الشرق الأوسط على برميل بارود.. هل يقطع نتنياهو الفتيل؟

حجم الخط
0

حالة التأهب والترقب قبل الاشتعال الإقليمي عمت أرجاء الشرق الأوسط. فوق كل الأسئلة “التقنية” (هل إيران ستهاجم إسرائيل بنفسها أم ستكتفي بمبعوثيها؟ ما هي الأهداف التي ستتم مهاجمتها؟) ثمة سؤال يحلق: هل ستندلع حرب شاملة في المنطقة؟

التخوف كبير، ويرفع معه سيناريوهات مخيفة. ثمة أمر غامض ليس لأحد إجابة قاطعة عنه؛ تحذيرات الحملة ودعوات دول لمواطنيها بمغادرة المنطقة، إضافة إلى إعلان شركات طيران إلغاء رحلاتها. الشرق الأوسط على برميل كبير للمتفجرات وينتظر. منذ قتل الـ 12 طفلاً وفتى بصاروخ في مجدل شمس قبل أسبوع تقريباً، الذي اتهمت إسرائيل حزب الله بإطلاقه، والمنطقة تنزلق في منحدر. حادث بهذا الحجم أجبر إسرائيل على الرد، حتى لو كان الأمر يتعلق بمنطقة غير معترف بها في الساحة الدولية كمنطقة تحت سيادتها. إسرائيل ردت بصورة شديدة باغتيالها قائداً كبيراً في حزب الله، فؤاد شكر، في قلب معقل الحزب في الضاحية الجنوبية في بيروت. ولكن في الوقت الذي يحاول فيه الجمهور استيعاب هذه الحادثة، جاءت عملية أخرى، هذه المرة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران. منذ ذلك الحين، أصبحت احتمالية اندلاع حرب واسعة واقعية. احتمالية أن إيران أو رعاياها لن يردوا لم تطرح في أي نقاش، والسؤال هو: كيف ومتى؟

ولكن لا أحد يمكنه إخراج الصاعق من القنبلة الموقوتة إلا شخص واحد، أو على الأقل يمكنه تخفيف المواجهة المقتربة، وهو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فإذا أعلن توجهه نحو الصفقة مع حماس، التي تضمن وقف إطلاق النار في القطاع وإعادة المخطوفين، ودعا لجلسة للحكومة في هذا الشأن ونقاش في الكنيست رغم العطلة الصيفية، فهو بذلك سيضمن هبوطاً فورياً في حجم التوتر. لن يكون في هذا الإعلان أي خضوع لإيران وحزب الله، ولا لحماس. جميع رؤساء أجهزة الأمن في إسرائيل وفي الولايات المتحدة وفي دول المنطقة، يؤيدون الصفقة. وفي الساحة العامة داخل إسرائيل أغلبية مؤيدة للصفقة، بدءًا من عائلات المخطوفين ومن يؤيدونها، وحتى المعارضة التي تضمن لنتنياهو شبكة أمان من إسقاط حكومته على يد أعضاء اليمين المتطرف.

لنتنياهو نوع من صورتي الانتصار، واحدة من بيروت مع تابوت فؤاد شكر، وأخرى من طهران مع تابوت إسماعيل هنية. وإذا أراد صورة أخرى من غزة مع إعلان اغتيال القائد الكبير في حماس محمد الضيف. صحيح أن الدمار الكبير في القطاع والقتل غير المعقول للمواطنين لا يشكل أي وزن لدى الجمهور في إسرائيل لوقف الحرب، لكن رئيس الحكومة لديه ما يكفي من الذرائع من وجهة نظر إسرائيل، كي يوافق على الصفقة.

صحيح أن ردوداً عسكرية على عمليات الاغتيال أمر حقيقي من قبل إيران وحزب الله. وصحيح أيضاً أن ردوداً كهذه مرت بسلام نسبي أثناء الحرب، ولكن نتنياهو الذي فضل المخاطرة قبل هجوم إيران في نيسان، واعتمد على منظومة الدفاع الجوية بدعم من أمريكا ودول في المنطقة، لا يمكنه اليوم الاعتماد على ذلك الآن، ولا أحد يمكنه ضمان نجاح مشابه، لا سيما عندما يتوقع أن يكون رد حزب الله شديداً، والحوثيون كما يبدو سيدعمون الهجوم.

مع ذلك، الإعلان عن صفقة في القريب سيجبر إيران ومؤيديها على قياس ردودهم بحذر، حتى لدى بيروت وطهران أسباب كثيرة لعدم تحطيم كل الأدوات وشن حرب، التي لا يعرفون كيف ستكون نهايتها. احتمالية الرد والثأر ستبقى على الطاولة، لكن الصفقة مع حماس التي ستؤدي إلى وقف الحرب، ستمكنهم من الرد بشكل محسوب وستمكن جميع الأطراف من استيعاب الحدث.

الحديث لا يدور عن مفاوضات حول اقتلاع المستوطنات وإعادة مناطق أو إقامة الدولة الفلسطينية، بل يدور عن إعادة المخطوفين ووقف الحرب التي تستمر منذ عشرة أشهر تقريباً –إمكانية منع اشتعال غير مسبوق في الشرق الأوسط. كل ما يجب قوله هو نعم للصفقة، وهذا الأمر يتعلق بنتنياهو، وعليه ألا يتردد.

بقلم: جاكي خوري

 هآرتس 5/8/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية