الخرطوم ـ «القدس العربي»: أدى ولاة النيل الأزرق وشمال دارفور وغرب دارفور، الإثنين، القسم، بعدما أصدر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مرسوما دستوريا يعطي ولايات جنوب وغرب كردفان والنيل الأزرق صلاحية الحكم الذاتي، وفق متطلبات اتفاق السلام مع الجبهة الثورية، في وقت أكدت فيه لجنة «حسم التفلتات الأمنية وبسط هيبة الدولة» المشكلة حديثا، أنها «ليست بديلا من قوات الشرطة، وإنما هي قوة مساندة لحفظ الأمن» وعبرت قوى سياسية عن رفضها تعيين اللجنة والصلاحيات التي أعطيت لها.
وحسب بيان لمجلس السيادة فقد «أدى القسم أمام البرهان في القصر الجمهوري ولاة ولايات النيل الأزرق وشمال وغرب دارفور، بحضور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، ورئيس القضاء بالإنابة عبد العزيز فتح الرحمن ومني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور».
«مصالحة شاملة»
وقال والي النيل الأزرق، أحمد العمدة، في تصريح صحافي إن «تكليفهم لقيادة هذه الولايات يأتي تنفيذاً لاتفاق جوبا لسلام السودان» مبيناً أن «ولاية النيل الأزرق عانت كثيراً من ويلات الحرب» معرباً عن أمله في أن «يخلق اتفاق جوبا بيئة جاذبة للعيش الكريم لإنسان الولاية».
وأضاف أن «أولوياته للمرحلة المقبلة تتمثل في بناء مؤسسات الحكم الذاتي وتنفيذ اتفاق السلام والعمل على عودة النازحين واللاجئين لمناطقهم بجانب قيادة مصالحة شاملة لكل مواطني النيل الأزرق وتخفيف الضائقة المعيشية على مواطني الولاية».
أما خميس عبد الله أبكر، والي ولاية غرب دارفور، فقد بين أن «أداء القسم يعد بداية للمرحلة الثانية من تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان» مبيناَ أن حكومته «ستركز أولوياتها خلال الفترة المقبلة على تحقيق الأمن والاستقرار وبسط هيبة الدولة وتقوية السلام المجتمعي ونشر ثقافة السلام، بجانب حماية الموسم الزراعي والعمل على إعادة النازحين واللاجئين إلى قراهم بعد توفير الأمن لمناطقهم، بالإضافة إلى تحسين معاش الناس».
ودعا الوالي «كل مواطني غرب دارفور لنبذ العنصرية وخطاب الكراهية من أجل بناء السودان الواحد الذي يسع الجميع».
كما أكد والي شمال دارفور، نمر عبد الرحمن أن «من أولويات حكومته بناء ولاية آمنة مستقرة عبر رتق النسيج الاجتماعي وإجراء المصالحات بين المكونات الاجتماعية، بجانب إعطاء فرص مقدرة للنساء لبناء قدراتهن باعتبارهن العمود الفقري للمجتمع» مشيراً إلى أن «تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان سينقل البلاد نحو تأسيس دولة المواطنة المتساوية».
وتعهد بـ«العمل على تحقيق الأمن والاستقرار بالتنسيق والتعاون مع كافة الأجهزة والقوات النظامية». وأشار إلى «استعداده التام للتعاون مع ولاة ولايات دارفور وحاكم الإقليم من أجل رفاهية إنسان دارفور» مؤكداً «وقوفه على مسافة واحدة من كل مواطني ولاية شمال دارفور».
حكم ذاتي
وأصدر البرهان، في وقت متأخر من ليل أمس، مرسوما دستوريا حول نظام إدارة المنطقتين، وفق ما نصت عليه اتفاقية جوبا لسلام السودان، حيث منحهما حكما ذاتيا.
وحسب، وزيرة الحكم الاتحادي بثينة ابراهيم دينار «بناء على المرسوم يكون نظام الحكم في المنطقتين وفق الترتيبات الشاملة الواردة في اتفاق جوبا لسلام السودان، كما تمت مخاطبة الوزارات الاتحادية في ذات الخصوص».
اجتماع أمني
وفي سياق ترتيبات اتفاق جوبا للسلام، قال بيان من إعلام القصر الرئاسي إن عضو مجلس السيادة الانتقالي، الفريق الركن ياسر العطا، ترأس بمكتبه في القصر الجمهوري أمس اجتماع اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع، بحضور ممثلي القوات النظامية وأطراف العملية السلمية من الحركات المسلحة.
الحزب «الشيوعي» دعا السلطة لإخلاء أي معتقلات خارج حراسات الشرطة
وقال اللواء الركن الخير عبد الله إدريس، ممثل قوات «الدعم السريع» في تصريح صحافي إن «الاجتماع استمع إلى تنوير من عضو مجلس السيادة الفريق الركن ياسر العطا، حول أهمية القرار الذي أصدره النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيس اللجنة الوطنية العليا لمتابعة تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، بتكوين قوة مشتركة قادرة على حسم التفلتات ومنع وقوع الجرائم التي تحدث بالعاصمة والولايات».
وأضاف أن «الاجتماع استمع إلى تقرير من مدير عام قوات الشرطة، حول حجم ومستوى هذه الجرائم والتفلتات» مشيراً إلى «تكليف وزارة الداخلية بوضع تصور متكامل، حول كيفية تكوين هذه القوة المشتركة، ودورها المساند للقوات النظامية، باعتبار أن منع الجريمة وحسم التفلتات الأمنية وبسط هيبة الدولة والقانون من صميم عمل الشرطة».
وأكد أن «الاجتماع أمن على أهمية التنسيق بين كافة القوات المكونة للقوة المشتركة في المركز والولايات، حتى يتم بسط الأمن وتحقيق الاستقرار وفرض هيبة الدولة والقانون والسلم والأمن المجتمعي».
وكان «حميدتي» قد أصدر الخميس قرارا بتشكيل قوة مشتركة لحسم التفلتات الأمنية في العاصمة والولايات وفرض هيبة الدولة، توكل أمر رئاستها إلى العطا، على أن تتكون من عناصر من «القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة وممثل النائب العام، وممثلين لأطراف العملية السلمية».
«لجم الحراك»
في المقابل، عبرت قوى سياسية عديدة عن رفضها لتشكيل هذه اللجنة والقوة المشتركة الخاضعة لها، وقال الحزب «الشيوعي» في بيان رسمي له أمس «لا يخفى على أحد أن الهدف من تكوين اللجنة العسكرية المشتركة وبهكذا مهام، هو لجم الحركة الجماهيرية ومنع حراكها» محملا «النظام القائم بكافة مكوناته المسؤولية كاملة عن أي انتهاكات تحدث لحقوق وحريات الشعب التي اكتسبها بتضحياته العظيمة».
وأكد على أن «الحق في التظاهر والاحتجاج والحق في استخدام كافة أدوات ووسائل النضال السلمي، حق لا نكوص عنه ولا تراجع ولا ينتظر الموافقة من أحد».
وطالب في بيانه «السلطة بالشروع فورا في إخلاء أي معتقلات خارج حراسات الشرطة ومنع قيامها ومنع الأفراد والمجموعات من غير الذين يخولهم القانون سلطة القبض من ممارسة هذه الأعمال المجرمة». وبين أن» حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم من واجبات جهاز الشرطة، وهو جهاز مدني يتبع لمجلس الوزراء، حسب وثيقة الانتقال والقانون القائم».
وأعلن، «رفض تكوين هذه اللجنة ومكوناتها من خارج مؤسسة الشرطة ونرفض ولايتها حتى في مناطق النزاعات».
وطالب بـ«عودة جيوش الحركات إلى المقار، وفق المنصوص عليه في الترتيبات الأمنية، والشروع فورا في حملها على تسليم سلاحها وفق القانون والتقاليد الدولية المتعارف عليها».
«غريب ومعيب»
ووصف القيادي في الحزب الاتحادي الموحد، محمد عصمت، قرار تشكيل القوة المشتركة لمحاربة الانفلات الأمني وفرض هيبة الدولة بأنه «غريب ومُعيب ومُريب».
وتخوف، في منشور على حسابه في «فيسبوك» من أن يكون القرار مقدمة لـ «مواقف أسوأ مما يتصور البعض».
لكن أمين الإعلام في حركة تحرير السودان، محمد حسن هارون، دافع عن تكوين هذه القوة، وقال إن «قوى الكفاح المسلح ستشارك بجنود في القوات المشتركة».
وأكد في حديث مع موقع «سودان تربيون» «تأييدهم لخطوة تشكيل القوات المشتركة» واصفا القرار بـ«السليم» حيث أوضح أن «هناك مهددات للاستقرار في الخرطوم والولايات».
وقال إن «هذه المهددات تتمثل في الانفلات الأمني والسيارات غير المقننة والدراجات النارية دون لوحات مرورية وظاهرة السرقة».
وأضاف: «الأوضاع في الخرطوم مخيفة، كما أن جهات تنتحل صفة الحركات الموقعة على السلام تقوم بعمليات تجنيد، والدولة لا تعرف هذه الجهات» وتابع: «وجود عمل مشترك من جميع الأطراف تحت إدارة واحدة يسهل من القضاء على هذه الظواهر».
وعلى الرغم من عدم وجود تشريع قانوني ينظم عمل القوة المشتركة إلا أن القرار نص على «أن تبدأ أعمالها بصورة فورية».
واعتبر ناشطون تشكيل القوة المشتركة تحجيما لدور الشرطة التي تُعتبر القوى الوحيدة المُوكل إليها حفظ الأمن داخل المدن والأرياف.
والثلاثاء، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان، فولكر بيرتس، إن «الشرطة هي الجهاز الأنسب لحماية المدنيين، لذلك يجري العمل معهم للتدريب والتأهيل في برامج تقام في الخرطوم ودارفور على أن تتسع مستقبلا لتشمل المنطقتين وشرق السودان».