الجزائر ‘القدس العربي’ : قررت السلطات الجزائرية توجيه الدعوة لشخصيات قيادية من حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظور) من أجل المشاركة في مشاورات تعديل الدستور، التي من المقرر أن يشرع فيها في شهر حزيران / يونيو القادم، وذلك بعد أن كشفت الرئاسة عن مسودة تعديل الدستور المقترحة من جانبها، في انتظار ما ستسفر عنه المشاورات التي سيقودها أحمد أويحيى مدير ديوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وكان أحمد أويحيى الوزير الأول السابق قد وجه الدعوة لثلاثة قياديين يمثل كل واحد منهم تيارا مختلفا، مدني مزراق القائد السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ (الذراع المسلح لجبهة الإنقاذ)، والهاشمي سحنوني القيادي المنشق عن جبهة الإنقاذ، وعبد القادر بوخمخم الذي يمثل القيادة التاريخية للحزب المحظور، وإذا كان سحنوني الذي ساند الرئيس بوتفليقة صراحة في الانتخابات الرئاسية لم يتردد في قبول المشاركة في هذه المشاورات، فإن الموقف هو نفسه تقريبا بالنسبة لمدني مزراق، الذي أثنى على من سيقود هذه المشاورات، أي أحمد أويحيى، علما وأن مزراق يرى في أن هذا الأخير قادر على الذهاب بالمصالحة بعيدا، لو أتيحت له الفرصة، حتى وإن كان لا ينكر أن أويحيى في القاموس السياسي الجزائري ‘استئصالي’ أي أنه كان في سنوات خلت من أبرز السياسيين الرافضين لأي حوار أو تصالح مع الإسلاميين ومع الذين حملوا السلاح منهم.
أما عبد القادر بوخمخم فقد طلب مهلة يفكر فيها، مع العلم أن هذا الأخير كان ضمن قيادة الجبهة التي ألقي القبض عليها في حزيران/يونيو 1991، وأفرج عنه سنة 1994، في إطار الحوار الذي كان الرئيس السابق اليامين زروال قد شرع فيه مع قيادة جبهة الإنقاذ، وكان زروال آنذاك وزيرا للدفاع، قبل أن يعين رئيسا للدولة.
وتأتي هذه الخطوة غير المنتظرة في وقت تبدو فيه السلطة في حرج بسبب الرفض الذي أبدته أحزاب وشخصيات معارضة للمشاركة في مشاورات تعديل الدستور، علما وأنه حتى وإن كانت السلطة قد وجهت الدعوة إلى أكثر من 150 حزبا ومنظمة وشخصية وطنية، إلا أن الأغلبية ممن وجهت لهم الدعوة لا يتمتعون بأي ثقل في الشارع الجزائري، بل إن عددا كبيرا منهم لا يمثل إلا نفسه، كما أن الشخصيات الوطنية التي يمكن تصنيفها في خانة الأحجام الثقيلة لم تبد اهتماما بدعوة السلطة، والأحزاب المعارضة المعروفة بما فيها الأحزاب الإسلامية التي سبق لها وأن شاركت في السلطة بطريقة أو بأخرى قررت قطع الحبل السري مع النظام منذ فترة، وتوسعت الهوة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي أفضت إلى ولاية رابعة.
وكان علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق ومرشح الانتخابات الرئاسية الأخيرة قد أعلن أيضا عن رفضه المشاركة في المشاورات الخاصة بتعديل الدستور، معتبرا أن التعديلات المقترحة من طرف السلطة دليل على عدم استيعاب أصحابها للحقائق، وتكرس سياسة الهروب إلى الأمام، و أنها دليل على أن الذين أعدوا المشروع يبحثون عن حلول للأزمة والانسداد الذي تعيشه البلاد، موضحا أن هذا المشروع يعكس الأهداف الضيقة للنظام ولا يحمل التغيير المنتظر بالنسبة للمواطنين.
كمال زايت