السودان: الملء الثاني لسدّ النهضة يشكل تهديدا جديا لمنشآتنا المائية ولنصف سكان البلاد

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» ووكالات: ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) أن اجتماعا سداسيا بين وزراء الخارجية والري في السودان ومصر وإثيوبيا فشل، أمس الأحد، في التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول سد النهضة الإثيوبي.
وتابعت: أعربت وزيرة العلاقات والتعاون الدولي لجنوب أفريقيا، بانا دورا، عن أسفها للطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات، وأضافت أنها سترفع الأمر إلى الرئيس سيريل رامافوزا، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي (راعي المفاوضات) لاتخاذ ما يلزم.
ونقلت الوكالة عن وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، قوله إن «السودان طلب خلال الاجتماع (عبر اتصال مرئي) تغيير منهجية التفاوض وطريقته وتوسيع دور الخبراء، لتسهيل التفاوض وتقريب شقة الخلاف».

«الدورة المفرغة»

وأضاف: «لا يمكننا أن نستمر في هذه الدورة المفرغة من المباحثات الدائرية إلى ما لا نهاية، بالنظر لما يمثله سد النهضة من تهديد مباشر لسد الروصيرص (خزان سوداني على النيل الأزرق وعلى مقربة من سد النهضة) إذا تم الملء والتشغيل (لسد النهضة) بدون اتفاق وتبادل يومي للبيانات».
وتابع: «السودان تقدم باحتجاج شديد اللهجة لإثيوبيا والاتحاد الافريقى، راعى المفاوضات، حول الخطاب الذي بعث به وزير الري الإثيوبي للاتحاد الافريقي والسودان ومصر، في 8 يناير /كانون الثاني الجاري».
وأوضح أن الوزير الإثيوبي أعلن في الخطاب «عزم إثيوبيا الاستمرار في الملء الثاني (للسد) في يوليو/ تموز المقبل بمقدار 13.5 مليار متر مكعب، بغض النظر عن التوصل لاتفاق أو عدمه، وأن بلاده ليست ملزمة بالإخطار المسبق لدول المصب بإجراءات الملء والتشغيل وتبادل البيانات حولها».
وشدد على أن هذا الوضع «يشكل تهديدا جديا للمنشآت المائية السودانية ونصف سكان السودان».

رفض تجزئة الاتفاق

وعقد فريق التفاوض السوداني حول سد النهضة برئاسة وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، اجتماعا ثنائيا أمس الأول السبت، مع فريق خبراء الاتحاد الأفريقي، استجابة لدعوة الخرطوم لمنح خبراء الاتحاد دورا أكبر في تسهيل التفاوض بين الدول الثلاثة، بهدف المساهمة في إعداد مسودة ثانية لمذكرة الاتفاق المقترحة التي تسلمتها الأطراف في الاجتماع السداسي السابق في 3 يناير.
وأعلن فريق التفاوض السوداني حول سد النهضة الاثيوبي، رفضه الحازم لتجزئة الاتفاق على مراحل للملء الأول والتشغيل الدائم كاتفاقين منفصلين.

مصر تحدثت عن خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية

وطالب فريق التفاوض، أثناء اجتماع ثنائي مع فريق خبراء الاتحاد الافريقى، بالتوصل لاتفاق واحد شامل يعالج كل القضايا المتعلقة بسد النهضة.
وبحث الاجتماع ضرورة وضع إطار مرجعي واضح لدور خبراء الاتحاد الإفريقي، وشدد السودان على ضرورة أن يلعب الاتحاد الأفريقي دورا قياديا مبادرا في المفاوضات، أكثر فعالية من دوره خلال جولات التفاوض السابقة. كما استعرض، رؤى السودان حول ضرورة الزامية الاتفاق، الذي يتم التفاوض عليه، وتضمينه آليات واضحة لفض النزاعات المحتملة.

مخاوف

ويتخوف السودان من تكرار كارثة الفيضانات التي اجتاحت البلاد في يوليو/ تموز الماضي بعد مرحلة الملء الأولى لسد النهضة إذا ما مضت إثيوبيا في خططها الرامية للبدء في المرحلة الثانية لملء بحيرة السد خلال فترة الخريف المقبل والبالغة 13.5 مليار متر مكعب والمقرر أن تبدأ في مايو/ أيار المقبل وتنتهي في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل من دون إخطار مسبق ومن دون توقيع اتفاق أو تبادل للمعلومات مع خزان الروصيرص.
وتعتبر الخرطوم أن المرحلة الثانية من ملء سد النهضة تهديد مباشر لسد الروصيرص ولحياة القاطنين على ضفاف النيل، مشيرة إلى أنه لا يخفى على أحد الأثر السلبي الذي أحدثه الملء الأول في يوليو/ تموز 2020 بحوال 5 مليارات متر مكعب، إذ تسبب في إرباك خطط تشغيل محطات ضخ مياه الشرب في السودان، مما أدى إلى تعطل عدد كبير منها.
وحسب الخرطوم، فإن الارتباك الذي حدث في خزان الرصيرص بعد الملء الأول لبحيرة سد النهضة كان أحد الأسباب التي فاقمت موجة الفيضانات التي اجتاحت 16 من 18 ولاية سودانية والتي أدت إلى خسائر كارثية تضرر منها قرابة المليون شخص وقتل نحو 110 أشخاصن كما تعرضت مئات المساكن لدمار كلي أو جزئي، وهو ما يسعى السودان إلى عدم تجاوزه خلال المرحلة الثانية من ملء سد النهضة بدون اتفاق ثلاثي.

خلافات

في السياق أصدرت الخارجية المصرية، أمس الأحد، بياناً جاء فيه أن «سامح شكري وزير الخارجية ومحمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري شاركا في الاجتماع السداسي الأحد لوزراء الخارجية والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا برئاسة وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، بصفتها الرئيس الحالي للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي».
وزاد البيان «أكدت مصر خلال الاجتماع على استعدادها للانخراط في مفاوضات جادة وفعالة من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك تنفيذاً لمقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي التي عقدت على مستوى القمة خلال الأشهر الماضية للتشاور حول قضية سد النهضة، وبما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويحفظ ويؤمن حقوق مصر ومصالحها المائية».
وتابع: «قد أخفق الاجتماع في تحقيق أي تقدم بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية، حيث تمسك السودان بضرورة تكليف الخبراء المُعينين من قبل مفوضية الاتحاد الافريقي بطرح حلول للقضايا الخلافية وبلورة اتفاق سد النهضة، وهو الطرح الذي تحفظت عليه كل من مصر وإثيوبيا وذلك تأكيداً على ملكية الدول الثلاث للعملية التفاوضية وللحفاظ على حقها في صياغة نصوص وأحكام اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، خاصةً وأن خبراء الاتحاد الأفريقي ليسوا من المتخصصين في المجالات الفنية والهندسية ذات الصلة بإدارة الموارد المائية وتشغيل السدود».
وأيضاً، أعربت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا عن أسفها لعدم تحقيق الاختراق المأمول في المفاوضات، وذكرت أنها سوف ترفع تقريراً إلى الرئيس سيريل رامافوزا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا حول ما شهدته المباحثات ونتائجها، وذلك للنظر في الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتعامل مع هذه القضية في الفترة المقبلة.
ومنذ 9 سنوات تخوض الدول الثلاث مفاوضات متعثرة حول السد.
وترفض القاهرة ملء إثيوبيا للسد بالمياه قبل التوصل إلى اتفاق ثلاثي بشأنه، خشية أن يؤثر ذلك سلبا على حصتها السنوية من نهر النيل، موردها الرئيسي للمياه.
بالتزامن، أعلنت إثيوبيا، الأحد، تدشين مشروع سد «كالد ديجو» لتطوير الري في منطقة سلطي في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، بسعة 8 ملايين كيلومتر مكعب من المياه، وتكلفة نحو 29 مليون دولار.
ويعتبر السد الثاني من نوعه خلال يومين، حيث دشنت البلاد سد «أجما شاشا» شمالي العاصمة أديس أبابا، السبت، بسعة 55 مليون متر مكعب.
ومن المتوقع أن يكتمل بناء المشروع في غضون عامين، ويبلغ ارتفاع السد الذي يهدف إلى الزراعة المروية 27 مترا، وطوله 1.731 مترا، فيما تبلغ سعته 8 ملايين متر مكعب من المياه.
وعند اكتماله سيكون السد قادرا على تطوير 1800 هكتار من الأراضي، وإفادة أكثر من 2200 أسرة إثيوبية.
وتتفاوض الدول الثلاث منذ 2011 للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكنها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق.
وتبني إثيوبيا السد على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر. وترى أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديدا حيويا لها، إذ تحصل على 90 ٪ من مياه الري والشرب من نهر النيل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية