الخرطوم ـ «القدس العربي»: في وقت تنطلق فيه اليوم الإثنين تظاهرات «مليونية» جديدة، تتجه نحو القصر الرئاسي وسط الخرطوم، دعت لها لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين، للمطالبة بإسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين، اعتقلت قوات أمنية، منتصف ليل السبت، رئيسة مبادرة «لا لقهر النساء» أميرة عثمان، ما استدعى إدانة أممية.
وبينما استقال والي ولاية الجزيرة، عبد الهادي عبد الله، احتجاجا على مقتل متظاهر وإصابة آخرين، قالت هيئة دفاع المقبوضين في بلاغ مقتل العميد شرطة علي محمد حامد بريمة، إنها حصلت على معلومات بتعرض بعض الموقوفين في البلاغ للتعذيب والعنف المفرط، بينهم طفل.
واتهمت النائب العام بالتخلي عن مسؤولياته، وتشجيع الشرطة على إساءة استغلال القانون، مشيرة إلى أن الشرطة تتعامل مع الموقوفين في بلاغ مقتل عميد الشرطة،
كشاكية ومتحرية ونصبت نفسها محكمة تحاكم المقبوضين.
وحسب بيان الهيئة، قامت الأجهزة الأمنية باعتقال الطفل محمد آدم (17عاما) والذي تم التركيز على تعذيبه في رجله المكسورة، بالإضافة إلى محمد الفاتح عصام، الذي ظهرت عليه علامات التعذيب الشديد والإصابة الخطرة في رأسه.
وأشارت إلى تناقض بيانات الشرطة، مبينة أن بيانها أعلن عن مقتل عميد الشرطة علي بريمة أثناء تأمين المظاهرات بوسط الخرطوم، وأنها في اليوم التالي أصدرت بيانا ثانيا أفادت فيه بأن القاتل تم القبض عليه وجار قبض وتعقب بقية المتهمين.
وأضافت: هناك تناقض في أقوال الشرطة في البيانين المشار إليهما وتفصل بينهما مدة وجيزة هي 24ساعة فقط.
وزادت: طالما أن الجريمة جريمة قتل وبسكين وارتكبها شخص واحد، فإن ممارسة الشرطة للقبض المفتوح للعديد من الأشخاص ومنهم الطفل محمد آدم، بزعم الاشتباه في المشاركة في مقتل الضابط، ليس من القانون.
وأكدت أنها ذهبت لمقابلة النائب العام في هذا الصدد، لكنه وجه مكتبه بعدم إتمام المقابلة، معتبرة امتناع النائب العام عن ممارسة سلطاته بمثابة تخليه عمدا عن مسؤولياته، وأن ذلك يقدح فيه كنائب عام مستقل.
وقفة احتجاجية
ونفذ العشرات من منسوبي وزارة العدل، أمس، وقفة احتجاجية أمام مباني الوزارة، منددين باستخدام العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين وانتهاكات أجهزة الانقلاب للقوانين السودانية والمواثيق الدولية.
وكان رئيس القضاء وعشرات القضاة، قد أعلنوا إدانتهم لانتهاك القوات الأمنية لحقوق المتظاهرين، وأيضا، أعلنت لجنة تسيير نقابة المحامين السودانيين والمستشارين القانونيين في وزارة العدل، وأكثر من 100 من وكلاء النيابة، العصيان المدني والتوقف عن العمل احتجاجا على الانتهاكات والوضع غير الدستوري في البلاد.
وأعلن «التجمع القانوني لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي» في بيان، أمس، أن الفراغ الدستوري الذي ترتب على انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لا يخوله تعيين الأسبوع الماضي، «ما أسماها حكومة تصريف أعمال» معتبرا خطوته محاولة لـ«إيجاد شرعية غير مستحقة من المجتمع الدولي».
وحسب البيان «سياسة الأمر الواقع، التي يسعى البرهان لفرضها في غياب السند الدستوري والقانوني، تكشف عن عمق التخبط والأزمة التي جر إليها الوطن والمواطنين».
وأكد أنه «سيتصدى لكافة تدابير البرهان الانقلابية» مشيرا إلى «فقدان قائد الجيش لأي شرعية تخوله إعلان حالة الطوارئ في البلاد، الأمر الذي فتح الباب واسعاً للعنف والاغتصاب والقتل خارج القانون» حسب البيان.
أعلن التجمع القانوني رفضه لتدخل المجتمع الدولي والإقليمي في الشؤون الداخلية للسودان وأي اعتراف بحكومة البرهان.
استقالة والي ولاية الجزيرة احتجاجا على مقتل متظاهر
ودعا كافة قوى الثورة لاتخاذ كافة التدابير السلمية والمضي قدماً في توحيد الصفوف لإسقاط الانقلابيين والانخراط الفوري في إجراءات انتقال وتشكيل حكومة كفاءات وطنية غير منتمية حزبياً تمهيداً للتحول الديمقراطي.
وأعلنت مبادرة «لا لقهر النساء» في بيان أمس، اعتقال رئيستها، أميرة عثمان من منزلها إلى جهة غير معلومة.
وحسب بيان للمبادرة، داهمت قوة أمنية، منتصف ليل السبت منزل رئيسة مبادرة «لا لقهر النساء» المهندسة أميرة عثمان في ضاحية الرياض بالخرطوم واقتادتها إلى جهة غير معلومة، محملة السلطات مسؤولية سلامتها.
وقالت المحامية أماني عثمان، شقيقة المعتقلة: داهمت منزلنا قوة من جهاز الأمن الوطني، تضم حوالى 30 فردا، معظمهم ملثمون، يحملون أسلحة (كلاشنكوف) وعصيا وخراطيش، وقاموا باختطاف أميرة، وأخذها إلى جهة غير معلومة.
وعبرت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) عن غضبها الشديد لاعتقال المدافعة عن حقوق المرأة أميرة عثمان، عشية السبت، مشيرة إلى أن اعتقالها ونمط العنف المستخدم ضد النساء، يشكل تهديدا من شأنه تقليص المشاركة السياسية للمرأة في السودان.
إغلاق طريق قومي
في السياق، ما زالت تنسيقيات لجان المقاومة في أحياء ومدن الولاية الشمالية، تغلق بالمتاريس (الحواجز) طريق شريان الشمال القومي، الذي يربط العاصمة الخرطوم بالمنطقة الشمالية في البلاد، وصولا للحدود السودانية المصرية، مطالبة بالحكم المدني الكامل وتخصيص جزء من عوائد المنطقة لتنميتها.
وقالت تنسيقية لجان مقاومة «حفير مشو» بالولاية الشمالية، إنها حجزت أكثر من 200 جرار ومنعتها من المرور عبر الطريق، كان ضمنها 30 جرارا تابعة لقوات الدعم السريع محملة بعدد من إناث الأبل، الممنوع تصديرها وفق القوانين السودانية.
استقالة والي الجزيرة
وفي الأثناء، أعلن والي ولاية الجزيرة المكلف عبد الهادي عبد الله، استقالته، إثر مقتل متظاهر في مدينة ود مدني عاصمة الولاية، واعتداء القوات الأمنية على المتظاهرين بالرصاص والغاز المسيل للدموع.
ونفذ المئات وقفات احتجاجية أمس أمام منزل الضحية محمد فيصل، في مدينة ود مدني، وسط السودان، والذي توفي مساء الخميس متأثرا بإصابته في برصاصة في العنق خلال مشاركته في مليونية 17 يناير/كانون الثاني الماضي، وأعلنت لجان المقاومة هناك عن تظاهرة مليونية باسم «مليونية الوفاء للشهيد محمد فيصل».
وأيضا نفذ عشرات الصيادلة وقفة احتجاجية بشارع الصيادلة في مدينة ود مدني تنديدا بالعنف ضد المدنيين.
وشهدت مدينة ود مدني خلال اليومين الماضيين، تظاهرات عديدة وإغلاقا للطرق، بعد إطلاق السلطات الرصاص والغاز المسيل للدموع على مواكب تشييع محمد فيصل مساء الجمعة.
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان أمس عن إصابة 7 أشخاص خلال قمع الأجهزة الأمنية للمتظاهرين في ود مدني، منها 5 إصابات بالرصاص الحي وحالة دهس بسيارات الأجهزة الأمنية وإصابة أخرى بعبوة غاز مسيل للدموع في الوجه.
وقالت، في بيان إن «قوات الشرطة المتعطشة للدماء في ود مدني تنافس نظيرتها في الخرطوم، لتُسقِط الثوار قنصاً ودهساً، هذه هي الشرطة التي ما عادت عيناً ساهرة تحرس الأرواح بل بعبعاً يقلق المضاجع ويُصَدِّر العنف والإرهاب ويُنَفِّذ الإعدام علناً بلا وجه حق دون خشية من خالق أو رهبة من مخلوق».
إعادة سفراء للخدمة
وعلى صعيد منفصل، أصدرت المحكمة العليا في السودان، قرارا بإلغاء قرار لجنة إزالة التمكين بإنهاء خدمة 48 سفيرا و35 دبلوماسيا و19 إداريا في وزارة الخارجية في عام 2020.
وأعلنت المحكمة إبطال كل الآثار المترتبة على قرار لجنة إزالة التمكين بإعفاء السفراء وإعادتهم فورا للخدمة.
وتأسست لجنة إزالة التمكين بقرار من المجلس السيادي السوداني في عام 2019 لإزالة آثار تمكين النظام السابق، واسترداد الأموال ومحاربة الفساد. وجمّد قائد الجيش مهامها عقب الانقلاب، وعيّن لجنة لمراجعة قراراتها.