غزة- “القدس العربي”:
في خطوة تهدف لتهويد مدينة القدس المحتلة، وشطب هويتها الفلسطينية، أقرت هيئات تعليمية وأمنية إسرائيلية، خططا تعليمية خطيرة، من بينها افتتاح مدرستين بنظام التعليم الإسرائيلي، ومخيمات صيفية، هدفها ترويض المقدسيين خاصة فئة الأطفال منهم، للتأثير على سلوكهم الوطني مستقبلا.
وأعلنت سلطات الاحتلال، عن افتتاح مدرسة جديدة تحمل اسم مدرسة “الصلعة” الثانوية التكنولوجية للبنين، وتعمل ضمن نظام تعليم إسرائيلي، المعروف باسم “البغروت”، حيت تقرر أن تستقبل الطلبة من صفوف التاسع حتى الثانوية العامة.
وتقرر حسب الخطة الإسرائيلية، أن تضم المدرسة مساراً تكنولوجياً في مجال الحاسوب والتعليم الجديد، وتقنيات إلكترونية أخرى.
كما أعلن قسم المعارف التابع لدولة الاحتلال، عن افتتاح مدرسة أخرى، باسم مدرسة “إبداع” للموسيقى والفنون، وهي مدرسة ابتدائية مختلطة في منطقة شعفاط، وتتبع منهاج التعليم الإسرائيلي أيضا.
وهذه المدرسة بحسب ما ذكر موقع “القسطل” المختص في متابعة أخبار القدس المحتلة، ستخصص للصفوف من الأول حتى السادس، وتضم كافة المواد التعليمية الأساسية كالعلوم والرياضيات، كما ستعمل وفق نظام اليوم المطوّل، الذي يدمج بين التعليم المنهجي واللامنهجي.
ونقل الموقع عن المختص في شؤون التعليم بالقدس زيد القيق، قوله إن “الاحتلال يعمل ضمن آلية ممنهجة للقضاء على التعليم الفلسطيني، وإبداله بتعليم إسرائيلي شامل”.
وأشار إلى أن “أسرلة” المناهج أصبحت عملية خطيرة متوغلة، لا تقتصر فقط على محاولة تغيير المناهج في المدارس المقدسية، بل صارت تفتتح العديد من المدارس الإسرائيلية في البلدات المقدسية، كأنه أمر طبيعي.
وقد وصف ما يحدث في التعليم المقدسي بأنه أمر في غاية الخطورة، وقال إنه يمثل “الخطوة الأولى في محاولة السيطرة على القدس والمسجد الأقصى”.
وأوضح أن حكومة الاحتلال تعمل على خطط تتضمن المراوغة والخداع، من خلال الادعاء أن محتوى المناهج الفلسطينية يحتوي على تحريض، مستخدمين هذا الادعاء كغطاء لإلغاء المناهج الفلسطينية.
ويؤكد أن تأسيس الأجيال الصغيرة على منهاج معين هو من يتحكم في عقولهم ومسار حياتهم وطريقة تعاملهم مع القضية الفلسطينية إلى الأبد، “يشكل خطرا على ثقافة جيل فلسطيني بأكمله”.
ودعا القيق الأهالي المقدسيين إلى ضرورة التحرك العاجل تبعا للخطورة التي يتعرض لها أطفالهم في المدارس، ونوع التعليم الموجه إليهم.
بالتوازي مع هذ الأمر، كانت سلطات الاحتلال، قد هددت مدارس القدس العربية بإغلاقها، إذا استمرت في تدريس المناهج الفلسطينية، كما قامت بإلغاء تراخيص عدة مدارس في المدينة المحتلة، بذريعة تدريسها مضامين تحرض على إسرائيل، بهدف ترويج المنهج الإسرائيلي، وطمس الرواية الفلسطينية.
وبما يكشف نوايا الاحتلال لأسرلة التعليم في القدس المحتلة، قالت صحيفة “هآرتس” العبرية، إن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، رونين بار، حاول إقناع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بعدم إلغاء الميزانية المخصصة لتشجيع اندماج الطلاب الفلسطينيين المقيمين في القدس بالمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، تمهيدا للمصادقة على تمديد الخطة الخمسية لتنمية شرقي القدس والتي سيتم تقديمها للحكومة يوم الأحد المقبل، مع قرب انتهائها بعد الموافقة عليها في عام 2018.
وتوضح الصحيفة العبرية، أن هذه الخطة تتعلق بمجالات التعليم والتدريب المهني وتعلم العبرية، والنقل والبنية التحتية، وتشجع كذلك الخطة الإسرائيلية على اندماج الفلسطينيين في مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلي.
وتنص الخطة على أن تكون الميزانية بقيمة 450 مليون شيكل، منها 250 مليونا كان من المفترض أن تأتي من ميزانية لجنة التخطيط والموازنة، والباقي من وزارة المالية.
كما تتضمن ميزانية المنح الدراسية والدورات التحضيرية المخصصة للطلاب، لكن سموتريتش وكبار المسؤولين في وزارة المالية يعارضون ذلك، ويفضلون تخصيص الأموال في بنود أخرى من الخطة، فيما شرعت بلدية القدس، ووزارة القدس، وجهاز “الشاباك”، بالضغط على وزارة المالية للإبقاء على البند كما هو.
ويتردد أن جهاز “الشاباك” أبلغ مسؤولي المالية، بأن تشجيع التعليم العالي بين الفلسطينيين “يقلل من الدافع لارتكاب هجمات”.
جاء ذلك، في الوقت الذي كشف فيه النقاب عن أزمة خطيرة تهدد أطفال سلوان، تمثلت بإعلان شرطة الاحتلال الجماهيرية في القدس قبل أيام عن أنشطة صيفية مجانية، ضمن مخيم للأطفال المقدسيين في بلدة سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، مع عقد أنشطة صيفية حول خطورة المخدرات.
الباحث المقدسي، ورئيس لجنة حي وادي الربابة، عبد الكريم أبو سنينة، قال لموقع “القسطل” إن الاحتلال لم يكتف بسجن الفلسطينيين والتسبب بإعاقات جسدية لهم، بل يريد أيضا أن يكوّن لدى المقدسيين “إعاقات عقائدية وفكرية شاملة” مشيرا إلى أن ما وصفه بـ”الغزو” الذي يقوم به الاحتلال في مدينة القدس، وأنه “ينافي الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في جنين وغزة”.
ويؤكد أن افتتاح المراكز الجماهيرية في المنطقة، هو محاولة لـ”ترويض المقدسيين، لجعلهم أدوات سلسة بأيدي الاحتلال، وليكونوا الممثل الأول لأجندته”، محذرا من مخاطر هذا الأمر، وطالب المقدسيين بالمجاهرة في محاربة هذه المراكز والمخيمات التي تقوم بها شرطة الاحتلال، التي “تسرق وتدمر أراضيهم، وتهدم بيوتهم وتعمل على تهجيرهم”.
وفي السياق قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، إن “الأندية الصيفية التي تديرها مراكز الخدمات الجماهيرية، تعنى بترسيخ الصفة الثقافية والاجتماعية الإسرائيلية”، وأن الهدف منها “تحسين صورة الاحتلال، وترويض المجتمع المقدسي بكل شرائحه على القبول به”.
وبحسب الخطة الإسرائيلية، فإن الهدف من وراء تلك المراكز الجماهيرية، العمل على تطبيع العلاقات بين الأطفال المقدسيين والإسرائيليين، وتحسين صورة جيش الاحتلال إعلاميا أمام العالم، وزرع الرواية الصهيونية في عقول ووعي طلبة المدارس المقدسيين، من خلال أنشطة ترفيهية تهدف إلى اختراق المجتمع المقدسي وإضفاء طابع الرحمة على الاحتلال.