الزيتون ابرز منتجات تونس والمصدر الأهم لعائداتها من الصادرات الزراعية
الزيتون ابرز منتجات تونس والمصدر الأهم لعائداتها من الصادرات الزراعيةتونس ـ من طارق عمارة: غناء وزغاريد ونكات علي أغصان اشجار زيتون بجهة القلعة الكبري الواقعة شرقي العاصمة تونس.. مشهد احتفالي يتكرر في عديد مناطق البلاد وفي عديد العائلات التونسية عند جني محصول الزيتون بتونس رابع منتج للزيت في العالم. في مثل هذا الوقت من كل عام تجتمع عديد العائلات التونسية لجني محصول الزيتون في أجواء تسودها الفرحة اعتقادا بأن هذا التجمع والفرحة تجعل الخير يزيد وتنزل البركة من الله. وتعتمد أكثر من 500 ألف أسرة من بين السكان البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة علي صناعة زيت الزيتون التي تحتاج لعمالة كثيفة. ويبلغ عدد أشجار الزيتون في البلاد 65 مليونا. وفي مثل هذا الوقت من كل عام يأخذ افراد عائلة الحاج سميدة بمدينة الجم الساحلية اجازات من عملهم ويعودون برفقة زوجاتهم وابنائهم من المدن المقيمين فيها حيث يشتغلون ليقضوا هذه الفترة في غابات الزيتون مجتمعين. يقول الحاج سميدة (70 عاما) والذي يملك عددا كبيرا من أشجار الزيتون بالجم أحوال كل العائلة تنتعش عندما يكون العام صابة (جيدا) مثل هذا العام لكن عادة ما يخيم الكساد علي الجميع اذا جاء المحصول دون المأمول . وتحتل عمليات جني الزيتون مكانة متميزة في النشاط الفلاحي ليس لاعتبارات اقتصادية فحسب وانما ايضا باعتبارها رمزية لتشبث أكثر من جيل بعادة أسلافه ومواصلة لنشاطهم. ويحظي زيت الزيتون بأهمية بالغة في التقاليد الغذائية والصحية للتونسيين حيث يكاد يحضر في كل بيت تونسي حتي الفقير منها وفي كل طبق غذائي مهما كان نوعه. بل ان العديد من التونسيين يفضلون زيت الزيتون علي باقي الادوية لمعالجة بعض الامراض مثل التهاب الحنجرة ونزلة البرد الحادة. يتحدث حمد وهو شيخ تجاوز عتبة التسعين عاما ولايزال يتمتع بصحة جيدة بفخر عن سر احتفاظه بلياقته قائلا أحتفظ بعافيتي لانه لا يمر يوم دون أن أشرب كأسا من زيت الزيتون في الصباح وزوجتي لاتطبخ اي أكلة الا باستعمال زيت الزيتون دون سواه . لكن اضافة لكبار السن الذين يؤمنون كثيرا بفضل هذا المنتوج فان العديد من الشبان ايضا ورثوا عن اسلافهم هذه العادات. ويقول كمال وهو مهندس معماري (28 عاما) قبل أن أستعمل أي دواء عندما أمرض فان زيت الزيتون هو أول حل ألجأ اليه وعادة ما يكون ناجعا ويغني عن باقي الادوية . كما تربط ايضا عديد العائلات مشاريعها المستقبلية بصابة موسم الزيتون الذي يبدأ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) ويستمر حتي اخر شباط (فبراير). ويتحدث سالم رحيم (68 عاما) احد منتجي الزيتون بالجم قائلا لرويترز اعتقد أن حمل الاشجار وفيرا هذا الموسم واذا كان المحصول مثلما هو متوقع فسيكون من السهل علينا مجابهة تكاليف زواج ابني نعيم الذي تأجل العام الماضي بفعل نقص المحصول . وتبيع عديد العائلات المنتجة للزيتون محصولها لتصريف شؤون لها وتبقي علي كميات اخري للاستهلاك واهدائها للاقارب وبعض من الجيران. ولم تشر المصادر الحكومية الي توقعات لمحصول هذا العام من زيت الزيتون لكن صحفا محلية قالت انه من المتوقع ان يبلغ محصول هذا العام 200 ألف طن. ويعرف زيت الزيتون التونسي بامتلاكه للعديد من الاصناف والاذواق والنكهات حسب اصناف الزيتون ومنطقة الانتاج ونوعية المناخ. لكن منطقة صفاقس والساحل التونسي تنتج افضل انواع الزيوت المعروف (بالنضوح) ذي الطعم الحار. وتمثل أشجار زيت الزيتون التي يعود تاريخ زراعتها بالبلاد التونسية الي القرن الثامن قبل الميلاد ثلث المساحة الزراعية بالبلاد وتمتد علي حوالي 1.6 مليون هكتار. وكدليل علي ما يمثله موسم جني الزيتون من احياء للتقاليد في العائلة التونسية تقام بعض المهرجانات للاحتفاء بشجرة الزيتون مثل (مهرجان القلعة الدولي للزيتونة) الذي يخصص كل عام يشارك خلاله السياح في جني الزيتون وتذوق المأكولات التقليدية للتعريف باختصاصات المطبخ التونسي. وتعول الحكومة التونسية علي محصول الزيتون كل عام لرفع صادراتها للخارج وزيادة احتياطياتها من العملة الصعبة. وشهد قطاع تصدير الزيت التونسي نموا متزايدا خلال السنوات الاخيرة حيث غزا اسواقا جديدة مثل دول المشرق والخليج وامريكا وكندا واستراليا. وقال محمد الحبيب الحداد وزير الفلاحة التونسي في وقت سابق من هذا العام ان عائدات صادرات تونس من زيت الزيتون بلغت خلال هذا الموسم 696 مليون دولار من مجمل صادرات تونس الفلاحية المقدرة بنحو 1.44 مليار دينار (1.11 مليار دولار). ويري عبد المجيد محجوب صاحب معصرة زيت بمدينة طبربة الواقعة علي بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة اغلب انتاجها موجه للتصدير ان زيت الزيتون هو بمثابة البترول الاخضر لتونس. ويقول مثلما تمكنت السعودية ان تصبح اقتصادا محوريا في العالم بفضل نفطها تونس يمكنها ان تصبح كذلك فقط بفضل زيت الزيتون الذي اعتبره بترولا اخضرا .ويضيف محجوب الذي يدير المعصرة التي أنشأها والده منذ اكثر من قرن من الزمن ان صادرات معصرتنا تتجه الي أمريكا وعديد الاسواق الاوروبية والشرق مثل الكويت وقطر ودبي . وتوفر معاصر الزيت التي يبلغ عددها قرابة 1600 معصرة آلاف فرص العمل بمطلع كل موسم جني الزيتون.ولتسويق زيت الزيتون في الخارج بافضل شكل ينتج محجوب نحو 30 منتجا غذائيا تتعلق بزيت الزيتون مخصصة للتصدير مثل (الزيتون المعلب) و(الهريسة) و(معجون الثوم). ويعتبر محجوب ان مثل هذه المنتجات التي تذهب كلها لاسواق امريكية واوروبية يمكن ان تضفي قيمة اكبر علي منتوج زيت الزيتون وتُعرف بخصائص المطبخ التونسي بحيث يبلغ شهرة المطبخ الايطالي مثلا. لكن رغم أهمية مساهمته في الاقتصاد التونسي فان تصدير زيت الزيتون التونسي للخارج مازال يعاني بعض التحديات تتعلق مثلا بتعليب المنتوج وطرق الجني التقليدية التي تقلص حجم المحصول ويمكن ان تمس بنوعيته وبالصعوبات المالية التي يتعرض لها بعض المصدرين. 4