السودان: قائد قبلي يهدد بإغلاق موانئ تزامناً مع توافق مرتقب حول الاتفاق الإطاري

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم – «القدس العربي» تزامناً مع انطلاق أعمال الورشة الخاصة بالأزمة في شرق السودان، والإعلان عن قرب الاتفاق بين الأطراف الرافضة للاتفاق الإطاري وتلك المعارضة له، هدد رئيس مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة، ونائب رئيس الكتلة الديمقراطية، محمد الأمين ترك، أمس الأحد، بإغلاق الموانئ المطلة على البحر الأحمر.
وتجري ترتيبات، حسب بيان صحافي للمجلس السيادي السوداني، للتوقيع على إعلان سياسي بين الأطراف الموقعة والرافضة للاتفاق الإطاري في أقرب وقت ممكن.
وأشار البيان إلى أن الموقعين والممانعين توافقوا على الصيغة النهائية للإعلان السياسي المرتقب، المزمع توقيعه في أسرع وقت ممكن، عقب سلسلة من الاجتماعات برئاسة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، وحضور نائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مع القوى المدنية، والحركات المسلحة.

«قضايا قيد النقاش»

في السياق ذاته، أكدت قوى «الحرية والتغيير»، في بيان أن «الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري ناقشت مشروع إعلان سياسي، مع قائد حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة جبريل ابراهيم والقيادي في الحزب الاتحادي الأصل محمد عثمان الميرغني، ممثلين عن تنظيماتهم، بهدف انضمامهم للعملية السياسية الجارية».
وتحدث البيان عن « قضايا قيد النقاش لم تحسم بعد، وقد اتفقت أطراف الاجتماع على النأي عن أي تصريحات قد تعقد مجريات النقاش الذي سيستمر في الأيام المقبلة».

«ترك» تحدث عن احتمال ترشحه للرئاسة … وترك الباب موارباً بخصوص القاعدة الروسية

وأكدت «التزامها السياسي والأخلاقي بما اتفقت عليه الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري مع الأطراف غير الموقعة المشاركة في هذا النقاش بعدم الإدلاء بأي تصريحات حول تفاصيل هذه المباحثات، ونجدد التزامنا في السياق ذاته للرأي العام وأجهزة الإعلام بأن تملك كل المعلومات والتفاصيل والحقائق كاملة غير منقوصة في الوقت المناسب كما اعتدنا عند تعاطينا مع القضايا المرتبطة بمستقبل وطننا ومصير شعبنا وآماله وتطلعاته المشروعة في دولة الحرية والسلام والعدالة».

إضافة بنود

وحسب مصادر تحدثت لـ«القدس العربي»، فإن الإعلان السياسي يتأسس على الاتفاق الإطاري، مع إضافة بعض البنود الخاصة بالترتيبات الأمنية وقضايا تقسيم السلطة، التي نص عليها اتفاق السلام الموقع في 2020، حيث تمسكت الحركات المسلحة الممانعة (تحرير السودان – العدل والمساواة) بالالتزام بتنفيذ الاتفاق دون تعديل، وأن تنص وثيقة الإعلان السياسي على ذلك.
وأوضحت أن أبرز نقاط الخلاف بين الممانعين والموقعين تتعلق بمن يحق له التوقيع على الإعلان السياسي. وبينما تشدد القوى الموقعة على رفض انضمام مكونات الكتلة الديمقراطية المعارضة للاتفاق للإعلان السياسي، ما عدا الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وتعتبر الخطوة محاولة «لإغراق العملية السياسية»، تتمسك الحركات في الكتلة بانضمام بعض مكوناتها، بينها مجموعة ترك وفصيل الحزب الاتحادي الأصل، بقيادة جعفر الميرغني.
ترك قال خلال مؤتمر صحافي أمس إنه لم تعرض عليه وثيقة الإعلان السياسي، حتى لحظة المؤتمر، لكنه بصدد حضور اجتماع مع مجموعة الكتلة الديمقراطية، والتي يشغل منصب نائب رئيسها، للتداول حول الوثيقة والوصول إلى موقف مشترك بالخصوص.
وأضاف: «سنرى إن كانت هذه الوثيقة ستحقق مطالب شرق السودان وتؤسس لمنبر خاص بقضاياه، ربما ننضم لها، ولكن إن كانت امتدادا للاتفاق الإطاري والضغوط والاستعمارية، أي للمبعوثين الدوليين الذين يريدون تكوين حكومة يحركونها بجهاز التحكم، سنرفضها ونواصل التصعيد».
وشدد على أنهم «غير نادمين على إغلاق الموانئ المطلة على البحر الأحمر في سبتمبر(أيلول) 2021»، وأنهم عازمون على إغلاقها مرة أخرى، في حال تم تجاهل قضية شرق السودان.
وتتهم «الحرية والتغيير» ترك بإغلاق ميناء بورتسودان القومي لأكثر من شهر، لتقويض الحكومة الانتقالية آنذاك، والتضييق عليها، تمهيدا لانقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حيث رفع الإغلاق بعد وقوعه بأيام.

«إساءة مرفوضة»

وقال ترك أمس إن «بعض الداعمين للاتفاق الإطاري، يصفون زعماء العشائر بالجهل»، مشددا على أنها «إساءة مرفوضة وغير صحيحة»، مضيفا: إنهم «يتناسون التضحيات التي بذلها أبناء شرق السودان لطرد الاستعمار التركي والإنكليزي والحركة الوطنية السودانية»، مؤكدا أنهم لن يسمحوا باستعمار البلاد من جديد.
وتابع: «طالبنا بحوار سوداني – سوداني، لكن المنقادين خلف قوى الاستعمار قالوا إنهم لا يستطيعون، لأن الغرب سيحرمهم من المساعدات (الدولار)، نحن لسنا في حاجة لمال الغرب لدينا ثروتنا الزراعية والمعدنية وموانئنا، ولن نبيع إرادة الشعب».
وأشار إلى أنه «ربما يتقدم للترشح لرئاسة البلاد، حال قيام انتخابات»، مضيفا: «أن البعض يحاولون العبث بمكونات شرق السودان وتقسيم كلمتهم من أصحاب السلطة والمال والنفوذ في الحكومة، نقول لهم إن كنتم تطمحون لدعم أصوات شرق السودان في الانتخابات، نؤكد لكم أننا لن نمنح أصواتنا إلا لمن يحقق مطالبنا، بعض القيادات تحلم وهي مستيقظة».
وكانت مكونات في مجلس البجا المعارضة لترك قد اتهمت مجموعات تابعة لـ»حميدتي» بتوزيع الرشاوى والهبات على بعض المكونات القبلية في شرق السودان لشق وحدة صفها.

انتفاضة أخرى

وحسب ترك «بدلا من أن نمضي في انتخاب حكومتنا عبر صناديق الاقتراع، يسمح البعض لمبعوثي الغرب بوضع وثيقة صنعوها هم على طاولة الأطراف السودانية، ووضع خريطة طريق لتشكيل حكومة تخدم مصالحهم، إذا مضت الأمور بهذه الطريقة ستندلع انتفاضة أخرى تفرض إرادة السودانيين».
وجدد رفضه لورشة شرق السودان التي انطلقت أعمالها، أمس الأحد، معتبرا أنها امتداد لسيناريو اتفاق السلام 2020 والترتيبات التي وصفها بـ»الصورية» الجارية في الخرطوم وليست ذات صلة بقضايا الشرق، وإنما بمصالح مجموعات في المركز (الخرطوم) التي تقوم باستغلالها، على حد قوله.
واعتبر أن هذه الورشة تحاول «إشعال نيران فتنة جديدة في شرق السودان برعاية الألية الثلاثية، إنها تدخل أجنبي صارخ واستعمار»، مضيفا: «لا اعترف بالمبعوثين والسودانيون يعيشون في أرضهم وليس في بلاد المبعوثين ليفرضوا علينا أجندتهم».

خداع وتورط

وأشار لشروعهم في ترتيب ورشة موازية غدا الثلاثاء، يكشفون خلالها ما أسماه بـ»الخداع وتورط أطراف نافذة وقوى مدنية وعسكرية في محاولة التقول على قضية شرق السودان واستغلالها لتحقيق مآربهم»، لافتا إلى أن السلطات اغلقت كل القاعات في وجوههم حتى لا يستطيعوا تنظيم الورشة، وأنهم لو اضطروا سيقومون بعقدها في الشارع.
وحول مشاركته في ورشة الحوار السوداني – السوداني في القاهرة، قال إنها كانت منبرا للنقاش بين السودانيين دون تدخل من القاهرة، وإن مخرجات الورشة نصت على إنشاء منبر تفاوضي خاص بشرق السودان.
وأضاف: «إذا أطلقت رصاصة في الخرطوم ستسقط في القاهرة، مصالحنا مشتركة والقاهرة لم تتدخل ولكن تدعم وصول الأطراف السودانية لاتفاق ينهي الأزمة الراهنة في البلاد».
وبخصوص موقفهم من التقاطعات الإقليمية في شرق السودان والتحركات لإنشاء قاعدة عسكرية روسية على السواحل السودانية المطلة على البحر الأحمر، واتفاق إنشاء ميناء في منطقة أبو عمامة بشراكة مع الإمارات، قال في رده على «القدس العربي»، إن موقفهم الراهن لا يسمح باتخاذ أي موقف بالخصوص وخسارة أي محور، ولكن أي موقف سيبنى وفق مصالح أهالي الشرق.
ورداً على سؤال حول زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للخرطوم يومي الأربعاء والخميس الماضيين، أبدى ترك سعادته بالزيارة، مشيرا إلى أنها «جاءت بردا وسلاما عليهم» على حد تعبيره، وأنها «واجهت التدخلات الغربية والمبعوثين الذين زاروا البلاد بالتزامن، والذين اتهمهم بـ»استعداء» قادة شرق السودان.
ومضى قائلاً: إن «تصريحات لافروف كانت مسؤولة، واحترمت إرادة السودانيين، حيث أكد خلالها أن قضايا السودانيين تخصهم وأنهم قادرون على حلها، بينما يحاول مبعوثو الغرب فرض أجندتهم والضغط على السودانيين.
ولفت إلى أن «المجموعات القبلية في مساحات واسعة من البلاد، تمضي نحو الحفاظ على ما وصفها بحقوق شعوبها ولن تسمح باتفاق لا يخدم مصالحهم كأصحاب أرض»، مضيفا: «من يتحاورون بدفع من الغرب، فليجدوا لأنفسهم أرضا ينفذون فيها اتفاقهم».
وأضاف: «إنهم يريدون استغلال القادة الأهليين في الانتخابات، ويتخذونهم مطية من أجل السلطة وحشد الأصوات في الانتخابات، ثم يعودون ويطلبون منا عدم التدخل في السياسة، من حقنا المشاركة السياسية ولن يستطيع أحد منعنا من ذلك».
يشار إلى أن ورشة شرق السودان، والتي بدأت أعمالها أمس، وتستمر لثلاثة أيام، تأتي ضمن برامج المرحلة الأخيرة للعملية السياسية في البلاد، والتي تناقش خمس قضايا أجلها الاتفاق الإطاري، الموقع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتشمل أيضا إزالة تمكين النظام السابق، تقييم اتفاق السلام الموقع في 2020- انعقدت الورش الخاصة بها أخيرا- بالإضافة إلى الإصلاح الأمني والعسكري والعدالة الانتقالية التي من المنتظر عقد الورش الخاصة بها خلال الفترة المقبلة.
وتناقش حسب البرنامج المعلن، قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية في شرق السودان والمهددات الأمنية وقضايا الحدود والهجرة غير الشرعية والهجرة غير المنظمة العابرة بحدود البلاد الشرقية واللامركزية ومستويات الحكم ودور الإدارات الأهلية في السلم المجتمعي، بالإضافة إلى دور المجتمع الدولي في تنمية الإقليم، بينما لا تناقش قضية مسار الشرق في اتفاق السلام بشكل مباشر.
ويرفض ترك ضمن عدد من المجموعات القبلية في شرق السودان المشاركة في الورشة، بينما تدعمها مكونات قبلية وسياسية أخرى، بينها مجموعة «مسار شرق السودان» الموقعة على اتفاق السلام، والتي يطالب ترك بإلغائه وإنشاء منبر تفاوضي خاص بشرق السودان.

ورشة في جوبا

إلى ذلك، وعلى الرغم من انعقاد ورشة خاصة بتقييم اتفاق السلام، الأسبوع الماضي، ضمن أعمال العملية السياسية، أعلنت دولة جنوب السودان، الراعية للاتفاق، عقد ورشة أخرى في جوبا بمشاركة الحركات الموقعة والرافضة للاتفاق الإطاري.
وحسب إعلام المجلس السيادي، سيتوجه العضو العسكري في المجلس ياسر العطا، مترئسا وفد الحكومة السودانية المشارك في الورشة المزمع انطلاقها، اليوم الإثنين.
وضمن تطورات العملية السياسية الجارية في البلاد، وصل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي إلى الخرطوم، أمس الأحد، في زيارة تستمر ليومين، حيث انخرط في اجتماعات مع المسؤولين السودانيين، ناقشت العملية السياسية الجارية والتي يقوم الاتحاد الأفريقي بتيسيرها ضمن الآلية الدولية الثلاثية بمشاركة الأمم المتحدة والإيغاد.
وتأتي الزيارة وسط مطالب الحكومة والتي تؤيدها إيغاد، بخصوص فك تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي والتي جاءت عقب انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأكد فكي دعم الاتحاد الأفريقي للاتفاق الإطاري ومساندته بما يحقق استقرار السودان واستعادة الحكم المدني الديمقراطي وعودة السودان للاتحاد الأفريقي، فيما أشار وزير الخارجية بالوكالة، دفع الله الحاج، خلال إحاطة لوفد الاتحاد الأفريقي حول آخر تطورات العملية السياسية، في البلاد، إلى «عدم انسجام العقوبات والإجراءات القسرية مع روح مبدأ الوحدة والتضامن الأفريقي الذي نادي به الآباء المؤسسون للاتحاد الأفريقي»، لافتا إلى تطورات العملية السياسية الجارية في البلاد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية