(أ ف ب): اعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون الثلاثاء انه جمّد تنفيذ خطة إطلاق الصواريخ باتجاه المياه القريبة من غوام، الا انه حذر من انه سيقدم على هذه الخطوة الاستفزازية ردا على أي “عمل متهور” جديد لواشنطن.
ويرى محللون أن تصريحات كيم جونغ اون تفتح المجال إلى امكانية خفض التصعيد في الأزمة المتنامية والتي اججتها التصريحات النارية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي.
واعرب مسؤولون في جزيرة غوام عن سعادتهم الغامرة بقرار كوريا الشمالية. وقلل وزير الداخلية في الجزيرة جورج تشارفوروس من اهمية تقارير تفيد بان بيونغ يانغ نقلت صاروخا لوضعه على منصة اطلاق معتبرا ان الامر مجرد “استعراض قوة” احتفالا بيوم تحرير كوريا الشمالية الذي يصادف الثلاثاء.
وقال وزير الداخلية “قد يكون الأمر مجرد خدعة (…) انه يوم التحرير (…) كوريا الشمالية تميل إلى التحركات الرمزية في آليتها لاتخاذ القرار”. واضاف “يمكننا القول اننا فرحون بتراجع كيم جونغ-اون”.
وكان الجيش الكوري الشمالي أعلن الاسبوع الماضي انه بصدد وضع اللمسات الأخيرة على خطة لإطلاق أربعة صواريخ إلى جزيرة غوام حيث يتواجد ستة آلاف جندي أمريكي.
واطّلع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ-اون خلال تفقّده الاثنين مركز قيادة القوة الاستراتيجية المسؤولة عن الوحدات الصاروخية، على خطة لاطلق صواريخ باتجاه المياه القريبة من جزيرة غوام الأمريكية في المحيط الهادئ، بحسب ما اعلنت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية الثلاثاء.
الا أن الزعيم الكوري الشمالي قال إنه “سيراقب لفترة اطول بقليل السلوك الجنوني والاحمق لليانكيز” قبل أن يصدر أي أمر بالتنفيذ.
ونقلت الوكالة الكورية الشمالية عن كيم قوله إذا “اصروا على افعالهم المتهورة والشديدة الخطورة في شبه الجزيرة الكورية”، عندها ستتصرف كوريا الشمالية “بحسب ما تم الإعلان عنه”.
وبدا كيم وكأنه يفتح نافذة للحوار مع واشنطن. وقال “من أجل نزع فتيل التوتر والحؤول دون نزاع عسكري خطير في شبه الجزيرة الكورية، فإنه من الضروري ان تتخذ الولايات المتحدة أولا خيارا ملائما”، من دون أن يحدد هذا الخيار.
– خفض التصعيد
يبدو ان تصريحات كيم تتناول المناورات العسكرية السنوية الواسعة النطاق التي تجريها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة والمتوقع أن تبدأ في وقت لاحق من الشهر الجاري.
ونددت كوريا الشمالية باستمرار بالمناورات العسكرية واعتبرتها تدريبا استفزازيا على اجتياحها. وكانت طرحت سابقا وقف إجراء تجارب نووية وصاروخية مقابل الغاء تلك المناورات، في مقايضة سوّقت لها بكين وقوبلت بالرفض من قبل واشنطن وسيول.
ويرى محللون إن كيم جونغ اون يسعى إلى مقايضة مشابهة هذه المرة عبر تهديده باطلاق صواريخ باتجاه جزيرة غوام.
ويقول المحلل السياسي في “مركز التقدم الأمريكي” آدم ماونت “إنها دعوة مباشرة لإجراء محادثات بشأن وضع قيود متبادلة حول المناورات وتجارب إطلاق الصواريخ”.
ويقول الاستاذ المساعد في جامعة يونسي في سيول جون ديلوري إن كيم يسعى إلى “خفض التصعيد بتجميده خطة غوام”، على الاقل في الوقت الراهن.
ويضيف ديلوري “لم نخرج من الأزمة. على الطرفين اتخاذ خطوات لخفض التصعيد بالقول والفعل. ويجب تفعيل الدبلوماسية”.
وتصر الولايات المتحدة وكوريا الشمالية على ان مناوراتهما المشتركة محض دفاعية ولا يمكن الربط بينها وبين البرنامج الصاروخي الكوري الشمالي الذي ينتهك مجموعة من قرارات الامم المتحدة.
من جهته يقول الباحث جوشوا بولاك من “معهد ميدلبوري للدراسات الدولية” في مونتيري ان تهديد بيونغ يانغ ضد غوام هو “ابتزاز واضح وصريح”.
– “نار وغضب”
تصاعد التوتر في المنطقة منذ اجراء بيونغ يانغ تجربتي إطلاق صاروخين بالستيين عابرين للقارات الشهر الماضي، اعلنت انهما تضعان أراضي الولايات المتحدة في مرمى نيرانها.
وتوعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظام بيونغ يانغ بـ”نار وغضب لم يشهد العالم لهما مثيل” ردا على التجربتين الصاروخيتين، فيما واجهت بيونغ يانغ التهديد الأمريكي بخطة إطلاق صواريخ في المياه المحيطة بغوام.
واستدعت التهديدات المتبادلة موجة تحذيرات دولية، حيث دعا قادة العالم بمن فيهم الرئيس الصيني شي جينبينغ الطرفين الى الهدوء وضبط النفس.
كذلك شدد الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن الثلاثاء على ان سيول ستعمل على تفادي حرب كورية ثانية باي ثمن. وقال مون إن “الجمهورية الكورية هي وحدها من يتخذ القرار بعمل عسكري في شبه الجزيرة الكورية وليس لاحد ان يقرر شن عملية عسكرية بدون موافقة الجمهورية الكورية”.
الا انه رأى انه لا يمكن إجراء حوار قبل وقف الشمال “لاستفزازاته النووية والصاروخية”.
تصريحات مون اعقبت مقالا كتبه وزيرا الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس والخارجية ريكس تيلرسون ونشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، اكدا فيه ان “لا مصلحة” للولايات المتحدة بتغيير النظام في بيونغ يانغ.
وكتب الوزيران الامريكيان “لا نسعى إلى حجة لنشر قوات اميركية شمال المنطقة المنزوعة السلاح. لا نية لدينا لالحاق الاذى بالشعب الكوري الشمالي”، داعيان إلى التمييز بين الشعب الكوري الشمالي ونظام بيونغ يانغ المعادي.
وقد وجها دعوة الى الصين، اكبر حلفاء النظام الكوري الشمالي وشركائه التجاريين، الى الاستفادة من “فرصة لا مثيل لها” لاثبات مدى تأثيرها على بيونغ يانغ.
وقال ماتيس وتيلرسون “اذا ارادت الصين اداء دور اكثر فاعلية في حفظ السلام والاستقرار الاقليميين، ما يصب في مصلحتنا جميعا ولا سيما المصالح الصينية، عليها اتخاذ قرار بممارسة دبلوماسيتها الحاسمة نفوذها الاقتصادي على كوري الشمالية”.