ليس النجّار وحده من يعرف أن للشاكوش طرفين؛ مِطرقة ومِنزعة. كما أنّه ليس الوحيد الذي يُدرك أن المطرقة تستعمل لدق المسمار في قطعة الخشب وأن المنزعة تستعمل لنزع المسمار منها؛ فلو طلبت من طفل غرّ أن يختار أحد الطرفين لدق المسمار فإنه سيختار طرف المطرقة، وإذا طلبت منه أن يختار طرفاً لنزع المسمار فلا شك إنّه سيشير عليك باستعمال طرف المنزعة. إن أفضل طريقة لتمثيل مجتمع ما من خلال عيّنة مؤلفة من عشرة من أفراده، تمثّل رأيه خير تمثيل، وتعبّر عن إرادته أفضل تعبير ممكن، لهي فتح المجال أمام عدد من الأفراد – يزيد عن عشرة- لعضوية هذه العينة، واقناع كل عضو من المجتمع أن يُشكّل العينة بنفسه فيختار عشرة من بين المترشّحين، ومن ثم تُشكّل العينة الممثلة للمجتمع من الأفراد العشرة الأكثر ظهوراً في هذه التشكيلات. ولعل هذا أفضل شرح ممكن لنظام الصوت المتعدد في الانتخابات الذي يمكّن أعضاء المجتمع المختلفين من الالتفاف معاً حول مجلس متفق عليه. كما أن أفضل طريقة لتقسيم جماعة ما إلى عشرة فرق متنافسة، هي فتح المجال أمام عدد من الأفراد – يزيد عن عشرة – للترشح لرئاسة هذه الفرق واقناع أعضاء المجتمع بضرورة انضمام كل منهم إلى فريق واحد فقط، فيختار كل عضو مُرشّحاً واحداً ينضم إلى فريقه، ومن ثم تُعتمد الفرق العشر التي حظيت بأكثر الأعداد من أعضاء المجتمع، أمّا العضو الذي لم تُعتمد الفرقة التي انضم إليها فيلتحق بأحد الفرق المعتمدة أو يظل خارج التقسيم. وكم يذكّرك هذا بنظام الصوت الواحد في الانتخابات، الذي يُستعمل لتقسيم المجتمع إلى فرق متنافسة. فعجيب أمر مدير المدرسة الذي يستعمل أسلوب الصوت المتعدد لتوزيع الطلبة على فرق رياضية متنافسة، وعجيب أمر الحكومات التي تسعى لفرض أسلوب الصوت الواحد لتشكيل مجالس النوّاب، وأنني لا أرى أيا منهما إلا كالنجّار الذي يدق المسمار مستعملاً جهة الشاكوش الذي فيه المنزعة، ثم يحاول نزعه باستعمال الجهة المطرقة. محمد بن طلال الراميني ـ الاردن مؤسس تجمّع ناشرون