يشهد السودان حركة معقّدة يحضر فيها الصراع الكامن بين شركاء الحكم في البلد، العسكريين والسياسيين، مع الاضطرابات المستمرة في مناطق متعددة من البلاد، وتتفاعل هذه الصراعات، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مع محاولات الخرطوم للخروج من خناق وجودها في «قائمة الإرهاب» الأمريكية، ومساعي واشنطن لاستغلال هذه الظروف جميعها، في تطويع السلطات فيها للتناغم مع مشاريع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخصوصا ما تعلّق منها بتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، التي كان اتفاق الإمارات الأخير، أحد أكبر فصولها.
إحدى الإشكاليات الكبيرة التي واجهتها حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك هي الاقتصاد المتهاوي للبلاد، والذي يزيد من أعبائه على الحكومة والشعب عدم ولاية وزارة المالية على المال العام، بما في ذلك المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش، وهو الأمر الذي أثار قادة القوات المسلحة، ما أدى إلى رد قاس من رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، لم يكتف بالدفاع عن هذا الخلل الاقتصادي والقانوني و«السيادي» بل هاجم الحكومة مستخدما صيغة الغائب بتسميتها «جهات تقوم بتعليق إخفاقاتها على سيطرة شركات واستثمارات القوات المسلحة على مفاصل الاقتصاد» معتبرا أن هذه المطالبة بحقوق الحكومة والشعب السوداني ستسبب «قطيعة وجفوة بين القوات المسلحة ومكونات الشعب السوداني».
وفيما اعتبر البرهان اتهام الحكومة للجيش بالاستحواذ على مفاصل الاقتصاد «أكاذيب» قام زميله في مجلس السيادة، الفريق ياسر العطا، بتسمية هذه المصالح الاقتصادية المستحوذة «استقطاعات منسوبي الجيش» وهي كلمة مناسبة لأنها تضع الجيش في مرتبة الإقطاعي الذي يستقطع ثروة الأمة، وهو ما يذكر طبعا، بالمثال المصريّ، الذي يبدو أن القوات السودانية تقتدي به، حيث تهيمن القوات المسلحة على قطاعات اقتصادية كبرى، حاصلة على امتيازات وإعفاءات من الضرائب، تجعلها في موضع لا يمكن للقطاع الخاص منافستها فيه.
إضافة إلى وضع شركاتهم ومصالحهم الاقتصادية خارج القانون، يبدو أن شهيّة قادة الجيش السوداني وشريكهم محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، قد توسّعت، وأنهم وجدوا في المدنيين الذين اضطروا لمشاركتهم السلطة (شكليا على الأقل)، دريئة مناسبة لفك قيود السودان الخارجية بعد أن قام نظام الرئيس المخلوع حسن عمر البشير بوضع البلاد في حصار عسير، ولكنهم بدلا من التعاون مع هذه الحكومة فقد قرروا القفز من فوقها باتجاه إسرائيل، فقام البرهان بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في شباط/فبراير الماضي، كما ترددت أنباء عن لقاء حميدتي أيضا برئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، قبل أيام، وبحث معه «تعزيز التطبيع بين إسرائيل والسودان».
لا يضير، خلال هذا المسار الضيّق للقادة العسكريين السودانيين، أن يقوم البرهان ببعض الألعاب النارية، كما فعل قبل أيام حين أكد على رفع العلم السوداني على منطقتي حلايب وشلاتين، المتنازع عليهما مع مصر، فلا بأس، حين تكون الصفقة كبيرة أن تستخدم القضايا الوطنية لإثارة الدخان، وأن يرد نجل الرئيس المصري المخلوع أيضا، للمشاركة في المسرحية، بالقول إن المنطقتين تراب مصريّ، كما لو أن ما يفعله العسكريون «أصحاب الشركات» و«الاستقطاعات» أمر غير البيع والشراء.
صدقت الصحيفة في تحليلها وقراءتها المركزة خاصة في أن محور الصراع الإقليمي الجاري ضمن مخطط لوبي صهيوني وأمريكي يستهدف أمر هذا التطويع لإرادة الحكومة الحالية .. متناسين أنها مؤقتة ولاتملك الصلاحيات الدستورية التي تؤهلها لتحقيق هذا التوجه الإرتدادي لقيم المجتمع السوداني المتضامن قضية فلسطين والرافض لأي تطبيع .. وما تفعله القوى العسكرية بقيادة حمدتي والبرهان هو محاولة الصيد في المياه العكرة .. لأن المجتمع السوداني لم تصفوا مياه تقديره للموقف السيادي الحكومي .. لأن الحرك المكوكي للمجتمع الدولي لتطويع السودان انما يستهدف كسر شوكته وتأثيره الدولي المستقل ليتحول بيدق في رقعة الحراك الدولي المساند للتوسع الصهيوني من الفرات الى النيل أي إخضاعه لهذه المعادلة التي تبحث عن مربع التوازن بين التواجد الصهيوني الشرق أوسطي والافريقي.. وهو مخطط معد منذ مراحل تأريخية سابقة لكن السودان كان له بالمرصاد .. اما اليوم فالأطماع في تحوله لجسر آمن لنجاخ المخطط تضع الحكومة المؤقتة في زاوية ضيقة امام المجتمع الثائر .. فهل تنجح توقعات الحلف اللوبي بقيادة الامارات لجعله مجرد تابع ورهن تقاطعات المصالح الدولية والاقليمة والمحلية الداعية للتطبيع ..
بقدرة قادر اصبح السودان بلدا مقبولا لدى الادارة الامريكية بعد ان قام بخطوات ترضي السياسات الامريكية تدخله في سربها حيث يسبح بحمدها وينفد اوامرها وفي مقدمتها الهرولة تجاه العصابات الصهيونية فما هي الا مسالة وقت حتى نرى حفل التبعية المدلة للنظام السوداني حتى ينقد نفسه وبالتالي ينقد نظامه من المؤامرات الصهيوامريكية والغربية وعبيدهم من الاعراب فهكدا قررت الانظمة العربية بيع كل شيء ولا تهمها القضية الفلسطينية بتاتا لاجل طلب الحماية ووقاية نفسها من الشر الصهيوامريكي خاصة وضمان استمرارها في الحكم الى ان يرث الله الارض ومن عليها ولكن الله تعالى يقول – وما تشاؤون الا ان يشاء الله – صدق الله العظيم.
لقد أثبتت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال ربطها إعتراف السودان لأخراجه من ما يسمى “قائمة الإرهاب” هو موضوع سياسي لإبتزاز الدول للإعتراف بإسرائيل وليس له أية علاقة بالإرهاب. إن كان هناك أية دولة يجب أن توصم بالإرهاب فهي إسرائيل التي ترتكب الإرهاب اليومي ضد الأبرياء من الشعب الفلسطيني الأعزل، والجرائم التي ترتكبها بشكل يومي ضده والتي توصف في القانون الدولي بأنها جرائم ضد الإنسانية. لقد حان الوقت للأنظمة العربية أن تستعيد كرامتها وكرامة شعوبها وتتخذ موقف موحد ضد هذا العدو الذي لولاه لما تجرأت إسرائيل على إرتكاب جرائمها وإحتلالها للمقدسات والأرض العربية. كفى تخاذل وتمرغ على أقدام الأعداء.
واهم من يظن ان التطبيع مع الصهاينة هو وليد اليوم و انما منذ ان وطات قدمهم ارض فلسطين