السيسي لم يقدم خطابا سياسيا بل كل خطاباته عاطفية من قبيل أنتم نور عنينا ومصر أم الدنيا وهتبقي قد الدنيا

حجم الخط
2

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ أبرز ما نشرته صحف أمس الأربعاء 12 فبراير/شباط كان الاجتماع الذي تم بين المشير عبد الفتاح السيسي وعمرو موسى رئيس لجنة الخمسين التي أعدت الدستور والتصريحات التي أدلى بها موسى بعد الاجتماع وقال فيها، أنه طلب لقاء السيسي للاطمئنان على موقفه من الترشح للرئاسة، بعد تواتر أنباء عن تراجعه. والسيسي قال له بوضوح أنا مرشح وانه اتخذ قراره فعلا وسيتم الإعلان عنه نهاية الشهر الحالي، وانه لم يفوض أحدا للتحدث باسمه ولم يشكل حملته الانتخابية بعد. وهذا التطور يأتي بعد الضجة التي أحدثها زميلنا احمد الجار الله رئيس تحرير صحيفة ‘السياسة’ الكويتية مع السيسي وتأكيده له بأنه سيترشح مما أثار موجة من الاستياء وسارع المتحدث باسم الجيش العقيد احمد علي الى نفي أن المشير أكد ذلك للجار الله، وان ما حدث كان دردشة، أما الآن فالأمر تم تأكيده بعد لقاء شخصية مصرية مرموقة مثل عمرو موسى. والمهم معرفة الدوافع وراء هذا الاجتماع لأنه لا يمكن ان يكون كما أعلن موسى بأنه أراد الاطمئنان على موقف السيسي، لأنه لو كان ذلك صحيحا فان معناه انه قرر النزول للانتخابات أمام زميلنا وصديقنا حمدين صباحي وتغيير موقفه السابق من عدم الترشح وتخليه أيضا عن رئاسة حزبه، بينما هو موقن بأن السيسي سيترشح ولهذا فان المقصود من الاجتماع ترك السيسي لعمرو أن يعلن ترشحه.
وأيضا اهتمت الصحف بانهيار جزء من كوبري الشيخ منصور المعدني في عزبة النخل الذي يقيم تحته منذ اثنتي عشرة سنة عدد من الأسر بعد انفجار أنبوبة بوتاجاز، أدى لحريق في كابلات الكهرباء، وكانت هذه الأسر قد تم نقلها من العشش التي تقيم فيها في شارع الترعة التوفيقية بجوار مستشفى اليوم الواحد ووعدوا بتدبير مساكن لهم.. وهو ما لم يحدث.
وقد اخبرني زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب عمرو سليم في ‘المصري اليوم’ أنه دخل صدفة الى مكتب صحافي من أنصار مبارك فوجد عنده صديق يقول له: مغسلة وتنظيف مشروع خايب.. أحنا نفتح مغسلة وتنظيف بالصحافة .. وكان بجواره مقال عنوانه مبارك حلو.
كما واصلت الصحف تغطيتها لأخبار الانفلونزا وهل هي خنازير أم طيور؟ والى شيء من أشياء كثيرة لدينا.

اتفاق على تحويل حركة ‘تمرد’ إلى حزب

ونبدأ تقريرنا اليومي ببعض ردود الأفعال على إعلان زميلنا وصديقنا حمدين صباحي ترشحه أمام المشير عبد الفتاح السيسي، وما أثاره من معارك بعضها في صفوف الناصريين وما حدث في حركة ‘تمرد’ التي جددت تأييدها السابق للسيسي، وقد نظمت ‘اليوم السابع’ ندوة أعدها القسم السياسي وسجلتها زميلتانا الجميلتان إيمان علي وسحر سلامة وحضرها محمود بدر وعدد آخر من قيادات ‘تمرد’ ومما قاله بدر:
‘سعداء جدا بقرار حمدين صباحي الترشح للرئاسة فذلك تدعيم للمسار الديمقراطي واثراء للعملية الانتخابية، وبدلا من ان يحصل مرشحنا على خمسة وتسعين في المئة يحصل على خمسة وثمانين في المئة فقط. وتاريخ صباحي كله تحالفات سابقة مع الإخوان المسلمين. وأضاف محمد النبوي كل كوادر حزب الكرامة دخلت مجلس الشعب على قوائم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان، كما أن خطاب صباحي الأخير في حفل تأبين الشهيد محمد الجندي أعطى إشارات جديدة ليجذب تعاطف الإخوان المسلمين بحديثه عن العنف وقمع الحريات والحملات الأمنية الموجهة للمعارضين.
وقال بدر اتفقنا على أن تتحول ‘تمرد’ إلى حزب يعبر عن الوطنية المعيارية بجمع الشعب المصري بأكمله ويعبر عنه، ولكن لم نحسم بعد، هل نتخذ هذه الخطوة قبل الانتخابات البرلمانية أم بعدها، فاخشي أن أعلن تأسيس الحزب قبل الانتخابات وافشل في تغطية كافة دوائر الجمهورية فتحسب علي تجربة، ومن المقرر أن يضم الحزب عددا من الرموز السياسية والوطنية للمزج بين حماس الشباب والخبرة’ .

القيمة الحقيقية لتمرد
أنها جسدت مطلب الجماهير

الا ان محمد سلماوي في ‘المصري اليوم’ يرى ان تمرد ليست حزبا لكي يتم التحدث عن انشقاق داخل صفوفها يقول: ‘أعجب ممن يتحدثون عن انشقاق داخل صفوف حركة ‘تمرد’ بسبب تأييد البعض منهم ترشح حمدين صباحي للرئاسة، وتأييد البعض الآخر المشير السيسي، فمثل هذه النظرة تدل على فهم خاطئ لطبيعة ‘تمرد’، التي هي حركة شبابية تجمعت من مختلف المشارب والاتجاهات حول هدف واحد وهو إسقاط حكم الإخوان.
فالذي حدث يوم 30 يونيو/حزيران هو خروج مختلف فئات الشعب في تظاهرة عارمة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، تطالب برحيل محمد مرسي، فهل كانت الملايين التي خرجت في ذلك اليوم تمثل اتجاهاً سياسياً أو فكرياً أو عقائدياً واحداً على الجميع أن يلتزموا به والا يحيدوا عنه؟ بالطبع لا، فتلك الملايين لم تشكل في تجمعها في الشوارع والميادين حزباً سياسياً له أيديولوجيا محددة. كذلك هي ‘تمرد’ التي يتضح من اسمها أنها حركة جمعت كل من أراد التمرد على دولة الإخوان، التي كادت تودى بالبلاد إلى الخراب الأكيد، لكنها لا تلزم أعضاءها أو من يلتف حول هدفها بأيديولوجيا واحدة، صحيح أن معظم قيادات الحركة ينتمون للفكر الناصري، لكن الحركة لم تصدر بياناً كالأحزاب يحدد فكرها السياسي، بحيث يلتزم أعضاؤها بما يرد فيه.
‘تمرد’ إذاً هي حركة شبابية واسعة جمعت بين أعضائها مختلف الأطياف، واجتمعت حول هدف واحد أضاف لأهداف ثورة يناير، من الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، هدفاً جديداً تبنته الجماهير جميعاً، وهو استقلال الإرادة الوطنية وعدم خلط الدين بالسياسة، وهو الهدف الذي التزم به الدستور الجديد، فوضع مادة صريحة تحظر إقامة الأحزاب أو ممارسة الأنشطة السياسية على أساس ديني.
لقد كانت القيمة الحقيقية لحركة ‘تمرد’ أنها استطاعت أن تجسد مطلب الجماهير في لحظة معينة من التاريخ، فصارت هي المعبرة عن الإرادة الجماهيرية التي ظهرت جلية يوم 30 يونيو، فتمكنت من إسقاط حكم الإخوان المستبد وبذلك أحدثت الثورة، لكنها أبداً لم تكن حزباً، والاختلاف الحالي في مواقف أعضائها هو الدليل على ثراء الاتجاهات السياسية التي ضمتها وتنوعها، ومثل هذه الحركات الجماهيرية الواسعة لا يمكن حصرها في حزب واحد له أيديولوجيا واحدة تلزم أعضاءه بموقف سياسي واحد.

‘شق الصف الوطني’ تعبير
خادع أشبه بدس السم في العسل

ونعود الى ‘اليوم السابع’ لنقرأ مقال زميلنا سعيد الشحات من تيار حمدين، الذي ابدى فيه دهشته من الذين انزعجوا من ترشح حمدين بقوله: ‘إذا كان حمدين مرشحا ضعيفا بهذا الشكل فلماذا الانزعاج من ترشحه، إلا إذا كان هؤلاء يريدون استفتاء وليس انتخابات، لا يريدونها ديمقراطية حقيقية يكون الشعب المصري هو الفائز الأكبر ويكسب احترام دول العالم .
تعبير شق الصف الوطني هو تعبير خادع أشبه بدس السم في العسل، يذكره صاحبه ثم يبث سمومه بحجج غريبة أخرى من قبيل كيف لمرشح لم ينجح في الانتخابات الماضية ويقرر خوضها الآن؟.. كيف له أن يتجرأ ويفعلها وتتفتق أذهان هؤلاء إلى الاستشهاد بأن ذلك لا يحدث في الدول الديمقراطية ولأنهم يتكاسلون عن البحث والمعرفة يجهلون أن نيكون فعلها في أمريكا وفعلها ميتران في فرنسا أكثر من مرة وفعلها لولا داسيلفا في البرازيل ثلاث مرات وفي النهاية نجحوا جميعا. ولأنها دول ديمقراطية حقيقية لم تعايرهم شعوبهم بأنهم فشلوا في الماضي وإنما نظروا إلى ماذا سيقدمونه في الحاضر لأجل المستقبل، وأمام هذا الكلام وغيره أقول أرحموا بلدكم يا بتوع شق الصف الوطني’.

يا أيها المنافقون والطبالون
‘اختشوا على دمكم شوية’

ومن اليوم السابع إلى ‘أخبار’ اليوم نفسه وزميلتنا الجميلة أماني ضرغام ناصرية وقولها في بروازها اليومي المتميز ‘مفروسه أوي’ :
‘الحرب الشعواء التي يشنها البعض على حمدين صباحي لمجرد إعلان رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية حرب قذرة لا أخلاق فيها، واعتقد أنها حرب من الملكيين أكثر من الملك والمنافقين والمطبلاتية ليس أكثر ولأن هؤلاء زهقنا جميعا منهم وأصبحت وجوههم مكشوفة أمامنا أصبحت حربهم تزيد من شعبية حمدين ولا تقلل منها أبدا. يا أيها المنافقون والطبالون والزمارون اختشوا على دمكم شوية وارحمونا’.
لا.. لا.. وهل هناك منافق أو طبال أو زمار.. يمكن أن يختشي من نفسه؟ يبدو أن أماني نسيت المثل الشعبي يموت الزمار وصباعه بيلعب.

مبايعة السيسي على حكم
البلاد من دون شروط!

وما أن سمع صديقنا ومستشار جريدة ‘الكرامة’ لسان حال حزب الكرامة الناصري والقيادي في التيار الشعبي أمين اسكندر ما قالته أماني عن الأصناف الثلاثة حتى قال في اليوم نفسه في مقالة الأسبوعي بجريدة ‘المصري اليوم’ عن مواقف النخبة المصرية: ‘أهم تلك المواقف بل على رأسها الموقف من ترشح المشير السيسي ومبايعته على حكم البلاد من دون شروط، وتفويضه على بياض، والغريب بل المثير لم يقدم خطابا سياسيا بل كل خطاباته عاطفية وفقط من قبيل أنتم نور عنينا ومصر أم الدنيا وهتبقي قد الدنيا . أستطيع أن أتفهم سطوة هذا الخطاب على بسطاء الناس، لكن ما هو تفسير سقوط النخبة في شرك هذا الخطاب؟ نجد بعضا من هذه النخبة يبايعونه في زمن لم تعد فيه المبايعة فضيلة ويفوضون في زمن أصبح فيه التفويض عارا، بل وصل الحال إلى المأساة عندما ساهمت بعض تلك النخبة في صناعة الديكتاتور بمواقفها.
والسؤال هو ما ثمن تلك المواقف المتخاذلة؟ في ظني أن البعض لن يأخذ ثمنا سوى اقناع نفسه بالأمن أو بعض المكافآت البسيطة والأثمان التافهة فكيف بالله عليكم أن يبايع ليبراليون ينشدون الحريات ليلا مع نهار وكيف يبايع يساريون يتحدثون عن الظلم الواقع على الشغيلة وأهمية مواجهته ببناء تنظيمات وأحزاب وجمعيات، وكيف يقع قوميون في شرك صورة الزعيم ومحاولة تقليده. الحقيقة لا معنى لذلك سوى أنها نخبة من غزل البنات مجرد أن توضع في الفم تذوب’. وأمين بذلك كشف عن أزمة شديدة بين التيار الشعبي وأجنحة أخرى في الحركة الناصرية بسبب الموقف من ترشح السيسي، ومن مخاوف من مدى علاقاته بأنصار مبارك.

حمدين ابن المشروع الناصري

ثم نتحول إلى ‘وفد’ الثلاثاء أيضا لنكون مع زميلنا محمود الشربيني وقوله: ‘أنتساءل ما الذي يمتلكه حمدين ولا يمتلكه السيسي، والإجابة ببساطة أن حمدين يمتلك كثيرا مما تحتاجه غالبية الشعب المصري الآن كسياسي مصري شاب يمتلك الوعي بدور الشعب وإمكاناته، ولديه حلم أن يزرع ضل آخذا في الاعتبار أنه ابن المشروع الناصري. ومن هنا فقد يصطف حوله الكثيرون ممن يرفضون وصول جنرال عسكري إلى السلطة ولا ندري ما العيب في ذلك؟ ومن ثم فان قوى ثورية عديدة وإن اختلفت معه لكنها لأجل أبعاد العسكر عن المشهد مستعدة أن تبلع لحمدين الزلط ما يعني أنه سيكون منافسا شرسا للمشير، الذي إن كان تاريخه العسكري يؤهله ليزرع مدفعية ثقيلة في ارض القتال فان تاريخه المشرف هذا لا يقطع بأنه كيف يزرع الضل ويمتلك الحلم في إنهاض الشعب المصري’ . وبعد أن قرأت يمتلك السياسي حمدين صباحي حلم أن يزرع ضل ويمتلك المشير السيسي طاقة تفجير مدفعيته الثقيلة من أجل حماية أمن الوطن بما يمكن الناس من استعاده الأمن والتأهب لتحقيق حلمهم الثوري الوليد، ورد سؤال كيف وهذا الانقطاع الحادث بين الأجيال، هل يمكن أن يلتقي زارع الظل مع مالك المدفعية الثقيلة فيشتركان معا في فريق رئاسي واحد ليكسبوا ثقة الأمة حتى تغني من جديد مصر قامت عادت شمسك الذهبية.

نحتاج دولة يكون المواطن فيها
صانع قرار وليس آخر من يعلم

اييه .. اييه .. وهكذا ذكرنا الشربيني بالذي كان يا ماكان من أغاني فيروز التي ذهبت بنا في اليوم نفسه إلى الصفحة الأخيرة من ‘الوطن’ لنكون مع زميلنا محمود الكردوس وهو يقول:
‘هل سينجح السيسي لمجرد أن فيه قبسا من روح عبد الناصر وروح السادات، وهل هذا يعني أن برنامجه الرئاسي سيكون إعادة إنتاج لبرنامجهما، هل تحتاج مصر إلى بطل درامي أم إلى رجل دولة ؟
أظن أن مصر تحتاج إلى كليهما تحتاج إلى بطل درامي ليغفر له الجمهور إذا أخطأ وهو حتما سيخطئ وسيخرج عن النص وسيرتجل وسيكون مطلوبا منه أن يتحمل نتيجة خطئه عبد الناصر بعد نكسة 67 وأن يكون مستعدا لنهاية مأساوية السادات في أكتوبر/تشرين الاول 81 ونحتاج في الوقت نفسه إلى رجل دولة لا مكان فيها لفاسد أو خائن.
دولة مواطن يكون فيها الرئيس موظفا بالأجر وخادما لهذا المواطن، وبالذات في اشد حالاته بؤسا وتواضعا وضعفا دولة يكون المواطن فيها صانع قرار وليس آخر من يعلم ولا تميز فيها بين حظ رجل أعمال وحظ جامع قمامة. السيسي في مأزق هذا صحيح وصحيح أيضا أن السيسي نفسه مأزق، من الذي يحكم إذا لم يكن ذلك الرجل الذي وضع رأسه على كفيه،
من الذي يحكم إذا لم يكن ذلك الرجل الذي أنزل المصريين بالملايين أربع مرات خلال سبعة أشهر إذا لم يكن ذلك الرجل الذي يتكئ على أقوى مؤسسة حكم في تاريخ مصر وأكثرها وطنية وانضباطا..
السؤال إذن على من نخاف على السيسي من مغبة الحكم وشروره أم على مصر وشعبها الطيب إذا خذله؟’.

يتعين أن نحول ساحل البحر المتوسط
إلى ساحل للنشاط الاقتصادي

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء، ونبدأها من يوم الاثنين مع الدكتور عمرو حمزاوي في عموده اليومي هامش للديمقراطية الذي امتلأ بالنصائح والعظات للنظام بقوله:
‘تماما كما تحتاج الحياة السياسية في مصر إلى تجاوز لازمات العنف والخروج عن مسار تحول ديمقراطي حقيقي وهيمنه المكون العسكري الأمني، تحتاج أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية إلى تجاوز نمط النمو المشوه الذي ارتكز خلال العقود الماضية على النشاط الخدمي السياحة وعلى الصناعات التصديرية المحدودة وعلى الاستهلاك المتصاعد لموارد مصر المحدودة من البترول والغاز الطبيعي.
لن نصنع تنمية مستدامة في مصر إلا بتجاوز المحدودية المرتبطة بوادي النيل، والنظر إلى الشرق باتجاه الصحراء وساحل البحر الأحمر وإلى الغرب باتجاه الصحراء والواحات والثروة التعدينية وإلى شمال شرق باتجاه شبه جزيرة سيناء ومواردها الطبيعية غير المستغلة وإلى شمال غرب باتجاه ساحل البحر المتوسط الذي يتعين أن نحوله من ساحل الهجرة غير الشرعية والموت للشباب الباحث عن فرص عمل فيما وراء الحدود وساحل الكتل الخراسانية لأغنياء المصريين إلى ساحل للنشاط الاقتصادي الصناعي والزراعي والخدمي وساحل لفرص عمل للشباب والحياة واستقرار الأسر الشابة’.
ونظل في عدد اليوم نفسه من ‘الشروق’ لنكون مع زميلنا الكاتب الاسلامي الكبير فهمي هويدي وقوله في مقالة اليومي المتميز: ‘لدينا في مصر إرهاب قانوني يمارسه شبيحة قابعون في الظل جاهزون للتنكيل بأي شخص من خلال تلويث سمعته واغتياله أدبيا وسياسيا، والأمر بسيط جدا وسهل للغاية إذ ما على الواحد منهم سوى ان يقدم بلاغا إلى النائب العام ينسب إلى الشخص المستهدف تهما من قبيل تكدير الأمن العام أو زعزعة الاستقرار أو اثارة الفتنة وتهديد الوحدة الوطنية، أو غير ذلك من العناوين الفضفاضة التي تتسع للعديد من الأفعال والجرائم التي يمكن أن يرمي بها أي أحد.
وفي هذه الحالة فان البلاغ يفحصه النائب العام لكي يحدد إمكانية تحويله إلى وكيل النيابة المختص للتحقيق فيه، وفي الوقت ذاته قد يقوم البعض بتسريب الخبر إلى الصحف ضمن حملة التشويه المرتبة ومثل هذه البلاغات إما أن تتم لحساب أشخاص يستهدفون الكبير والإيقاع بالمخالفين لهم، وإما تتم لحساب الأجهزة الأمنية التي توعز لرجالها في أوساط المحامين باتخاذ ما يلزم في إطار حملة التخويف والترويع التي تلجأ إليها لتأديب وإنذار من لا ترضى عنهم’.

ضرورة مراجعة أوضاع اللاجئين

ونبقى في ‘الشروق’ ولكن عدد يوم امس الاربعاء ومع الكاتب عماد الدين حسين وطلبه مراجعة اوضاع المعتقلين من خلال مقاله الذي يقول فيه: ‘أسوأ شعور في الدنيا، أن يشعر المرء بالظلم، ومعه العجز عن كشف ورد هذا الظلم. قبل أيام تلقيت اتصالا من سيدة من مركز يوسف الصديق في محافظة الفيوم تقول، إن أجهزة الأمن اعتقلت زوجها أحمد عبدالتواب محمد محمد البنا منذ 7 ديسمبر/كانون الاول الماضي، ووجهت له النيابة تهما كثيرة منها التحريض وسرقة أسلحة والاعتداء على مركز الشرطة.
لمدة 15 دقيقة تقريبا لم تتوقف الزوجة عن البكاء والقسم بأغلظ الأيمان أن زوجها ليس إخوانيا ولم يشارك في أي مظاهرة، بل إنه كان عضوا بالحزب الوطني والمجلس المحلي، وكل نشاطه أنه شارك في تأسيس جمعية لتنمية المجتمع لمساعدة كبار السن في الحصول على المعاشات أو توزيع أنابيب البوتاجاز، بدون مقابل.
الرجل يعمل وكيلا لمدرسة المشرك القبلي الإعدادية بيوسف الصديق وطبقا لزوجته فإنه كان بالمدرسة أثناء مهاجمة قسم الشرطة، وهناك شهادة مسجلة من زملائه تؤكد ذلك، لم يعتد بها، ورفضت النيابة ضم كشف الحضور والانصراف بالمدرسة. الزوجة تقول إن زوجها لايزال ثابتا في الحجز، لكنها لم تعد قادرة على تحمل الظلم أو رعاية أولادها الأربعة وأكبرهم في الثانوية. الحالة الثانية للدكتور جودة اللبان أستاذ الباطنية والكبد بكلية طب جامعة قناة السويس، هو أيضا مقبوض عليه ومتهم بالتحريض على العنف وتمويله. اللبان يعاني من أمراض متعددة وذهب إلى قسم القلب ثم أعيد إلى سجن المستقبل مرة أخرى. أقارب الدكتور يقسمون بأنه ليست له أي صلة بالإخوان أو بغيرهم، ولسوء حظه فإن أحد أقاربه إخواني معروف، وتم القبض عليه.
بطبيعة الحال يندر وجود أسرة تعتقد أن قريبها متهم، لكن يصعب أيضا في الوقت نفسه أن يتمكن شخص من إخفاء ميوله السياسية لسنوات طويلة، وحتى لو أخفى ذلك فيصعب إخفاء نشاط مثل المشاركة في المظاهرات والتمويل والتحريض. لا أستطيع الحكم بمدى براءة الحالتين السابقتين من عدمه، لكن القصص والتفاصيل التي سمعتها عن الحالتين جعلتني أشعر بأن هناك شيئا ما خطأ… أتمنى أن يتم تفعيل وعد أو توصية المستشار عدلي منصور بمراجعة أوضاع المقبوض عليهم أو المعتقلين. لا نطالب بالإفراج عن مجرم أو مخالف للقانون، نطالب فقط بالتحقق من عدم وجود أبرياء داخل السجون. لو صحت هذه الروايات وغيرها الكثير المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي فالمؤكد أن هذه أسوأ بداية للجمهورية الجديدة’.

سعد الهلالي: المشير السيسي واللواء
محمد إبراهيم رسولين ابتعثهما الله

ونعود الى ‘المصري اليوم’ عدد امس ونقرأ للكاتب تامر ابو عرب عن ان الانبياء لا يترشحون:’ استمتع بالسيئ فالأسوأ لم يأتِ بعد.
قبل وصول مرسي للحكم قالوا إن خيرت الشاطر هو يوسف هذا العصر، الذي خرج من السجن ليحكم مصر، وأثناء حكمه قالوا إن مرسي هو خامس الخلفاء الراشدين، وبعد عزله قالوا إن جبريل يتنزل على المعتصمين في رابعة العدوية. الآن يقف العالم الأزهري الدكتور سعد الدين الهلالي ليُعلم الناس الإسلام الوسطي، الذي شوهه الإخوان، وليثبت للجميع أننا أفضل من الإخوان، فلم يجد الرجل وسيلة ليثبت أننا أفضل من الإخوان إلا التأكيد على أن الله اصطفانا أكثر مما اصطفاهم، فإذا كان في معسكرهم خليفة وملاكًا فإن في معسكرنا رسولين يوحى إليهما!
من كانوا ينتقدون الاتجار بالدين يبدو أن مشكلتهم لم تكن مع الاتجار بالدين في حد ذاته، لكن مشكلتهم أن يتاجر بالدين غيرهم.
أٌقامت برامج الـ’توك شو’ حفلات النواح الجماعية حين كان الإخوان يستخدمون الدين في السياسة، وعندما وقف علي جمعة ليُبرز فوائد قتل الإخوان، وتحدث مظهر شاهين عن ضرورة تطليق الزوجة الإخوانية، واعتبر سعد الهلالي المشير السيسي واللواء محمد إبراهيم رسولين ابتعثهما الله، تحدثت هذه البرامج عن دورة حياة طائر البطريق…
جوهر خلافنا مع ترشح المشير السيسي للرئاسة لا يتعلق بشخص المشير، لكن بجوقة من الأتباع والأبواق يعتبرونه ملهمًا لا ينطق عن الهوى ورسولا يوحى إليه، ومن ثم ستكون معارضته في منهج يتبعه كفرًا، ومراجعته في قرار يتخذه انتحارًا.
لم يقل المشير إنه ينوي الترشح للرئاسة بعد، وظهر من يتحدثون في الإعلام عن ضرورة تحمل الظروف الصعبة، التي ستكون موجودة بعد فوز السيسي بالرئاسة، وعن حتمية ربط الأحزمة على البطون، وتخفيض الاستهلاك، وتنحية المطالب الفئوية جانبًا، وصعوبة عودة الأمن بالسرعة التي يتخيلها البعض. سيجد السيسي إعلامًا يبرر أخطاءه، و’داخلية’ تسحق المحتجين ضده، ومؤسسات تتوحد مع نظامه، ومؤسسة عسكرية حائرة طوال الوقت بين ولائها لقائدها العام السابق وولائها للشعب، الذي هو مصدر كل سلطة.
ترك مبارك موقعه في الجيش في منتصف السبعينيات، ورغم ذلك لم يخرج المشير طنطاوي عام 2011 ليعلن عزله رغم سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، ورغم اعتصام المصريين في الميادين 18 يومًا، ولــــولا انهيار الشرطة، وتداعي المؤسسات وتحفز الملايين لاقتحام القصور الرئاسية يوم 11 فبراير/شباط، ما اضطر مبارك إلى ترك السلطة، خاصة أن المشير طنطــــاوي والفريق عنان كانا يعتبران عدم إطلاق النار على المتظاهرين غاية ما كان يمكن أن يقوم به الجيش في مواجهة قائد القوات الجوية الأسبق.
في المقابـــل عزل المشير السيسي الرئيس السابق محمد مرسي في بيان ألقاه بنفسه، وأوقف العمل بدستور الإخوان المشوه، وحل مجلسهم الباطل، وأعلن عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لأن مرسي لم يكن جنرالا سابقا في الجيش، مع العلم بأن نفس القوى السياسية التي كان يجلس ممثلوها خلف المشير السيسي وهو يتلو البيان، كانت تجمع أيضا على ضرورة عزل مبارك طوال اعتصام الـ18 يومًا.
الذين يريدون تحويل انتخابات الرئاسة إلى استفتاء من خانة واحدة سيحولون المشير السيسي إلى رئيس لفصيل واحد، وعشيرة واحدة، والذين طعنوا في حمدين صباحي لمجرد إعلانه الترشح أمام مرشح لم يترشح بعد، سيعلقون أي مواطن يعلق لافتة ضد مرشحهم…’.

مازال أذناب نظام مبارك الفاسد
يعيثون في مصر فسادا

وآخر زياراتنا للصحف المصرية ستكون لمجلة ‘اكتوبر’ التي يتحدث لنا كاتبها محمد المصري عن آلام الشهداء والمصابين يقول: رغم أننا لم نعرف حتى الآن من الذي قتل شهداء 25 يناير 2011 في ميادين مصر عندما خرجوا ليطالبوا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية بسبب طمس الأدلة، والحكم على جلاديهم بالبراءة.. ولا نعرف أيضا من الذي أضاع مستقبل مئات المصابين في أحداث الثورة.. وجعلهم طريحي الفراش منذ ثلاث سنوات.. لكنني أعتقد أن أقل ما يمكن أن نقدمه لهؤلاء الشهداء الأطهار أن نرعى أسرهم.. وأن نخفف آلام المصابين الذي ضحوا بأنفسهم من أجلنا.. ومازال بعضهم في المستشفيات.. أو أسير كرسي متحرك لا يستطيع الخروج به خارج منزله، بعد أن ضاعت أحلامه وآماله في أن يرى مصر حرة أبية.. وأننا يجب أن نرد لهؤلاء المصابين بعض ما قدموه لنا في هذه الثورة العظيمة التي خرج فيها الشعب كله ليرفض الظلم والاستبداد.
فالحقيقة أن ‘مبارك’ سقط فعلا.. وذهب إلى مقصلة التاريخ ليحكم عليه.. ولكن مازال أذناب هذا النظام الفاسد يعيثون في مصر فسادا.. وللأسف الشديد أن بعضهم خرج علينا ليقول بكل ‘بجاحة’ يحسد عليها في أحد أحاديثه الصحافية إن رجال الحزب الوطني لو نزلوا الانتخابات البرلمانية سيحصدون المقاعد لأنهم محترفو انتخابات..
والحقيقة الغائبة التي كان يجب أن يقولها هذا الوزير الأسبق إنهم كانوا محترفي تزوير.. ويستخدمون كل الطرق المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى كراسي البرلمان.. ولا يمكن أن ننسى أكبر عملية تزوير في تاريخ الانتخابات البرلمانية المصرية في عام 2010.. التي كان يقودها أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل والذين معه من أعوانه الفاسدين في الحزب المنحل ورجال حبيب العادلي. الذي لا نريد أن تعود بعض هذه الوجوه مرة ثانية إلى قبة مجلس النواب القادم.
وأقول بكل الصدق والصراحة: إنه لولا هؤلاء الشهداء وهؤلاء المصابون ما كنا تخلصنا من رموز نظام مبارك.. ولكن الألم يعتصرني كلما قرأت أو سمعت عن معاناة مصابي الثورة مع المستشفيات وعذابهم وهوانهم فيها!.. وأسأل نفسي:
هل هذا جزاء هؤلاء الشباب الذين خرجوا في ثورة 25 يناير للدفاع عن كرامتنا وحريتنا؟
هل نتركهم للروتين الحكومي وللقلوب التي لا تعرف الرحمة.. أو الشفقة عندما نمنع عنهم العلاج ولا نمد لهم يد العون أو المساعدة؟ وعشرات الأسئلة التي تدور في نفسي.
إنني أطالب وزيرة الصحة د. مها الرباط بفتح ملف هؤلاء المصابين، وضرورة مخاطبة رئاسة الوزراء لاعتماد المبالغ الضرورية لعلاجهم سواء في مصر أو في الخارج. وهذا أقل واجب نقدمه لهؤلاء الشباب الذين فقدوا أبصارهم أو أعضاءهم من أجلنا جميعا’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول وليد:

    معذرة حبيبتي مصر فلم تعودي حبيبتي. وا أسفاه على جمالك الذي ذبل.

  2. يقول الشربيني المهندس:

    المشكلة ان جماعة رابعة الآن تقدم كل يوم قاتل او متظاهر او حارق سيارة
    ندعو اللـه ان يتوفر لمصر بديل لا يدمر ويحرق ويقتل ولا يغني عليها

إشترك في قائمتنا البريدية