رئيس الوزراء برر التغيير الوزاري بالحاجة لتقييم أداء الحكومة استجابة لرغبة الشارع الذي خرج يوم 30 حزيران/يونيو الماضي، مطالباً بتصحيح مسار الثورة، وإجراء تعديلات على طاقم الحكومة ليتناسب والمرحلة الجديدة.
الخرطوم-“القدس العربي”:أجرى رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك تعديلا وزاريا قضى بتكليف سبعة وزراء بعد تقدم جميع أعضاء الحكومة باستقالتهم التي قبل بدوره ستة وأقال معهم وزير الصحة دكتور أكرم علي التوم، فيما ينتظر ان تجري مشاورات واسعة داخل تحالف الحرية والتغيير الحاكم لاختيار شاغلي المناصب الوزارية الجديدة وسط توصيات بتفكيك عدد من الوزارات في التشكيل المقبل.
وأشار بيان مجلس الوزراء الصادر الجمعة الماضية إلى أن رئيس الوزراء قبل استقالة كل وزيرة الخارجية، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، وزير الطاقة والتعدين، وزير الزراعة والموارد الطبيعية، وزير النقل والبنى التحتية، وزير الثروة الحيوانية. كما أصدر قراراً بإعفاء الدكتور أكرم علي التوم وزير الصحة حسب البيان.
كما كلف رئيس الوزراء عبدالله حمدوك سبعة وزراء للقيام بتصريف أعمال الوزارات، عمر إسماعيل قمر الدين، لوزارة الخارجية، د. هبة أحمد علي، لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، المهندس خيري عبد الرحمن، لوزارة الطاقة والتعدين، د. عبد القادر تركاوي، لوزارة الزراعة والموارد الطبيعية، المهندس هاشم ابنعوف، وزارة البنى التحتية والنقل، د.عادل فرح إدريس، وزارة الثروة الحيوانية ود. سارة عبد العظيم حسنين، وزارة الصحة.
وكان مجلس الوزراء الانتقالي عقد اجتماعاً طارئاً صباح الخميس بدعوة من رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك، الذي أشاد بالوزراء وقبولهم للتكليف في هذه الظروف الصعبة وقال “إن الوزراء أرسوا تقليداً جديداً في العمل العام من خلال ما أبدوه من تفانٍ وإخلاص ونزاهة”.
مشيرا إلى الحاجة لتقييم أداء الحكومة استجابة لرغبة الشارع الذي خرج يوم 30 حزيران/يونيو الماضي، مطالباً بتصحيح مسار الثورة، وإجراء تعديلات على طاقم الحكومة ليتناسب والمرحلة الجديدة.
وأتت هذه التغييرات في ظل تباين في الآراء داخل تحالف الحرية والتغيير حول خطوة رئيس الوزراء، حيث قال القيادي في التحالف والحزب الشيوعي صديق يوسف في تصريحات مقتضبة “لم تتم مشاورتنا في هذه التغييرات وسمعنا بها من التلفزيون فقط مثلنا مثل غيرنا”.
بينما قال خالد عمر يوسف عضو تنسيقية الحرية والتغيير لوكالة الأنباء السودانية الرسمية، إن التعديل الوزاري الذي تم قبل أيام كان حصيلة لمناقشات طويلة لرئيس الوزراء حيث أنه يعد واحدا من المهام الموضوعة في المصفوفة بتقييم أداء الوزراء وإجراء تعديل بغرض تقوية بنية الحكومة التنفيذية وقال “إن التغيير لم يكن مفاجئا حيث أن رئيس الوزراء قبل 30 حزيران/يونيو التقى بمجلس قوى الحرية والتغيير وأخطرهم بأنه أجرى تقييما وبصدد إجرء تعديل وزاري وأن هذا الأمر كان متفهما من قبل قوى الحرية والتغيير لأن حمدوك هو الأقدر على هذا التعديل باعتبار أنه من عاصر هولاء الوزراء لأكثر من عشرة أشهر”.
وأبان خالد أن التعديل الحالي لا علاقة له بالسلام وهو بغرض تطوير أداء الجهاز التنفيذي رغم تزامنه مع عملية السلام الجارية والتي شارفت على نهايتها وأضاف “عقب عملية السلام ستجري إضافة رئيسية بتوسيع قاعدة الحكومة نفسها بأطراف التفاوض المتوقع قريبا جدا”.
في وقت قال فيه مصدر مؤثوق في تحالف الحرية والتغيير لصيق برئيس الوزراء عبدالله حمدوك لـ”القدس العربي” بعد أن حجب هويته “نحن نعمل في توافق تام مع رئيس الوزراء وقمنا بتشكيل لجنة من جانبنا لاختيار أعضاء الوزراء البدلاء في الحكومة وستعمل مع لجنة من قبل مجلس الوزراء ولا نتوقع أن يستغرق ذلك وقتا طويلا، ففي أقل من 10 أيام ستكون الحكومة الجديدة تسلمت مهامها” وأضاف “ربما تطال التغييرات أيضا بعض الوزراء الذين لم تقبل استقالاتهم وذلك بناء على ما ستخرج به اللجنة المشتركة. فالذين قبلت استقالاتهم ليسوا خاتمة المطاف وربما يتم تحريك بعض الوزراء إلى مواقع أخرى”. وزاد “أن قرارنا الأخير هو أن ندفع في الحكومة بوزراء مسيسين ولهم أحزاب معروفة وفق معيار الكفاءة نفسه، لأن تجربة الوزراء التكنوقراط أثبتت أنها غير فعالة ولم تحقق المرجو منها، لذا سندفع بوزراء محزبين لديهم الخبرة السياسية الكافية لمعالجة المشكلات القائمة ومواجهتها” وتابع قائلا “سنفكك الوزارات الكبيرة إلى اثنين لتقدم خدمة أفضل للجمهور وسيصل عدد الوزارات إلى 23 وزارة بدلا عن 17 ما يسمح باستيعاب أكبر قدر من الكفاءات لإدارة دولاب الدولة”.
وكانت أكبر مفاجأة في التشكيل الحكومي الجديد هي خروج وزير المالية ابراهيم البدوي الذي رغم الانتقادات التي كانت توجه له من التحالف الحاكم فقد كان يحظى بدعم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في سياساته الاقتصادية المتماشية مع صندوق النقد الدولي والمانحين، فيما غرد البدوي قائلا “أود أن أعبر عن خالص شكري وامتناني للشعب السوداني الذي عمل جاهدا لإعادة بناء دولة الحرية والكرامة والرفاهية ومنحهم لي الفرصة لأكون أحد المشاركين في وضع لبنات ذلك. وسعادتي أيضا بأن تقود الدكتورة هبة محمد علي الملف الاقتصادي خلال هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان”.
بينما قال رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة محمد المهدي إن التغيير كان مطلوبا وإن رئيس الوزراء سيجري مشاورات لتكوين حكومة تنال رضا الشارع، وامتدح أداء وزير المالية وقال “البدوي كان الأفضل أداء مقارنة بوزراء المالية السابقين، وهو لم يأت بصفة حزبية لكن نحن والآخرين كنا ندعمه بوصفه من الكفاءات النادره وتميز بالمهنية وكان شجاعا في اتخاذ القرار والسودان سيخسر بمغادرته للوزارة على خلفية انحيازه للطبقة الوسطى واتخاذه خطوات متقدمة لدعم الأسر الفقيرة” مشيرا إلى محاولات يقومون بها لإثنائه عن الاستقالة رغم انه من تقدم بمقترح تقديم الوزراء لاستقالاتهم لرفع الحرج عن حمدوك.
ومن جهة أخرى أعرب وزير الصحة المقال د .أكرم علي التوم الذي أحدثت إقالته ضجة في وسائط التواصل الاجتماعي في بيان اطلعت عليه “القدس العربي” عن استعداده لاستمرار العطاء في خدمة قضايا الصحة وثورة ديسمبر المجيدة وانه “سيكمل عملية التسلم اليوم السبت (امس)” وأضاف “بدأنا اجتماعاتنا بالوزارة الاتحادية فور علمي بالتصريح الصحافي الصادر من رئيس الوزراء والقاضي باعفائي من منصبي كوزير للصحة وسوف يكتمل التسليم والتسلم يوم السبت انشاء الله”.
وكان وزير الصحة هو الوحيد الذي رفض تقديم استقالته قبل معرفة أسس التقييم للوزراء والتشاور مع الكتلة السياسية التي رشحته للمنصب ما قاد رئيس الوزراء لإصدار قرار بإقالته.