السلع المستوردة تغزو السوق المصرية على حساب الصناعة المحلية والإعلام يستضيف أنصاف علماء ليتحدثوا باسم الدين

حسنين كروم
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: رغم أن معرض أيديكس للأسلحة استحوذ على الاهتمام الأكبر في الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 4 ديسمبر/كانون الأول، وفي الكثير من المقالات والتحقيقات، إلا أن اهتمام الأغلبية اتجه لمعركة الفستان الذي ظهرت بها الفنانة رانيا يوسف، في ختام أعمال مؤتمر القاهرة السينمائي الدولي الأربعين واظهارها لمناطق واسعة حساسة من جسدها، وامتد الاهتمام إلى غالبية التعليقات والأعمدة.

الحكومة تتجاهل الأزمات وزيادة المعروض من السلع الغذائية ليست حلا دائما والمستهلكون يدفعون الثمن

وكان الاتجاه الغالب هو الاستكار وتأييد قرار إحالتها إلى المحاكمة في الثاني عشر من الشهر المقبل. واعتذارها بانها لم تقصد ذلك. كما امتد الهجوم ضد نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي لأنه دافع عنها بعد أن كان قد هاجمها، كما تباكى كثيرون على انهيار الأخلاق الذي يضرب المجتمع المصري، وحاول أحدهم وهو محمد عصمت في «الشروق» تحميل المشكلة لثورة يوليو/تموز والسادات! وكان لافتا الاهتمام الواسع من المعلقين بالأحداث في فرنسا وعمليات التخريب التي قام بها أعضاء «السترات الصفراء» احتجاجا على زيادة أسعار الوقود، رغم أن التركيز على هذه الازمة قد يدفع الكثيرين في مصر إلى التساؤل عن عدم قيامهم بالشيء نفسه ردا على رفع الحكومة لأسعار الوقود والكهرباء والمياه والخدمات بالإضافة إلى الارتفاعات في أسعار السلع، لكن اتضح أن الاهتمام الزائد بها كان له هدفان، الأول تحذير الناس من الخراب الذي يمكن أن يحل ببلادهم، إذا ما قلدوا أصحاب «السترات الصفراء». والثاني الشماتة في الأوروبيين وتمني أن يمتد الخراب إلى دول أوروبية أخرى، بسبب دعمها لدعاة من يسمون أنصار حقوق الإنسان وثورة يناير/كانون الثاني.
وأبرزت الصحف تقرير وزارة التضامن الاجتماعي عن نتائج التحقيقات التي أجرتها في ما نسب إلى مستشفى سرطان الأطفال 57357 من اتهامات، فقالت إنها غير صحيحة ولم تقع مخالفات مالية، أو صحية، إنما بعض الأمور الإدارية، التي تم تنبيه المسؤولين في المستشفى لعلاجها، وكذلك تحذير الدكتورة منى سالم أستاذة طب الأطفال في جامعة عين شمس من أن عدد المصابين بمرض السكر يرتفع من ثمانية ملايين ومئتي ألف إلى ستة عشر مليونا وسبعمئة ألف في عام 2040. كما تواصلت معارك الإسلاميين والهجوم على الدكتور سعد الدين الهلالي استاذ مقارنة الأديان في جامعة الأزهر بسبب فتواه التي أيد فيها تونس في قرارها المساواة في الإرث بين الذكر والأنثى. وإلى ما عندنا من أخبار..

محافظ القاهرة

«لم يَردّ محافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال على ما نشره أحمد عبد التواب في «الأهرام» فور توليه المسؤولية، قبل ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، عن كيفية وأسباب اختفاء سلال القمامة الجديدة من الشارع الوحيد الذي قيل إنه جرى تطويره في منطقة البورصة في وسط البلد، مباشرة بعد احتفال افتتاح المشروع وتسجيل المشهد الذي كانت السلال جزءاً مهماً في إخراجه! ولو كان السيد المحافظ ردّ فقط بالاستجابة للمضمون، فكان هذا أهم من الرد برسالة، رغم ما في الرسالة من أهمية لأنها تحترم الرأي العام وتضعه في الاعتبار. لكنه لم يردّ في أي صورة. وقد قلت في السياق إن هناك عقلية سائدة في عمل المحليات لا يهمها سوى المنظرة والإيحاء بالإنجاز وتصوير ما يهمهم الترويج له، وكأن الهدف الوحيد هو رفع هذه الصورة إلى القيادات العليا، ثم تأتي الجريمة التي يزيد العمد من جسامتها، بهدم بعض ما كانوا يخططون لهدمه بعد تسجيله، ومع ذلك، فلا يزال هنالك أمل في أن يُجري السيد المحافظ تحقيقاً في الموضوع الذي حدث قبل توليه المسؤولية، لمحاسبة المخطئ، وللاستدلال على الأسباب الحقيقية لما حدث، لعلاج الجذور، خاصة أنها صارت تصرفات شائعة متكررة. والحقيقة أن مسؤولية محافظ القاهرة مضاعَفة، لأنه يزيد على المحافظين الآخرين بأنه مسؤول عن العاصمة، كما أن نحو رُبع السكان يقطنونها ويترددون عليها يومياً، وفق بعض الإحصاءات، أي أن كل هؤلاء يتأثرون إيجابيا بكل إنجاز، وسلبياً بكل تقاعس. كما أن القاهرة هي المثال الذي يحتذى، فعندما كانت مدينة جميلة نظيفة متطورة، كما تبدو في أفلام الأبيض والأسود، تبعتها المدن الأخرى، حتى تفوق بعضها على مدن أوروبية. ولما تدهورت القاهرة، فقدت المدن المصرية الأخرى القدوة، فحدث التدهور الرهيب. إذا كانت الحلول الجذرية لأزمة المرور ولمشكلة المخلفات ومثلهما من الكوارث تتطلب توافر أشياء يصعب توفيرها بسرعة، فقد تكون البداية بما هو متاح، بدون اعتمادات ضخمة وعملة صعبة وخبراء أجانب، بالاهتمام بسلال القمامة ووضع لافتات بأسماء الشوارع وبأرقام المنازل وساعات فب الميادين والشوارع تُنبِّه الناس إلى قيمة الوقت».

ما بين الأخلاق والقانون

وعن الفارق بين الأخلاق والقانون يتحدث زياد بهاء الدين في «الشروق» قائلا: «من سمات المجتمعات الحديثة أن يكون لكل من القانون والأخلاق فيها مجال مختلف عن الآخر، بحيث يتمتع بمساحته وحدوده وأدواته وكذلك بالعقوبات التي يواجه بها من لا يحترمه. ولأنهما مختلفان فإن الفوارق بينهما كثيرة ومهمة. القانون يجب أن يكون صادرا من السلطة التشريعية ومكتوبا ومنشورا بشكل رسمي، بينما القاعدة الأخلاقية تكون معروفة ومتداولة بين الناس بدون أن تكون مكتوبة أو محفوظة في سجل معين. ولهذا ينص الدستور على أنه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص، للتأكيد على أن القانون يجب أن يكون ثابتا فلا يثار بشأن وجوده أي غموض أو التباس. ومع ذلك فإن هذا لا يعني أن القاعدة الأخلاقية تكون بالضرورة غامضة أو مجهولة، بالعكس فالغالب أن يكون الناس على دراية بما هو مقبول أو غير مقبول أخلاقيا ــ أي العيب ــ أكثر من علمهم بالقوانين، خاصة ما لا يتصل بحياتهم اليومية. والجريمة في القانون، بالاضافة للكتابة والنشر، يجب أن تكون محددة تحديدا بالغ الدقة، لأن ارتكابها تترتب عليه عقوبات جنائية، بينما العيب لا يكون محددا بهذه القطعية، بل يخضع لتقديرات متنوعة، قد تختلف من بلد إلى بلد، كما تختلف داخل البلد نفسه، وأحيانا من حي في المدينة إلى حي آخر. فالقانون جوهره الدقة والقطعية، بينما الأخلاق طبيعتها التقدير والتنوع. والعقوبة في القانون بدورها محددة ولا يجوز التوسع فيها، مثل الغرامة والحبس والسجن والإعدام، بينما مخالفة القاعدة الأخلاقية لها عقوبات، أو بالأحرى عواقب من نوعية مختلفة تماما وشديدة التنوع، منها التجاهل والمقاطعة والاحتقار وسوء المعاملة وهكذا. وهذا بدوره لا يعني أن العقوبة الجنائية بالضرورة أشد من الرادع الأخلاقي، بل قد يكون العكس هو الصحيح. غالبية الناس قد لا تكترث بدفع غرامة ــ خاصة لو كانت قليلة القيمة ــ ولكن يؤلمها أكثر أن تكون محل احتقار أو تجاهل من جيرانها وأصدقائها وزملائها في العمل. وقد يصل الرادع الأخلاقى لحدود قصوى فيجد المخالف نفسه مضطرا لترك حياته السابقة والبدء في سكن أو محل إقامة جديد، لأن الحياة في ظل العيب الذي ارتكبه صارت مستحيلة. ومع ذلك فإن القانون والأخلاق ليسا منفصلين تماما لأن الأخلاق يمكن أن تكون أساس القانون، فيصدر عندئذ تشريع يجرم سلوكا أخلاقيا معينا ويحدد له عقوبة، على نحو ما هو الحال في جرائم السب والقذف وغيرها. وهنا نكون حيال قيمة أخلاقية تحولت إلى نص قانوني، وبالتالي إلى جريمة فانتقلت بذلك من مجال الأخلاق إلى مجال القانون. ولكن المهم ألا يكون هناك تداخل بينهما، فلا يجري تطبيق عقوبة قانونية على مخالفة قاعدة أخلاقية لم تتحول لنص تشريعي آمر. مخالفة القاعدة الأخلاقية ليست أمرا بسيطا وعواقبها قد تكون وخيمة على المخالف لأنه قد يعرض نفسه للاحتقار والمهانة وهي تدابير لا تقل شأنا عن العقوبة الجنائية بل أحيانا تزيد. ولكن المهم أن يظل لكل من الأخلاق والقانون مساحته ومجاله وعواقبه، بدون تداخل بينهما وإلا ضاع أساس الدولة المدنية الحديثة. هذا هو ما ينبغي أن يشغلنا ويكون محلا للنقاش بيننا وليس الرداء ولا صاحبته».

المسبار الاقتصادي

«يصدر القرار الاقتصادي فيطلق حوله هالات حارقة أكثر سخونة من مركز القرار ذاته. كما يقول مدحت نافع في «الشروق»، قرار بفرض ضريبة على أدوات دين حكومية على سبيل المثال، قد لا يأتي بإيرادات تذكر إذا ما نظرنا إلى سعر الضريبة ووعائها. كذلك يمكن أن يكون العائد «الصافي» للقرار سلبيا على أكثر من نحو، خاصة إذا لاحظنا حركة تدفق الأموال في البورصة، وإعادة توزيع الاستثمارات، بعيدا عن أسهم البنوك التي من المتوقع أن تتضرر بهذا القرار أكثر من سواها من مؤسسات. هالات ساخنة ضارة أطلقها قرار جوهره تعظيم الإيرادات الحكومية ومعالجة التشوهات الضريبية. قرار آخر بتحرير سعر صرف الدولار الجمركي على سلع الرفاهية ومنها السيارات المستوردة، التي كان يتوقع الجميع أن تنخفض أسعارها مع إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية. الهالات التي صنعها القرار يمكن أن تنعكس بسرعة فائقة على سوق صرف العملات الأجنبية، فقد خلق على الفور ازدواجية في سعر صرف الدولار لصنفين من السلع، أحدها موصوم بكونه صنف سلعة رفاهية، والآخر من صنف السلع الأساسية (على صعوبة تقدير وتصنيف السلع على هذا المعيار الفضفاض المتغير عبر الزمن والدول). صحيح أن سعر صرف الدولار الجمركي لسلع الرفاهية هو ذاته سعر البنوك، لكن أثره على الأخير سوف يأتي في صورة صدمة جديدة لسعر الصرف، يخشى أن تؤدي إلى تقييده من جديد وخلق سوق موازية تقضي تماما على الآثار الإيجابية للتعويم، هذا بخلاف الآثار التضخمية المعجلة للقرار، التي لن تطال السلع الرفاهية أو المستوردة فقط، ولكن كل السلع الأخرى التي تصلح بديلا أو مكملا لتلك السلع. فارتفاع أسعار السجائر المستوردة يزيد الطلب على السجائر المصنوعة محليا ويرفع أسعارها، وكذلك الأمر مع المركبات ذات المكون المحلي، التي تدخل في منافسة مع السيارات المستوردة وتتأثر بارتفاع أسعارها وانخفاضه. قرارات اقتصادية بتحريك بعض أسعار مصادر الطاقة، تصنع هالات مؤثرة على القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية، وتترك آثارا تضخمية وتؤثر على مستويات التشغيل بأكثر من وجه… فهل العائد من القرارات يساوى التكلفة؟ سؤال مهم لن نعرف إجابته بدون تقدير علمي قياسي كمي (كلما أمكن) لتداعيات الصدمات على المتغيرات الاقتصادية، وعلى مصفوفة الحسابات الاجتماعية بشكل رئيس».

الرقابة والتوزيع

ينص التوصيف الوظيفي لإنشاء وزارة التموين على أن مهامها الرئيسية هي «الرقابة والتوزيع»، كما يقول نادر نور الدين محمد في «المصري اليوم»، والرقابة هنا تشمل جميع السلع التي يتم تداولها في الأسواق المصرية، بدءا من قطع غيار السيارات وحتى غش الوقود والمبيدات والسلع الغذائية. أضاف الرئيس جمال عبدالناصر مهام جديدة للوزارة حين أصدر قرارا بإنشاء الهيئة العامة للسلع التموينية، لتوفير احتياجات الشعب المصري من جميع السلع الاستراتيجية، سواء بالشراء من الأسواق المحلية أو بالاستيراد، ولذلك كان تسلم الوزارة لمحاصيل القمح والذرة لاستخدامها في إنتاج الرغيف البلدي ومعها الأرز، واستكمال باقي احتياجات الشعب المصري بالاستيراد. وبالمثل تطرق الأمر إلى استيراد كامل زيوت الطعام والعدس وأغلب احتياجاتنا من الفول والسكر واللحوم الحمراء والدواجن والألبان المجففة. وصل الأمر بهيئة السلع التموينية خلال الفترة ما بين عامي 1967 وحتى 1973 إلى أن استوردت مستلزمات ورش النجارة والموبيليا، ثم استيرادها للسمن البقري حتى ثمانينيات القرن الماضي، ومنعت العديد من أزمات الدقيق والسمن واللحوم والسكر وزيوت الطعام ومستلزمات الورش، حيث كانت تستورد نحو 77 سلعة لدعم أنشطة الاقتصاد القومي. وعند تولي الدكتور عاطف عبيد لرئاسة مجلس الوزراء وكان مؤمنا بتحرير التجارة وخروج الدولة منها، التحول من الرؤية الخدمية لوزارة التموين إلى الرؤية الربحية، فتقل تبعية المجمعات التعاونية إلى وزارة الاستثمار، ولكن ذلك لم يتحقق على مدار عشرين عاما، حيث لم تحقق الأرباح إلا شركات السكر فقط من إجمالي 44 شركة. هذا الأمر لم يخل بتدخل الدولة ومراقبتها للأسواق وتقديمها للدعم والتوسع فيه، حيث حدثت أزمة كبيرة في أسعار المخبوزات والبقول والمكرونة والأرز والزيوت والسكر، بسبب أول قرار لتحرير الجنيه المصري ووصوله إلى سبعة جنيهات، بما أدى إلى توقف القطاع الخاص عن استيراد السلع، بما فيها دقيق فينو المدارس، وسرعان ما تدخلت الدولة لشعورها بالمسؤولية الاجتماعية.. ونرى أن مسؤولية تحديد المستحقين للدعم تقع على عاتق وزارة التضامن الاجتماعي والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بما لديه من بيانات الفقراء. يتطلب الوقت الحالي عودة وزارة التموين إلى مهامها في «الرقابة والتوزيع» وتوفير احتياجات الشعب المصري من السلع الاستراتيجية وضبط انفلات الأسعار، وأيضا تطبيق التجارة الشريفة وخفض أسعار السلع التي انهارت في البورصات العالمية من شهور طويلة ولم تتراجع في مصر ومثالها حاليا السكر وزيوت الطعام والألبان المجففة.. التحول إلى الخصخصة ليس الهدف منه الشفاء من صداع في رأس الحكومة، فالقطاع الخاص له أخطاؤه التي تتكرر مع تحرير العملة وتقلبات الأسواق العالمية فتتوقف عن استيراد السلع الرئيسية وأيضا المبالغة في رفع الأسعار، وهو ما وضح بعد تخارج الدولة من استيراد المبيدات وتقاوي البطاطس منذ عام 1994 التي كانت تقوم بها الهيئة الزراعية فتضاعفت أسعارها، وبالمثل ما حدث في استيراد القطاع الخاص لقمح متدني الدرجة، ما أحدث أزمة تموينية طاحنة. من المفترض أن تعود وزارة التموين لمهامها في «الرقابة والتوزيع» ثم استكمال حاجة الشعب من السلع الأساسية محليا وبالاستيراد واتركوا تحديد المستحقين للدعم للوزارات المختصة، ولا تتركوا الأسواق مرتعا لبعض الجشعين، لأن انفلات الأسعار يقلل من الرضا العام عن الأداء الحكومي، وأن تقييم نجاح الحكومات في العالم يتم وفقا لنجاحها في تثبيت الأسعار، والأمر يحتاج إلى إحكام الرقابة والاستعداد للتدخل عندما يتطلب الأمر، خاصة في سلع الفول والدقيق والبطاطس والطماطم والبصل وزيوت الطعام والسكر والأرز والدقيق وغيرها».

حالة الفراغ

عطية أبو زيد في «الأهرام» يقول في مقاله: «نعيش حالة من الفراغ.. كلٌ منا يعيش في فقاعة هشة ستنفجر مع أول احتكاك بالواقع ..نغوص في عالمنا الخاص ولا نرى عيوبه، وأعيننا جميعاً على عوالم من حولنا نسعى للتغير ولكن لكل ما هو بعيد عنا ولا يخصنا. ندلو بدلائنا في قضية فقهية غاية في التخصص، ولم نحاول من قبل أن نقترب منها، ولكنها مناسبة لـ «الهري». خَونّا سعد الهلالي، ولم يسلم فضيلة شيخ الأزهر، ولا فضيلة المفتي السابق. المهم أن نستمر في «الهري» وتظل أصابعنا تتحرك على مفاتيح أجهزتنا الإلكترونية.. من منا يفهم الحالات التي ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر، والحالات التي يرث فيها الذكر أكثر من الأنثى، وحالات تتساوى فيها الأنصبة.. وغيرها من المسائل الفقهية الدقيقة.. ومَن مِن العامة يفهم شروط صحة الوصية وحالات جواز الإيصاء للوارث. المهم أن نستمر في «الهري» بجهالة من أجل إثبات أننا علماء ، تصدينا لقضية غاية في الدقة وتركنا قمامتنا في الشوارع بالمخالفة الصريحة لتعاليم القرآن والسنة وكل الديانات السماوية، ولم ننتبه إلى أننا أصبحنا مقيمي شعائر فقط ولم يعد للإيمان مكان في قلوبنا قط. انشغلنا بفستان رانيا يوسف ونسينا العاجزين عن تدبير معيشتهم وابنائهم، وتناسينا عن قصد معركتي البناء ومكافحة الإرهاب التي تخوضهما مصر».

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة ووزرائها الذين اهتم بهم كتاب في «الأخبار» حيث قال عنها وعنهم حازم الحديدي: «رغبات المواطنين، ليس لها أدنى وجود في ظل نظام «هو كده» الذي تتبعه الحكومة لفرض ما تراه مناسبا لهم، فلا مكان ولا وقت لدى الحكومة للانشغال بهذا الذي يسمى «رغبات المواطنين» ولكن ولله الحمد كسر رئيس الحكومة هذه القاعدة منذ ساعات عندما قرر أن يوزع «استمارة رغبات» على المواطنين المضارين من تطوير «جزيرة الوراق» ليختاروا بين المقابل المادي أو السكن البديل، أو إعادة التسكين بعد التطوير، وفي رأيي أن ما فعله رئيس الحكومة يمثل نقلة نوعية في حياة المواطن الذي كان يعلم علم اليقين أن محدش بيعمله حساب».

الميتون يشكرون

أما عبد القادر محمد علي في «الأخبار» فقال: «باسم مليار ميت يتقدم الاتحاد المصري للميتين بجزيل الشكر والعرفان إلى الأستاذة الدكتورة سامية حسين رئيسة مصلحة الضرائب العقارية على قرارها التاريخي بإعفاء المقابر من دفع الضريبة».

قرارات صائبة

أما زميلتهما في «الأخبار» نهاد عرفة فأشادت بوزير المالية الدكتور محمد معيط وقالت عنه:
«القرارات التي أصدرتها وزارة المالية حماية للصناعات المصرية قرارات صائبة، وإن تأخرت كثيراً لقد غزت السلع المستوردة السوق المصري منذ سنوات بأسعار تقل كثيراً عن مثيلاتها لدينا، وبطريقة ممنهجة للقضاء على المنتجات المصرية وكان لذلك تأثير كبير على إغلاق الكثير من المصانع وتسريح العمالة وخراب البيوت، ولكن سياسة فتح السوق للسلع المستوردة بدون قرارات جمركية لحماية الصناعات المصرية، أدت إلى سياسة رأسمالية بحتة ما أدى إلى إغلاق الكثير من المصانع، وتنامي سياسة الاحتكار التي لا يهمها سوى المال القرارات، التي صدرت مؤخراً من وزارة المالية ستساهم في نمو الصناعة المصرية وزيادة الصادرات وتقليل نسبة البطالة ودعم الخزانة العامة من العملة الصعبة، وفي الوقت نفسه لا تلغي سياسة السوق المفتوح فلماذا كل هذا التبرم والرفض من البعض، في وقت تعاني مصر ونعاني جميعنا، فمن يريد أن يستورد فليدفع ومن يريد أن يشتري السلع الكمالية فليدفع وكفانا من سياسات التبرم والرفض لكل قرار صائب».

الأغذية الرئيسية للمصريين

لكن الحكومة تسببت بتجاهلها الأزمات التي يمكن أن تحدث في الغذاء في أزمة البقوليات مثل، العدس والفاصولياء واللوبياء، والأهم الفول المدمس، وهي الأغذية الرئيسية للمصريين، بحيث تستعد لها وهو ما عالجه في «الأهرام» عصام الدين راضي في تحقيق له جاء فيه: «قال علي عبد الله زين الدين مستورد حبوب، إن وزارة التموين تعمل جاهدة على السيطرة على ارتفاع أسعار البقوليات في الأسواق، من خلال زيادة المعروض، ولكن هذا التوجه ليس حلا دائما، بل يعتبر حلا مؤقتا لن يستمر طويلا وتعود الأسعار للارتفاع مرة أخرى، وسوق الحبوب تتم إدارتها بشكل عشوائي فلا توجد دراسات عن احتياجات السوق الحقيقية في السلع المختلفة ووقت ذروة الإقبال على سلع بعينها، ووقت الوفرة، كما يعمل الكثير من الدول، فالعمل بهذه الثقافة يستفيد منه المحتكرون فقط وجميع المستهلكين يدفعون ثمن زيادة السلعة والبقوليات وعلى رأسها الفول سلع رئيسية للمستهلك المصري، ولا يخلو أي منزل منها خاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، والاعتماد على سد الفجوة فيه عن طريق الاستيراد لم يحدث بين يوم وليلة لأنها موجودة منذ عشرات السنين، ولكن للأسف الشديد لم تعمل أي جهة حكومية على علاجها من خلال تشجيع الفلاحين على زراعة البقوليات، وعلى رأسها الفول، بل تركتهم فريسة لالتهام الأمراض للفول حتى قضت عليه تماما في منطقة الدلتا، والأمل الوحيد في تراجع معدلات الاستيراد من محصول الفول ستتحقق في هذا التوسع في زراعة مساحات واسعة منه في الأراضي الجديدة التي لم تصل إليها أمراض وآفات الفول التي تنتشر في الأراضي القديمة».

معارك الإسلاميين

وإلى هجوم مصطفى جمال في جريدة «فيتو» ضد الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ مقارنة الأديان في جامعة الأزهر بسبب فتواه بتأييد تونس في المساواة بين الذكر والأنثى في الإرث، إذ أورد له مصطفى فتاوى أشد غرابة قال عنها: «الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر خلال السنوات القليلة الماضية بزغ نجمه وارتبط اسمه بفتاوى يمكن وصفها بالشاذة، لاسيما أنها دائما تأتي على خلاف ما عرفه الشرع والمصريون. الهلالي التحق كمعيد في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر عام 1979 وتدرج إلى أن وصل إلى درجة الأساتذة، ولا يكف بين الحين والآخر عن إطلاق الفتاوى الشاذة. القاعدة التي ينادي بها الهلالي قد يكون في ظاهرها جزء من الحقيقة، إلا أن أهل العلم ردوا عليها بأن البشر متفاوتون في الفهم وفي الثقافة وليس الجميع على طبقة واحدة، وأن هذه القاعدة فيها تشتيت للسائل كما أنها تفتح باب الترخص في الشرع، وهو أن الإنسان يبحث في كل مسألة عن الأشياء التي ترضيه فقط، أو تحقق له المصلحة، ومن المعروف أن الترخص منهي عنه في الشرع الحنيف، لأنه يجعل الناس يتبعون زلات العلماء وليس الأقوال الصحيحة منها، وكان آخر الفتاوى التي أطلقها الهلالي والتي أحدثت حالة من البلبلة، تأييده إلى ما ذهبت إليه تونس بإقرارها قانونا يقضي بالتساوي بين الذكر والأنثى في الإرث، ومن أكثر الفتاوى التي هزت الرأي العام أنه اعتبر الراقصة شهيدة، مشيرا إلى أن الشهيد هو كل من مات من دينك وهو على وجه الحق، وقال لا بد أن نفرق بين ما إذا كانت خارجة للرقص أو خارجة لكي تقضي حوائج حياتها اليومية مثل، الحصول على المأكل والمشرب. وأضاف أنها لو قتلت وهي في طريقها للحصول على المأكل والمشرب فهي شهيدة، ولم يكتف الهلالي بهذا القدر، بل تمادى في تدليله للراقصات، معتبرا أن قتلها إذا نزلت للتظاهر ضد الفساد أو الظلم، أو كانت ذاهبة إلى عمل خير، ثم غرقت أو احترقت، أو انهدم عليها جدار أو طعنت بآلة حادة أو قتلت بطلق ناري يجعلها في مرتبة الشهداء».

رب ضارة نافعة

وفي جريدة «عقيدتي» قال جمال سالم: «رب ضارة نافعة، هذا ما تؤكده الأحداث العديدة على الساحة الدينية، خاصة في ما يتعلق بالرد على منكري السنة النبوية والمشككين في حجيتها، حيث حولت الكثير من الغافلين إلى اليقظة خوفا من الوقوع فريسة لأعداء الدين الظاهرين والمتأسلمين، الذين يحمل بعضهم لقب باحث إسلامي مستنير. يا سادة المتآمرون يخططون وينفذون بشكل مباشر أو غير مباشر مستغلين بعض القنوات الفضائية التي تروج لكل من هب ودب، في وقت انحسرت فيه الفضائيات الدينية كما وكيفا، لعنة الله على الإعلام الذي يقوم باستضافة أنصاف وأرباع علماء ومتطفلين ليتحدثوا باسم الدين، ويقول الواحد منهم عن الفقهاء الذين يهاجمهم ويسخر منهم نحن رجال وهم، وهم في الحقيقة عملاء لأجندات مشبوهة تشغل الأمة عن القضايا الكبرى في حياتها، في الوقت الذي ينشغل فيه الأعداء بتنفيذ مخططاتهم في تفتيت الأمة إلى دويلات متصارعة».

كوكتيل ماكرون

عماد الدين أديب في «الوطن» يتساءل: «لماذا تفشل الثورات وينجح الإصلاح؟ لماذا كل انتفاضة شعبية صادقة ونبيلة تمت سرقتها، وتم اختطاف أهدافها، وتزوير نتائجها لصالح قوى تنتمي – أساساً- للثورة المضادة؟ لماذا تنقلب الثورة على ثوارها، وتأكل الثورة أبطالها، ويحدث الهدم ولا يحدث البناء وتسقط الرموز ولا تسقط الأنظمة، ويتبدل الرجال ولكن لا تتبدل قيم المجتمع؟ ماذا يحدث حينما يثور الناس ضد الإصلاح؟ وكيف نفسر أن يرفض الثوار أن يأخذ المريض المحتضر الدواء المر الذي يجب أن يتجرعه حتى يُشفى مما يعانيه؟ إذا أردت أن تفهم كل هذه القصة وترى بنفسك مأساة «خيبات الأمل الكبرى» التي تحيط بالثوار الذين تُسرق منهم ثورتهم ويختطفها أقصى اليمين وأقصى اليسار، ويندس داخل حركتها السلمية الغوغاء واللصوص والمخربون والبلطجية، أنظر إلى ما يحدث الآن في فرنسا. تاريخ فرنسا مع الثورات والانتفاضات الشعبية هو تاريخ دفع فواتير باهظة لأهداف لا تتحقق، بل تنتهى بنتائج عكسية وسلبية. ومنذ 22 سبتمبر/أيلول 1792، أي تاريخ تأسيس الجمهورية الفرنسية الأولى، والبلاد تعيش على مدار خمس جمهوريات حالة من التناقض بين «فكر ومبادئ وأنظمة وهياكل» شعبوية تدغدغ مشاعر الجماهير، لكنها في الوقت ذاته مضطرة إلى انتهاج سياسات واقعية براغماتية غير قادرة على دفع الفاتورة الباهظة لدولة الرعاية الاجتماعية والمكتسبات الاشتراكية. حتى أقصى اليمين التابع للسيدة لوبين يستمتع بمزايا الرعاية الاجتماعية الاشتراكية على مستوى الحياة اليومية، لكنه يتظاهر من أجل سياسات اجتماعية وشعارات يمينية تؤمن بالاقتصاد الحر وتعادي المهاجرين وتسعى للتميز الطبقي والعرقي والعنصري. فرنسا اليوم في مشهد متكرر للورطة التاريخية ذاتها بين «ما تريده وما عليها أن تدفعه»، إنه شعب يريد الإصلاح ولكن لا يرغب في أن يتنازل عن أي مكسب سابق حصل عليه ولا أن يسدد أي فاتورة للإصلاح. اختار إيمانويل ماكرون أن يكون الطبيب الماهر الذي يداوي أمراضه المتراكمة، لكنه الآن يرفض أن يتناول الدواء المر الذي يتعين عليه أن يتجرعه. معضلة الاقتصاد الفرنسي صريحة وواضحة، فهى باختصار تعبير رقمي عن شعب يستهلك أكثر مما ينتج، ويحصل على فاتورة رعاية اجتماعية أضعاف أضعاف ناتج دخله القومي. في هذه الحالات، الحقيقة الواضحة هي، إما مضاعفة الدخل أو تخفيض فاتورة الامتيازات التي توفرها الدولة، أو رفع المداخيل السيادية مثل الضرائب والجمارك والرسوم بكل أشكالها. وما قام به الرئيس ماكرون هو «كوكتيل» ما بين تحفيز الاستثمار، ورفع الضرائب والرسوم، وتخفيف الامتيازات الحكومية. يبلغ تعداد سكان فرنسا قرابة الـ70 مليوناً يعيش 72٪ منهم في المدن الكبرى، ويبلغ سكان العاصمة باريس 9.5 مليون، وإذا أضفنا إليهم سكان الضواحى والأطراف تصبح 12 مليوناً، لذلك ليس غريباً أن يكون أكبر التظاهرات في العاصمة والمدن مثل: ليون، وتولوز، وليل، ومارسيليا. الاقتصاد الفرنسي هو الثالث أوروبياً من ناحية الدخل القومي، والسادس عالمياً، ويبلغ متوسط دخل الفرد قرابة ثلاثة آلاف يورو شهرياً، ويحصل أصحاب المهن الحرة غير المنتظمة على متوسط دخل يبلغ ألفاً وستمئة يورو شهرياً. معدل البطالة يصل إلى 10٪ حسب الأرقام الرسمية، وأكثر من ثلثي الذين يعانون من البطالة في سن الشباب. من هنا يمكن أن نفهم حالة غضب الشباب من صعوبات الحياة واستنكارهم لفاتورة العلاج المؤلمة التي وضعها لهم ماكرون بعد 18 شهراً من انتخابهم له. ثورة ذوي «السترات الصفراء» ثورة إلكترونية نمت وكبرت وتحركت على وسائل التواصل الاجتماعي، أرادت أن تقوم باعتراض سلمي مدني للتعبير عن خيبة أمل. وهكذا يكرر التاريخ نفسه منذ الثورة الفرنسية إلى ثورة الشباب الفرنسى في مايو/أيار 1968 إلى ثورة الضواحي في عهد الرئيس جاك شيراك عام 2005 إلى الاعتراضات على إصلاحات ساركوزي وأولاند إلى النتيجة ذاتها النتيجة دائماً هي إسقاط الحل المطروح، بدون إيجاد حل أو بديل أفضل. «إرحل».. «إرحل» بدون أن يأتى الأفضل، «الشعب يريد إسقاط النظام» بدون أن يكون هناك تصور لأي نظام يريدونه. فكرة «أهدم الحالي» بدون أن يكون هناك تصميم ومخطط للبناء الجديد الذي نحلم به. يخرج الشباب إلى الشوارع بعفوية وطهر ونقاء، ولكن يندس بينهم من يحرق السيارات ويخرب الممتلكات العامة ويسرق محلات الطعام والمخابز، لست أعرف ما هو ذلك العمل الثوري الذي يخلع أبواب محلات شانيل وديور ومحلات الآيس كريم وحلوى الشوكولاتة في شارع الشانزليزيه؟ تطلب الحكومة من المتظاهرين الحوار، فيردون كما رد شباب المتظاهرين في التحرير وتونس ودرعا وكييف: «لا توجد لدينا قيادة، ولا يوجد متحدث باسمنا» إذن، إذا كان لا يوجد متحدث، ولا يوجد برنامج، ولا سقف زمني، فما هو المطلوب؟ اقرأوا كتاب جين شارب: «كيف تقلب الحكم من الشارع؟»، وسوف تعلمون أن المطلوب هو الفوضى».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الكريم البيضاوي.:

    العالم يبحث ويفتش ويخترع, الحافظ للشيء , المردد له يسمى فقيها ” يفقه في مجاله عن طريق القراءة والحفظ “.

إشترك في قائمتنا البريدية