السويداء: مشيخة العقل الدرزية تدعو الشبان للالتحاق بالخدمة العسكرية لدى النظام السوري

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي» : في أعقاب أحداث دامية، دارت رحاها في جبل العرب ذي الغالبية الدرزية، جنوبي سوريا، ازهقت ارواح العشرات وانتهت باختطاف أكثر من 25 سيدةً وطفلاً، وسط تخاذل السلطات السورية بتطويقها، واتهام دروز السويداء، النظام بتأجيج وايقاد الحرب، أصدر رئيس الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين في سوريا حكمت الهجري، امس الثلاثاء بياناً شكر فيه رأس النظام السوري على اغلاق ملف المختطفات، ودعا فيه أبناء المحافظة لرد الجميل له عبر الالتحاق بالخدمة الإلزامية، والاستفادة من مرسوم «العفو الرئاسي» مستغلاً بذلك الهجمات المعاكسة التي يشنها تنظيم «الدولة» على مواقع الميليشيات المحلية في تلول الصفا شرقي السويداء، وحالة الاستنفار السائدة.

بيان الشيخ

التداعيات المتسارعة التي أحاطت بمعقل الأقلية الدرزية، وإغلاق احد أكبر الملفات الشائكة في منطقة جبل العرب عبر عملية غامضة لا يعرف تفاصيلها إلا أزلام النظام السوري، الذي يحاول الظهور بعد اطلاق نحو 19 سيدة وجثث 3 أطفال، كمخلّص للدروز من الإرهاب المحيط بهم. اوجدت الفرصة المواتية أمام أحد شيوخ العقل، الذي طالب جميع الشبان والبالغ عددهم وفق مصادر محلية بـ 40 ألف شخص، بالالتحاق بخدمة النظام في جيشه، ما دعا معارضين دروزاً إلى تلقيبه بـ «الرفيق حكمت الهجري» على أنه القائم بأعمال النظام في مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في جبل العرب، وأمين فرقة المشيخة.
وفي بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الهيئة الروحية هنأ فيه حكمت الهجري ذوي المختطفين بتحرير أبنائهم من تنظيم الدولة، في عملية عسكرية وصفها بـ «الناجحة والمعقدة من قبل الجيش السوري» وتوجه إلى شباب المحافظة وذويهم في ظل ما وصفه بالانتصارات الرائعة، بأن يلتحقوا بالخدمة الإلزامية ويلبوا «نداء الوطن»، معتبراً أنه «واجبهم الوطني المقدس الذي مارسه أسلافهم» وأكد البيان على أهمية الاستفادة من مرسوم العفو الذي أصدره «بشار الأسد» لصالح المتخلفين وتسوية أوضاعهم، خاتماً البيان بالشكر «للجيش السوري وقائده الأسد»، على تحرير مختطفي المحافظة.
وحسب مدير شبكة اخبار «السويداء 24» ريان المعروفي فإن الإحصائيات غير الرسمية تشير إلى ان عدد المتخلفين عن الخدمة في السويداء يفوق 40 ألف مواطن، رغم عروض عديدة قدمت لأبناء المحافظة على مدار السنوات الفائتة، كان آخرها عرض من الفرقة الرابعة بالخدمة ضمن المنطقة الجنوبية، أقبلت عليه أعداد محدودة تقدر بالعشرات.

تاريخ «الهجري»

وكانت الجهات الأمنية حسب المتحدث قد امتنعت عن اعتقال المطلوبين للخدمة على الحواجز داخل محافظة السويداء، وتوقفت عن تسيير الدوريات فيها للقبض عليهم منذ عام 2014، بعد محاصرة الأهالي شعب التجنيد أو الفروع الأمنية، وإطلاق سراح الموقوفين، فضلاً عن بروز حركة «رجال الكرامة» حينها، التي اتخذت موقف الحياد من الحرب، وتبنت حماية «المتخلفين».
معارضون من محافظة السويداء اعربوا عن ضرورة الحديث عن تاريخ «حكمت الهجري» وآلية وصوله إلى «مشيخة العقل» حيث أراد المعارض السوري «فاضل الخطيب» من أبناء منطقة جبل العرب، التوقف عند كيفية تسلمه مركزه في مشيخة العقل، ووصفها بأنها «تشبه وصول بشار الأسد للرئاسة».
وأوضح المتحدث لـ «القدس العربي»، ان تنصيب حكمت الهجري في رئاسة مشيخة العقل جرت «بسبب حادث سير مفتعل، حيث كان أخوه للشيخ حكمت شيخ عقل، وبعد حديث تليفوني مع بشار الأسد يتعلق بإصدار حرم ديني، أي شيء من تكفير الدروز المعارضين للنظام والمؤيدين للثورة». لكن الشيخ «الشهيد رفض طلب الاسد، ويقال ان الأسد رد بتهديد أو ما يشبه التهديد، وبعد يومين اصطدمت سيارة الشيخ بجرافة على الشارع العام، نقل على إثرها إلى المشفى، رغم رفضه للذهاب كون الحادث بسيطاً، لكنه خرج من المشفى ميتاً وغير معروفة حقيقة الوفاة للآن».

معارضون دروز يصفون الهجري بـ «القائم بأعمال النظام»

وبضغط من بشار الأسد تم تعيين حكمت الهجري خليفة لأخيه شيخ عقل، وقد عرف عن الهجري منذ تعيينه حسب «الخطيب» أنه يعمل وفق ما تمليه عليه المخابرات السورية، حتى «أن الكثيرين في الجبل يسمونه تهكماً بالمساعد أول، وغالباً مواقفه منفردة وغير منسجمة مع مشيخة العقل، والتي تضم إضافة لحكمت الهجري اثنين آخرين».
وقال المعارض السوري ان البيان الأخير الذي يدعو فيه حكمت الهجري الشباب المتخلف والرافض للالتحاق بالجيش، هو ليس الأول منه، لكنه يكشف «سذاجة النظام، بل الايرانيين الذين يتحكمون بالشيخ وببعض ميليشيات الأسد في الجبل». معتبراً البيان، «فضيحة أخلاقية، يساهم بحرق أوراق حكمت الهجري بسرعة، حيث يعرف الجميع في الجبل، أنه حتى أنصار النظام يرفضون ارسال أبنائهم للجيش لتجنيبهم أداء دور وقود الحرب التي يشنها النظام السوري ضد شعبه».
ورأى أن بيان الهجري، «يساعد على استمرار الفرز السياسي فقط، ويضع أنصار النظام في موقف محرج، خصوصاً بعد مجزرة 25 تموز الداعشية، والتي صار الجميع يعرف عن مدى تورط النظام والايرانيين خاصة في تلك المجزرة واختطاف سيدات مع أطفالهن ممن تم الإفراج عمن بقي منهم أحياء قبل أسبوع».
الجبل وفق وصف «فاضل الخطيب» يعيش حرباً بلا ضجيج، وأحياناً حرباً حقيقية، لافتاً إلى ان الأهالي يتوقعون محاولات جديدة من النظامين السوري والإيراني لسفك دماء جديدة معاقبة للجبل على مواقفه الرافضة من دعم الاسد، وهو موقف كان حيادياً من الحرب المستمرة منذ قرابة 8 سنوات.

«كر وفر» بين قوات النظام و»الدولة» شرقي السويداء

يبدي تنظيم الدولة مقاومة شرسة في الحفاظ على مواقعه شرقي السويداء عبر تنفيذ هجمات معاكسة على مواقع قوات النظام وحلفائها، فيما تمكنت قوات النظام خلال الـ 24 ساعة الفائتة من تحقيق تقدم في المنطقة وانتزاع مساحات كان التنظيم يسيطر عليها.
المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد بدوره استمرار المعارك العنيفة في بادية ريف دمشق الواقعة عند الحدود الإدارية مع ريف السويداء، بين تنظيم «الدولة» من طرف، وقوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية وفصائل «المصالحات» من طرف آخر، حيث تتركز المعارك في آخر ما تبقى للتنظيم في المنطقة ضمن تلال الصفا، في محاولة متواصلة من قبل قوات النظام وحلفائها لإنهاء تواجد التنظيم في المنطقة بدعم من القصف الجوي والصاروخي.
ووثق المصدر مزيداً من الخسائر البشرية بين طرفي القتال في إطار تصاعد المعارك والعمليات العسكرية خلال الـ 48 ساعة الفائتة في أعقاب الإفراج عن المختطفين من قبل تنظيم «الدولة» حيث ارتفع عدد قتلى التنظيم إلى 30 على الأقل ممن قتلوا خلال القصف والاشتباكات، وفي المقابل ارتفعت خسائر قوات النظام إلى 13 من ضمنهم مرتزقة الميليشيات وفصائل «المصالحة».
وبذلك ترتفع خسائر تنظيم الدولة منذ الخامس والعشرين من شهر تموز / يوليو الفائت، إلى 411 على الأقل قتلوا جميعهم خلال التفجيرات والقصف والمعارك الدائرة. كما ارتفعت اعداد قتلى النظام السوري إلى 221 على الأقل من ضمنهم عناصر من حزب الله اللبناني أحدهم قيادي لبناني بالإضافة لضباط برتب مختلفة من قوات النظام أعلاهم برتبة لواء، حسب المرصد السوري، كما تسببت الاشتباكات بإصابة المئات بجراح متفاوتة الخطورة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية