‘الصدّيقون يقوم آخرون بعملهم’

حجم الخط
0

إن الأحداث الاخيرة في مصر وتلك المستمرة منذ زمن طويل في سورية، تسبب قلقا في اسرائيل. ويتعلق القلق بخطر ان تنتقل الأحداث العنيفة الى حدود اسرائيل مع مصر، وبخوف أكبر من خطر مواجهة عسكرية. هذا القلق مفهوم يقوم على الفرض الحدسي، أن عدم اليقين شيء سيئ وعدم الاستقرار حولنا شيء خطر.
لكن الوضع مختلف بالفعل مع نظرة أشد وعيا، ولنبدأ بسورية، اجل ان الهدوء المطلق الذي تمتعنا به في هضبة الجولان منذ اربعين سنة يُنقَض قليلا في الآونة الاخيرة، بل قد توجد أحداث أشد على طول الحدود. لكن هذه مشكلات تكتيكية في أساسها، وقد عانت دولة اسرائيل منذ أُنشئت من مشكلة ارهاب على طول حدودها المختلفة (غزة في خمسينيات القرن الماضي، والاردن في مطلع السبعينيات ولبنان الى سنة 2006 وغير ذلك)، لكن لا واحدة من هذه المشكلات كانت خطرا استراتيجيا حقيقيا. وفي مقابل هذا فان ما يحدث في سورية يُحسن جدا وضع اسرائيل الاستراتيجي.
أولا ودونما صلة بسؤال من سيحكم سورية غدا، من الواضح ان الجيش السوري الذي كان أكبر تهديد وأكثره مباشرة ضعف جدا في السنتين الاخيرتين. فقد خسر اسلحة كثيرة ونظام التجنيد فيه في شلل، ووقع الاضرار بترسانة السلاح، كل ذلك مع الوضع الاقتصادي المتدهور سيضعف سورية باعتبارها تهديدا عسكريا مدة بضع سنوات على الأقل.
وثانيا، إن حقيقة ان حزب الله دخل برجليه الاثنتين ‘الى الوحل السوري’ ستُفضي الى سحق قوته وشرعيته في لبنان وفي العالم العربي. اذا سقط الاسد فسيُسبب ذلك ضربة بالغة الشدة لحزب الله قد تفضي الى طلب داخلي في لبنان وطلب خارجي من العالم السني كله ان يُجرد من سلاحه.
وينبغي ان نذكر الى ذلك انه كانت في اسرائيل قبل بضع سنوات جهات أيدت اتفاق سلام مع سورية (يشمل تخليا عن هضبة الجولان)، وذلك في الأساس بسبب الاسفين الذي قد ينشئه اتفاق السلام هذا بين سورية من جهة وايران وحزب الله من جهة اخرى. وها هو ذا هذا الامر قد يحدث من غير ان نضطر الى دفع شيء، وهو يشبه قولنا إن الصدّيقين يقوم آخرون بعملهم.
ونعود الى مصر، انها في الحقيقة تدخل ثانية في دوامة سياسية شديدة، لكن التأثير في اسرائيل قليل وليس سلبيا بالضرورة ايضا. فهو قليل لأن أكثر الأحداث تجري في المدن الكبيرة على مبعدة 300 كم وأكثر من حدود اسرائيل. والى ذلك فان الجيش المصري في فترة مرسي وفي كل سيناريو بعده ايضا هو المسؤول عن العلاقة مع اسرائيل، وعن حفظ الهدوء على الحدود، وما بقي هذا الجيش معلقا تماما بدعم امريكي فمن المنطق ان يستمر في محاولة منع انتقال أحداث شديدة الى أرضنا.
وفوق ذلك فان مصر ـ مثل سورية ـ ستعاني فترة طويلة من عدم استقرار سياسي وازمة اقتصادية شديدة. وسيكون كل من يحكم القصر الرئاسي في القاهرة مشغولا بالتحديات الداخلية. ويبقى خطر ان تتحول القدرة العسكرية المصرية نحو اسرائيل ضئيلا جدا.
وفي حال سورية كما في حال مصر ايضا، ليست الأحداث هناك لا تؤثر فينا تأثيرا سيئا فقط، بل قد تُبشر ايضا بتطورات ايجابية بالنسبة إلينا. أما في سورية فسيتجلى ذلك بسلطة اخرى ‘تحاسب’ ايران وحزب الله محاسبة شديدة في اليوم التالي. وأما في مصر فقد تتولى الحكم سلطة أكثر علمانية وديمقراطية قد توافق حتى على مر الوقت على تطبيع مع اسرائيل.
قبل سنة كنا نبكي لتولي الاخوان المسلمين الحكم وخشينا دعمهم لحماس، وها هو ذا حكمهم يتضعضع ويمكن ان نبدأ بـ’سحب تعبيرات القلق من العام الماضي’.

يديعوت 3/7/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية