القاهرة ـ «القدس العربي»: تستغل آلة القتل الإسرائيلية التي لم تشهد البشرية شبيها لها، الفزع الذي يعم كثير من بلدان العالم بسبب الظروف العصيبة التي يشهدها الكوكب، سواء بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا أو الزلازل التي لا تزال توابعها مستمرة في اصطياد مزيد من الضحايا الفلسطينيين، فيما تبدو البلدان العربية غير راغبة إلا في المنافسة في الشجب والإدانة الذي يعقب كل مذبحة يتعرض لها الشعب الفلسطيني، بينما يغيب أي دعم حقيقي يتمثل، حسبما تقتضية تلك الجرائم اليومية في ضرورة التلويح بقطع العلاقات مع الكيان المحتل، دعما لواجب الأخوة الذي تمليه علينا كل الشرائع، فضلا عن حض الإسلام على دعم الأشقاء.
أمس الثلاثاء 28 فبراير/شباط، فرضت الأحداث التي تشهدها فلسطين نفسها عبر العديد من التقارير، والمعارك التي شارك فيها عدد من الكتاب. ومن القضايا التي اهتمت بها الصحف وتحمل في طياتها كثيرا من القلق، وطرحها باحثون عن العفاف بعد إصدار وزارة الصحة والسكان، للشهادة الصحية المميكنة، للمقبلين على الزواج، بعد إجراء تحاليل الزواج المحدثة في مصر 2023، الأمر الذي أثار الاستفهام حول موقف المقبلين على الزواج بعد أيام، خاصة من حجزوا قاعات الفرح وحددوا موعد إتمام الزفاف، فكيف يتصرفون؟، واولئك الذين انفصلوا ثم ما لبثوا أن تصالحوا مرة أخرى وهل يجب أن يُصدروا شهادة فحص الزواج المميكنة الجديدة، أم لا؟ من جانبه قال الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إن الوزارة لم تشترط على المقبلين على الزواج إجراء الفحوصات الطبية معا، أو حتى في المحافظة نفسها، ولكن لكل منهما أن يخضع لها في محافظته، ويتم عرضها على كل طرف بمفرده. وكشفت وزارة الصحة والسكان عن الخدمات المقدمة من خلال مبادرة الفحص المبكر للمقبلين على الزواج، موضحة أن التحاليل التي تجري تشمل «فيروس الالتهاب الكبدي بي، وفيروس الالتهاب الكبدي سي وفيروس نقص المناعة ومرض السكري ومرض ارتفاع ضغط الدم ومرض السمنة وتحليل فصيلة الدم ومستوى الهيموغلوبين فيه». وأضافت: يتم تقديم الخدمة في جميع محافظات الجمهورية بعدد حوالي 302 مركز ووحدة طبية، بمعدل مركز طبي داخل كل إدارة صحية على الأقل، ويستدام تقديم الخدمة بشكل ثابت في جميع المراكز والوحدات الطبية المحددة لهذا الشأن. ومن أخبار البرلمان: أحال المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، في بداية الجلسة العامة للمجلس، 3 مشروعات قوانين مقدمة من عُشر أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة في المجلس لدراستها وإعداد تقارير بشأنها.
ومن أخبار مؤسسة الرئاسة: أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن المباحثات التي أجراها، مع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، تركزت على بحث سبل مواصلة تعزيز العلاقات بين البلدين، اقتصاديا وتنمويا، لاسيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وقال الرئيس السيسي، إنه سيكون هناك تبادل للخبرات في الزراعة والري والغذاء والطاقة وزيادة السائحين بين البلدين واستيراد قطارات السكك الحديدية وتوطين هذه الصناعة في مصر. وأكد الرئيس السيسي، أن المجر وافقت على زيادة المنح الدراسية لمصر، لتصل إلى مئتي منحة سنويا، ابتداء من العام الدارسي المقبل، مع زيادتها مستقبلا بشكل مستمر. ورحب الرئيس السيسي، برئيس وزراء المجر واصفا إياه بالصديق والأخ العزيز، مسجلا له عمق العلاقات المصرية المجرية، الممتدة من أكثر من 95 عاما.
توابع العقبة
ما كان لاجتماع العقبة أن ينعقد إلا لإدراك كل الأطراف المسؤولة، وفق ما أوضح جلال عارف في “الأخبار”، أن حكومة إسرائيل تقود المنطقة إلى انفجار هائل، وإلا بوجود الولايات المتحدة كطرف يضمن تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها، ويتحمل المسؤولية، إذا استمرت إسرائيل في إفشال كل جهود التهدئة وقطع الطريق على كل فرص السلام، وما حدث في اليوم نفسه يضع الولايات المتحدة وحكومات العالم كلها أمام مسؤوليتها قبل انفجار الأوضاع بصورة تفوق توقعات المتشائمين.. مع الإعلان عن اتفاق على عدم اتخاذ إجراءات أحادية من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لم يتأخر نتنياهو في التأكيد على أن الاستيطان مستمر، ولا أحد يملك إيقافه، بينما أهم وزرائه بن غفير، يعلن أن ما اتفقوا عليه في الأردن سيبقى في الأردن. وفي الوقت نفسه، كان المستوطنون يهاجمون القرى الفلسطينية قرب نابلس، يحرقون المنازل ويدمرون الممتلكات ويقتلون شابا ويصيبون المئات في مشهد وصفه زعيم المعارضة لابيد بأن الميليشيات الإرهابية التابعة لوزير المالية تقطع الطريق على أي اتفاق في الأردن.. والحقيقة إنها ليست ميليشيات وزير واحد، وإنما هي نهج الحكومة التي جاءت لتدفن أي فرصة لقيام الدولة الفلسطينية، ولتستبيح كل الأرض الفلسطينية وتزرعها بالمستوطنات، ولتمضي في تهويد القدس وانتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية.. متوهمة أنها ستظل للأبد خارج المحاسبة على كل ما ترتكب من جرائم. والسؤال الذي يتكرر بلا إجابة: ماذا ستفعل الولايات المتحدة؟ وإلى متى سيستمر صمت العالم على ما تفعله إسرائيل؟ وهل تستمر الدول التي تقول إنها تحارب في أوكرانيا من أجل حرية الشعوب وحقوق الإنسان في تجاهل ما تفعله إسرائيل وفي بذل كل الجهد لمنع محاسبتها على جرائمها؟ ستخسر أمريكا كثيرا إذا لم تتحمل مسؤوليتها وتوقف العدوان الإسرائيلي، وسيكون على العالم أن ينتظر الأسوأ ما دامت المعايير المزدوجة تمنع معاقبة إسرائيل. وسيكون على الإسرائيليين الذين يتظاهرون بمئات الألوف أن ينقذوا دولتهم قبل أن تأخذها عصابات الإرهاب الحاكمة إلى الكارثة.
معايير مزدوجة
فى الوقت الذي زار فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن كييف ليعلن تضامنه مع أوكرانيا وطالب، وفق ما أشار إليه عبد المحسن سلامة في “الأهرام: بضرورة انسحاب القوات الروسية منها، ورفضه أي تنازلات في هذا الإطار- قامت القوات الإسرائيلية المحتلة بارتكاب مجزرة ضخمة في نابلس الأسبوع الماضي، راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين، وكبار السن دون أن تتحرك الولايات المتحدة، وترفض هذه المجزرة. جاء البيان، الذي ألقته مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء التصويت على قرار يطالب بانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا، معبرا تماما عن الاستياء الشديد من سياسة الكيل بمكيالين، التي تنتهجها بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. مصر مع التسوية السلمية للأزمة الأوكرانية، وتحقيق السلام العادل، والدائم هناك، وانسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية، لكنها أيضا مع السلام العادل، والدائم في فلسطين، وانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وقيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية. سياسة الكيل بمكيالين سياسة خاطئة، وترسخ لمفاهيم المعايير المزدوجة في الحالات المتطابقة، فالوضع في الاثنتين احتلال، والمطلوب أن تتبنى الولايات المتحدة، ومعها الغرب، سياسة موحدة ضد الاحتلال بشكل عام، وضد مبدأ قهر الشعوب، وقتل المدنيين، وضرورة كبح جماح المستوطنين، والمتطرفين، وإقامة سلام عادل، ودائم يرتضيه الشعب الفلسطيني الصامد منذ أكثر من 70 عاما حتى الآن. مجزرة نابلس وحشية بكل ما تعنيه الكلمة، وتؤكد سياسة المعايير المزدوجة التي ينتهجها الغرب في أوكرانيا، والأراضي الفلسطينية، مع أن الاحتلال واحد في كلتيهما.
مقاعد شاغرة
لدى محمد أمين ما يدفعه للغضب في “المصري اليوم”: حزنت أن هناك أماكن كثيرة شاغرة في مصر، يديرها ما يسمى القائم بالأعمال.. اكتشفت هذا بعد أن كتبت مقالا مؤخرا عن «كرسي الإذاعة».. وقال لي أحد الأصدقاء: لا تتصور أن كرسي الإذاعة خالٍ منذ شهرين، بينما كرسي عميد طب قصر العيني خالٍ منذ عامين، ويديره قائم بالأعمال، يدير الأعمال الإدارية البسيطة؟ كما أن جامعة القاهرة لم تجد مَن يصلح رئيسا لها بعد بلوغ الدكتور الخشت سن المعاش، فتم تعيينه قائما بالأعمال. فما معنى قائم بالأعمال؟ معناه إهانة للجامعة ولطب قصر العيني.. فهل لا يوجد من قيادات الجامعة وعمدائها ونواب رئيس الجامعة مَن يصلح لذلك؟ يقول صاحبي: إن الكلام الذي كتبته مؤخرا، ينطبق على أماكن كثيرة، كان الناس يعرفون ترتيبهم في كل مصلحة وهيئة.. فما الذي حدث؟ لا أدري. والحكاية علاجها سهل.. أن تكون هناك جهة محايدة تختار وتنتخب طبقا لمواصفات معينة، وتقوم بالترشيح للجهة التي تصدر القرار.. وقد حدث شيء مماثل في قصر العيني، وتقدم المرشحون، وتم النظر في الأمر، ثم تأجل، فأين الوزير الذي يصدر قراره؟ تابع الكاتب غاضبا من تردي الأوضاع في دواليب العمل بسبب المقاعد الشاغرة.. كنت أعبر عن دهشتي في صدر المقال: هل تتخيل أن الإذاعة المصرية منذ أكثر من شهرين بلا رئيس؟ لا أدري كيف حدث هذا الأمر بالضبط؟
«ملو الهدوم»
كانت القاعدة المعمول بها حتى سنوات مضت، كما يقول محمد أمين، إنه عندما يخرج رئيس محطة إذاعية إلى المعاش يتولى مكانه في اليوم التالي رئيس جديد، كان كل زميل يعرف ترتيبه.. وهذا الكلام كان ينطبق أيضا على رئيس الإذاعة. تابع الكاتب، فاجأني صاحبنا بأنني مندهش من أمر أصبح في حكم القاعدة.. وأن القائم بالأعمال أصبح يدير أي مرفق تنتهي ولاية صاحبه أو يخرج إلى سن المعاش، وقد حدث ذلك في الكليات العريقة والجامعات، التي كانت تسير «زي الساعة». وكان هناك مَن يعمل «الهوم وورك» ويقدم البديل مع اللحظة الأخيرة لرئيس الجامعة، أو عميد الكلية أو حتى المحافظ، ووجدنا محافظات بلا محافظ عدة شهور.. حدث ذلك في المنوفية والقاهرة، وهما محافظتان تستحقان أكثر من محافظ، فإذا بالمحافظ الأصلي نفسه غير موجود. فما الذي حدث مرة أخرى؟ هل من الممكن أن يتساوى وجود العميد وعدمه؟ وهل ممكن أن يتساوى وجود رئيس الجامعة وعدمه، وبالتالي يتساوى وجود المحافظ وعدمه؟ فمَن محافظ الظل؟ ما إمكانياته؟ ولماذا لا يتم تعيينه محافظا؟ هل هو نفسه لا يصلح في عين الجهة التي تعينه؟ السؤال: إذا كان السكرتير العام للمحافظة يمكن أن يقوم بعمل المحافظ، فإن أي موظف لا يصلح أن يكون رئيسا للإذاعة ولا يصلح أي واحد أن يكون رئيسا للتحرير.. هذه مهام تعتمد على الإبداع وملو الهدوم.. هناك أسماء أصلا في أماكنها لا تصلح لأي شيء، فلماذا نفعل ذلك في أنفسنا، ومؤسساتنا؟
مجرمون محتملون
أبدى محمد عبدالتواب في “الأهرام” عن سعادته لفك لغز جريمة سطو مسلح: لم تكشف وزارة الداخلية عن كيف نجحت نجاحا كبيرا في إلقاء القبض، في أقل من 24 ساعة، على مقترفي جريمة سرقة 1.4 مليون جنيه من مكتب بريد دمياط الخميس الماضي، مع الحصول على اعترافات تفصيلية منهم، فقد اكتفى البيان الرسمي بإشارات شديدة الإيجاز عن أن فريق الأمن الذي كُلِّف بمتابعة الجريمة استخدم التقنيات الحديثة، التي أمكن بها التوصل إلى أن وراء ارتكاب الجريمة 4 أشخاص، لاثنين منهم معلومات جنائية، وأنهم مقيمون في محافظة دمياط، وتم استهدافهم وضبطهم، وبمواجهتهم اعترف أحدهم، شقيق زوجة مدير المكتب، بعلمه بتحركات مدير المكتب وبحركة المبالغ المالية، وإنه استعان بالآخرين في ارتكاب الواقعة، وأرشد عن السلاح المستخدم، والمبلغ المستولى عليه، والسيارة، إلخ. وأضافت مصادر صحافية أن المجرمين علموا أنه في كل يوم خميس تُودِع إحدى محطات البنزين في الجوار مبالغ مالية كبيرة، فقرروا أن يقترفوا جريمتهم يوم الخميس. تصلح الجريمة بعد اكتمال تفاصيلها لأن تكون سيناريو لفيلم سينمائى، يتبين فيه الصراع الأزلي بين المجرمين وأجهزة الأمن، ودور التكنولوجيا الحديثة في التعقب السريع، إذا كان من يديرها خبيرا بآلياتها، ويدأب في عمله، ويحرص على الصالح العام. وكيف أن كل هذا، مع دوره في تشكيل رادع للمجرمين عندما يعرفون أن مآلهم السريع في يد الأمن، فإنه يشيع الاطمئنان لدى الرأي العام، بأن هناك من هو قادر وأمين على تحقيق الأمن العام. أما المؤسف حقا، فهو أن هناك من يحفرون في اتجاه عكسي تخريبي، يبررون فيه للمجرمين جريمتهم، بقولهم إن هؤلاء المجرمين، بجريمة السرقة، يسعون لفرض العدالة الاجتماعية بالقوة، في مواجهتهم لم يفرضوا الظلم الاجتماعي بالقوة وهذا كلام خطير، ليس فقط لأن هذه الجرائم، حتى إذا نجحت، فإن فوائدها لا تعود سوى على مقترفيها، وليس لها أي أبعاد اجتماعية سوى التشجيع على الجريمة، ولكن أيضا لأن تبرير الجريمة أخطر من اقترافها، لأن أثر فعل المجرمين محصور في حدود جريمتهم، أما أول التبعات العديدة للتبرير ففي إشاعة أفكار هدامة عن إسقاط المسؤولية القانونية والأخلاقية عن المجرمين، بما يخفف من وخز الجريمة على المجرمين وعلى الجمهور، وبما يُضعِف من الروادع أمام المجرمين المحتملين ويشجعهم على الإقدام.
ظروف عصيبة
أيام تفصلنا عن الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين التي ستعقد الجمعة 3 مارس/آذار المقبل لإجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة، وانتخاب نقيب جديد خلفا للزميل ضياء رشوان، الذي أنهى دورتين متتاليتين، مدة كل واحدة عامان، وبالتالي، ووفقا للقانون، الذي أوضحه طلعت إسماعيل في “الشروق”، أنه لا يحق له الترشح هذه المرة، ما أتاح لأسماء جديدة المنافسة على المقعد الأهم في نقابة عريقة. الانتخابات، وكما هي الحال في مثل هذا الوقت كل عامين، تكون فرصة لرؤية الزملاء المرشحين، من يخوض منهم السباق لأول مرة، أو يعيد الكرة للاحتفاظ بمقعده، وفرصة أيضا للاستماع إلى وجهات نظر واجتهادات الزملاء، مرشحين وناخبين، حول أوضاع المهنة والتحديات التي تواجه الصحافيين ونقابتهم في ظل مناخ ضاغط على الجميع، يظهر في صفحات وسطور الجرائد والمجلات المختلفة، مثلما هو منعكس على المواقع الإلكترونية. وحتى هذه اللحظة، ومن خلال رصدي لجولات عدد من الزملاء المرشحين على مقار المؤسسات الصحافية المختلفة، نحن بصدد دوافع متباينة لكل مرشح يعرض نفسه على جمعية عمومية متنوعة المشارب والتوجهات، فالبعض مسلح بدرجة من الوعي ويدرك دور عضو مجلس النقابة، وقيمة النقابة ذاتها في الارتقاء بمهنة تواجه فترة صعبة، وهو يحاول أن يدلي بدلوه للتصدي لبعض المشكلات المتراكمة، وهؤلاء يتحدثون كثيرا عن قيم ومعايير غابت وحريات انتقصت، وهناك مرشحون يعرضون مساعدة الزملاء عبر وعود بخدمات قد تخفف أعباء الحياة في ظل غلاء فاحش. وباستثناء قلة «غاوية» شهرة وتخوض السباق للتعريف بنفسها، نكون أمام نوعين من المرشحين أحدهما، يركز على قضايا الرأي والدفاع عن حرية التعبير، لمهنة لا تعيش ولا تزدهر إلا في مناخ من الحرية، والنوع الثاني من المرشحين الذي يهتم بالخدمات، وهو يعلم أن الصحافيين، كما باقي أفراد الشعب المصري، في حاجة إلى الدعم والمساندة المادية بعد تدني الأجور، والرزق الشحيح.
ريموت كونترول
كما هي العادة والكلام ما زال لطلعت إسماعيل، يحتدم النقاش في أوساط الصحافيين بين الناخبين، الواعين في الأساس، حول أولوية الاختيار، البعض يفضل الواقع المادي الملموس فيسرع وراء الخدمة، والبعض الآخر يحاول أن يكون صوت القضايا النقابية والمهنية حاضرا وواضحا في مجلس النقابة، ليس استغناء عن الخدمات لكن إدراكا بأن الحرية تكفل المنافسة واستعادة قارئ ملَّ «الصوت الواحد»، وبما يكفل فتح أبواب جديدة للرزق وارتفاع الدخول. ليس هناك عيب بين أن يفضل الزملاء مرشحي الخدمات، أو دعم المدافعين عن الحريات، لكن العيب أن تتم الاختيارات على أساس عمليات الحشد والتعبئة لهذا المرشح، أو ذاك من بعض المؤسسات التي يحكمها عقل القبيلة أحيانا، والريموت كونترول، للأسف، في بعض الأحيان، تتدفق الجموع، في الساعات الأخيرة للتصويت بأوراق دوارة، تنتج مجالس نقابية هزيلة القدرة، وأعضاء جاؤوا على متون الحافلات التي جلبت ناخبيهم، فيصبح منطقيا بعد نجاحهم أن يغلقوا هواتفهم ولا ترى وجوههم إلا في الانتخابات التالية. النوع الأخير من المرشحين يجب أن تتصدى له الجمعية العمومية، وأن تتحد الإرادات لاستبعادهم أو تقليل وجودهم في المشهد، فبمثل هؤلاء ندفع أثمانا باهظة بعد أن جعلوا من مهنة الصحافة «فعل مجرم» تتعالى فيه المصادر على الصحافي، وتحجب عنه المعلومات، إلا في شكل بيانات أحيانا تكون مليئة بالأخطاء التي لا يجد الصحافي من يصححها له، بينما يذوق الزملاء المصورون الأمرين لمزاولة عملهم، بعد أن بات استخدام الكاميرا بغير إذن جريمة. وفي الأخير نريد أن تسفر الانتخابات عن اختيار نقيب ومجلس يكونان الأكثر تعبيرا عن مهنتنا ودفاعا عن حريتنا، مجلس لا تعود في عهده الستائر أو الأكفان إلى واجهة النقابة تحت لافتة ترميم استغرق أربع سنوات، وهو زمن ربما لم يستغرقه إنشاء المبنى الحالي ذاته.
الجاني طليق
“اللي يضربك اضربه” كما قالت مي حمدي في “الشروق”، مقولة شهيرة طالما لقنتها أمهات الجيل السابق ـ وربما كثير من أمهات اليوم ـ لأبنائهن قبل تركهم لمواجهة الحياة في المدرسة، أو النادي أو غيرهما، ولكن علينا اليوم تغيير هذا المفهوم لدى الأمهات والأبناء، فمقابلة الضرب بالضرب لن تؤدي إلا إلى مزيد من الصراع، ولاتساع دائرة العنف، فعلى المربين توعية الأبناء بأن العنف ليس هو الوسيلة المناسبة لحل المشكلات. ماذا يفعل الأبناء إذن إذا واجهوا تنمرا؟ إذا كان التنمر لفظيا فالأفضل تجاهله وعدم الالتفات له، لعدم إعطاء فرصة للشخص المتنمر للتمادي، أما إذا كان بدنيا فإن نصيحة عدم مواجهة الضرب بالضرب لا تعني قطعا أن يترك الطفل نفسه للاعتداء، وإنما علينا تعليمه الدفاع عن نفسه عن طريق إيقاف الاعتداء فقط مع عدم ضرب المعتدي، والابتعاد عن المكان فورا وطلب المساعدة من شخص مسؤول. تلك المعادلة الصعبة كما أشارت الكاتبة لا يسهل تنفيذها: إيقاف الضرب مع عدم الضرب، ويصعب أيضا إقناع الأولاد بها، فطالما واجهتني تعليقات من الطلاب أثناء قيامي بتنفيذ ورش عمل مواجهة التنمر من قبيل: «حيقولوا عليّ مهزأ»، «بلغت المدرسة ومعملتش حاجة»، «لازم آخد حقي». مجادلة يصعب الانتصار فيها لذا لا يكون في وسعي سوى إعادة التأكيد على الأسلوب الدفاعي، وعلى تصعيد الأمر لمسؤول أعلى والتحدث مع الأسرة، وعلى أن العنف سيؤدي إلى مزيد من العنف. وكي لا يصل الأمر إلى حد العنف، من المفيد توعية الأطفال والشباب، بل الكبار بطريقة عمل المخ عند الغضب، التى قدمها أستاذ الطب النفسى الأمريكي دانيال سيجل، في طريقة سماها «المخ في راحة اليد»، وبعيدا عن الشرح المفصل والمعقد، فإن خلاصة نظريته تنطوي على أنه في الأحوال العادية يكون جزء المخ المسؤول عن التفكير العاقل مسيطرا على الأجزاء المسؤولة عن المشاعر، وردود الفعل اللاإرادية. أما في حالة الغضب فينفصل الجزءان فتكون الأساليب البدائية أو غير العقلانية هي المسيطرة، فيكون رد الفعل هو: القتال، أو الهروب، أو التجمد. فهل يكون الوقت مناسبا لحل أي نزاع؟
ارفقوا بالمتنمر
من هنا، والكلام ما يزال لمي حمدي تكون الخطوة الأولى لحل أي نزاع هي «الهدوء»، حتى يتمكن المخ من التفكير بشكل سليم. ويختلف الأشخاص في طريقتهم لتهدئة الذات فقد تكون بالمشي، أو ممارسة الرياضة، أو الخروج في الهواء الطلق. أما الخطوات التالية فهي المناقشة والتفكير في حلول، ثم الاتفاق على حل يرضي جميع الأطراف، وأخيرا التنفيذ. على المعلمين والمعلمات أيضا التحدث برفق مع المتنمر ومحاولة حل الأمر قبل أن يصل إلى حد العنف، والبحث عن الأسباب الخفية وراء التنمر، لأن السلوك الظاهري الذي نراه من الطفل ما هو إلا تمثيل لقمة جبل الجليد، كما تخبرنا نظريات التربية الإيجابية لجين نيلسون، أما باقي جبل الجليد الذي يقبع تحت الماء ولا نراه هو الأهم فهو الذي يمثل المعتقدات وراء السلوك، فقد يكون المتنمر نفسه قد واجه تنمرا، وقد يكون أسلوب تعامل المربين مع الطفل هو السبب، وقد يكون ما نراه سلوكا سيئا هو طريقة خاطئة من الطفل للتعبير عن احتياجه إلى الشعور بالانتماء والأهمية. وفي كل الأحوال، يجب مناقشة الطفل المتنمر بهدوء لمعرفة أسبابه، وإظهار التفهم للأسباب، مع شرح أن من حقنا الشعور بالحزن أو الغضب ولكن ليس من حقنا التصرف بطريقة عدائية للتعبير عن تلك المشاعر، وتذكيره بالآثار السيئة للتنمر عليه وعلى زملائه، وأن يحاول وضع نفسه مكان المتنمر عليه والتفكير في ما يشعر به، وتوجيهه برفق مع حزم لضرورة تحمل نتائج سلوكه، وأن الاعتذار سلوك محمود وعليه مكافأة نفسه عليه، وبأن السلوك الجيد سيحقق له شعبية وحبا بين رفاقه، مع تشجيعه على ممارسة الرياضة لتوجيه طاقته إلى ما يفيده، وإظهار التقدير لأي تغيير إيجابي في السلوك أو عند الاعتراف بالخطأ. وأخيرا علينا تذكير أولادنا أن الخلاف أمر عادي علينا التفكير قبل وقوعه في الطرق المناسبة للتعامل معه، وأن الاختلاف أمر حتمى ويجب ألا يفسد للود قضية.
«حضارة على المحارة»
اكتشف محمود زاهر في “الوفد” أن بعض أوجه المعاناة التي باتت مصر ترزح تحتها في العقود الأخيرة، هي انتشار القبح وتبوؤ عديمي الموهبة والمفتقرين للذوق والموهبة الساحة، واستشهد الكاتب بما يلي: إننا منذ سنوات، نواجه تيارا فاسدا، يمثله بعض الهدَّامين، الذين ينتهجون القُبح والجهل، وإفساد الجمال والذوق العام، من خلال تشويه ساذج لمنارات وقامات مضيئة، تحت شعار «حضارة على المَحَارة» للأسف، يبدو أن هناك مشكلة أكبر، تفوق «أساطير الكيف»، ظهرت في الفترة الأخيرة، في بعض شوارع مصر وميادينها، من خلال تماثيل قبيحة ومشوهة، أساءت لرموزٍ مصرية في مجالات مختلفة، آخر تلك الإساءات والتشوهات كانت تمثالا يُجَسِّد سيدة في مدينة العاشر من رمضان، يحاكي “فلاحة العمرانية” الذي تم تطويره بـ«وش لاكيه أبيض»، ثم تمثالا فرعونيا يسمى «حورس إله الشمس» في قفط في محافظة قنا. قُبْحٌ يغزو بعض الميادين والشوارع على امتداد الوطن، يُضاف إلى ما احتفظت به الذاكرة المعاصرة، من ظهور تمثال اللاعب الدولي محمد صلاح، خلال منتدى الشباب 2018، بشكلٍ شاحبٍ قبيحٍ، فكان مثار سخرية العالم تلك المسوخ القبيحة، تفتح من جديد، ملف التماثيل المشوَّهة والقبيحة، التي أصبحت سمة مميزة لبعض الشوارع والميادين، خصوصا عند مقارنتها بتماثيل رائعة وفريدة أبدعها المصريون منذ عصور الفراعنة. خلال العقد الأخير، تابعنا تشويها متعمدا مع سبق الإصرار والترصد لتمثال أحمد عرابي «الأخضر»، وكذلك تمثال الخديوي إسماعيل، الذي كان مطليا بماء الذهب، ليتم «تجديده» بـ«الدوكو الأسود اللامع».
صافيناز في سفاجا
واصل محمود زاهر بروح ساخرة إحصاء الضحايا من رموزنا الذين حصدتهم معاول غير الموهوبين: سبق أن تعرضت كثير من تماثيل رموز ومشاهير الفن إلى التشويه، مثل تمثال الموسيقار محمد عبدالوهاب في ميدان باب الشعرية، وقبله طلاء تمثال كوكب الشرق أم كلثوم في حي الزمالك، بـ«الدوكو»، كما لم يَسلم من التشويه في أسوان صاحب العبقريات عباس محمود العقاد، وقبله عميد الأدب العربي طه حسين في المنيا، بالتزامن مع وجود تمثال أكثر سوءا وبشاعة للملكة نفرتيتي في سمالوط، ثم في سوهاج عندما أُزيل تمثال مشوَّه للملك رمسيس الثاني، صنعه أحد عمال «الجبس» للإعلان عن «ورشته»، أمثلة كثيرة تابعناها في بعض المدن الأخرى، كتمثال «قبضة مازنجر» في الإسماعيلية، و«عروس البحر» في سفاجا، الذي يشبه الراقصة صافينار، وفي بورسعيد وُضِع تمثال يشبه «ببرونة» الأطفال، في حين ضمَّت جامعة المنصورة تمثالا زعم منفذه أنه يرمز إلى «طائر الحكمة» نتصور أن انتشار تلك التماثيل المشوهة والقبيحة ـ بين فترة وأخرى ـ ليس سوى نتيجة طبيعية لانتشار الجهل المصاحب لمعدومي الذَّوق، الذين يسعون إلى التملق أو تحقيق الشهرة، أو حتى «السبوبة» على أقل تقدير، أخيرا.. ربما يكمن الخطأ في تصدي المحليات وحدها لهذا الأمر، لأنه من الضروري الاستعانة بالمتخصصين، مثل «التنسيق الحضاري» ونقابة الفنون التشكيلية، وكليات الفنون الجميلة، لعدم ترك الموضوع في أيادٍ «جاهلة» تعبث وتشوه وتسيء للوطن. انتهى الكاتب عند الحكمة التي يحتاجها كل منا كثيرا في المرحلة الراهنة.. يقول هيودج وايت: «الأخطاء هي دروس في الحكمة، فلا يمكن أن تغير الماضي، وما زال المستقبل تحت سيطرتك».
خير متاع
يتعطش المجتمع إلى قصص الحب النادرة التي يتبارى المحبون فيها وفق ما أشار إليه محمد مصطفى أبو شامة في “الوطن” على حسن التعبير عن عشقهم واهتمامهم بأحبابهم، ونستشعر هذا العطش عندما نلمح سيدة على فيسبوك ترجو الله أن يرزقها «حب النبي للسيدة عائشة»، وتجد آخر يتوسل إلى الله أن يرزقه «الزوجة الصالحة» التي هي خير متاع الدنيا، والمزيد من المتابعة للصفحات الاجتماعية والتعليقات على فيديوهات أو صور الحب يؤكد مدى هذا التعطش ويعكس حجم الأزمة. تابع الكاتب: الأزمة التي لن يلخصها أن تقول إننا نحيا في عصر انتشر فيه الطلاق، وأصبح هو الأصل في العلاقة بين الرجل والمرأة، رغم أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نفى ما تردد حول تصدر مصر المرتبة الأولى عالميا في الطلاق، مؤكدا أن معدل الطلاق في مصر بلغ 2.1 لكل ألف من السكان، وهذا المعدل من المعدلات العادية على مستوى العالم، لكننا لا يمكن أن نخفي تفشي الطلاق في المجتمع المصري في السنوات العشر الأخيرة، وانتشار ظواهر مثل الانفصال العاطفي بين آلاف الأزواج، ونفور الأجيال الجديدة من «الجواز» ولجوئهم إلى علاقات مشوهة تفسد معنى «مشروع الزواج» وتفقده قيمته ومعناه، وتجعله أبعد ما يكون عن مساره القويم الذي حدده له المولى عز وجل إطارا شرعيا تغلفه المودة والرحمة ويزاوجهما في محبة، لتكن هي العلاقة الأصل التي بارك فيها الله استمرارية الحياة وبقاء الجنس البشرى. ويرى إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله) أن «الحب يعني توجه القلب إلى المحبوب، توجها يربط نفعك بنفعه ومضرتك بمضرته»، وينقسم الحب إلى نوعين: حب عقل وحب عاطفة، أما حب العقل فهو ما يرجح العقل نفعه، كما يحب المريض الدواء المر «أنا لا أحب الدواء المر بعاطفتي، أحبه بعقلي، لأنه سبب العافية». بينما يعرف «حب العاطفة» بأنه «ليس له دليل عقلي، أنا أحب ابني حتى لو كان غبيا».
آدم وحواء
الدكتور مصطفى محمود (رحمه الله) الذي استشهد برأيه محمد مصطفى أبو شامة يرى أن الحب هو محور الوجود، ومن دون الحب لن تقوم الأسرة، ومن دون الأسر لا توجد أمم أو شعوب، فالحب هو صانع العمار، هو من الأهمية لدرجة أن الفلاسفة نسبوا الحب حتى بين الجمادات، وليس فقط بين الذكور والإناث والكائنات الحية، وقالوا إن الزوجية في كل شيء، وهو ما جاء ذكره في القرآن الكريم: «وَمِنْ كُلِّ شَيءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ». فيما تقول دار الإفتاء في ردها على سؤال: «هل الحُب حرام؟»: إن الحب معنى نبيل جاء به الإسلام ودعا إليه، فقال تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبا للهِ»، وقال عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ في سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ». وأكدت «الإفتاء» على أهمية الحُب، إذ قالت: «إن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، نقل عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْمُتَحَابُّونَ في جَلالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ»، كما أن المسلم محب لكل خلق الله تعالى، يرى الجمال أينما كان، ويعمل على نشر الحب حيثما حلَّ، فهو رحمة للناس يحسن إليهم ويرفق بهم ويتمنى الخير لهم». ويحلو للبعض تجريد علاقة الرجل والمرأة من إطارها الشرعي، ويتفننون في تقديم تفسيرات شيطانية للحب، كلها وصلت بهم إلى الفشل والانهيار والانتحار، لقد زاد الشقاق بين «آدم وحواء» في زماننا لأنهما أدمنا الشجرة المحرمة، ورفضا أن يتعلما من درس «آدم وحواء» ويدركا أن المحبة لله وحده لا شريك له. إنها معادلة ربانية لأهم علاقة إنسانية، تتصل المحبة بفضل الله الذي يؤلف بين القلوب، ويربط بينها برباط مقدس ويظلها بظله في الدنيا والآخرة.