الصهاينة والإمبرياليون وأكاذيبهم

عندما يتعلق الأمر بفلسطين وإسرائيل، تهرع وسائل الإعلام الغربية الشهيرة لنشر عناوين لافتة للانتباه مليئة بشتى أشكال الأكاذيب والمزاعم. وسائل الإعلام هذه، وبينها «بي بي سي» و»سي أن أن»، و»التايمز»، و»نيويورك تايمز»، تنشر أخبارا مزيفة يوميا بكل وقاحة. ولكن ماذا يفعل العالم الإسلامي لمواجهة هذه الأكاذيب؟ لا شيء تقريبا. لماذا لا يستطيع المسلمون أن يشرحوا للعالم كله أن فلسطين تخضع للاحتلال منذ 75 عاما، وأن الحرب لا تزال مستمرة طيلة هذه الفترة ولم تنته حتى اليوم، وأن إسرائيل تقتل بوحشية آلاف الفلسطينيين كل عام، وأن المستوطنين يستولون على منازل الشعب الفلسطيني كل شهر، وأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي لا توجد لها حدود معروفة؟
يعلم معظمنا أن الطفل الفلسطيني محمد الدرة، الذي يعد أحد رموز الانتفاضة الثانية، قد استشهد بنيران جنود الاحتلال وهو في حضن والده، أمام أعين العالم أجمع وعلى البث المباشر، وكان عمره حينها 11 عاماً فقط. وأثار مشهد استشهاد الدرة، الذي تم تصويره بكاميرا إحدى القنوات الفرنسية، موجة غضب عالمية في ذلك الوقت، وقد مارست إسرائيل ضغوطا كبيرة على وسائل الإعلام العالمية للتستر على هذه الحادثة، فنشرت كذبة مفادها أن الدرة قُتل على يد الفلسطينيين. ودافع أنصارها عن رواية إسرائيل في جميع أنحاء العالم. حتى إن المصور الفرنسي الذي التقط تلك المشاهد، فقد وظيفته نتيجة للضغوط الإسرائيلية.
ظل الصهاينة والإمبرياليون يضللون العالم بأكاذيبهم منذ 150 عاما، وكانت فكرة الصهاينة الفاشيين في إقامة دولة على الأراضي الفلسطينية بمثابة المثل الأعلى الذي أملته الإمبريالية الغربية على اليهود. لقد خطط الإمبرياليون الغربيون لأسطورة «الأرض الموعودة» بهدف إبعاد اليهود عن أوروبا. وبهذه الطريقة كانوا سيتخلصون من «المسألة اليهودية» ويضعون قنبلة ضخمة في قلب الشرق الأوسط. اليهود الذين يعلمون حقيقة هذا الأمر، يعارضون بقوة إسرائيل الصهيونية وأكاذيبها منذ سنوات طويلة. في الطرف الآخر، أصبح اليهود الذين صدقوا تلك الرواية ينشرون الإرهاب في الأراضي الفلسطينية منذ سنوات بمساعدة القوى الغربية ويعيشون في منازل الفلسطينيين بعد الاستيلاء عليها. لا شك في أن «المسألة اليهودية» هي مشكلة الغرب، وليست مشكلة العالم الإسلامي. وعندما ارتكبت القوى الغربية مجازر كبيرة ضد اليهود، كانت الدول الإسلامية هي التي رحبت بهم دائماً على أراضيها، يعد القس الألماني مارتن لوثر، أحد مؤسسي البروتستانتية، من أوائل الشخصيات التي ناهضت اليهود. وعندما ألّف لوثر كتاب «عن اليهود وأكاذيبهم» عام 1543، دعا إلى حرق معابد ومدارس ومنازل اليهود في النار، وتدمير كتب صلاتهم، ومنع الحاخامات من التبشير وتدمير منازلهم، ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم، وطردهم من الأراضي الأوروبية. كان كتاب لوثر هذا بمثابة دليل بالنسبة إلى النازيين. ألا يكشف هذا لوحده عن خطط الإمبرياليين الغربيين لطرد اليهود من أراضيهم؟

خطط الإمبرياليون الغربيون لأسطورة «الأرض الموعودة» بهدف إبعاد اليهود عن أوروبا. وبهذه الطريقة كانوا يضعون قنبلة ضخمة في قلب الشرق الأوسط

المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، مؤلف كتب «التطهير العرقي في فلسطين»، و»تاريخ فلسطين الحديثة»، و»الشرق الأوسط الحديث»، يدحض بقوة في كتابه «عشر خرافات حول إسرائيل» الأساطير الصهيونية من قبيل «فلسطين كانت أرضا فارغة»، و»اليهود شعب بلا وطن»، و»اليهود أمة متميزة». بدوره كشف الكاتب روجيه غارودي، في كتابه «إسرائيل والأساطير والإرهاب»، كيف أن أساطير الصهاينة لا أساس لها، وادعاءات أن «الفلسطينيين هجروا أراضيهم طوعا عام 1948» أو أن «الفلسطينيين باعوا أراضيهم» عارية من الصحة، وأظهر بالوثائق أن ذلك كان دعاية للصهاينة ومؤيديهم. كما أن العديد من الفلاسفة، مثل الكاتب المسيحي من أصل فلسطيني إدوارد سعيد، ونعوم تشومسكي، وهو من أصل يهودي، أثبتوا للعالم عبر كتبهم ومقالاتهم حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون منذ قرنين من الزمن. ومن أجل فهم ما عاشته غزة في ظل الحصار والحظر منذ 17 عاما، يمكن قراءة كتاب «غزة بين الحياة والموت» الذي شارك في تأليفه نعوم تشومسكي وإيلان بابيه. حتى الأساليب الوحشية التي استخدمتها شخصيات بربرية معروفة في التاريخ، مثل جنكيز خان وهتلر، تبقى صغيرة مقارنة بالمذابح التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين.

فيا قادة وأبناء العالم الإسلامي، كفوا عن العبث والانشغال ببعضكم بعضا. ولا تدعوا الامبرياليين والصهاينة يبتلعون أراضيكم الواحدة تلو الآخرى. اتركوا كل مشاكلكم جانباً وادعموا بشكل جماعي مقاومة الشعب الفلسطيني المقدسة. وإلا فإن هذه النار سوف تبتلعكم جميعا. وأنصتوا جيدا إلى كلام صلاح الدين الأيوبي: «من ينشغل بأصدقائه لا يستطيع أن يحارب أعداءه». ألن يخرج من العالم الإسلامي رجل شجاع مثل الملك فيصل بن عبد العزيز لكي يصرخ في وجه المستعمرين الغربيين؟ لقد تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي لحماية القدس، ولكن ماذا تفعل هذه المنظمة اليوم، ولماذا هي موجودة؟ إذا لم يكن العالم الإسلامي قادرا على تحريك منظمة المؤتمر الإسلامي، فليغلقها بالكامل. ألا يؤذي سفك دماء هذا العدد الكبير من المظلومين في فلسطين ضمائركم يا قادة وأغنياء العالم الإسلامي؟ ألا يمكنك التنازل عن حياتكم الفارهة قليلاً، والكف عن الانشغال ببعضكم بعضا، والتوقف عن الصراخ، والبدء باتخاذ الخطوات الملموسة؟ ألا ترون كيف يسخر منكم الإعلام الغربي لأنكم فقط من الشرق الأوسط، سواء كنتم علمانيين أو يساريين أو مسيحيين أو إسلاميين؟ دعونا نتخذ الخطوات اللازمة الآن.. حتى لا تتكرر هذه المجازر مرة أخرى.
كاتب تركي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية