجديدة التي تخضع لتعديلات من لدن عوامل عدة، منها الإنسان والبيئة، والتاريخ والثقافة، وفي جميعها يسعى الإنسان لتجاوز تفاهته، ومحدودية قدرته، على الرغم من بحثه الدائب عن المثالية، والسعي لمقاومة الفناء الداخلي قبل الخارجي لوجوده. إن إشكالية وجود رواية عربية عظمية يبدو لي على قدر كبير من الصعوبة، على الرغم من أن النقاد العرب سعوا إلى تقليد النموذج الغربي من خلال اعتماد مبدأ التصويت على مجموعة من الأعمال، بوصفها أفضل الأعمال السردية في الثقافة العربية، وسواء أكانت هذه القائمة قريبة الصلة، أم بعيدة عن الهدف المنشود، غير أنها تبقى بالنسبة للبعض لا تعكس سوى جزء من وجهة نظر ربما حملت توافقاً كلياً من قبل مجموعة كبيرة من النقاد، غير أن النموذج الفلسفي لسياق الحكم يخضع في النهاية لمبدأ تاريخي، فضلاً عن سياق ثقافي عام. فالرواية العربية يتم تجاهلها من حيث إدراجها ضمن قائمة الروايات العظيمة، على الرغم من وجود بعض الأعمال التي نالت حضوراً كبيراً، وقيمة عليا في الوعي العربي، وربما في الوعي الكوني، غير إنني لست هنا بصدد إصدار أحكام حول أسماء هذه الروايات العظيمة، كون هذا الفعل يتصل بآلية معقدة، تتنازعها عدة أطراف، غير أنني أطرح جملة من الأفكار عن قدرة الرواية العربية على أن تكون رواية عظيمة، ولا سيما في تلك الكتابات التي تتوالى تباعاً، وتبدو لي على قدر كبير من التماثل والادعاءات التي لن تصمد طويلاً أمام مقولة الرواية العظيمة.
إن ذاكرتنا مسكونة ببعض أعمال نجيب محفوظ، وعبد الرحمن منيف، وجبرا إبراهيم جبرا، وغسان كنفاني، ومحمود المسعدي، وإبراهيم أصلان، وحنا مينه، وصنع الله إبراهيم، وعبد الرحمن مجيد الربيعي، وغيرهم الكثير… ممن نقرأ أسماءهم في قائمة أفضل مئة رواية عربية، غير أننا سنجد أن بعض الأسماء تبدو، وقد توارت خلف عملها، وبعضها تحمل القدر عينه من الحضور لاسم المؤلف، فهل يمكن أن نحيل الأمر إلى منظور كمي ونوعي؟
لا شك بأن الرواية العظيمة قد صرحت عن وجودها، بمعزل عن سياقات الكاتب، والأحكام التي تتعلق به، فالطيب صالح أنتج عظيمة، ونعني «موسم الهجرة إلى الشمالـ«، وجبرا إبراهيم جبرا كتب «البحث عن وليد مسعود»، وربما لا تقل رواية إبراهيم نصر الله المركزية «زمن الخيول البيضاء» أهمية، لكونها تكمن في وعي جمعي، وبناء عليه، فإن مقولة رواية عظيمة تبدو متحققة انطلاقاً من منظورنا على الأقل، فأحكام الثقافة غالباً ما تنزع نحو مركزية غربية على الأقل؛ ولهذا فإن بعض بوادر التشكيك من تلك الأحكام حول أهم الروايات العظيمة ينبع من ذاكرتنا الاستعمارية، والنموذج المركزي لتفوق الغرب الذي لا ينظر إلى نتاجنا المعاصر بعين الأهمية، والتقدير، فهو لم يتخل عن منظوره الاستشراقي الذي يختزل السّردية العربية بنماذج كلاسيكية، ومنها «حكايات ألف ليلة وليلة»، وكأن ثمة تشككاً تجاه الموهبة العربية المعاصرة، وأخذها على محمل الجد.
في سياق متصل، فإن قيمة النتاج الكمي لا تعني بالضرورة كاتباً عظيماً، ورواية ناجحة لا تعني رواية عظمية، وجائزة أدبية لا تعني رواية عظمية، إن الرواية العظمية تلك التي تحتمل قدراً كبيراً من الأسئلة لوعي الإنسان، أو أن تكون إشارة إلى وعي أمة، وهنا نستذكر رواية «كوخ العم توم» (1852) للكاتبة الأمريكية هيريت ستو التي بدت على قدر كبير من العظمة، لكونها استطاعت أن تشتبك مع الوعي الجمعي المتصل بتحرير العبيد في الولايات المتحدة الأمريكية، ولتخلق في تكوينها الدلالي مرحلة من مراحل تطور الإنسان للوعي بذاته وحريته، والأهم أن تعيد تشكيل التاريخ، لا أن تصفه وحسب.
من عوائق تحقق رواية عظيمة ما يتصل بالبحث عن الإشكالية الفلسفية القائمة على الأسئلة الكبرى، وهنا نتصل بالمعضلة التي تجعلنا ندرك بأن هذه الرواية تحمل قدراً من التكوين البنيوي والموضوعي، لتقع في وعي القارئ بوصفها حملت منظوراً مختلفاً، على الرغم من أنها لا تحتمل قدراً كبيراً الأيديولوجية. إن فعل الكتابة ينطوي على قدر كبير من الحفر على مستوى الإدراك لموقع الإنسان في هذا العالم، فالرواية ليست فعلاً حكائياً وحسب، إنما هي بيان تخيلي عن الإنسان (الفأر) الذي وقع في مصيدة وجوده المأزوم، وما ينتج عنه لهاث مستمر لتفسير تناقضه الكلي في هذا العالم.
٭ كاتب أردني فلسطيني
أهمية الرواية تكمن في إنارة مشكل إنساني مزمن، من زاوية مبتكرة تماما، دون إدعاء تقديم جواب نهائي، وحسب كونديرا فكتابة الرواية أمر غير أخلاقي إذا كانت تهدف لشيء آخر. فرواية مدام بوفاري مثلا إمتداد مباشر لرواية دون كيشوط لأنها تفكير عميق جدا في نفس المشكل،، أي: القراءة. و المحاكمة لكافكا هي أعمق تحليل في القرن العشرين لمشكل العدالة. و الملاحظ أن الكتاب المقلين هم الذي أنعموا على البشرية بالروائع الخالدة. فلوبير مثلا كتب بالكاد 5 روايات وكذلك كافكا. وهناك كاتب إسمه شاميسو دخل الخلود الأدبي بقصة لا تتجاوز100 صفحة من القطع الصغير عنونها: الوقائع الغريبة لبيتر شلوميل. وكتبت عنها أطنان من الأبحاث بل إن كل من فرنسا وألمانيا تتنازعان بخصوص إنتماء شاميسو!
هل قرأت بنات يعقوب؟ هي أهم رواية عربية، تستطيع أن تحجاج بها.
كلام متزن ودقيق. ولكن لي ملاحظة بسيطة فالرواية العظيمة تفرض نفسها على العالم اجمع ولو كانت من انتاج شرقي، فرواية اليف شفق التركية قواعد العشق الاربعون فرضت نفسها لقوتها وكذلك عداء الطائرة الورقية لخالد حسيني الافغاني وكذلك رواية اسمي احمر لاورهان باموق التركي الذي حصل على جائزة نوبل. وانا اعتقد ان هناك ادباء عرب عظام لديهم انتاج عظيم عالمي بكل معنى الكلمة.
«وفي جميعها يسعى الإنسان لتجاوز تفاهته، ومحدودية قدرته، على الرغم من بحثه الدائب عن المثالية، والسعي لمقاومة الفناء الداخلي قبل الخارجي لوجوده».
هذا كان فى زمن “الترامواى” سيادتكم.
كان الإنسان فعلا يتجاوز تفاهته، فكنت
تراه يقطع تذكرة الترام من محطة التحرك الأولى، ثم يصل لمحطة النهاية،
ثم لا ينصرف من مقعده منتظرا
الكمسارى ليقطع له تذكرة العودة حيث
ركب، وفقط لأن ذلك الراكب اختار كتابا
قبل نزوله من بيته، وقرر أن بستمتع
بصفحاته أثناء رحلة الترام من منطقة
السيدة زينب، إلى حي العباسية، وهى مسافة معقولة لمن أراد تصفح كتاب
أو صحيفة أو مجلة على صوت عجلات
الترام، وزمارة الكمسارى التى كان بها
يأمر السائق بالتحرك أو التوقف حال
وقوع طارىء…
وبرغم هدوء ذلك الزمان، زمن الخمسينيات والستينيات ومروره على
خير، إلا أن بداية حقبة السبعينيات عندنا فى مصر، كانت بداية لظهور انفلات بين كثير من الشباب الذين لم
لم تسعفهم الدولة بجرعات متتابعة
إرشادية إعلاميا، لكى تحافظ لهم على
توازنهم بالانتماء وصون مكتسباتهم
كالمكتبات العامة، والشوارع النظيفة،
والبنيان الحضارى المعماري عند الإنشاء.
ثروتك القومية من معلمين وأطباء،
وأمناء مكتبات، وبنائين، وحرفيين،
ومهندسين وغيرهم انبهر الكثير منهم
بعائدات عمله بدول البترول وعادوا
بأموالهم، ونسينا الكِتاب والمكتبات
والقراءة، وأصبح المال هو المسيطر
على أخلاقيات الكثير من الناس، فوقع
خلل فى السلم الاجتماعى…
الأخ الفاضل : كتبت موضوعًا مهمًا ولا أقول حساسًا.لقد ترددت مذ أمس التعليق عليه ؛ لأنه يحتاج لمساحة أوسع من التعليق التقليديّ.بالمختصرالمباشر أقول بين يدي حضرتك ؛ إنّ الرّواية العربيّة بخير؛ مهما قالوا الآن عنها جذام.والمشكلة ليست في الرّواية بل في طبقة مهيمنة على شؤون الرّواية من الناشرإلى الرزام… فهي طبقة لديها حسابات ( غير روائيّة ) تفرضها على الرّواية وبالتالي جعلوا الساحة الثقافيّة والأدبيّة خلوًا من الرّواية العظيمة.فهم الذين يقررون أنّ هذه الرّواية تحقق لهم أرباحًا ماديّة فتنشر؛ وتلك الرّوايّة لا تحقق لهم المردود المرجو فترجم ؛ ولو توفّرت لها كلّ شروط الرّواية الناجحة.بالتالي المزاجيّ والتجاريّ أصبح المعيارالحاكم…وبعدما تنشر الرّواية تخضع معايير تقييمها على أساس الاسم ( الكاتب ).فمنْ كان مشهورًا إعلاميًا فتحوا له الطريق ؛ ومنْ كان غيرذلك همّشوه ؛ كالبطريق ورموه إلى القطب الجنوبيّ ؛ تحت جليد لا يذوب تحت شمس ولا حريق.إنّ شهرة الكاتب إعلاميًا ؛ ليست بالضرورة تبيح له مكانة روائيّة التحقيق؟؟ لهذا ترى كتبة تلمع نجمًا ؛ بعد تزيين ونفـخ ثمّ تأفل في ثقـب أسود ؛ فلا تخرج حتى ينفـخ في صور الصعق.
فريق يعمل بدول النفط يعود بثروات،
وفريق فى الداخل لم تشمله الدولة
بالرعاية، كإقامة مشاريع صناعية له
لكى يتمتع هو الآخر بحياة كريمة،
مثل أخيه الذى يعمل بدول النفط.
وبدأ الصراع بين شرائح المجتمع باختلاف أشكاله ومسمياته على المال،
ومنه: شكل من تعطيل مصالح الناس،
فكنت ترى مجموعة من الشباب ينزلون
من بيوتهم صباحا وعلى مدار اليوم
متجهين إلى شارع قصر العينى تحديدا،
أو خطوط سير الترامواى، ذلك لفصل
الذراع الخلفية الطويلة المتصلة لسلك
جهد الكهرباء العالى الممتد بأعلى طول طريق سير تلك المركبات ومواتيرها، تلك الذراع المثبتة بقاعدة أسطح تلك
المركبات مدعومة باثنين سوستة
حلزونية لإمكانية شد الذراع لأسفل…
وإدخالها داخل سيخ حديدية، ذلك
لفصل الجهد عن المركبة فى نهاية
يوم عمل، فكان الشباب يتحينون
فرصة توقف الترامواى، أو الترولى باص
فى محطة لصعود الركاب، وعند استعداد
السائق بالتحرك، كانوا يحررون الذراع
المتصلة من سلك الجهد إلى موتور
المركبة العامة، فقط لتعطيل مصالح
الركاب، وممارسة هواية اللعب، ولكنها
هواية تعطيل مصالح الناس! وهلم جرا،
ورويدا رويدا، فلت ملايين الشباب من
سيطرة الدولة، وبشكل آخر من الصراع
بينهم، أضحى الناس لا يصدقون بعضهم
البعض ويخوّنون بعضهم ويكذبون.
والبداية: طارق يطرق باب شقة من الشقق يعرف صاحبها، جاء لطلب
دعم مالى، أو جار فقير جاء يطلب
مساعدة، فيقول صاحب الشقة لابنه
أو ابنته: قُولا له أننى غير موجود…
ويشب الفتى أو الفتاة على أول كذبة
صريحة، ومِن مَن؟! يا خسارة من الأب.
فلو أقسمت بأغلظ الإيمان صادقا أنك
مريض مثلا – يحفظك اللَّه – أثناء
العمل وطلبت أورنيك للذهاب إلى طبيب
الشركة، فلن يصدقك أحد، لا الزملاء،
ولا رئيسك فى العمل، لأن 98% منهم
أنكروا وجودهم فى البيت حال جاء
طارق يطرق بابهم، بالعبارة الشهيرة:
قل يا أحمد للطارق بابا ليس موجودا،
والآمر هو الأب، ومُنفّذ الكذبة الكبرى
الإبن أو الأبنة أو الزوجة!!
وعليه يكون 98% من المجتمع كذابين!
وهل الكذاب أو الفاسد أو حرامى المال
المال العام، يقرأ كتابا يا سيدى؟!
إن لم تصدقنى، اقرأ آخر إحصائية: ¼ صفحة كتاب يقرأها السواد الأعظم منا،
فى العام، والمواطن الأوروبى يقرأ
ثلاثين كتاب فى العام!…
أما الروتشيلديين المجرمين المحتلين
لأرض فلسطين الحبيبة، يقرءون40
كتابا فى العام، هل تصورت الموقف
المخيف معى يا سيدى؟
كل زمن جميل فات ونحن وأنتم طيبين.
شكرا لكم اهتمامكم بالرواية والكتاب،
وبالمناسبة: أعرف منطقة سكنية مترامية الأطراف، متآخمة لأحياء راقية،
ليس بها ولو مكتبة عامة واحدة حتى.
يا خسارة، كان زمن الترامواى، والتروللى باص، جميلا رائعا.
صباح الخير على القدس العربي.