الخرطوم-“القدس العربي”: أقامت مكونات تجمع المهنيين السودانيين تظاهرة ضخمة بعد أسبوع من سقوط البشير، واصلت من خلالها الضغط على المجلس العسكري في السودان بضرورة تسليم السلطة لحكومة مدنية متوافق عليها من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير وكنس رموز السلطة السابقة.
مئات الآلاف طافوا بميدان الجيش أمام القيادة العامة مرددين هتافات تؤكد عدم رحيلهم وإنهاء الاعتصام المستمر من السادس من نيسان/أبريل حتى تتحقق كل مطالبهم. وقال تجمع المهنيين في بيان له: “إن التأخير في اتخاذ هذه الخطوة المفصلية التي تنتظرها جماهير شعبنا العظيم يفتح الباب مشرعاً أمام القوى المعادية للثورة، ويساعد على إضفاء شرعية زائفة للنسخة الجديدة للنظام فيما يُسمى بالمجلس العسكري”.
ودعا تجمع المهنيين السودانيين لمؤتمر صحافي مساء اليوم الأحد للإعلان عن الأسماء المختارة لتولي المجلس السيادي المدني الذي سيضطلع بالمهام السيادية في الدولة. وسيعرض المؤتمر تفاصيل الجهود المتقدمة بشأن السلطات المدنية الأخرى والتي سيتوالى إعلان أسماء عضويتها تباعاً.
وبعد أسبوع من استلامه السلطة في السودان، استعرض الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق ركن شمس الدين كباشي في تعميم صحافي، نشاط المجلس وقال، إن المجلس العسكري الانتقالي ظل في حالة انعقاد يومي بلجانه الأربع إضافة للعمل الميداني والتواصل مع القوى السياسية وكافة منظمات المجتمع المدني.
وأبان كباشي أنّ رئيس المجلس العسكري الانتقالي تلقى عدداً من الاتصالات الهاتفية من قادة الدول منها مصر والإمارات وجنوب السودان وتشاد والمملكة العربية وأثيوبيا، إضافة لمقابلة وفود رفيعة من تلك الدول وغيرها.
وأشار الناطق الرسمي إلى أن المجلس أوفد عضوه جلال الدين الشيخ للاتحاد الأفريقي لشرح الأسباب والدواعي التي أدت للقوات المسلحة الاستجابة لمطالب الشعب والذي أكد أن المجلس العسكري بصدد تكوين حكومة مدنية بأسرع ما يمكن كما تمت إحاطة الاتحاد الأفريقي بتواصل المجلس العسكري الانتقالي مع القوى السياسية في الداخل والمكونات الأخرى ودعوته لها بالتوافق علي رئيس للوزراء والحكومة المدنية.
وقال كباشي إن رئيس المجلس العسكري الانتقالي أصدر عدداً من المراسم تمثلت في إعفاء النائب العام ومساعده الأول وإنهاء خدمة رئيس النيابة العامة كما تم تكليف وال لولاية الخرطوم وإعفاء المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون. وأصدر المجلس العسكري الانتقالي عدداً من القرارات الخاصة بمحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين منها قرار بمراجعة حركة الأموال من أول نيسان/أبريل ووقف تحويل الملكية للأسهم والشركات فورا.
كما أصدر مرسوما دستوريا بالإفصاح الفوري عن العملات الأجنبية والحسابات المصرفية داخل وخارج السودان وإلزام الوزارات والمؤسسات والهيئات والشركات والكيانات الحكومية وكل الجهات التي تملك فيها حكومة السودان حصصاً بأن تتقدم بالبيانات اللازمة لها للبنك المركزي.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي إن الاعتقالات جارية لرموز النظام المخلوع بالإضافة إلى الذين تدور حولهم شبهات الفساد من رموزه وأبرز الذين تم التحفظ عليهم حتى الآن في السجن أشقاء رأس النظام عبد الله والعباس، وجاري البحث عن كثير عن الأشخاص الذين اختفوا مشيرا إلى أنه سيتم التحفظ عليهم بولاية الخرطوم والولايات الأخرى في السجون.
وأشار كباشي إلى أن المجلس العسكري بدأ بالتواصل مع حاملي السلاح ورحب بإعلان الحركة الشعبية جناح الحلو، تمديد وقف النار حتى نهاية تموز/يوليو إبداء لحسن النوايا والرغبة الأكيدة لتحقيق السلام. وأكد أن المجلس العسكري سيتخذ العديد من الخطوات خلال الفترة المقبلة لتعزيز الثقة مع الحركة الشعبية والحركات الأخرى.
وكانت الحركة الشعبية/شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، أعلنت وقف العدائيات من جانب واحد لمدة ثلاثة أشهر في كل المناطق الواقعة تحت سيطرتها بدءا من السابع عشر من الشهر الحالي.
وحسب وكالة الأنباء الرسمية، أكد الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، بقاء القوات السودانية المشاركة في التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن حتى تحقق أهدافها.
وتضاربت الأنباء حول مكان وجود الرئيس السابق عمر البشير، وراجت أخبار عن نقله لسجن كوبر، لكن حسب مصادر صحافية، فقد تأكد عدم وجوده في السجن المذكور، وأكد المجلس العسكري استمرار القبض على رموز النظام السابق وقال عضو المجلس العسكري الانتقالي الفريق ركن جلال الدين الشيخ، في مؤتمر صحافي، إن الاعتقالات التي تمت لرموز الحكومة السابقة والتحفظ عليها في مكان آمن، تمت توطئة لإجراء محاكمات عادلة وفق القانون دون حماية لأي مفسد.
وكوّن التحالف الديمقراطي للمحامين لجنة تختص بجمع الأدلة ودراسة ملفات جرائم رموز ومنتسبي النظام السابق وكل الفاسدين خلال فترة الحكم البائد، وذلك تمهيدا لرفع الدعاوي الجنائية أمام النيابات والمحاكم المختصة وذلك فيما يتعلق بجرائم القتل والتعذيب والانتهاكات وجرائم الفساد وتبديد المال العام وكافة أنواع الجرائم المعاقب عليها بموجب القانون الجنائي والقوانين الأخرى.
وعلى المستوى السياسي الداخلي، التقت الجبهة الوطنية للتغيير بقيادة غازي صلاح الدين برئيس المجلس العسكري وقدمت رؤاها لمستقبل البلاد، وأقامت مجموعة مكونة من 70 حزبا يرأسها النائب البرلماني السابق أبو القاسم برطم، مؤتمرا صحافيا وأطلقت تنظيما جديدا باسم قوى حماية الثورة واتفقت عبر بيان للمجلس العسكري الانتقالي على رؤيتها للمرحلة المقبلة.
وطالب حزب التحالف الوطني السوداني بضرورة تشكيل الحكومة المدنية المناط بها إدارة المرحلة الانتقالية على أساس غير حزبي من كفاءات وخبرات علمية تجنب البلاد تكرار تجارب حكومات المحاصصات الحزبية والجهوية التي انتهجها النظام البائد وتفتح الطريق أمام المساعدة في عملية الانتقال بالاستفادة من المعرفة والدراية التامة لشاغلي المواقع الحكومية التنفيذية مما يتيح للقوى السياسية التفرغ والاستعداد لخوض الاستحقاق الانتخابي بشكل يمكنها من تولى مقاليد الحكم بالبلاد بعد الانتخابات.
ودعا الحزب في بيان له، لتصفية مؤسسات وواجهات النظام البائد النقابية ومنظماته وتكثيف الجهود لاسترداد أموال البلاد المنهوبة والمهربة في الخارج واستعادة ممتلكاته التي تم بيعها في صفقات فاسدة ومشبوهة والبدء في إجراءات محاكمة المفسدين.
وندّد التحالف العربي من أجل السودان بشدة بما سماه تبادل السلطة دون إجراءات تضمن التداول السلمي والمشاركة السياسية وذلك “من عسكري إلى عسكري آخر” مع استمرار سريان العمل بقانون الطوارئ “المعيب”. كما أدان التحالف العربي قبول استقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق صلاح عبد الله “قوش” دون توقيفه مع رموز النظام والتحقيق معه وتقديمه لمحاكمة عادلة، ورفض التحالف إعادة هيكلة جهاز الأمن ويطالب بحله كأحد مؤسسات النظام الفاسدة محاسبة منسوبيه.
واستنكر تعيين قائد ميليشيا الدعم السريع “الجنجويد” محمد حمدان دقلو “حميدتي” نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي، واصفا ذلك بالوضع الغريب والمخالف للدستور والمواثيق الدولية، بوصف حميدتي متهما بارتكاب جرائم حرب في دارفور واحتفاظه بميليشياته كقوة موازية للقوات المسلحة تحمل السلاح خارج نطاق القانون.
وتواصلت ردود الفعل الخارجية ودعت الترويكا في بيان لأن تستمع السلطات إلى نداءات الشعب السوداني ومن الضروري ألا تٌواجه الاحتجاجات السلمية المستمرة بالعنف، مضيفة أن السودان يحتاج إلى انتقال منظم إلى حكم مدني يقود إلى انتخابات في إطار زمني معقول.
وقال البيان “لقد حان الوقت للمجلس العسكري الانتقالي وجميع الأطراف الأخرى للدخول في حوار شامل لإحداث هذا الانتقال والذي يجب أن يتم بمصداقية وسرعة”.
وحسب بيان للناطقة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، فإن بلادها تدعم الانتقال إلى سودان آمن وديمقراطي بقيادة المدنيين الذين يمثلون تنوع المجتمع السوداني، مضيفة أن إرادة الشعب واضحة “وقد حان الوقت للتحرك صوب حكومة انتقالية شاملة تحترم حقوق الإنسان وسيادة القانون”.
وأثارت زيارة غير معلنة لمدير مكاتب البشير سابقا طه الحسين للخرطوم ضمن وفد إمارتي سعودي مشترك، جدلا واسعا باعتبار أن الرجل من رموز النظام السابق وكان مقربا للبشير وجاء ذكره في قضايا فساد عديدة ويعمل ضمن طاقم وزارة الخارجية السعودية.
وعيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نيكولاس هايسوم، مبعوثا جديدا للسودان للعمل مع الاتحاد الأفريقي في التوسط لإنهاء الأزمة بعد عزل الجيش السوداني للرئيس عمر البشير. وكان الاتحاد الأفريقي أمهل المجلس العسكري 15 يوما لتسليم السلطة للمدنيين.