السعودية وايران… دبلوماسية «الاستسلام للواقع»؟

حجم الخط
36

بعد اجتماع استمر ساعة في نيويورك على هامش الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة، بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ونظيره السعودي الامير سعود الفيصل، خرج الاول مؤكدا فتح «فصل جديد» في العلاقات بين طهران والرياض، معربا عن أمله بأن الاجتماع سيكون له أثر إيجابي على الجهود المبذولة لاستعادة السلام في المنطقة والعالم، وحماية مصالح جميع الدول الإسلامية.
من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي ان ايران والمملكة العربية السعودية هما من الدول المؤثرة في المنطقة، مؤكدا أن التعاون بين طهران والرياض يمكن أن يساعد في تعزيز السلام والأمن في المنطقة والعالم بأسره.
وأشار فيصل أيضا إلى الوضع الحساس في الشرق الأوسط وقال «يجب تجنب أخطاء الماضي، بحيث يكون من الممكن انهاء الأزمات التي تعاني منها المنطقة».
وجاء هذا الاجتماع، وهو الاول على المستوى الوزاري بين البلدين منذ تولي الرئيس حسن روحاني السلطة في العام الماضي، بعد قيام نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير بزيارة رسمية إلى السعودية في شهر اب/ أغسطس الماضي.
وقد تزامن عقده مع سيطرة جماعة «أنصار الله» الحوثية على صنعاء، والاختفاء العملي للحكومة والدولة في اليمن، ما يمثل مكسبا جديدا استراتيجيا للمشروع الايراني، ضمن صراعات محتدمة بين البلدين تمتد من لبنان الى اليمن.
وهو ما يطرح اسئلة بشأن حقيقة «الفصل الجديد» في العلاقات الذي اعلن عنه الوزير الايراني، ونوع «اخطاء الماضي» التي تمنى الوزير السعودي تفاديها في المستقبل. وتحديدا ان كان يوجد ثمة تشابه بين الاتفاق الذي وقعه الرئيس عبد ربه منصور هادي مع الحوثيين في صنعاء، و»الفصل الجديد» مع السعودية الذي اعلن عنه ظريف في نيويورك، من حيث ان كليهما يمثلان « دبلوماسية الاستسلام للامر الواقع الذي فرضته ايران يمنيا واقليميا على الترتيب»؟
بالطبع يمكن للمراقب العربي ان «يبتكر» اسبابا ومبررات للتغاضي عن الحقيقة التي قد يراها مؤلمة، وهي ان اليمن سقط في قبضة ايران، وهو ما جعل الحوثيين يطلقون الألعاب النارية في سماء صنعاء مساء امس بينما يرددون مايعرف شيعيا او ايرانيا بالصرخة اي شعار (الموت لامريكا والموت لاسرائيل)، الا ان تطورات اقليمية اخرى قد لا تسمح باغفال الواقع الذي يؤكد ان المشروع الايراني يحقق مكاسب جديدة قد تعيد تشكيل التوزنات الاستراتيجية، بل والخريطة السياسية للمنطقة.
وينبغي عند هذا المنحنى التاريخي التوقف عند نقاط محددة.
اولا – تستطيع وسائل الاعلام السعودية المصدومة ان تهاجم الحوثيين وان تشبههم بتنظيم (داعش)، الا انها مطالبة ايضا بان تعترف بأن ما حدث يمثل فشلا صارخا للسياسة السعودية في اليمن، التي قامت حصريا على (المكرمات الملكية والهبات المالية) لشراء الولاءات بين القيادات السياسية والقبلية، فيما تترك الشعب اليمني يصارع شبح الفقر والجوع، وهو الذي يملك ثروة نفطية مهمة، وخاصة في محافظة الجوف التي تقع على الحدود السعودية. وقد اصاب الامير الفيصل فضيلة الاعتراف بالحق، عندما اشار الى (ارتكاب اخطاء في الماضي) الا انه يبقى مطالبا بالكشف عن تلك الاخطاء وكيف سيتم تفاديها في المستقبل.
ثانيا- ان وجود قوات الحوثيين الممولين من ايران على الحدود الجنوبية للسعودية، وسيطرتها على مدخل البحر الاحمرعند باب المندب الاستراتيجي، كافيان حقا لفتح «فصل جديد» في العلاقات مع السعودية التي اصبحت تقع داخل «كماشة ايرانية» بالنظر الى سيطرة طهران على جنوب العراق، ناهيك عن سوريا وجنوب لبنان. اذ اصبح بامكان ايران الآن ان تفتح «جبهة جديدة» داخل الاراضي السعودية، انطلاقا من الحدود اليمنية الطويلة والصعبة من حيث طبيعتها الجغرافية وامكانية التأمين.
ثالثا – بغض النظر عما يقال في وسائل الاعلام، فان الواقع هو ان الولايات المتحدة و»تحالفها الدولي» بما فيه السعودية، يحتاجون الى التعاون مع ايران اذا كانوا جادين حقا في حربهم للقضاء على داعش، هذا ما قاله رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني (MI6) في تصريحات نادرة امس الاول، حمل فيها الغرب المسؤولية عن نشوء تنظيم (داعش)، في محاولة واضحة للضغط على رئيس الوزراء البريطاني لاتخاذ القرار الصحيح.
وتزامنت هذه التصريحات مع تبدل جديد في الموقف الامريكي باتجاه الاقرار بضرورة التعاون مع ايران، مع تلميح الى تأجيل تدريب المعارضة السورية في السعودية ارضاء لطهران. اما المحصلة فلا تترك للسعودية خيارات تذكر سوى «الاستسلام للامر الواقع»، الذي يمثل نتيجة حتمية لتاريخ من «سياسات كارثية اقليميا»، اصبح اسمها في لغة الدبلوماسية ( اخطاء في الماضي). فهل تدخل المنطقة برمتها «فصلا جديدا» حقا لكن (على الطريقة الفارسية)؟

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرلاحمن الرحيم(السعودية وايران… دبلوماسية «الاستسلام للواقع»؟)ما ذكر اعلاه هو عنوان رأي القدس اليوم
    استسلام السعودية للامر الواق تناغما مع السياسة الامريكية الاسرائيلية بجعل ايران الرقم الاول في المنطقة العربية بعد اسرائيل.وهذا اول الغيث وسيتبعه(كما تخطط امريكا واسرائيل وايران)هزيمة الصحوة الاسلامية وكل مخرجاتها واولها الربيع العربي ثم يتبع ذلك اسقاط الانظمة السنية واولها السعودية والدوس على كرامتها وكرامة شعوبها والحاقها ملالي ايران واعادة امبراطورية فارس وعلى حساب احفاد الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.هذا السناريو يسير على خطى الخميني ومن ارجعه من باريس

  2. يقول GAREEB:

    الواقع يقول حسب ماهو واضح للجميع أن ايران والسعودية عدوان لدودان لبعض
    فهم يلعبان لعبة القط والفار ؟؟ لمصلحة محددة كما تراها السعودية
    العداوة بينهما كبيرة جدا ولا يمكن ان تكون في يوم من الايام حميمة ؟؟!!

  3. يقول وذان، فرنسا:

    السعودية تحفر قبرها بيدها، تخيلت الاخوان عدوها اللدود، وهو عدو وهمي لا حقيقة له على الارض وراحت تنتقم من أناس مسالمين ،، يترك عدوه الحقيقي لينتقم من الضعيف

  4. يقول foufou lakhdar:

    لعل المملكة وايران وسيلتان في يدامريكا احداهما ظاهرة والثانية مستترة او هكذا اتصور الامر.

  5. يقول صفوان:

    وهل يعتقد البعض ان الحوثيين يستولون على السلطة من دون دعم السعودية .. السعودية تتحالف من الشيطان لاسقاط الاخوان المسلمين .. السعودية دعمت الحوثيين لاسقاط الاخوان باليمن .. السعودية تحتل اليمن بالنفوذ

  6. يقول أحمد جمال:

    فعلاً السعودية فعلت الكثير لإذلال الشعب اليمني. أغنى دولة في العالم بفضل الثروة النفطية المنهوبة من اليمن ومع ذلك فإن جارتها اليمن أفقر دولة في العالم تقريباً. اليمنيون يتحينون الفرصة للانتقام من كل هذا اي اليمن. لكن أتوقع أن الوقت قد حان فعلاً.

  7. يقول المحامي :عدنان بوعركي:

    بدل ان تدعو الرياض الي موتمر قمة عربي لاتخاذ موقف موحد امني وعسكري لمواجهة القوه الجديده التي اصبحت
    كماشه علي حدودها الشماليه والجنوبيه وتجيش الشعب السعودي لقادم الايام . تضع يدها بيد عدوها وكانها تفتح له الضوء الاخضر لانجاز المهمة .لاافهم حقيقه الموقف السعودي المستغرب ليس من العرب فحسب حتي من اعدائهم .الي متي تظل الرياض ارض التوحيد في سبات عميق هل تنتظر النار تشتعل باراضيها واراضي كل المنطقه العربيه لتلتهم الاخضر واليابس.

  8. يقول د م فيصل الغزو:

    ما قاله رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني m16 بان الغرب مسؤول عن نشوء هذا التنظيم نقول وبكل صراحة بان هذا كلام غير صحيح فقادة هذا التنظيم تسيرهم المخابرات التابعة لهذا الشخص المؤسف بانهم يستغبوننا كعرب وهذا حقهم لاننا ما زلنا لا نملك اي قرار بايدينا ولا نملك اي قوة وانا اسال بعض الاسئلة لحكامنا كيف يجري هذا التنظيم اتصالاته علما بان اهم شئ في الجيش هو استمرارية الاتصالات ما بين القيادة والميدان واذا فقدت هذه الاتصالات انهار الجيش واين توجد قيادة هذا التنظيم وكيف تتواصل مع الميدان هم يضحكون علينا ونحن نصدق ولكن اقول بان الايام القادمة فيها الكثير من المفاجات الغير سارة

  9. يقول Khaled:

    للأسف وقعنا في الفخ الأمريكي الإيراني وكل هذا يعود لمعلومات استخباراتية سربت الى دول الخليج لأخافتهم من الاخوان ومن ثم فيلم الرعب الاول داعش واخواتها الطويل ولم يبقى سوى شراء البوب كورن والكولا او البيبسي.

    ليس عندنا سو الدعاء الى الله ليحمي ويحفظ بلادنا التي امنت الأمان والعيش الطيب للجميع وليس فقط لمواطنيها, نعم الملايين نعمت بخيرات هذه البلاد

  10. يقول المحامي :عدنان بوعركي:

    من يتابع الخلفيه المذهبية للرئيس الايراني الحالي سيدرك ان هذا الاخير اشد خطرا من الرئيس السابق احمدي نجاد الذي استعدي الغرب والعرب علي حد سواء فاصبح عدوا للجميع . اما الرئيس الحالي فانه يمارس السياسه الناعمة ليهادن الكل ويقع بهم في النهايه بحفره واحده .الرئيس الحالي من اشد اعداء العرب والمسلمين خصوصا اهل السنه وانه تربي علي ايدي علماء الصفويه التي تلعن ليلا نهارا اهل السنه وتتمني وتسعي الي القضاء عليهم .فهولاء لايمكن ان يلقون التاريخ في عرض البحر كما نفعل نحن بل يبنون عليه مخططاتهم ضدنا ليشفوا به قليلهم .فماذا ننتظر نحن العرب هل ننتظر ان تلتهمنا نار هؤلاء واحدا تلو الاخر . فاين انتم فهل مازلتم نائمون.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية