السودان: التوقيع على الوثيقة الدستورية وإنهاء الفراغ الذي حدث بعد سقوط البشير

صلاح الدين مصطفى
حجم الخط
0

الخرطوم-“القدس العربي”: تشهد العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الأحد التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري في السودان وقوى الحرية والتغيير التي قادت الحراك الشعبي الذي أفضى للإطاحة بحكم الرئيس السابق عمر البشير في نيسان/أبريل الماضي.

وفي السابع عشر من الشهر الماضي، تم التوصل إلى اتفاق مكتوب تحت عنوان “الاتفاق السياسي” يحدد أسس الشراكة بين المجلس العسكري وقوى الحرية ويوضح، هيئات الحكم في الفترة الانتقالية ومستوياتها ومهامها.

 وفي وقت مبكر من صباح الجمعة أعلن الوسيط الافريقي محمد الحسن ولد لبات، عن اتفاق المجلس العسكري الانتقالي وقوي الحرية والتغيير على الوثيقة الدستورية، التي تحوي تفصيلا قانونيا للعلاقة بين الطرفين طوال الفترة الانتقالية.

وقال الوسيط الافريقي عقب اجتماع التفاوض الذي جمع الطرفين في قاعة الصداقة “إن الطرفين اتفقا اتفاقا كاملا على الوثيقة الدستورية” مشيرا إلى مواصلة الاجتماعات لوضع ترتيبات لتنظيم مراسم التوقيع الرسمي أمام الشعب السوداني وأمام أصدقائه في افريقيا والعالم.

وقالت قوى الحرية والتغيير في بيان لها الجمعة، إن الاتفاق يأتي استكمالاً للاتفاق السياسي الذي تم التوقيع عليه في يوم 17 تموز/يوليو الجاري “لتبدأ مرحلة جديدة من النضال السلمي، النضال من أجل البناء والتعمير لما دمَّرته الشمولية وهدَمه الاستبداد”.

وأضافت “إن عهدنا مع جماهير الشعب السوداني طيلة الفترة الانتقالية هو إعلان الحرية والتغيير الذي تواثقنا عليه، وتنفيذ بنود الإعلان مهمة تتيسر كلما استحكمت عليه الرقابة من الشعب، وكلما كانت سيادة حكم القانون والمساواة أمامه والمواطنة والحقوق والشفافية هي القاضي بين المواطنين والحاكمين”.

وأشارت قوى الحرية إلى إن الإعلان الدستوري الذي سيتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى بعد استكمال الصياغة النهائية اليوم الأحد الرابع من أيلول/أغسطس 2019 هو خطوة أولى سيكون لها ما بعدها، وأضاف البيان “لن نتكئ ما لم نستكمل ما بدأناه من كفاح من أجل الحرية والسلام والعدالة، فمعركة المدنية أكبر وغمار التغيير يحتاج لمزيد من اليقظة والثبات على المبادئ”.

وعقدت قوى الحرية والتغيير مؤتمرا صحافيا صباح أمس السبت أكد من خلاله القيادي وعضو لجنة التفاوض عباس مدني أن الوثيقة الدستورية جاءت ملبية لأهداف ثورة شعب السودان وعلى رأسها تكوين الحكومة المدنية، مشيرا لتمركز كل السلطات في يد رئيس مجلس الوزراء ماعدا التي التي يشار إليها بشكل واضح.

وأوضح مدني أن الفراغ من الصياغة النهائية للوثيقة يشمل جدولا زمنيا يحدد مواقيت تكوين الحكومة والمجلس السيادي، متوقعا أن يتم التوقيع على الوثيقة اليوم الأحد.

وعددت ابتسام سنهوري عضو اللجنة الفنية، الكثير من بنود الوثيقة مركزة على أنها تضمن تشكيل حكم مدني كامل، مشيرة إلى أن المجلس العسكري سيتم حله وسيكون مجلس السيادة بأغلبية مدنية، وأضافت أن القرارات تتم بأغلبية الثلثين من أعضاء مجلس الوزراء ومجلس السيادة لحين تكوين المجلس التشريعي.

وتم التأكيد خلال المؤتمر الصحافي على نسب المجلس التشريعي (67 في المئة لصالح قوى الحرية والتغيير و33 في المئة من القوى الأخرى التي شاركت في الثورة) وحددت سنهوري مهام المجلس المتمثلة في سن القوانين ومراقبة الجهاز التنفيذي والمصادقة على القوانين على طريقة النظام البرلماني مضيفة أن من حقه تعديل أي قانون.

وبالنسبة للقوات النظامية أقرت الوثيقة الدستورية على أن وزيري الدفاع والداخلية يختارهما المكون العسكري في المجلس السيادي على أن يخضعا لمجلس الوزراء. ويتم الإشراف على القوات المسلحة والدعم السريع من قبل مجلس السيادة مع وضع قانون ينظم عملية الهيكلة والإصلاح وعلاقة هذه الأجهزة بالجهاز التنفيذي وتم النص على خضوع القوتين العسكريتين للقائد العام للجيش أما جهاز الأمن والمخابرات العام فيخضع حسب الوثيقة لمجلس الوزراء والمجلس السيادي معا على أن تكون مهامه هي جمع المعلومات وتحليلها فقط.

وتم إرجاء البت في التقسيم الجغرافي (أقاليم أم ولايات) للحكومة المدنية المقبلة حسب المصلحة العامة بعد أن يخضع هذا الموضوع لنقاش شامل وعميق، مع التأكيد على مدنية حكام الولايات وخضوعهم للجهاز التنفيذي برئاسة مجلس الوزراء.

وقالت ابتسام سنهوري أن الوثيقة نصت على تكوين لجنة مستقلة لمحاسبة مرتكبي جرائم قتل الثوار، مضيفة أن من حق هذه اللجنة طلب الدعم من الاتحاد الافريقي ولجانه الفنية، وذلك بعد تعيين رئيس القضاء من قبل مجلس القضاء العالي الذي تقرر أن يكون جهة مستقلة.

ونصت الوثيقة على مبادئ عامة منها المساءلة والتي تتم بحكم القانون، حيث يحق لأي مواطن أن يقاضي الحكومة، ونصت كذلك على تكوين المفوضيات وعددها إحدى عشرة مفوضية، أغلبها مستقلة ما عدا ثلاث مفوضيات تشكل عبر قرار مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء.

وفي باب الحقوق والحريات تمت الاستعانة بدستور2005 مع إجراء العديد من التحسينات وتعديل بعض النصوص لكسب مزيد من الحقوق للمواطنين وتم إجمال مهام الفترة الانتقالية في تحقيق السلام الشامل، وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات، ومحاسبة رموز النظام السابق، والقضاء على الأزمة الاقتصادية والإصلاح القانوني وغيرها من المهام العاجلة.

وفي تعميم صحافي علّق عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو وفد التفاوض من قبل الحرية والتغيير موضحا أن “هذا الاتفاق يفتح الطريق لتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية والتي ستباشر تنفيذ برامج الإصلاح في فضاءات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ستكون من أهم أولويات هذه الحكومة، الاهتمام بقضية السلام والتحقيق المستقل الشفاف للكشف عن قتلة الشهداء ومحاسبتهم”.

وتمنى الدقير” أن يكون تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية بداية عهدٍ جديد يتراجع فيه اليأس أمام زحف الأمل وتنتصر فيه السُنبلة على أسراب الجراد” وأضاف: “نتمناه عهداً جديداً نحترم فيه تنوعنا، وننجز فيه المصالحة الوطنية ونتمسك فيه بوحدتنا ونتسلح فيه بالوعي ونشحذ إرادتنا الجماعية من أجل العبور إلى وطن جديد من أجل حياة كريمة للناس في معاشهم في صحتهم في أحلامهم”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية