القاهرة – رويترز: عامان مرا على انطلاق شرارة الانتفاضة المصرية شهدت خلالهما البلاد اضطرابات سياسية شديدة وتراجعا اقتصاديا حادا، ولا تزال الشركات في مصر تعاني من انخفاض قيمة العملة ونقص النقد الاجنبي حتى أن بعضها اضطر إلى تغيير خطط أعماله.فقدانخفضت احتياطيات البنك المركزي من النقد الاجنبي إلى 13.5 مليار دولار بما يكفي لتغطية الواردات فترة تزيد قليلا على الشهرين. كما تراجع قطاع السياحة والاستثمارات. لذا عمد البنك المركزي إلى تقنين استخدامات الدولار الامريكي من خلال مزادات الأمر الذي جعل من الصعب على الشركات الحصول على عملة أجنبية من خلال الجهاز المصرفي.وقال محمد السادات نائب رئيس شركة مينكو جروب التي تعمل بالقاهرة في الصيانة الميكانيكية والكهربائية ‘كل رجل أعمال في مصر يواجه هذه المشكلة’.وتشتري الشركة التي يعمل بها 200 موظف مكونات مثل المحولات والخزف من الخارج لاستخدامها في مشروعات البناء وتحتاج إلى سداد قيمة هذه الصفقات بالدولار أو الجنيه الاسترليني.وقال السادات إن الحصول على النقد الاجنبي أمر لا غنى عنه لمواصلة العمل وإلا فستضطر الشركة إلى وقف نشاطها. وأضاف أن بعض الشركات اتجهت إلى السوق السوداء بأسعارها المرتفعة بحثا عن العملة الصعبة. ويبلغ سعر العملة المصرية في البنوك نحو 6.80 جنيه مقابل الدولار لكنها تتجاوز سبعة جنيهات في السوق السوداء.ويقول قادة قطاع الاعمال إنهم يتوقعون استمرار انخفاض قيمة الجنيه بعد هبوطه تسعة في المئة منذ نهاية العام الماضي. وفي الاسبوع الماضي خفضت مؤسسة موديز انفستورز سيرفس تصنيفها الائتماني لمصر للمرة السادسة منذ أطاحت الاحتجاجات بحكم حسني مبارك قبل عامين وقالت إن الاضطراب السياسي يهدد الاستهلاك والاستثمار.وأبرمت مجموعة مينكو قبل ثلاثة أشهر صفقة لاستيراد محولات على أن تسدد قيمتها بالجنيه الاسترليني ثم اضطرت إلى خفض حجم الطلبية بأكثر من 15 في المئة لان انخفاض قيمة العملة المصرية زاد الكلفة.وقال السادات إن الشركة لم تلغ الصفقة بالكامل لانها خشيت أن تفقد ثقة المورد. وأضاف ‘منذ أربع سنوات اعتدت الاجتماع مع الموظفين ووضع خطة سنوية. هذه يا سادة أهدافنا للسنة المقبلة. أما الان فنحن نفعل ذلك كل شهر وربما كل 15 يوما. نجلس معا ونضع خطة. أمر في غاية الصعوبة. ليس لدينا رؤية لما سيحدث غدا’.وقال حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال التي تمثل نحو ألف عضو إن الشركات من مختلف الأحجام في أنحاء مصر تشعر بهذه الضغوط خاصة تلك التي تعتمد على الاستيراد. وأضاف أن القيود على تداول النقد الاجنبي حولت العمل اليومي للمستوردين إلى كابوس وأن العمل مع الشركاء الأجانب أصبح صعبا.وقال إن شركته على سبيل المثال لها عقد لاعمال تصميم والاعمال الهندسية في مشروع بالبحرين وإنها تعاقدت من الباطن مع شركة بحرينية لتنفيذ جانب من العمل وإنه يسدد لها مستحقاتها بصفة منتظمة عن طريق تحويل مصرفي.وقبل ستة أشهر كان تحويل الاموال يستغرق 24 ساعة أما الان فالعوائق البيروقراطية لا حصر لها. وأضاف ‘البنك يسأل.. لماذا التحويل؟ هات الوثائق. دعنا نرى. لذلك فالبنك يخشى ان يرسل الناس أموالا إلى خارج مصر دون سبب’.وشددت مصر القيود على تحويلات العملة في كانون الأول/ديسمبر بعد تهافت بعض المصريين على سحب مدخراتهم من البنوك. وخففت القيود قليلا هذا الشهر للسائحين الأجانب في دخول وخروج النقد الأجنبي لكنها مازالت سارية على المصريين بلا تغيير. ولم يعرف بعد مدى تأثر الواردات المصرية بنقص العملات الأجنبية الذي تفاقم في الثلاثة أشهر الماضية. وتشير أحدث البيانات الرسمية إلى أن فيمة الواردات زادت إلى 16.4 مليار دولار في الثلاثة أشهر الأولى من عام 2012 من 14.6 مليار دولار في العام السابق. لكن الزيادة ترجع بصفة رئيسية إلى ارتفاع كلفة استيراد الطاقة.وقال صبور ‘كان الاستيراد في غاية السهولة وكان المال متاحا في البنوك … أما الان … فقد أصبح مكلفا جدا’.وكانت أكثر الشركات تضررا هي الشركات الصغيرة والمتوسطة. لكن الشركات الكبرى تعيد النظر أيضا في أسلوب العمل بها.وقال أحمد منصف الرئيس التنفيذي لمحموعة تويوتا إيجبت للسيارات إن الشركة تواجه صعوبة في الحصول على نقد أجنبي للاستيراد وفي التعامل مع البنوك عند استخراج خطابات الاعتماد.وأكبر التحديات التي يواجهها هو تحديد أسعار السيارات المستوردة في ضوء تغير أسعار الصرف وضعف اقبال المستهلكين.وقال منصف إنه رغم انخفاض الجنيه أمام الدولار واليورو فقد استقر أمام الين الياباني.وتستفيد بعض الشركات من أزمة العملة فقد وجدت الشركات المصدرة أن بوسعها بيع صادراتها في الخارج بأسعار أرخص. إلا أنه حتى الآن يبدو أن الزيادة في الصادرات متواضعة لاسباب منها اعتماد هذه الشركات إلى حد ما على استيراد الالات والمواد الخام.وأظهرت بيانات رسمية أن صادرات مصر غير النفطية سجلت زيادة هامشية إلى 3.4 مليار دولار في الربع الماضي من 3.3 مليار في الفترة المقابلة من العام الماضي. وحدثت النسبة الاكبر من انخفاض قيمة الجنيه منذ بداية العام الجاري.وتسعى شركة النساجون الشرقيون لصناعة السجاد التي تحقق نحو نصف مبيعاتها من التصدير إلى زيادة الرقم الى نحو 60 في المئة للاستفادة من أي انخفاض في قيمة العملة المصرية.وفي العام الماضي زادت مبيعاتها ستة في المئة الى 4.9 مليار جنيه (721 مليون دولار) بينما ارتفع صافي الارباح بعد حصة الاقلية 12 في المئة الى 272.9 مليون جنيه. وتدرس الشركة تعديل خط انتاجها بما يتلاءم مع الظروف الاقتصادية الصعبة. وقال هيثم عبد المنعم مدير علاقات المستثمرين بالشركة ‘ربما نعوض هذا التباطؤ في السوق المحلي بأحجام أعلى. وذكر على سبيل المثال استخدام الات صناعة السجاد في انتاج أحجام أكبر أقل جودة. وأضاف ‘نحن نحاول أن نتحلى بالمرونة قدر المستطاع لكن الظروف مازالت صعبة للغاية’.وقال إن النساجون الشرقيون تعلمت التكيف مع تراجع الجنيه وارتفاع تكاليف المواد الخام. وتابع أن الخوف الأكبر هو ما إذا كانت القيادة المصرية الجديدة ستعمل على تحسين قوانين العمل وتحاول تدعيم البنية الاساسية للبلاد.الدولار يساوي 6.7980 جنيه.qec