السودان: مناصرو مجلس قبائل البجا يغلقون شركة حكومية وينددون بـ«التهميش»

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أغلقت مجموعات عشائرية، في ولاية البحر الأحمر، شرق السودان، الأحد، مقر الشركة الحكومية للموارد المعدنية بالمتاريس (الحواجز) منددين بما وصفوه بـ«الإقصاء والتهميش» لمكونات شرق البلاد.
وحاصر العشرات من أتباع المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، مقر الشركة، بالتزامن مع اعتصام يمضي نحو يومه الثامن أمام مقر حكومة ولاية البحر الأحمر، يطالب بإقالة الوالي المكلف، علي عبد الله أدروب.
القيادي في المجلس، عبود الشربيني، قال لـ«القدس العربي» إنهم «سيواصلون إغلاق مقر الشركة السودانية للموارد المعدنية، وكل الشركات العاملة في مجال التعدين شرقي البلاد، حتى يتم تحقيق جميع مطالبهم، خاصة بما يرتبط بالتزام شركات التعدين بمسؤوليتها الاجتماعية، نحو إنسان الشرق».
وبين أن «التصعيد سيتواصل ضد كل المؤسسات التي تقوم بالتغول على موارد الإقليم لصالح السلطات المركزية في الخرطوم، دون أن ينال أصحاب المنطقة أي عوائد خدمية وتنموية».
كذلك اتهم الأمين السياسي للمجلس، سيد علي أبو آمنة، في تصريحات صحافية السلطات بـ«الفشل الذريع في حل قضية الشرق وتنفيذ المصالحات الأهلية» مشككا في إرادتها للوصول إلى حل حقيقي لمشكلات الإقليم.
وأكد رفضهم فرض السلطات قيادات وصفها بـ«المدسوسة» والتي لا علاقة لها بالشرق وقضيته، في إشارة لقادة مسار الشرق في اتفاق السلام الموقع بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020.

رفع وتيرة التصعيد

وشدد على أنهم سيرفعون وتيرة التصعيد ليشمل كل الأقاليم السودانية، حال عدم تنفيذ مطالبهم.
وأضاف: «لن نكون مجرد خزينة لتوريد المال للخرطوم، وسنعمل على تكوين لجنة لمتابعة حق تقرير المصير، وإنشاء سلطة محلية انتقالية بقرار من مجلس البجا للإشراف على الأوضاع في الإقليم».
وجاء ذلك بعد يوم من لقاء جمع الآلية الثلاثية المشتركة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» بوفد المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، برئاسة محمد الأمين ترك، وذلك بعد أيام من إعلان المجلس التصعيد ومطالبته بطرد البعثة الأممية، وإلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام.
وحسب بيان للآلية الثلاثية «جرى الاستماع لوجهات نظر المجلس حول عدد من القضايا من ضمنها العملية السياسية في السودان».
وكان ترك قد لوح بإغلاق الشرق حال تجاهلهم من قبل المبعوث الأممي والسلطات في المركز، وذلك خلال مخاطبته لائتلاف عشائري يضم عدداً من المكونات القبلية، بالتزامن مع تظاهرات لموالين للعسكر في الخرطوم تطالب بطرد البعثة الأممية.
وقال: «سنعمل من أجل تقرير المصير وستضطر الحكومة السودانية للمجيء إلينا، وطلب ميناء بري لتعبر من خلاله للموانئ البحرية في الشرق، كما يحدث مع عدد من دول الجوار» مشدداً على أنهم يجب أن يأخذوا «حقوقهم كاملة حتى يصبح الميناء ملكاً لكل أهل السودان».

بعد يوم من اجتماع مع الآلية الثلاثية… وناشط يحذر من «حرب أهلية» في الشرق

وتابع: «رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس، تجاهل قضايا شرق السودان، مع أن الحكومة السابقة والحالية اعترفتا أن للشرق قضية عادلة».
وأعلن عن تكوين تنسيقية جديدة، قال إنها تضم مكونات من شمال وشرق ووسط السودان، مؤكداً أن ما وصفه بإقصاء المبعوث الأممي لهم سيؤدي لإغلاق الشرق.

عواقب وخيمة

وقال مجلس البجا، في بيان وقتها، إن أي إقصاء لشرق السودان في أي تسوية سياسية ستكون له عواقب وخيمة على السودان كافة، وأنهم لن يسمحوا للنخب بأن تنفذ خططها التي كانت تنفذها منذ الاستقلال، باستغلال الموارد وتهميش إنسان الشرق.
لكن ترك لاحقا، استبعد في تصريحات لوكالة السودان للأنباء، عقب لقائه بالآلية الثلاثية، تنفيذ تهديداتهم بخصوص أغلاق شركة الموارد المعدنية وعموم الشرق.
يشار إلى أن المجلس الأعلى لنظارات البجا، أغلق شرق البلاد في سبتمبر/ أيلول الماضي لأكثر من شهر، مطالباً بحل الحكومة الانتقالية وإلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام، ومطالب أخرى تتعلق بالتنمية في المنطقة، الأمر الذي فاقم الضغوط على الحكومة الانتقالية. وبعد أيام قليلة من الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رفع المجلس الإغلاق في الشرق، على الرغم من عدم تحقيق معظم المطالب التي أعلنها.
وبالإضافة للاستقطاب الدولي الحاد، يشهد شرق السودان صراعات قبلية حول الأرض والموارد، تفاقمت مؤخرا، مع دعوات لتقسيم الحدود بين القبائل في شرق السودان، أطلقها نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي».
ووفق ما قال الناشط في قضايا الشرق، خالد محمد نور لـ«القدس العربي» فإن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة يشهد انقسامات داخلية، بينما تتصاعد الخلافات القبلية بين مكوناته في ظل تضارب المصالح الراهن بينها.
وقلل من احتمالات استمرار التصعيد، مرجحا أنه في الغالب سينتهي إلى تسوية تنال فيها بعض المكونات امتيازات وظيفية في بعض مؤسسات الدولة هناك.
واعتبر ما وصفه بتهاون السلطات العسكرية مع تصعيد المجلس بـ«المكافأة الآنية له» بعد إغلاقه للشرق في عهد الحكومة الانتقالية ودعمه الانقلاب العسكري.
ورأى أن خطاب قادة مجلس البجا ضد السلطات، مجرد محاولة للتغطية على إخفاق قادته في الحصول على أي مكتسبات للشرق بعد الانقلاب، ومحاولة لخلق خطاب متوازن ومقبول من القواعد، مشيرا إلى أن من يقومون بحصار الشركات والمؤسسات التابعة للدولة مجموعات قليلة العدد، تمضي في بعض تحركاتها دون توافق كامل مع قادة المجلس. وأضاف ترك أن المجلس لا يريد أن يفقد المجموعات والحواضن التي يمكن أن تدعمه حال احتاج للتصعيد مرة أخرى.
وزاد: بالنظر لحجم المعتصمين لن تكون هناك خطوات تصعيدية جادة ولن يتم إغلاق الشرق، طالما أن الانقلاب مستمر.
وفيما يرى بعض المراقبين أن ما يحدث من تضارب في المواقف بين قادة المجموعات القبلية للمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، جزء من عملية توزيع أدوار داخل المجلس وفق متطلبات المرحلة وتهدئة القواعد القبلية، يؤكد نور أن ما يحدث هو نتيجة لانقسامات حقيقية، بين مكونات المجلس لخلافات تتعلق بعدم توافق المصالح بين القبائل وطبيعة العلاقة بينها وبين العسكر.
وأشار إلى أن الصراعات الإثنية في الشرق تطفو على السطح، في ظل المنافسة للظفر بتقارب أكبر مع العسكر، لافتا إلى أن القادة في المجلس العسكري يعملون على استغلال هذا التنافس لخلق توازن قوى بين تلك القبائل، وخلق حالات من الخلاف والتوافق بينها، يتحكم فيها العسكر، وفق ما تقتضي مصالحهم في المنطقة.
وأضاف أن العسكر يسعون لاستبدال المجتمع المدني والقوى السياسية بحواضن قبلية يسهل التحكم فيها، مشددا على أنهم لا يدركون التبعات الخطيرة للتلاعب بالنسيج الاجتماعي في شرق السودان، وما يقومون به في الصدد لتسجيل نقاط سياسية آنية.
وأشار إلى تفاقم الاقتتال الأهلي في الشرق وتطور أدواته وأسلحته، مشيرا إلى أن أغلب الضحايا مؤخرا كانوا قد سقطوا بالسلاح الناري، محذرا من ارتفاع النعرات والنزاعات القبلية وعمليات التسليح وربما تكوين الميليشيات بينما يتصاعد صراع المحاور في الشرق.
وحذر من اندلاع حرب أهلية في الشرق ربما تكون أسوأ من حرب دارفور.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية