القاهرة ـ «القدس العربي»: قبل يومين من الذكرى الحادية عشرة لثورة يناير ذرفت عينا الرئيس عبد الفتاح السيسي مجددا، لكن بسبب شهداء الشرطة وشهادات ذويهم أمس الأحد 23 يناير/كانون الثاني. وقال السيسي، إن الإنجاز الذي تم في ما يخص دحر الإرهاب كان كبيرا جدا، وثمنه كبير جدا.
وعلى مدار يومي السبت والأحد زخرت الصحف بالعديد من الموضوعات والقضايا التي تناولت تضحيات رجال الشرطة، غير أن ثورة المصريين لم تجد من يعبأ بها، بين صحف الحكومة وعلى هديها سارت باقي الصحف، فيما أعربت أسر شهداء الشرطة عن خالص فخرهم بتكريمهم في حفل عيد الشرطة رقم 70، الذي يخلد معركة الإسماعيلية الشهيرة. وقالت أرملة الشهيد عبد الرحمن عادل، إن مصر تستحق الضحية والفداء، والشهيد امتداد لشهداء في أسرته على رأسهم عمه في حرب 1967. وأدلى أهالي الشهداء بشهاداتهم مع ذويهم قبيل فقدهم. وخلال الاحتفال أشار الرئيس إلى أن الغاية الأسمى للدولة، هي المحافظة على بقائها، وحفظ الأمن والأمان لمواطنيها، وثمن دور الشرطة الوطني جنبا إلى جنب، مع أشقائهم من رجال القوات المسلحة البواسل، الذين يمثلون معا، الحصن المنيع، لحماية الوطن من كل شر تحية لهم جميعا، على بطولاتهم وتضحياتهم وتحية مملوءة بأسمى آيات التقدير والاعتزاز، إلى أرواح الشهداء، تلك الشموع المضيئة، التي اختارت الخلود في السماء، على البقاء في الأرض ـ كما وجه السيسي التحية بمناسبة ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني واصفا إياها بأنها عبرت عن تطلع المصريين، لبناء مستقبل جديد للوطن ينعم فيه جميع أبناء الشعب، بسبل العيش الكريم.
من جانبها أعلنت الداخلية عرضا لجهودها خلال عام، في مواجهة الجريمة بشتى صورها، في حفل عيد الشرطة بحضور الرئيس السيسي، حيث نجحت في تفكيك 120 بؤرة إرهابية، وضبط 38 عبوة متفجرة، والقضاء على الجريمة الجنائية، وانخفاض معدلها بنسبة 13%. ومن جانبه تقدم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بخالص التهنئة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزارة الداخلية، قيادة وضباطا وأفرادا، وجموع الشعب المصري، بمناسبة عيد الشرطة وذكرى ثورة 25 يناير.
وكشف مصادر في وزارة التموين والتجارة الداخلية، أن مخزون القمح يكفي لأكثر من 5 أشهر، حيث يتم تأمين المخزون الاستراتيجى للأقماح أولا بأول لإنتاج الخبز البلدي المدعم، وأن هناك توجيهات من القيادة السياسية بالاستمرار في تأمين مخزون السلع الاستراتيجية كافة، وأنه يتم توفير القمح، سواء من خلال الحصول على القمح المحلي من المزارعين، أو من خلال الاستيراد من الخارج، من خلال إجراء المناقصات العالمية. ومن أخبار المحاكم: تبدأ محكمة جنايات طنطا نظر أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية فتاة الغربية بسنت، المشهورة إعلاميا بـ”ضحية الابتزاز”.. ومن التقارير الاقتصادية: سجلت البورصة خسائر بلغت 6 مليارات جنيه في ختام تعاملات اليوم.. ومن معارك الفنانين: انتقد الناقد الفني طارق الشناوي الجدل المثار حول فيلم «أصحاب ولا أعز» والبيان العاجل الذي تقدم به النائب مصطفى بكري قائلا: «الفيلم ليس فيه تطبيع مع المثلية الجنسية، ولم يشجبها بشكل قاطع، وهذا يتضح في رد فعل الأصدقاء، عندما علموا ضمن مشاهد الفيلم أن صديقهم مثلي».. وبدورها حرصت منى زكي، على التركيز على الآراء الإيجابية، عن فيلم عبر خاصية “الاستوري” على تطبيق أنستغرام، من جانب زملائها الفنانين بينهم هند صبري، وغادة عبد الرازق، وكريم قاسم، وحازم إيهاب، وسارة عبد الرحمن، وعباس أبو الحسن، وكندة علوش، إلى جانب آراء جمهورها الإيجابية عن دورها والعمل ككل. ومن المعارك ضد الفنانين أيضا: شن الكاتب والمحاور مفيد فوزي هجوما حادا على المطرب والنجم عمرو دياب مؤكدا أن نجاحه نجم عن ظواهر اجتماعية دخلت إلى المجتمع المصري خلال الـ 30 عاما الأخيرة، وقال إن ” الهضبة ” اعترف بأنه يمتلك قدرة قوية على التسويق، وأضاف الكاتب أن صوت “الهضبة” لا يمكن أن يدخل إلى غرفة نومه وفقط عليه أن ينتظر على “الباب” من الخارج.
صورة مضللة
قضايا عجيبة وغريبة وشخصيات وصفها طارق عباس في “المصري اليوم” بالأكثر غرابة، يتم طرحها وفرضها وتسليط الضوء عليها الآن، باعتبارها الشغل الشاغل لعموم المصريين، وهي ليست كذلك، وينبغي أن لا تكون، لأن مثل هذه القضايا وتلك الشخصيات قد لا تمثل إلا نفسها أو على الأقل فئة محدودة من الناس، ومع ذلك – ولأسباب ما – يتم الاهتمام بها وتصديرها إعلاميا إلى الرأي العام، ليغرق في الانشغال بها. واحتلال الحيز الأكبر من الجدل والحوار والنقاش المجتمعي، سواء عن طريق التلفزيون أو الإذاعة أو الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي، المستعدة دوما لأن تكون ميادين للأخبار الملفقة والأكاذيب والشائعات المغرضة، والتربص والتنمر والانقسام بين مؤيد ومعارض، موافق ومختلف، رافض ومنصف لهذه القضية أو تلك الشخصية، وكأن البلد لم يعد يصلح له إلا السطحية والتفاهة والعناية بكل ما هو شخصي، وكأن البلد خاصم الابتكار والإبداع، ونسي أن فيه علماء ومبدعين وروادا في كل المجالات، جديرين بالعناية والنقاش والدعم وتصدر المشهد، كأن البلد لم يعد فيه إلا إعلام الطبخ والرقص والغناء والاحتيال وشراء لعيبة كرة القدم، وكأن للصورة وجها واحدا ترسمه أياد لا تريد سواها في العيون والعقول.
شرفاء الظل
في مجمل نظرته لما يجري ضرب طارق عباس، أمثلة للشخصيات التي تستحق، الاحتفاء بها، لكنها خارج الحسابات ولا تحظى بأن يكتب عنها ولو سطر واحد في الصحف، وأشار الكاتب لنماذج عظيمة ومهمة أعطت ولا تزال تعطي في شتى مجالات العلوم، ومن هؤلاء: سمية ياقوت: نموذج نسائي رائع للعبقرية المصرية، في مجال الهندسة الصناعية، ابتكرت نظاما جديدا للتنبؤ بأعطال الطائرات وقطارات البضائع، وقد شاركت في كتابة بحث علمي متميز حول تطوير وتطبيق الآليات الحديثة لصيانة ورصف الطرق السريعة في مصر، وقد حصلت على لقب سيدة العام في اليوم العالمي للمرأة في كندا عام 2015، وهي الآن من الأساتذة المهمين في جامعة بولونك في مونتريال في كندا. هدى المراغي: أول عميدة مصرية لكلية الهندسة في كندا، وقد عملت مستشارة لوزير الدفاع الكندي، من أهم إنجازاتها العلمية: مشاركتها في تصميم وتطوير مصنع فورد للسيارات للإنسان الآلي. إلهام فضالي: عالمة وباحثة شابة في مجال الفيزياء، ومن فرط تميزها ونبوغها، فازت بجائزة «إنجاز العام» عن بحث تقدمت به من خلال جامعة «إيند هوفن» الهولندية، وكان موضوعه «كيفية الحصول على إشعاع ضوئي من مادة السليكون» لاستخدامها في سرعة نقل البيانات لتصل سرعتها إلى سرعة الضوء. هشام عاشرو: من أهم الجراحين في العالم، في مجال أمراض النساء وسرطان الرحم، وهو المدير الطبي ورئيس مركز الجراحات الترميمية في مستشفى «بسيان» في ألمانيا. هاني سويلم: أعد استراتيجية مصر لإدارة المياه والطاقة، من أجل إنتاج الغذاء اعتمادا على موارد مصر المائية المحدودة، كما قدم أفضل رسالة دكتوراه في الهندسة في جامعة «أخن» الألمانية، وشغل منصب مديرها، وقد كلفته الحكومة الألمانية بإنقاذ نهر «الراين» من التلوث، ونجح في المهمة. هذا هو الوجه الآخر للصورة، الوجه المغيب مع سبق الإصرار والترصد.
محنة الثوار
من أبرز خصوم ثورات الربيع مرسي عطا الله في “الأهرام”: الوقت ما زال مبكرا لسرد وتحليل الرواية التاريخية التي سطرها شعب مصر للخروج من محنة عواصف الفوضى، التي ضربت المنطقة قبل 11 عاما مضت لكن ذلك لا يمنع من تحليل مختصر وخاطف لفهم حقيقة ما جرى، وإدراك مغزاه حتى يمكن استخلاص الدروس والعبر التي تساعد على رؤية ما هو مقبل، وما هو محتمل، خصوصا أن المؤامرة لم تنته بعد، وما زالت بعض وقائعها تجري في بعض الدول المجاورة والشقيقة، باستخدام، اللغة ومفرداتها المتعددة من الأكاذيب والإشاعات لنشر روح اليأس والإحباط، وتهيئة المناخ الملائم لهبوب رياح الفوضى. أهم معركة أنجزها شعب مصر علي طريق الخروج من المحنة هي معركة الوعي التي انتصر فيها الإيمان بالوطن والحرص علي بقاء الدولة، ضد كل الدعاوى الباطلة التي صاحبت عواصف الفوضى، واجتذبت قدرا هائلا من التصفيق العفوي في البداية، قبل أن يستفيق الناس، خصوصا قطاع الشباب الذي كان مستهدفا بحملات ظالمة، تستفز مشاعره بمزاعم تصدع وتآكل وانهيار الدولة، وفي التالي غياب أي أفق للحلم والإمكانية. خروج القطاع الأكبر لشباب مصر من غيبوبة الأكاذيب والشائعات، هو بداية البحث الجاد عن الطريق الصحيح للخروج من المحنة، حيث أكد شباب هذا الوطن استعدادهم لأي مخاطر وأي تضحيات وهكذا بدأ المشهد يتغير تماما في الشوارع والميادين ووضعت بذلك أول بذرة للخروج الكبير في 30 يونيو/حزيران عام 2013.
معارضون دائما
هناك فئة وصفها عماد الدين حسين في “الشروق” بأنها لا يعجبها العجب، كانت تنتقد الظروف المعيشية الصعبة لعدد كبير من المواطنين، ولها كل الحق في ذلك، لأن برنامج الإصلاح الاقتصادي كان شديد القسوة عليهم وجعل عددا كبيرا منهم يعاني بشدة بصورة أو بأخرى. هؤلاء المنتقدون كانوا يطالبون الحكومة ـ ومعهم كل الحق ـ بأن تتخذ إجراءات وقرارات للتخفيف على المواطنين المتأثرين ببرنامج الإصلاح. هذه الفئة أيضا كانت تنتقد الحكومة مرارا وتكرارا ـ ومعها بعض الحق ـ بسبب الرسوم المختلفة التي أرهقت كاهل المواطنين في الشهور الأخيرة. الآن الحكومة استجابت ـ ولو بصورة جزئية ـ لبعض مطالب هؤلاء المنتقدين، واتخذت بعض الإجراءات التي كانوا يطالبون بها. وأظن أنه واجب على هذه الأصوات الناقدة أو الناقمة، أن ترحب بهذه الإجراءات، لأنها في النهاية خطوة إيجابية. سيقول بعض هؤلاء ـ وليس لهم أي حق في ذلك ـ إن غلاء الأسعار أكبر بكثير من هذه الإجراءات، التي قد يتم التهامها في إجراءات لاحقة، مثل زيادة أسعار سلع وخدمات أخرى، خصوصا الوقود أو رفع بعض أنواع الدعم. قد يحدث هذا بالطبع، لكن النقطة الجوهرية هي أنه لا توجد أي حكومة في العالم يمكنها أن تحل مشاكل متراكمة بقرار واحد وفي وقت واحد. النقطة المحورية أن المنتقدين كانوا يلومون الحكومة على بعض سياساتها ـ وربما يكون لهم الحق في ذلك ـ وحينما تقوم هذه الحكومة باتخاذ إجراءات لإصلاح هذه السياسات، أو تحسين معيشة الناس، وجب أن نشجعها على ذلك، لأن هذا التوجه سوف يقنعها بأن المعارضين لها يتسمون بالموضوعية ويختلفون معها في السياسات، وليس «عمال على بطال، ومن باب جر الشكل فقط»، وأنها حينما تتخذ قرارات تصب في صالح المواطنين، يحق لها أن تتلقى بعض التشجيع. هل قرارات الحكومة الأخيرة سوف تحل كل مشاكل المواطنين، خصوصا غلاء الأسعار؟ الإجابة هي لا بالطبع، لكن حينما تتخذ الحكومة إجراءات تساعد في حل بعض المشاكل، فإن من المفيد شكرها وطلب المزيد، وليس التقليل من هذه الإجراءات أو السخرية منها. مرة أخرى أوضاع العديد من الدول ومنها مصر لا تخفى على أحد، في ظل عجز موارد كبير، وجهاز إداري مثقل بالمشاكل والأزمات وقلة الكفاءة، وفساد متغلغل منذ عقود، وبالتالي فإن الإصلاح الشامل سوف يستغرق وقتا.
مطلوب جدية
الآن.. وقد استبانت الأمور واتضحت وأصبحنا جميعا، كما أوضح أحمد رفعت في “فيتو”، نعرف أن من بين المتهمين في قضية فساد وزارة الصحة المحالين للمحاكمة، المسؤول عن إدارة العلاج الحر في الوزارة أي المسؤول عن فحص ملفات العيادات والمؤسسات والمراكز والمستوصفات الخاصة، أي الرجل الذي يمنح ويمنع ويفتح ويغلق المؤسسات الطبية، التي يتعامل معها كل شعبنا تقريبا بطريقة أو بأخرى. الدولة اتخذت الإجراء اللازم.. أجهزتها المختصة بمحاربة الفساد لاحظت وراقبت وأصدرت أوامر التسجيل ثم الضبط وقبضت على المتهمين، ثم أحالتهم إلى أجهزة التحقيق التي حققت وأحالتهم أيضا إلى القضاء للمحاكمة، لتقرر مصيرهم بين الإدانة والبراءة، لكن وعلى طريقة “سرقوا الصندوق يا محمد” يبقى الرجل الذي اتهم – اتهم- بالفساد في قبضة الشرطة وعلى ذمة القضاء، لكن العيادات والمستوصفات والمراكز التي منحها التراخيص، تعمل كما هي ولا نعرف كم منها – إذا صحت الاتهامات – استوفت الشروط المطلوبة وتستحق الترخيص لها بما يضع أبناء شعبنا بين أيدٍ مؤتمنة. كما لا يصح أن يتساوى الأطباء المحترمون ممن التزموا بالشروط كافة، وراعوا شرف المهنة وخضعوا لضمائرهم مع المخالفين غيرهم، أغلبية الأطباء في خير وأغلب العيادات والمراكز صالحة لممارسة المهنة، لكن من تسللوا بين هؤلاء ينبغي تتبعهم ومنعهم من ممارسة واحدة من أشرف المهن، القرار لوزير الصحة بالإنابة وقد يحتاج الأمر إلى بحث كل التراخيص في آخر عامين مثلا أو منذ تولي المسؤول المتهم ملف ملف مع فتح باب الشكوى للجميع والتحقيق فيها بجدية.
رجل شجاع
لدى سليمان جودة من المبررات ما يجعله يعترف بأن بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، هو أشجع الناس في مواجهة فيروس كورونا، كما قال في “المصري اليوم”: في بداية ظهور هذا المتحور، وصلت أعداد الإصابات به بين البريطانيين إلى ما يقارب 200 ألف إصابة في اليوم الواحد.. وظلت الأرقام منذ ذلك الوقت تدور حول هذا الرقم، وكانت بريطانيا وفرنسا هما أعلى الدول من حيث أعداد المصابين، ومع ذلك، فإن جونسون كان رأيه أنه لا سبيل سوى التعايش مع هذا الفيروس، أيا كانت أسماء متحوراته، وأيا كانت أعداد إصاباته. وهو لم يشأ أن يجعل من حديثه في الملف كلاما نظريا، ولكنه سارع بتحويله إلى قرارات وأفعال، فكانت بلاده أول دولة في العالم تلغي تحليل بي سي آر لكل قادم إليها، ولم يعد هذا التحليل السخيف شرطا لدخول بريطانيا.. وكان قرارا جريئا في امتياز. ولم يتوقف جونسون عند هذا الحد، ولكنه ذهب إلى أبعد مدى ممكن، فقرر- بدءا من الخميس المقبل 27 يناير/كانون الثاني – إلغاء ارتداء الكمامات شرطا إلزاميا لدخول المصالح الحكومية، أو الأماكن المغلقة، أو استخدام وسائل المواصلات.. وقرر كذلك ألا يكون العمل من المنزل، كما جرت العادة منذ بدء ظهور كورونا.. فالعمل – بدءا من هذا الخميس- سيكون من المكتب مكانه الطبيعي.. أما العمل «أون لاين» من البيت فهو حكاية انتهت. هذا رجل شجاع لا شك في ذلك، وما يفعله شجاعة وليس تهورا كما قد يتخيل بعضنا، لأنه كرئيس حكومة مسؤول اكتشف أن موضوع كورونا يمكن جدا أن يستمر سنوات مقبلة، ويمكن – كما قال وزير صحته، ساجد جاويد – أن يدوم إلى الأبد، شأنه شأن الإنفلونزا بالضبط. ومن العبث أن يظل العالم يجري أمام كورونا خوفا منه، ومن عدم الجدوى أن يعيش الإنسان أسيرا في قبضة هذا الفيروس.
قصة ولا مناظر
نتحول نحو الأزمة التي خلفها فيلم سينمائي بصحبة حازم حسين في “اليوم السابع”: جدل واسع أحدثه فيلم “أصحاب ولا أعز” منذ طرحته منصة نتفليكس، وما يزال يتصاعد بعد يومين. الأغلبية هاجمته من منطلقٍ أخلاقي يرفض ما طرحه عن المجتمعاتِ العربية، أو يضيق بما ظهر عليه ممثلوه من صورٍ غير معتادة نسبيا. الهجوم الأكبر كان من نصيب منى زكي التي تظهر في افتتاحيةِ الشريط تخلع قطعة من ملابسها الداخلية، فضلا عن لغةٍ مكشوفةٍ ومفرداتٍ تبدو صادمة من نجمةِ “السينما النظيفة”، وصادمة لجمهورٍ محافظٍ يستهلك تلك الدراما بلغاتٍ أخرى، وينكر وجودها في مجتمعاته المحلية. في المقابل دافع آخرون من الفنانين والنخب والناضجين ثقافيا واقتصاديا عن الفيلم. بين وجهتي النظرِ ضاعت نقاشات الفن أو كادت، وحصِر الأمر في اشتباكٍ اجتماعي، لا ينشغل بالتقنية وجودة المنتج قدر انشغاله بالرسائلِ والحمولاتِ الدلالية. بينما يحمل الشريط من بواعث النقاش ما يكفي للجدل، وربما لاختصامِ صناعه وقد تورطوا في لعبةِ انتحالٍ تنتصر للتجارةِ أكثر من الفن، وتدور في ماكينةِ أفكار تخص الممول الخارجي أكثر من المرسل والمستقبِل المحليين. “أصحاب ولا أعز” معالجة جديدة للفيلم الإيطالى الشهير Perfetti sconosciuti/ غرباء تماما. إنتاج 2016 وحاز جائزة أفضل سيناريو من مهرجان القاهرة السينمائي، كما دخل موسوعة جينيس للأرقامِ القياسيةِ في يوليو/تموز 2019 كأكثر فيلمٍ يعاد إنتاجه. وصل مجموع إصداراتِه تسعة عشر بالنسخةِ العربيةِ الأخيرة. سيناريو الفيلم وضعه أربعة كتابٍ أبرزهم فيليبو بولونيا، وشارك في المعالجة وأخرجه باولو جينوفيز. محنة النسخةِ العربيةِ أنها تعاملت مع الأمر باعتباره “دبْلجة” للفيلم لا إعادة معالجةٍ أو إنتاج. كمشاهدٍ رأى النسخة الأصلية، وعددا من الإصدارات الأخرى، شعرت بأنني أكرر المشاهدة على وجهٍ أسوأ مما قبل، لا جديد في الحبكةِ أو السيناريو أو طبيعة الشخصيات، أو زوايا التصوير والتقطيع والمونتاج، بل إن الحوار متطابق تقريبا. كان الإصدار الجديد مخلصا للنسخة الأصليةِ أكثر مما ينبغي، بل إنه حافظ على نهايتها السيئةِ، دون مغايرةٍ أو انحراف. الأمر ليس سرقة بالتأكيد، لأنه إنتاج في إطار اتفاقٍ قانوني معلن، لكنه للأسف ليس إبداعا أيضا.
خطيئة منى
ومن معارك أمس أيضا هجوم عنيف ضد منى زكي على يد عمرو جلال في “الأخبار”: عندما يمد طفلك الصغير يده ليمسك بشيء ملوث أو قذر من على الأرض على الفور نقول له “يع” أو “كخ” وهي في المناسبة من كلمات اللغة العربية الفصحى، وتستخدم لزجر الصبي عن أمر خطأ. ويبدو أن الفنانة منى زكي تحتاج حاليا إلى من يقول لها ذلك، بعد أن تصاغرت فنيا وقررت أن تشارك في عمل ملوث فنيا من إنتاج شبكة “نتفليكس”. الفيلم انطلق يوم 20 يناير/كانون الثاني الماضي تحت اسم “أصحاب ولا أعز” وكان الاسم المناسب للفيلم هو “أصحاب ولا أع ” لأن كل أبطال الفيلم المفترض أنهم أصدقاء العمر، يرتكبون أفعال شائنة لا يسعك إلا أن تقول عليها “أع” و “يع” وكل ما نقوله على تلك الأشياء التي تثير الشعور بالقرف من تلك العلاقات غير السوية، التي اجتمعت جميعها داخل مجموعة صغيرة من الأصدقاء الذين يعيشون في لبنان. منى زكي تخرج علينا بدور زوجة سكيرة تخون زوجها على مواقع التواصل الاجتماعي وصديقهم الآخر يخون زوجته مع زوجة أعز أصدقائه وابنة الصديقة الأخرى ذات الـ18 عاما تكتشف الأم أنها على علاقة جنسية مع شاب آخر، وعندما تخبر زوجها بالأمر يرفض الأب تعنيف الابنة بدعوى أنها حرة تفعل ما تشاء، وأخيرا يظهر علينا صديقهم الشاذ جنسيا، ويتم تقديمه على أساس أنه ضحية المجتمع العربي الرافض لفكرة شذوذه. ويتعرض بسببه للظلم والطرد من عمله وسخرية من حوله أما صديقه المصري (إياد نصار) فيقف إلى جانبه ويدعمه.. بالطبع لا يخفى على أحد أن نشر ثقافة الشذوذ الجنسي وتقبله في المجتمعات البشرية، هو أحد الأهداف الواضحة لمنصة “نتفليكس” منذ انطلاقها عام 1997. العام الماضي صرحت منى زكي بأنها اكتشفت انه لا يوجد ما يسمى بـ سينما نظيفة وسينما «مبقعة». بالطبع لمنى زكي الحق في تقديم سينما نظيفة أو “مبقعة” لكن عندما تشارك في أعمال فنية هدفها تمرير عادات ملوثة وسيئة والدفاع عنها تحت باب الحرية الفنية هنا يجب أن نقف أمامها ونقول لها “كخ” يا منى و “يع” يا منى.
اصبروا عليه
يرى ممدوح الصغير في “أخبار اليوم” أن البرتغالي كارلوس كيروش لم يحظ بمحبة جماهير الساحرة المستديرة المصرية، منذ توليه مهمة منتخب مصر، رغم الضجة الكبرى التي زفها الإعلام المرئي عند التعاقد معه. مؤكدا أن الرضا عن كيروش لم يكن سوى في لقاء ليبيا، التي حقق المنتحب فيها فوزا غاليا، لكنه متوقع لفارق الإمكانيات والتاريخ، بعدها كان اهتزاز العروض، ومع ذلك صعدنا للمرحلة الحاسمة للتأهل لكأس العالم 2022 في قطر. ورغم المساندة الجماهيرية له في كأس العرب، كانت الانتقادات له؛ بسبب سوء التشكيل وكثرة التجارب التي أجراها خلال 6 مباريات، مفترض أن تكون خير إعدادٍ لنهائيات أمم افريقيا في نسختها 33، ولكنه خرج عن السرب، اختياراته للاعبين غريبة، المنتخب المصري توجد فيه مجموعة من اللاعبين من أفضل أجيال الكرة المصرية، يكفي وجود محمد صلاح الذي لم يستفد كيروش من وجوده، وكان مفترضا أن يبني خطة لعبه على صلاح، مع كوبر لم يقدم المنتخب عروضا جميلة، إلا في عدة مباريات لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، نتائجه أسكتت الجماهير وعشاق الساحر المستديرة. نعلم أن كيروش مدرب له خبرات، ولكنه لم يحقق بطولات مملوسة، صعوده في إيران مرتين لنهائيات كأس العالم 2014 و2018، لا يعد إنجازا، إيران تلعب في آسيا التي معظم فرقها أقل مهارة من المنتخبات الافريقية. مطلوب من إعلامنا الصبر على كيروش، وعدم الهجوم عليه حتى مباراة كوت ديفوار. ربما تهدي لنا السماء لقبا لم يكن في الحسبان، لدينا مدير فني لا يسمع لمن حوله من جهازه الفني، وينفرد بقراره، منتخبنا أداؤه سيكون أفضل لو كان معنا حسام حسن أو حسن شحاتة أو إيهاب جلال، الثلاثة لديهم جرأة وخبرات في التعامل مع الفرق. كيروش ذهب للكاميرون مرعوبا من منافسيه، دخل لقاء نيجيريا خائفا، كانت الهزيمة في مباراة تعد الأسوأ لنا عبر تاريخنا في أمم افريقيا. هدفنا نهائيات كأس العالم، وأمم افريقيا مطلوب الفوز بها، ومطلوب من اتحاد الكرة أيضا إقناع كيروش بالسمع لمن حوله.
الدرس الجزائري
يرى أحمد عبد التواب في “الأهرام” أن الخطاب الرياضي الجزائري في حاجة ماسة إلى تعديل جوهري، بعد الخسارة الموجِعة أمام كوت ديفوار والرحيل المبكر الخميس الماضي عن بطولة الأمم الافريقية لأنهم، طوال زمن ممتد قبل المباراة، لم يضعوا في الحسبان أبسط قواعد الرياضة، وهي أنه من المستحيل حسم النتائج قبل اللعب، لأن لكل مباراة آلياتها التي قد تختلف تماما عما هو مرصود، وأن الاحتمال قائم دائما بأن تكون النتائج على نقيض ما كان يظن البعض أنهم حسبوها بمنتهى الدقة، وأن المستجدات هي التي تحسم النتائج وليس الماضي، مهما تعاظمت أمجاده، وأنه من أكبر الأخطاء، في المنطق وفي القيم الرياضية، أن تستهين بالمنافس. وأما إدراك هذه الحقائق فليس في حاجة إلى ذكاء فذ، وإنما فقط بعض القدرة على تذكر حالات صارت مضرب الأمثال عن خسائر مدوية لفرق من القوى الرياضية العظمى وهي في قمة تألقها. تابع الكاتب: لم يلتفت هذا الخطاب إلى أن لديهم أخطاء كبرى، على الرغم من المؤشرات المهمة في المباراتين الأولى والثانية، حيث لم يحصلوا إلا على نقطة واحدة، وفشلوا في تحقيق هدف واحد، إلا أنهم أصروا على أنهم فعلوا كل ما عليهم، وأنهم تفننوا في الدفاع والهجوم، وراح أحد معلقيهم يكرر أن الكرة هي التي تأبى أن تدخل في مرمى المنافسين، وأكدوا أن فوزهم على كوت ديفوار محقق، ولم يشِر تعليق واحد إلى احتمال أن يخسروا وهكذا دخلوا مباراتهم الأخيرة بثقة مفرِطة غير مبررة، أما الخطأ الأكبر فكان في الشحن الزائد للاعبين، بتحميلهم مسؤولية الشرف الوطنؤ، وتاريخ أمجاد اللعبة في الجزائر، الذي حققته أجيال سابقة، وأن الفريق الحالؤ يجب أن يفوز وإلا سينهار كل شيء، وأضافوا على الجماهير مسؤولية الحماس في التشجيع والإخلاص في الدعاء. وانعدمت أي ملاحظات على أسباب النتائج السلبية السابقة. وهكذا، دخلوا المباراة الأخيرة دون أن يحكِموا خطوط الدفاع، وبدا هجومهم مشتتا، فكانت الثغرات التي أحسن مهاجمو كوت ديفوار النفاذ منها وتسجيل الأهداف. على مصر أن تستفيد من هذه الدروس في مباراتها المقبلة مع كوت ديفوار.
أزمة أسماء
قضية فنية ذات خلفية اجتماعية اهتم بها الدكتور محمود خليل في “الوطن”، أسماؤهم «بيكا» و«شاكوش» و«عنبة» و«شواحة» و«نور التوت».. عن مطربي المهرجانات أتحدث. تلك طبعا الأسماء الفنية التي اشتهروا بها لدى جمهورهم، ويصر نقيب المهن الموسيقية هاني شاكر على تغييرها بأسماء أخرى أو يعودوا إلى أسمائهم الطبيعية حتى يسمح لهم بالقيد في النقابة، وفي التالى الغناء. أطراف أخرى دخلت على الخط واتهمت هاني شاكر بالتعنت، ومدت خط الاتهام على استقامته، حين وصفته بالنفسنة على أصحاب المهرجانات. ويرى الكاتب أننا أمام أزمة «أسماء».. وليس أفعالا بالطبع، وهي أزمة ليست بالقليلة إذا أخذنا في الاعتبار أن الأسماء مرآة عاكسة للثقافة السائدة داخل المجتمع، خلال فترة زمنية معينة، فالأسماء في بلادنا لها دلالات متنوعة: اجتماعية واقتصادية ودينية. فاختيار ما «عبد وحمد من الأسماء» أمر يحمل دلالة معينة على منسوب تدين ووضع اجتماعي، ونظرة خاصة إلى الموروث الثقافي وهكذا، ويمكن أن تضيف إلى هذه الأسماء: عمار ويزيد وزياد وخالد وأسامة وغيرها. كما أن اختيار الأسماء ذات التسميع التركي أو الفارسي أو الغربى تعكس توجها ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا محددا، لدى قطاع معين من المصريين. مؤكدا أنك تتابع اتجاه البعض إلى «طلب مساعدة» من حولهم من أقارب وأصدقاء في اختيار اسم غير متكرر لمولود أو مولودة قادمة، فثمة توجه لدى البعض نحو اختيار اسم «سينييه» للمواليد الجدد، وكلما كان الاسم غير شائع أو لم يسبق تداوله في بورصة الأسماء كان محل إعجاب.
بورصة الحياة
في الماضي كما أوضح الدكتور محمود خليل، كان لمن يدخل حقل الفن اسمان: الاسم الحقيقي والاسم الفني، وكان التوجه أن يتم الابتعاد عن الأسماء غير الشائعة إلى الاسم الشائع.. عبدالحليم مثلا اقتبس اسم الإذاعي الراحل حافظ عبدالوهاب ليمثل اسمه الثاني بدلا من اسم «شبانة»، فصار اسمه الفني عبدالحليم حافظ في المقابل تمسك شقيقه باسمه الحقيقي إسماعيل شبانة، وقدم به نفسه إلى الجمهور. أم كلثوم آثرت استخدام اسمها الحقيقي وفقط دون الاسم العائلي، أما الفنانة فاطمة أحمد كمال شاكر فقد اختارت لنفسها اسم «شادية» واشتهرت به بين الناس. لم يكن هناك ميل إلى اختيار أسماء أو ألقاب شاذة عند اشتقاق الأسماء الفنية، بعبارة أخرى لم تكن أدوات النجارة «شاكوش» أو أسماء النباتات «عنبة» و«التوت» أو خلاف ذلك محل اهتمام من جانب الفنانين، أو غيرهم من المشاهير وهم يختارون أسماءهم. ليس معنى ذلك أن أسماء مثل «بصلة» و«شفة» و«جزرة» و«خشبة» و«عضمة» و«الجحش» و«الفيل» وغيرها لم تكن موجودة في الماضي، فقد كانت ولم تزل جزءا من أسماء الشهرة التي تشيع في البيئات الشعبية المصرية، والقارئ لروايات نجيب محفوظ، يجد أسماء عديدة من هذا النوع تقفز من فوق سطورها. الشاهد أن أحدا لا يستطيع أن يثمن أو يقلل من قيمة اسم معين، ويقول إن هذا جيد وهذا رديء، فالأسماء في المجمل تعبر عن الحالة الثقافية السائدة، ومسألة رواجها أو تراجع أسهمها في بورصة الحياة محكومة بحجم طلب الجمهور عليها.. الجمهور هو الأصل.
الصين قبلها اشترت نصف غذاء العالم والآن مصر فماالذي سيحدث في القريب العاجل؟!!!